«يهودي. مسلم. نصراني. هندوسي... الموسيقى ديني». بهذه العبارة يخاطب المطرب الإسرائيلي من أصل يمني رفيد كحلاني جمهوره. وتعد فرقة «يمن بلوز» التي أسسها كحلاني قبل أربع سنوات، استمراراً لمسيرة مطربين ومطربات يهود هاجروا منذ منتصف القرن العشرين إلى فلسطين المحتلة وأميركا وأوروبا وتمكنوا من التعريف بالأغنية اليمنية وإيصالها إلى منصة العالمية. ويقدم كحلاني وغيره من اليهود اليمنيين التراث الموسيقي اليمني كما بلورته ثقافة طائفة اليهود اليمنيين الذين وإن هاجرت غالبيتهم، إلا أن علاقتهم بتراث وطنهم الأم لم تنقطع.
وتبدو أغنية «أم من اليمن» التي قدمها نموذجاً بارزاً لمدى ارتباط الأجيال الجديدة المولودة في إسرائيل بالجذور، فيما تخلو الساحة المحلية من الحفلات الموسيقية والغنائية الخاصة بالطائفة اليهودية.
وتلقى رئيس البيت اليمني للموسيقى فؤاد الشرجبي رسالة من رفيد كحلاني يطلب فيها تنظيم حفلة في اليمن، «لكننا اعتذرنا منه لأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية وهناك تحذيرات رســمية إزاء من يحملون هذه الجنسية».
ويصف الشرجبي الأعمال التي يقدمها مطربون يهود من أصول يمنية بالفن المهجّن، «لكنه فن جميل بتوزيع موسيقي جديد» ينطوي على إحساس كبير بالإيقاعات اليمنية.
وتلتزم وسائل الإعلام اليمنية الرسمية وغير الرسمية حظراً غير معلن على بث الأغاني التي يقدمها يمنيون يهود، بيد أن ذلك لم يمنع من انتشار هذه الأغاني شعبياً، خصوصاً مع توافرها على الإنترنت.
ويقول الشرجبي إن الشباب اليمني يتفاعل مع الأغاني اليهودية، لأنها تقدم في قوالب تنتمي إلى العصر الذي يعيشه، موضحاً أن الأجيال الجديدة التي تربت على الحداثة تصطدم بنمطية ما تقدمه قنوات التلفزة والإذاعة ورداءته فتلجأ إلى الأغاني التي يقدمها يهود.
وترى أحلام حسين، وهي من محبي الاستماع إلى ما يطلق عليه الأغاني اليهودية، «أن الأعمال التي يقدمها يهود يمنيون أخرجت الأغنية من عزلتها المحلية ووضعتها في واجهة العالمية». وتقول: «على رغم استخدام اليهود الآلات الحديثة وتقديم الأغاني اليمنية في قوالب جديدة مثل الجاز والبلوز، فإنهم حافظوا على روح الغناء اليمني وعلى آلات تقليدية، إضافة إلى الأزياء والرقصات اليمنية التراثية».
ومنذ النكبة عام 1948 هاجر إلى إسرائيل والغرب معظم اليهود اليمنيين، ويقدر عدد اليهود الذين يعيشون حالياً في اليمن بـ400 شخص، وتشكو زعامات الطائفة اليهودية من عدم الاهتمام الرسمي بالتراث الثقافي والفني للطائفة.
ويعترف رئيس البيت اليمني للموسيقى، بغياب أي توثيق للأعمال الفنية الخاصة باليهود اليمنيين في الداخل. لكنه يقول إن البيت سيعمل قريباً على إطلاق مشروع خاص لجمع التراث الموسيقي والغنائي ليهود اليمن وتوثيقه.
ويؤكد الشرجبي وجود قالب لحني خاص في الأعمال التي يقدمها يهود. وتعد أغنية «هزلي يا هزلي» التي قدمها المطرب أحمد فتحي من أشهر الأغاني التي يبرز فيها الطابع الموسيقي الخاص باليهود.
وفي اليمن كما في عدد من الدول عربية، كان الفن من الأعمال غير المقبولة اجتماعياً لذلك كان اليهود هم من يحيون المناسبات الاجتماعية المختلفة مثل الزواج والموت والولادة، كما تقول الشاعرة اليمنية نادية مرعي. وتشير إلى نسوة يطلق عليهن «شارعات» و «مزينات»، مؤكدة أن هذه التقاليد اختفت مع ظهور الجماعات الإسلامية المتشددة.
وترى أحلام حسين أن المعارضين للأعمال الفنية التي يقدمها يهود من أصول يمنية، ينطلقون في نقدهم من خلفية سياسية وأيديولوجية في حين أن الفن «يتجاوز الحدود والهويات ووطن الإنسان أين ما كان».
ووفق الموقع الرسمي لفرقة «يمن بلوز»، ستحيي الفرقة خلال الشهرين المقبلين ثلاث حفلات في كل من كندا والولايات المتحدة.
*صحيفة الحياة اللندانية