كتب/ سعيد مثنى الشعيبي
شكرا لمنظمة سما
التي قامت بحملة توعوية حول التعايش ونبذ العنف والتصدي له بين اوساط ابنا الجنوب بالعمل التوعوي والارشادي والتعايش المشترك هدف يتطلع إليه كل الجنوبيين ونشر التوعية والتسامح ، بين اوساطنا ولن يتحقق ذلك إلا بوعي واحترام المرجعيات والعقلاء والواجهات بكل مكوناتها بأهمية ان العلاقات بين الناس، والتعايش السلمي يحتاج إلى شروط خاصة لكي يكون صفة غالبة في العلاقات البينية الاجتماعية، فالعنف والغضب والسيطرة والتصادم ومثيلاتها نزعات سهلة الحضور في علاقات الناس ، ولا تحتاج إلا للمثيرات كالاستفزاز والإساءة والتحـدي وغير ذلك من عوامل الانفعال . وقد نهى الإسلام عن ذلك ، عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : بينما يهودي يعرض سلعته أعطى بها شيئاً كرهه فقال : لا ؛ والذي اصطفي موسى على البشر ، فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه وقال : تقول والذي اصطفي موسى على البشر والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ؟ فذهب إليه فقال : أبا القاسم إن لي ذمة وعهداً ، فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: (( لم لطمت وجهه ؟ )) فذكره ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى رؤي في وجهه، ثم قال : (( لا تفضلوا بين أنبياء الله ، فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث ، فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي )) . فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يوضح أن التفاضل بين أنبياء الله لا يجوز خاصة في وجود أتباع ديانات متعددة لأن ذلك يدعو لإثارة العصبية وحمية الجاهلية التي تؤدي إلى التباغض والتنازع والاحتراب . إن مقومات التعايش المشترك في الجنوب متعدد كل محافظة لها ثقافتها أهمها:
1_ التربية
الإنسان ابن بيئته أي أنه يتأثر بالمحيط الذي يعيش فيه سلباً كان أو إيجاباً ، فالبداوة تنعكس على سلوك أصحابها فتجد البدوي (عصبي المزاج ، سـريع الغضـب، يهيج للشئ ،
ثم لا يقف في هياجه عند حد ، وهو أشد هياجاً إذا جرحت كرامته ، أو انتهكت حرمة قبيلته ، وإذا اهتاج أسرع إلى السلاح واحتكـم إليه) وعكس ذلك تماماً البيئة الحضرية فإنها تجعل الإنسان أميل إلى التسامح والتجاوز والتريث وتقدير العواقب قبل الإقدام على الفعل ، فالبيئة إذن تعتبر أحد عوامل تكوين الشخصية البشرية بل أهمها ، وما يتعلمه الإنسان ويتربى عليه في مرحلة تكوين شخصيته سيصحبه طيلة فترة حياته ، ولعل هذا هو السبب الذي جعل الأنبياء والمرسلين والمصلحين يولون اهتماما كبيراً للتربية إعداداً لحملة الرسالة والفكـرة ، والملاحظة تتجلى في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه : إذ كان يعدهم لحمل الرسالة للعالمين ، فحرص على إزالة ما تراكم في أذهانهم من آثار الجاهلية أولاً ثم غرس المعاني والقيم والمفاهيم التي جاء بها الإسلام ، وأكدت تعاليمه أثر التربية على حياة الإنسان ، وأن كل مولود يولد على الفطرة الصافية النقية ، والتغيير يحدث تبعاً للأسلوب الذي يتبعه الوالدان في تربية الأبناء . وكانت وسائل التربية التي اعتمد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم تتمثل في القدوة والتعليم والتجربة والمقارنة . فمن طبع الإنسان أن يرد على العنف بمثله وربما بصورة أقسـى ، ولكن الإسلام عمل جاهداً على تغيير هذه الطبيعة في المسلم فدعا إلى العفو والإيثار والإحسان ، روى البخاري
2_المعرفة الواقعية للذات وللآخر :
الإنسان عدو ما جهل ، وقلة المعرفة تجعل المرء متعصباً سريع الانفعال ، والمعرفة لا تتعلق بالآخر وحده ، بل معرفة الذات أولاً ثم تتكامل بمعرفة الآخر ، لقد وقعت كوارث كثيرة بسبب سوء تقدير الموقف - تضخيم الذات والاستخفاف بالآخر
3_ الإعلام الهادف:
الإعلام له تأثير كبير على الرأي العام ، فهو يشكل ثقافته ويعبؤه للتفاعل مع الأحداث سلباً أو إيجاباً ، وقد أطلق على الصحيفة وصف السلطة الرابعة أي بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وهو وصف ينطبق على الإعلام بكل أدواته وليس حصراً على الصحف ، وعالم اليوم تعددت فيه وسائط الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بصورة لم يسبق لها مثيل ، وأضحت المعلومات متاحة لكل راغب بأيسر السبل ، ولا شك أن المعلومة واحدة من العناصر التي يعتمد عليها الإنسان في اتخاذ قراراته ومواقفه ، لأنك بالمعلومة تعرف قدراتك وقدرات الآخرين وتحدد أهدافك حسب طاقتك متفاعلاً مع معطيات الواقع ، فالإعلام إذاً وسيلة من وسائل نشر الثقافة وترسيخها ، بل وسيلة تتجلى أهميتها في هذا العصر، ويؤكد ذلك كثرة وسائط الإعلام والقدرات الهائلة لوكالات الأنباء العالمية المسيطرة على قدر كبير من المعلومات .
