د/ محمد سيد احمد
لم يعد خافيًا على أحد أن ما يحدث على ساحة المجتمع العربي منذ مطلع العام 2011 هو مؤامرة أمريكية صهيونية بامتياز، وهى حلقة جديدة من حلقات العداء ضد أمتنا العربية من قبل القوى الاستعمارية المتآمرة علينا تاريخيا، وفى إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد قامت أمريكا وإسرائيل وحلفاؤهما الغربيون ومعهما الرجعية العربية الخائنة والعميلة تاريخيًا بتنفيذ مخططهم الذي يسعى إلى تقسيم وتفتيت الوطن العربي، وبالطبع لكل مرحلة من مراحل التآمر آلياتها وأدواتها التي تختلف عن المراحل السابقة عليها، وهنا قرر الأصيل في هذه الحرب الجديدة على أمتنا العربية أن يستخدم مجموعة من الآليات والأدوات الجديدة التي لم يستخدمها في الحروب السابقة.
ويأتى الجنرال إعلام في مقدمة هذه الآليات الجديدة، حيث تم استخدامه في نشر الأكاذيب حول ما يحدث داخل مجتمعاتنا العربية من أجل تضليل الرأى العام العربي والعالمى، وقد نجحت هذه الآلية إلى حد كبير في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات التي اجتاحت العالم، وأصبحت هذه الوسائل الإعلامية الجديدة المصدر الأول لتشكيل الوعي عبر تلقي المعارف والمعلومات، وبالطبع استطاع الأصيل في هذه الحرب وهو العدو الأمريكى-الصهيونى في السيطرة الكاملة على الجنرال إعلام.
ثم جاءت الآلية الثانية في هذه الحرب متمثلة في استخدام الورقة المذهبية والعرقية والطائفية لزعزعة الأمن والاستقرار داخل مجتمعاتنا العربية، وتفكيك النسيج الاجتماعى المتماسك كمقدمة لإشعال النزاعات والصراعات والحروب الأهلية، وهو ما يعنى تفجير المجتمعات من الداخل، دون الحاجة إلى التدخل العسكري الخارجى المباشر، وعلى الرغم من عدم نجاح هذه الآلية فإن العدو ظل يستخدمها في معركته الجديدة ضد أمتنا العربية.
وتأتى الآلية الثالثة متمثلة في بعض أموال النفط الخليجى التي دفعت لتمويل تلك الحروب، فالأصيل في هذه المعركة (الأمريكى– الصهيونى) لن يدفع دولارًا واحدًا من جيبه في تمويل هذه الحروب، لكنه اعتمد على أن يكون تمويل هذه الحروب من الأموال العربية النفطية، لذلك لا عجب أن يصرح رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم وعبر وسائل الإعلام أن ما صرف على تمويل الحرب في سورية فقط وصل إلى 137 مليار دولار وما خفى كان أعظم.
وكانت الآلية الرابعة المستخدمة في هذه الحروب هي الجماعات التكفيرية الإرهابية التي تم استجلابها لخوض الحرب بالوكالة عن الأصيل في طول وعرض الوطن العربي، وبالطبع تم صناعتها بعناية شديدة على شكل مجموعات وفرق وفصائل وتنظيمات يحمل كل منها اسم مختلف ففى الوقت الذي كان تنظيم القاعدة هو التنظيم الإرهابي الأول في العالم سرعان ما اختفى لتظهر لنا داعش والنصرة وجيش الإسلام وغيرها العشرات، بل المئات من المسميات على كامل الجغرافيا العربية.
وبالطبع كانت مصر وسوريا هما الجائزة الكبرى في مشروع الشرق الأوسط الجديد، لأنهما يمتلكان جيوشا قوية يمكنها التصدى للمؤامرة وإجهاضها، وهو ما حدث بالفعل حيث تمكن الجيش المصرى والجيش العربي السورى من التصدي للجماعات التكفيرية الإرهابية التي تعمل بالوكالة على الأرض العربية في مصر وسوريا، وهو ما أفشل مشروع الشرق الأوسط الجديد من تحقيق طموحاته وأحلامه في التقسيم والتفتيت.
وخلال الأيام الماضية ومع حلول الذكرى الستون للوحدة المصرية–السورية، ومع تعالى أصواتنا بضرورة وحتمية الوحدة من أجل التصدى لمشروع التقسيم والتفتيت، كان جيشنا الأول (الجيش العربي السورى) قد قرر خوض واحدة من أشرس معارك لتحرير الغوطة الشرقية التي تشكل المخزون الاستراتيجي للجماعات التكفيرية التي تعمل بالوكالة لدى الأمريكى والصهيونى الأصيل في هذه الحرب، وفى ذات الوقت بدأ جيشنا الثانى والثالث (الجيش المصري) في خوض معركة تحرير شاملة لسيناء ضد نفس الجماعات التكفيرية التي تعمل بالوكالة لدى الأمريكى والصهيونى.
وفى هذه الأثناء تعالت أصوات الأصيل وحلفائه في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن مطالبة بوقف المعركة في الغوطة الشرقية للمحافظة على وكيلهم التكفيرى، وهذا أمر طبيعى لكن الغريب والعجيب حقًا أن نسمع أصوات مصرية تطالب بوقف الحرب في الغوطة مع أن العدو هناك هو نفس العدو الذي نخوض معه الحرب في سيناء سواء كان الأصيل أو الوكيل، لذلك نقول لهم أفيقوا يرحمنا ويرحمكم الله.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.