اجتاح وباء كورونا المستجد دول العالم، وتفشى فيها بسرعة كبيرة متجاوزاً الحدود والمسافات، مما خلق أوضاعاً صعبة وإجهاداً كبيراً للأنظمة الصحية في كبريات الدول وأكثرها تطوراً اقتصادياً وتقنياً، وكان للدول العربية نصيب من هذا الوباء، حيث سارعت إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمنع انتشار الوباء.
لكن كيف هي الأوضاع في فلسطين والتي لا زال شعبها يعيش تحت وطأة آخر إحتلال بالتاريخ - الاحتلال الاسرائيلي، وكيف تمكنت القيادة الفلسطينية من منع تفشي الوباء ومكافحته ونجحت بذلك نجاحاً ملفتاً رغم تلك الظروف المعقدة، وبإمكانياتها البسيطة ومواردها المحدودة؟؟
لأجل ذلك واستجلاءً للصورة، التقينا باللواء الركن (متقاعد) جهاد جيوسي، الخبير الاستراتيجي بالشئون الفلسطينية والعربية، وزميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة، والذي سبق له وتقلد عدة مناصب أمنية رفيعة بالسلطة الوطنية الفلسطينية، فكان لنا معه هذا الحوار. . . . .
كيف هي الأوضاع الصحية بفلسطين بعد شهرين على الأقل من انتشار الوباء فيروس كورونا القاتل بالعالم؟
تجاوز العدد الكلي للمصابين داخل الوطن وحتى اليوم (543) مصاب، وكانت نسبة التعافي والشفاء (40،8%)، وتم تسجيل (4) حالات وفاة لمواطنين كبار في السن، ولا يتواجد الآن أي مصاب بغرف العناية المركزة، ويتواجد بالحجر الصحي المنزلي حوالي (15) ألفاً من أصل (64) ألف تم حجرهم خلال الفترة الماضية، كما وتم اجراء ما يزيد عن (34) ألف فحصاً استقصائياً، وكل ذلك حسب التقارير الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، وهذا بعد انقضاء شهرين على فرض حالة الطوارئ منذ الخامس من مارس/ آذار من هذه السنة من قبل السيد الرئيس محمود عباس .
ما هو السبب في تسجيل أرقام منخفضة - والحمد لله - في فلسطين من حيث عدد المصابين والوفيات قياساً بالدول المجاورة؟
كان للقرار السريع للرئاسة الفلسطينية بفرض حالة الطوارئ بشكل مبكر متوافقاً مع تقدير الموقف الذي تبناه مجلس الوزراء والأجهزة الأمنية، وتم إتخاذ القرار بشكل استباقي لمنع فيروس كورونا المستجد من أن يشكل حالة وبائية تنتشر بالتجمعات السكانية وتقف السلطة الوطنية الفلسطينية بإمكانياتها الجد محدودة عاجزة عن احتواء هذه الجائحة، فأتى القرار ليقدم صحة المواطنين وسلامتهم على استمرار عجلة الإقتصاد بالدوران، رغم ما تمثل حالة الإغلاق من شل كامل للقطاعات الإنتاجية والخدمية والتي سيكون لها بلا أدنى شك تبعات سلبية حادة على الاقتصاد الفلسطيني الضعيف أصلاً، وستؤدي بالتالي إلى الانخفاض الكبير للعائدات المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية التي تجبيها من الضرائب والرسوم المختلفة.
لقد مكن القرار الرئاسي الاستباقي من محاصرة بؤر الوباء والحد من انتشاره، وخاصة ما تبعه من اجراءات صارمة شملت إغلاق المؤسسات الحكومية والمدارس والجامعات ومؤسسات القطاع الخاص والنقل وفرض قيود على الحركة والتنقل للمواطنين داخل المدن الرئيسة وبين المحافظات، ونجحت في محاصرة الوباء برغم ما خلقه الاحتلال الاسرائيلي من معوقات على الأداء الفلسطيني الرسمي.
كما كان للتنسيق المستمر على مختلف المستويات بين القيادة الفلسطينية والقيادتين الأردنية والمصرية الأثر الكبير في تنسيق الجهود لمكافحة الوباء وخاصة تسهيل عودة آلاف الفلسطينيين العالقين بعد خضوعهم للفحوصات المطلوبة، فهاذين البلدين الشقيقين هما بوابتي فلسطين بجناحيها المحافظات الشمالية (الضفة) والمحافظات الجنوبية (قطاع غزة) إلى العالم الخارجي.