إن الإعلام هو أيقونة العصر المعلوماتية فإذا استخدم استخداما هادفاً سيساهم في ترسيخ ثقافة الوحدة الوطنية ، وذلك عن طريق نشر مواضيع تدعو للتسامح وتبين حتمية الاختلاف وضرورته وكيفية التعامل معه ، وأن تتجنب وسائط الإعلام المواضيع التي من شأنها أن تثير الفتنة وتدعو للتعصب وتنشر الكراهية.
إن المؤثرات في هذاالعصرأصبحت متعددة، فإضافة إلى وسائل الأخبار التقليدية نجد هنالك المسرح والسينما والأفلام التلفزيونية المؤثرة والإنترنت، فإذا اتبع الإعلام نهجاً تسامحياً فإنه سيوجه الرأي العام في اتجاه قبول الآخر والتعايش السلمي معه واتخاذ الحوار وسيلة لفض النزاعات .
4_ التواصل بين ابنا الجنوب العربي والتعرف على الآخر لا يتم بالقراءة عنه ، وإنما تتعمق المعرفة بالمعايشة والتواصل ، لأن الواقع الملموس أبلغ من التنظير ، فكثير من الناس يتخذون مواقفهم بناء على معلومات ناقصة فيظلمون ويظلمون ، وربما يدلون بشهادتهم مستندين إلى تلك المعلومات التي تمثل جزء من الحقيقة
5_ كل الود الأحترام لمنظة سما لنشر التوعية وأيجاد أنشطة مشتركة
في مجالات متعددة تتيح العمل المشترك بين ابنا الجنوب ، بغض النظر لعقائدهم وثقافاتهم وإثنياتهم كالمعارف الإنسانية ، والأنشطة الاقتصادية ، والمعونات الإنسانية لضحايا الحروب الذي مازال الاحتلال الاحمري الدموي جاثم على جنوبنا الحبيب
وعلينا التكاتف والتعامل مع الكوارث الطبيعية وغيرها ، وايجاد برامج مشتركة تقوم بها منظمة سما في كل المحافظات الجنوبية ونشر ثقافة متباينة ومتنوعة من شأن نعطي نموذجاً عملياً للتعايش المشترك ، بل للتعاون المشترك في البر والخير ،
على منظة سماء قيام أنشطة وبرامج مشتركة ، وكسر الحواجز وتخطي العقبات ، وهناك اكتر من مجلس يجمع أشخاصاً ينتمون من كل محافظات الجنوب لحل أسباب التوترات والتخلص منها
وترسيخ العلاقات ونبذ العنف وترك صراعات وحروب الماضي
الذي خلقت حواجز تمنع التواصل ، وعرقلت مستقبل العلاقات الإنسانية ، علينا ترسيخ ثقافة التسامح معرفة عوامل الصراع ومسببات النزاع والتخلص منها ليكون الطريق سالكاً نحو علاقات قائمة على الثقة والاستدامة،
وتعزيز التعايش السلمي فإن هناك مهددات له لابد من إدراكها والتصدي بوعي فمن هذه المهددات الآتي:
1_ الاستعلاء الثقافي:
عندما تمارس مجموعة من المواطنين استعلاء علي المجموعات الوطنية الأخرى علي أساس أنها صاحبة الحق الأوحد في الوطن وأن ثقافتها هي الأصل والآخرون تبعا لها ، فإن ذلك من شأنه أن يهدد النسيج الاجتماعي حيث يشعر الآخرون بالدونية تجاه الثقافة الغالبة ، وهذا من شأنه أن يؤدي إلي توجس المجموعات الصغيرة بسبب ضعفها وقلتها وقوة الآخرين وكثرتهم خوفا من امتصاصها وذوبانها ، مما يجعلها تتوجس من أي نشاط يقوم به الآخرون فتفسره بأنه يستهدفها ويسعي لاستئصالها. والاستعلاء قد يكون ظاهرا أومضمرا في الثقافة الاجتماعية ، وقد يكون حقيقيا أومتوهما، وفي كل الأحوال سيكون عائقا ومهددا لوحدة النسيج الاجتماعي.
2_ نبذ العنصرية وزرع المحبة والمساواة في الحقوق والواجبات:
لا للتميز بين ابنا الجنوب بحسب المعتقد أو الثقافة أو العرق أو أي فارق غير العطاء فإن ذلك يعتبر أكبر مهدد للتعايش، وقد توصل الفكر الإنساني إلي أن المواطنة هي الأساس للحقوق والواجبات لأن الانتماءات الأخرى لاتحقق التماسك
لقد ثبت أن الاختلاف واقع كوني وإرادة إلهية يستحيل إلغاؤه ، والتعدد ضرورة اجتماعية ، والمواطنة حق إنساني علينا أن نتعامل مع هذا الواقع بوعي
منظمة سما ستقوم بالالتزام بحقوق المواطنة للجميع
وكفالة حرية العقيدة والعبادة والتبشير للجميع
وقيام مؤسسات للعمل المشترك
والالتزام بثوابت وطني الجنوب
والعدالة في توزيع الحقوق
والمساواة في التعامل
ونبذ التميز والمجودة في العمل
ومن اساسياتها انتهاج الحوار وسيلة لفض النزاعات
واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية