خلال الأسبوع الماضي شاركت في ثلاث ندوات عن سورية بمناسبة الذكرى الستين للوحدة المصرية – السورية, وهو ما أتاح الفرصة للحديث باستفاضة عن حقيقة المؤامرة على سورية, وكيف استطاعت سورية أن تصمد شعباً وجيشاً وقائداً عبر سبع سنوات من حرب كونية رهيبة استخدم فيها العديد من الأوراق والآليات المستحدثة فيما عرف بالجيل الرابع للحروب.
وبما أن أحد أبرز هذه الأوراق والآليات هو وسائل الإعلام المزيفة للوعي, فقد كان بعض المشاركين في الندوات الثلاث يتداخل ويشتبك معنا على أرضية ما يمتلكه من معلومات كاذبة حصل عليها عبر وسائل إعلام العدو، وأبرزها ما تتم فبركته ونشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تنتشر عليها كتائب إلكترونية معدة خصيصا لهذه المهمة من أجل تزييف وعي الرأي العام وتجريف عقله الجمعي.
وحاولنا توضيح حقيقة المؤامرة وأطرافها سواء كان الأمريكي والصهيوني والأوروبي المتحالف معهما, وكذلك التركي ومعه الرجعية العربية الخائنة والعميلة تاريخيا, وأكدنا على الأسباب الحقيقية التي دفعت كل قوى الشر في العالم للتكالب على سورية والسعي إلى تدميرها, لأنها الدولة العربية الوحيدة التي حافظت على سيادتها واستقلالية قرارها الوطني عبر مشروع تنموي مستقل، فكان شعبها الوحيد بين شعوب المنطقة الذي يأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع, وأوشكت على الاكتفاء الذاتي فكانت الدولة العربية الوحيدة غير المدينة للغرب الرأسمالي بدولار واحد, هذا إلى جانب تمسكها بالمشروع القومي العروبي المقاوم, حيث وقفت داعمة لكل حركات المقاومة العربية في مواجهة العدو الصهيوني, ورفضت الصلح والاعتراف بهذا العدو وتمسكت بحقها في مقاومته واسترداد كامل التراب العربي المحتل.
وأوضحنا كيف أدارت سورية معركتها وكيف نجحت عبر السنوات السبع الماضية في كسب كل الجولات سواء الميدانية أو السياسية, وهنا كان لابد من التأكيد على ما أشار إليه الرئيس بشار الأسد مرات ومرات وحرص على تأكيده عبر خطاباته السياسية ولقاءاته المتكررة مع الوفود العربية وكان لنا نصيب منها, بأن المعركة تدار على مستويين الأول هو المستوى الميداني وهو ما يخوضه الجيش العربي السوري من معارك ضد التنظيمات التكفيرية الإرهابية التي تعمل بالوكالة على الأرض السورية لمصلحة الأصيل في هذه المعركة وهو الأمريكي – الصهيوني وحلفاؤه, والمستوى الثاني هو السياسي عبر المفاوضات والاشتباكات في أروقة المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وكانت النتيجة بعد كل هذه السنوات انتصارات مدوية للجيش العربي السوري على المستوى الميداني، حيث تمكن مؤخراً من تجفيف منابع الإرهاب والسيطرة على 98 % من الجغرافيا السورية بعد معارك ضارية مع التنظيمات التكفيرية المدعومة أمريكياً وصهيونياً وتركياً وخليجياً, وفى كل معركة تلحق الهزيمة بالوكيل يهب الأصيل لنصرته سواء بتنفيذ اعتداءات عسكرية مباشرة أو محاولة «وقف تقدم» الجيش العربي السوري عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن كما يتم اليوم بشأن الغوطة الشرقية.
وكما نجح الجيش العربي السوري في تحقيق الانتصارات على كل جبهات القتال, نجحت الدبلوماسية العربية السورية في الخارج بقيادة الدكتور بشار الجعفري في تحقيق انتصارات مماثلة في أروقة المنظمات الدولية و فوق طاولة المفاوضات, حيث وجّه للمتآمرين ضربات ساحقة أسقطتهم وأفشلت كل محاولاتهم للتدخل العسكري المباشر أو محاولة وقف التقدم الميداني للجيش العربي السوري, وهو ما يؤكد وعي القيادة السورية بحقيقة المؤامرة وكيفية التعامل معها.
وكان السؤال المتكرر من المتداخلين والمتشابكين معنا عبر الندوات الثلاث هو: كيف ستسدد سورية الفواتير لحلفائها في هذه الحرب سواء كان الروسي أو الإيراني أو حتى حزب الله ؟ وكان الرد القاطع أن سورية ليست عليها ديون كي تسددها لأحد وهؤلاء الحلفاء شركاء في الحرب ويدافعون عن أنفسهم وأوطانهم ومصالح شعوبهم, ومن يقرأ كتاب الدكتور بشار الجعفري عن سياسة التحالفات السورية عبر التاريخ سيتأكد من أن سورية دولة مستقلة في قرارها السياسي وتتعامل مع الحلفاء على أرضية المصالح المشتركة.
والجميع يعلم العلاقة التاريخية بين سورية وروسيا التي عادت عبر الأزمة في سورية لدورها المفقود كقطب ثنائي على الساحة الدولية لذلك لا يمكن أن تطلب روسيا فاتورة سداد من سورية, وإيران أيضاً علاقتها استراتيجية مع سورية وترد الآن الجميل حيث وقفت معها سورية في مواقف عديدة، والعدو الذي يستهدف سورية اليوم هو ذاته المستهدِف لإيران ومن بدأ بسورية سيثنّي بإيران وهي تدرك ذلك، وتالياً لا فاتورة إيرانية لدى سورية, أما حزب الله، ووفقاً لتصريحات السيد حسن نصر الله ذاته، فإن سورية هي الداعم الأول لحزب الله منذ ظهوره كقوة مقاومة في مواجهة العدو الصهيوني على الساحة اللبنانية وتالياً لا فاتورة لحزب الله, لذلك كانت كلمتنا الأخيرة في كل ندوة هي «سورية تنتصر على كل جبهات القتال من دون فواتير, اللهم بلغت اللهم فاشهد».