كما كان للدعم المالي والعيني الذي قدمته دول صديقة وعربية شقيقة أثره الكبير في تمكين وزارة الصحة الفلسطينية من تطوير ادائها واجراءاتها لمحاصرة الوباء ومنع تفشيه، وإسناد المؤسسات الاقتصادية الفلسطينية الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الدعم للأسر المتعففة، وتأمين دفع الرواتب لموظفي الخدمة الحكومية بشقيها المدني والأمني والتي تساهم في دورة الحياة الاقتصادية بقطاعاتهاالمختلفة.
في هذه النقطة بالذات ولأهميتها، هل لك سيادة اللواء بتوضيح تلك المعوقات الاسرائيلية التي شوشت على تنفيذ الخطة المكافحة الفلسطينية لهذا الوباء؟
يمكن القول أن القيادة الفلسطينية تقاتل على جبهتين: جبهة مفتوحة ضد وباء فيروس كورونا المستجد وخطورته على الأمن الصحي للشعب الفلسطيني داخل الوطن، وجبهة التصدي وبحزم للمحاولات الاسرائيلية للاستفادة من انشغال دول العالم بالتصدي لهذه الجائحة الشرسة، باستهداف الأماكن الدينية المقدسة، حيث تم الاستيلاء على أراضي متاخمة للحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل إضافة لسماح سلطات الإحتلال لقادة وأتباع المنظمات الدينية اليهودية المتطرفة باقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك وبحماية جنود الإحتلال، تلك المنظمات التي تدعو جهاراً نهاراً لتدمير المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.
كما يحاول قطبي اليمين الصهيوني نتنياهو وغانتس بتمرير إتفاقهما المشئوم لتشكيل حكومة الوحدة ذات الرأسين بضم مساحات كبيرة من أراضي الضفة الفلسطينية، فهدف ضم المستوطنات ومقترباتها سيعني تحويل الضفة إلى ثلاثة معازل كبيرة لتسهيل السيطرة العسكرية عليها، ويمكن من خلال ذلك منع التواصل بين محافظات الضفة، والنية الاسرائيلية أيضاً لضم منطقة الأغوار والبحر الميت وهي المنطقة الشرقية المحاذية لحدود فلسطين مع الشقيقة الأردن، تهدف إلى منع التواصل بين فلسطين وعمقها العربي، والهدف الاستراتيجي لهذا الضم هو منع قيام دولة فلسطينية متواصلة وقابلة للحياة والتطور، الأمر الذي دفع القيادة الفلسطينية لتكثيف اتصالاتها بدول العالم والمؤسسات الدولية لتحشيدها بجبهة عالمية ضاغطة على حكومة اليمين الاسرائيلي لعدم تنفيذ قرار الضم، مما حدا بالرئيس الفلسطيني في كلمته الشاملة قبل يومين في مؤتمر قادة دول عدم الإنحياز التهديد بالغاء الاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي ومع الإدارة الأمريكية المنحازة إذا ما تم الضم لدولة الإحتلال.
وفي جانب الاجراءات الاسرائيلية التى أعاقت مكافحة فلسطين لوباء فيروس كورونا، فتمثلت بمحاربتها وإفشالها لاجراءات السلطة الوطنية الفلسطينية بمنطقة القدس، وذلك من خلال منع أطقم الاستقصاء الوبائي التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية من متابعة عملها داخل القدس والتجمعات السكانية حولها، والإعتقال المتكرر لوزير شئون القدس ولمحافظ محافظة القدس ولعشرات الكوادر المناضلة لمنعهم من ممارسة أية نشاطات لدعم صمود أهلنا المقدسيين.
