لا أعرف من أين تكون البداية هل نذهب مباشرة إلى البلطجة الأمريكية على إيران في محاولة جديدة لاستنزاف أموال دول الخليج تحت حجة واهية وهى التهديدات الإيرانية لهذه الدول، على الرغم من أن إيران دائما كانت موجودة في هذه البقعة الجغرافية من منطقتنا قبل وجود دول الخليج، ولم تهدد وجود هذه الدول يوما بل كانت -وما زالت- هناك علاقات وطيدة معها قبل أن يلعب العدو الأمريكى بورقة الفتنة الطائفية، ويشعل نيرانها في محاولة لإقناعنا بأن إيران تسعى إلى تشيع المنطقة..
رغم وجود ما يقرب من 20 مليون سني بالداخل الإيرانى لم تحاول تشيعهم، وبالطبع كل عاقل يدرك أن التهديدات الأمريكية لإيران تهدف بالأساس إلى وقف المشروع الإيراني المقاوم للمشروع الأمريكي –الصهيوني والذي يهدد أمن العدو الصهيوني بالمقام الأول.
أم نرجع للخلف خطوات للحديث عن بداية المؤامرة على قلب عروبتنا النابض، وشن الحرب الكونية عليها عبر الوكلاء من الجماعات التكفيرية الإرهابية المسلحة، التي تم تجيشها بعد تدريبها وتمويلها وتسليحها وإرسالها إلى الأراضى العربية السورية عبر الحدود المفتوحة مع الوكلاء الإقليميين خاصة تركيا، التي أنشئت بها غرف عمليات حربية تديرها أجهزة الاستخبارات الأمريكية والصهيونية لدعم هذه الجماعات المرتزقة..
كل ذلك لأن سورية رفضت الخنوع والخضوع والتبعية لهذا العدو الأمريكي، ووقفت في وجه حليفه الصهيوني رافضة الصلح معه وداعمة لكل حركات المقاومة في مواجهة هذا العدو الصهيوني، فكان العقاب هذه الحرب المجرمة التي استخدمت فيها أقذر الأساليب من الادعاءات والكذب عبر الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تفبرك الأخبار والصور والأحداث طوال الوقت.
أم نعود خطوات أوسع قليلا لنتذكر هذا العدو الأمريكي وحلفاءه الذين قاموا بغزو ليبيا بحجة امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل وللسلاح الكيماوي الذي لم يثبت امتلاكها له، وكان الهدف الحقيقي هو تقسيمها وتفتيتها من أجل الاستيلاء على خيراتها التي في باطن الأرض بعد أن فشلت عبر سنوات طويلة في السيطرة على قائدها العربي معمر القذافي.
وفى نفس الوقت كانت تدعم الجماعات الإرهابية في تونس ومصر واليمن وما زالت تدعمهم لتلحقهم بمخطط التقسيم والتفتيت الذي رسمته للمنطقة عبر مشروعها المعروف بالشرق الأوسط الجديد.
أم نذهب إلى ما هو أبعد عندما قامت بغزو العراق تحت نفس المزاعم الواهية وهى امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل وللسلاح الكيماوي، نفس الحجة الجاهزة والمتكررة التي تسوقها للاعتداء على كل من تشعر بأنه يمثل قوة يمكن أن تهدد مصالحها في المنطقة، وتهدد حليفها الصهيوني، وضعفت ووهنت العراق وبددت ثرواتها وفكك جيشها وشرد أهلها وزرع الإرهاب فوق أراضيها، ومازالت العراق تحاول الخروج والنهوض من جديد دون فائدة وشبح التقسيم والتفتيت والصراع ما زال قائما.
أم نرجع إلى دعمها للعدو الصهيوني في حرب أكتوبر 1973 وإحداثها للثغرة لإجبار السادات على إيقاف الحرب والدخول بعد ذلك في مفاوضات صلح مع العدو الصهيوني، والذي انتهى باتفاقية كامب ديفيد سبب كل الكوارث التي تمر بالأمة العربية حتى الآن، حيث أخرجت مصر من معادلة الصراع العربي الصهيونى ودخولها في مستنقع التبعية التي لا تستطيع الفكاك منه حتى اليوم.
أم نعود إلى معاداتها للزعيم "جمال عبد الناصر" الذي وقف شوكة في حلقها بعد أن قاد ودعم كل حركات التحرر الوطني من الاستعمار على كوكب الأرض، وقام بتشكيل تكتل عالمي عرف بعدم الانحياز في ظل اشتعال الحرب الباردة بين الأمريكي والسوفيتي، هذا إلى جانب دعوته القوية للوحدة العربية، وبنائه لتجربة تنموية مستقلة، وتحركاته الواعية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التي ما زالت بها أصوات مدوية على خطى "جمال عبد الناصر" تقف بالمرصاد في وجه الأمريكي، وتقول له لا مثلما قالها "جمال" في كل مناسبة، وكان دائما ما يردد إذا رضي عني الأمريكي فلتعلموا أنني في الطريق الخطأ.
وإذا كانت الحجة الجاهزة دائما للاعتداء والبلطجة الأمريكية على العراق ثم ليبيا وسورية والآن إيران هي امتلاك أسلحة دمار شامل، فليتذكر العالم أجمع أن العدو الأمريكي هو الذي يمتلك كل أنواع هذه الأسلحة، وهو الوحيد في العالم الذي قام باستخدامها منذ ما يقرب من خمسة وسبعين عاما، عندما ألقى بقنابله الذرية على هيروشيما اليابانية في 6 أغسطس 1945 ثم ناجازاكي في 9 أغسطس من نفس العام، مما أدى إلى مصرع ما يزيد عن 100 ألف إنسان، ومحو مناطق بأسرها من على الخريطة، هذا هو العدو الأمريكي ليس عدونا وحدنا بل عدو للإنسانية كلها.
ونعود مرة أخرى إلى إيران التي تشكل أحد أهم القوى الإستراتيجية في منطقتنا، والتي تهدد المصالح الأمريكية وتهدد أمن العدو الصهيوني، والتي تمكنت رغم الحصار والعقوبات الاقتصادية الرهيبة التي تمت ممارستها عليها أن تنهض وتصبح قوة إقليمية لها وزنها، وكل تهديدات العدو الأمريكى لها لا يمكن أن تصل إلى مواجهة عسكرية، لأن الأمريكى يدرك تماما قوة إيران ويعلم أن كل مصالحه وقواعده العسكرية بالمنطقة وكل الأراضي العربية المحتلة من العدو الصهيوني سوف تكون تحت مرمي النيران الإيرانية إذا ما بدأت الحرب.
إذن التهديدات الأمريكية لإيران تهدف بالأساس إلى استنزاف جديد للمال العربي الخليجي تحت زعم الحماية من إيران، لذلك يجب أن تفيق مجتمعاتنا العربية من الغيبوبة وتدرك أن إيران دولة من دول منطقتنا قد نتفق أو نختلف معها لكنها جارة وشريكة لنا في الجغرافيا، أما العدو الحقيقي فهو العدو الصهيوني المغتصب لأراضينا، وما يفعله العدو الأمريكي اليوم هو محاولة جديدة لخلق عدو وهمي لنا وهو إيران حتى ننسي عدونا الحقيقي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق