شهدت مصر خلال الأسبوع الماضى حادثا انتحاريا جديدا لأحد أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وفلسفة العمليات الانتحارية ليست جديدة على الجماعة فهي جزء لا يتجزأ من فكرها، ويتم دائما اللجوء إليها في حالات اليأس الشديد، خاصة في ظل نجاح النظام في مواجهته مع الجماعة الإرهابية وتحقيق قدر كبير من الأمن المفقود الذي شهدته ساحة المجتمع المصرى منذ 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2013..
في الوقت الذي لم يهادن فيه النظام ولا الرئيس عبد الفتاح السيسي الجماعة الإرهابية كما كان يفعل أسلافه (السادات ومبارك)، بل قام بالقبض على قيادات الجماعة المتورطين في قضايا تمس الأمن القومى المصري، وتهدد الأمن والسلم الداخلى، ولم يقبل عبر الخمس سنوات الماضية أي مبادرة أو محاولة للصلح معهم، رغم الضغوط الكبيرة التي ممارستها عليه سواء من الداخل أو الخارج.
ويعتبر الرئيس عبد الفتاح السيسي أحد أهم العقبات أمام جماعة الإخوان الإرهابية، فلن تنسي الجماعة أنه قائد الجيش الذي انحاز للشعب في معركته معهم في 30 يونيو 2013، والتي على إثرها تم الإطاحة بهم من سدة الحكم، وبناءً عليه خرجت الجماهير لتطالبه بالترشح للرئاسة وتولى شئون الحكم بعد أن كانت قد منحته تفويضا بمكافحة الإرهاب..
وفى أعقاب 30 يونيو هددت قيادات الجماعة بأنها ستشعل النيران بالداخل المصري وبأنها ستمارس العنف والإرهاب من أجل إشاعة الفوضى وعدم تحقيق الأمن والاستقرار، وبالفعل كان الملف الأمني أحد أهم الملفات الشائكة التي ستواجه الرئيس القادم، وتمكن الرئيس السيسي خلال فترة حكمه الأولى أن يتفوق في هذا الملف بشكل واضح.
ومع احتمالات استمرار الرئيس السيسي في السلطة لفترة أطول جعل الجماعة الإرهابية في حالة يأس من العودة مرة أخرى لفرض نفوذها داخل المجتمع المصري، لأنها كانت تتمنى أن تنتهي فترة رئاسته الثانية أملًا في أن يأتى رئيس جديد يكون أقل تشددًا في التعامل معهم، ويسمح لهم بعودة نفوذهم المفقود عبر مبادرة صلح يخرجون على أثرها من السجون ليعود نشاطهم من جديد كما فعل معهم في الماضى الرئيس السادات، ومن بعده مبارك الذي كان يعقد معهم الصفقات المشبوهة التي مكنتهم من حرية الحركة داخل المجتمع والتغلغل داخل مؤسساته المختلفة ومنها المؤسسة التشريعية.
ومن الأمور التي أكدت للجماعة أن الرئيس السيسي لن يسمح لهم بأى هامش للتفاوض، هو استمرار محاكمة قيادات وأعضاء الجماعة وعدم تقديم أي عفو رئاسي تحت أي ظرف لهم، وأخيرا صدور الحكم بالإعدام على تسعة من أعضاء الجماعة الذين شاركوا في اغتيال النائب العام المستشار الشهيد هشام بركات وتم تنفيذ الحكم الأسبوع الماضى وهو ما أثار جدلا كبيرا، حيث قامت وسائل الإعلام الإخوانية وكتائبهم الإلكترونية بشن حملة منظمة تطالب فيها بإلغاء عقوبة الإعدام، خوفًا من المصير الذي ينتظر قيادات الجماعة بعد تنفيذ هذا الحكم.
ومن الغريب حقًا أن تجد بعض الأصوات الحقوقية تتعاطف مع الجماعة الإرهابية وتدعمها في مطلبها الراهن بإلغاء عقوبة الإعدام مع أن الجماعة تاريخيًا كانت تنادى بتطبيق هذه العقوبة باعتبارها أحد حدود الله التي لا يمكن تعطيلها تحت أي حجة أو مسمي، وهو ما يؤكد أن الجماعة لا تمت للإسلام وتعاليمه بصلة، وأنها جاهزة لمخالفة تعاليمه مادامت تتعارض مع مصالحها، وبالطبع ليس خافيًا على أحد مصادر تمويل المنظمات الحقوقية التي تعاطفت معهم وتطالب بإلغاء عقوبة الإعدام كما هو الحال في بعض المجتمعات الغربية التي تمولهم وفى نفس الوقت تدعم الإرهاب في مجتمعاتنا.
وفى ظل هذه الأجواء لا تجد جماعة الإخوان الإرهابية أي أمل في المستقبل في ظل استمرار الرئيس عبد الفتاح السيسي للعودة مرة أخرى للعمل بحرية على ساحة المجتمع المصرى، لذلك أعطت أوامرها لأعضائها لتنفيذ بعض العمليات الانتحارية الإرهابية لإشاعة الفوضى داخل المجتمع المصرى.
لذلك لا بد أن يعي الجميع أننا أمام مرحلة غاية في الصعوبة فعندما يصاب فصيل إرهابي باليأس من الحصول على أي مكتسبات فإن الانتقام عبر العمليات الانتحارية هو الطريق الوحيد الذي يفكر فيه مثل هؤلاء، خاصة وأنهم جماعة غير وطنية ولا يعنيها الوطن في شيء، فالتنظيمات السياسية عندما تفشل في الوصول للحكم تعود مرة أخرى لصفوف الجماهير لتنظم حركتها للعودة من جديد لكنها أبدًا لا تهدد باستخدام العنف والإرهاب، لأنها تعتبر نفسها جزءا من هذا المجتمع.
وهو ما لا ينطبق على هذه الجماعة الإرهابية، وعلينا أن ننتبه جيدا خلال المرحلة القادمة بأنه من الممكن أن تزيد العمليات الانتحارية للإرهابيين نتيجة وصولهم لمرحلة اليأس، اللهم بلغت اللهم فاشهد.