وفي خطوة تصعيدية خطيرة قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بالسماح للعمال الفلسطينيين الذين يعملون بالمصانع الاسرائيلية من العودة للضفة، والذين يعملون في ظروف تفتقر لأدنى متطلبات السلامة الشخصية، وخاصة مع تفشي الوباء بين الاسرائيليين حيث تجاوز (16) ألف إصابة، مما رفع عدد المصابين من العمال وعائلاتهم ومخالطيهم لنسبة تصل إلى (75%) من مجموع الإصابات بفيروس كورونا المستجد في فلسطين، مما حدا بالسلطة الوطنية الفلسطينية إلى اتخاذ جملة من التدابير السريعة بنشر أطقم صحية وأمنية لاستقبال العمال واجراء الفحوصات لهم وإلزامهم بالحجر المنزلي مع المراقبة الحثيثة لأوضاعهم الصحية ومحيطهم لمنع انتشار العدوى.
كما لا زالت قوات الإحتلال الاسرائيلي تقوم باقتحام المناطق التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية وتنفيذها لاعتقالات بين المواطنين بدعوى مقاومتهم للإحتلال، مما يعرقل الاجراءات الأمنية والصحية الفلسطينية ويشوش عليها، ناهيك على عدم شرعية تلك الاقتحامات بموجب الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، وعدم شرعية تواجد قوات الإحتلال أصلاً.
ولا زالت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تمنع التواصل بين جناحي الوطن (الضفة وقطاع غزة)، مما يربك خطط وزارة الصحة الفلسطينية بمتابعة تفشي الوباء بقطاع غزة، وتقديم الدعم والإسناد اللازمين من عينات فحص وأدوية ومستلزمات طبية للمشافي هناك، إضافة لتعنت سلطة الأمر الواقع المتمثلة بحكم حركة حماس الإخوانية والتي لا زالت على حالها تطيل في عمر الانقسام وتعطل أية مبادرات فلسطينية ومصرية لانهاء هذه الحالة الطارئة على العمل الوطني الفلسطيني، والتي يستفيد منها فقط الاحتلال الاسرائيلي.
وما هي اجراءات السلطة الفلسطينية لمتابعة أوضاع ابناء الشعب الفلسطيني بالعالم؟
منظمة التحرير الفلسطينية هي التى ترعى وتتابع شئون ابناء شعبنا خارج الوطن، سواء في الدول العربية المضيفة للاجئين وفي انحاء العالم، حيث تم تقديم الدعم للمخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا، ومتابعة الأوضاع الصحية لمن هم داخل المشافي، كما أثمرت جهود القيادة الفلسطينية عن تأمين عودة آلاف العالقين من ابنائنا بالخارج بالتنسيق مع القيادة المصرية والأردنية.
وتم تسجيل (1286) حالة إصابة لفلسطينيين بالعالم توفى منهم (70) شخصاً وتعافى (525)، وهذه أرقام اليوم الأربعاء حسب الموقع الإلكتروني فايروس كورونا (COVID-19) في فلسطين، وهو يستقي معلوماته من وزارتي الصحة والخارجية والمغتربين والمتحدث بإسم الحكومة الفلسطينية.
بتقديرك هل ستطول فترة حالة الطوارئ، ولماذا؟
لقد تم التجديد لحالة الطوارئ من قبل السيد الرئيس لمدة شهر حتى السادس من يونيو/ حزيران القادم، وإن انهاء حالة الطوارئ بشكل نهائي مرتبطة بالقضاء على فيروس كورونا في العالم، ولكن حزمة من اجراءات التخفيف أعلن عنها رئيس الحكومة الفلسطينية طالت المؤسسات الاقتصادية والخدمية وتسهيل تنقل المواطنين وخاصة بالمحافظات التي تم فيها محاصرة الوباء.
ومع أهمية الموازنة التي تقوم بها الحكومة الفلسطينية مسترشدة بتوجيهات السيد الرئيس، بين الاهتمام بصحة المواطنين والسماح بانعاش القطاعات الاقتصادية، إلا أن هذا يعتمد بالدرجة الأولى على وعي المواطنين والتزامهم العالي بتعليمات التباعد الاجتماعي والوقاية الشخصية، مما سيسرع في العودة التدريجية للحياة الطبيعية داخل فلسطين.
وحتى نكون واقعيين، فإن مشكلتنا الأكبر تتمثل بالتداخل الحاد بيننا كفلسطينيين وبين المستوطنين وجنود الاحتلال وحواجزهم واقتحاماتهم المستمرة للبلدات والقرى الفلسطينية، وما يمكن أن تخلفه تلك الاقتحامات من امكانية نشر فيروس كورونا، كما أن المعابر المقامة على الحدود الفاصلة بين فلسطين والكيان الاسرائيلي تحت السيطرة الاسرائيلية مما يفتح المجال أيضاً لدخول حالات موبوءة الى داخل أراضينا يصعب على السلطة الفلسطينية رصدها ومتابعتها.
كما تتحمل سلطات الاحتلال الاسرائيلي انسانياً وقانونياً المسئولية الكاملة عن حياة ما يزيد عن خمسة آلاف معتقل فلسطيني، حيث رفضت كل المطالبات الفلسطينية والمؤسسات الدولية للإفراج عن الأطفال والنساء والفتيات وكبار السن من المعتقلين، وخاصة بعد ورود تقارير مؤكدة عن إصابة سجانين اسرائيليين بالفيروس، وبالتالي إمكانية تفشيه بين المعتقلين، وخاصة في ظل الاكتظاظ داخل المعتقلات وعدم توفير سلطات الاحتلال للمستلزمات الأساسية للوقاية الشخصية والمعقمات وتوفير رعاية صحية للمعتقلين.
كيف تقيم اداء المؤسسات الفلسطينية في مواكبتها لإجراءات مكافحة ومحاصرة بؤر الوباء؟
هناك برأيي جملة من الدروس التي يمكن الاستفادة منها للمستقبل، وإن أية ملاحظات واردة هنا بهدف تفعيل الأداء الفلسطيني لا تعني بأية حال الانتقاص من الجهد الكبر الذي قدمته مفاصل العمل الرسمي الفلسطيني الحكومية المدنية والأمنية.
وأولها أن تشكيل الأجسام التنسيقية أتى كإستجابة لطارئ ظهور الفيروس وإمكانية تفشيه، مثل لجنة الطوارئ العليا ولجان الطوارئ الفرعية على مستوى المحافظات، وهذا يتطلب أن يتم اعتماد تشكيلها قانونياً ووضع لوائح تنفيذية لعملها بعد دراسة ادائها بكل موضوعية وتجرد.
لقد تم تعطيل عمل مجلس الأمن القومي بعد إنقلاب حركة حماس الإخوانية على الشرعية بالمحافظات الجنوبية (قطاع غزة) سنة 2006، وبرأيي أنه على ضوء مستجدات تعرض فلسطين لتلك الجائحة لأول مرة، بات من الضروري أن يتم تفعيله بعد إعادة النظر بهيكليته وواجباته، حتى يكون الإطار الوطني الأعلى لتنسيق الأعمال والمهمات وتوحيد الجهود ومنع الإزدواجية بالمسئوليات بين مؤسسات السلطة الوطنية داخل الوطن وبين منظمة التحرير الفلسطينية والتي تضم أحزاب وفصائل العمل الوطني والأجسام النقابية والشعبية، والمسئولة عن ابناء الشعب الفلسطيني بالعالم.
كما أن تأسيس معهد بحثي متخصص يتبع للمجلس يتميز بأهمية كبيرة بهدف وضع الدراسات والتقديرات واقتراح استراتيجيات وآليات عمل تعين صناع القرار لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية.
وختاماً، كيف ستكون برأيك مرحلة ما بعد وباء كورونا والتغيرات التي يمكن أن تحدث عالمياً، وهل ستكون لها تأثيراتها على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة؟
برأيي أنه من المبكر حسم الجدل المثار بشأن ماهية التغيرات التي يمكن أن تلحق بالنظام العالمي الجديد، ولكن يمكن الإقتراب من تكوين صورة ولو جزئية للتغيرات من خلال تراجع دور الولايات المتحدة الأمريكية الأمريكية بقيادة العالم لانتهاجها سياسة الإنعزال وإدارة الظهر لأقرب حلفائها وعدم تقديم العون الطبي لهم، وتعاطي الإدارة الأمريكية مع الوباء بالداخل الأمريكي بالمنطق التجاري ومع دول العالم بعقلية الإستثمار والصفقات المربحة من خلال سعيها لاحتكار الأدوية لعلاج المصابين بالفيروس، وتحميل فشلها الذريع بإدارة الأزمة للصين الشعبية ومنظمة الصحة العالمية، وما نجم عنه من خسائر بشرية والتأثير الكبير على الإقتصاد الأمريكي، حيث إهتزت الثقة بالدولار كغطاء للعملات الأخرى.
بالمقابل قدمت الصين الشعبية نموذجاً متقدما بمحاصرة الوباء، وعززت حضورها الدولي بمد يد العون لدول العالم المبتلاة بالوباء، مع محافظتها على دعم مفاصل الاقتصاد الحيوية من خلال برنامج دعم حكومي شامل.
ويمكن أن يكون هناك إعادة نظر جدية باداء مؤسسات الإتحاد الأوروبي وخاصة المؤسسة الصحية، ونمط التعاطي للدول المتقدمة بالإتحاد مع الأزمة، ولا أرى أنه سيكون هناك إنسحابات لدول من الإتحاد إذا ما قارنت فوائد بقائها على خروجها.
وبتقديري أن هناك دولاً عديدة مثل مصر نجحت بمواجهة تداعيات الوباء من خلال تبني استراتيجية بناء اقتصاد متعدد الأوجه وتنمية مستدامة للقطاعات الإنتاجية المختلفة، ودعمت وساندت دول كبرى خلال الجائحة، مما سيعزز من حضورها الإقليمي والدولي.
وفي مواجهة انحسار عصر هيمنة القطب الأمريكي الأوحد يبزغ نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب من دول كبرى فاعلة وبناء شراكات اقتصادية من خلال توسيع إطارات التجمعات الإقتصادية العالمية، وسيلعب تجمع &بريكس& الإقتصادي دوراً هاماً في هذا المجال، والذي نأمل أن يصبح &بريكسي& بانضمام مصر له، وتفعيل مبادرة الرئيس الصيني المتجددة (طريق واحد – حزام واحد) ببناء شراكات دولية هامة لتفعيل طريق الحرير القديم برؤية اقتصادية وتكنولوجية متطورة، والمستقبل سيكون للتقنيات الرقمية وتقنيات التعليم والعمل والقيادة عن بعد، وتوظيف الروبوتات وتطوير ادائها لتحل محل البشر في تنفيذ الأعمال المختلفة بالبيئات الخطرة.
وستتجه دول العالم إلى دراسة الثغرات التي عانى منها قطاع الخدمات الصحية، وتعزيز التشاركية بالأبحاث العلمية لمواكبة تطور علم الوبائيات، وتوسيع دائرة الإستخدام للتقنيات الحديثة، ومساعدة الدول النامية في تعزيز قدراتها لمواجهة الوبائيات بالمستقبل، وتوفير الأدوية المجازة من منظمة الصحة العالمية مجاناً لكل الدول واعتبارها حق للإنسانية بعكس المنطق التجاري الأمريكي.
من جانبها دعت القيادة الفلسطينية ولا زالت لعقد مؤتمر لإطلاق المفاوضات برعاية دولية متعددة ازاء الانحياز الأمريكي الكامل للجانب الاسرائيلي وما تبع ذلك من قرارات مجحفة بحق شعبنا، وعليه فإن انحسار الدور الأمريكي عالمياً والدخول التدريجي بالنظام العالمي متعدد الأقطاب سيساعد بلا شك في تقوية الموقف الفلسطيني لإحقاق حقوقه وإعادة الأراضي العربية المحتلة لسوريا ولبنان، ولكن مع وعينا الكامل بأن مصالح الدول هي الأساس باتخاذ المواقف من الملفات الساخنة حول العالم، لذلك فإن تعزيز الموقف الفلسطيني يكون من خلال إسناد رسمي وشعبي عربي، وعدم القيام بخطوات تطبيعية مجانية تحت مسميات ثقافية وترفيهية ورياضية وإعلامية، والتمسك بمبادرة السلام العربية كأحد مرجعيات عملية السلام (الأرض مقابل السلام)، وتوظيف الاستثمارات العربية من الفائض المالي باقتصاديات الدول الكبرى المناصرة للحقوق العربية، وهناك الكثير مما يمكن أن يقال في هذا المقام، ولكن لا يمكن في هذه العجالة تغطية كل جوانب الموضوع بتفصيل وشمول.