هذا التقرير جزء من مشروع «الحج إلى واشنطن» لتغطية أنشطة لوبيات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة بين 2010-2020. ومعظم المعلومات الواردة في التقرير تستندُ لوثائق من قاعدة بيانات تابعة لوزارة العدل الأمريكية، تتبع لقانون «تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا)»، الذي يلزم جماعات الضغط بالإفصاح عن أنشطتها وأموالها، وكافة الوثائق متاحةٌ للتصفح على الإنترنت.
وراء كل شخصية نافذة أو سياسي بارز جنود مجهولون، لا يلتفت لهم الإعلام وهم لا يكترثون له، يدركون قوة التحرك في الخفاء. وفي دهاليز السياسة بواشنطن ينجز المجهولون في المقاعد الخلفية الكثير من الأعمال اليومية ويقفون على التفاصيل، بهدوء ودون ضجيج.
برز اسم يوسف العتيبة، سفير الإمارات في أمريكا، ولربما هو الدبلوماسي العربي الوحيد البارز في واشنطن ويعرفه جمهور واسع من العرب، على أن شهرته جاءت من أنشطته المشبوهة سياسيًا وفي حياته الشخصية. من المعروف أن والد العتيبة كان وزيرًا للنفط في الإمارات، العتيبة يتحدث الإنجليزية بطلاقة بلهجة أمريكية وهو «دينامو» العلاقات الإماراتية الأمريكية.
ولكن السؤال: من جنود العتيبة؟
في هذا التقرير نتحدث عن واحدة من أهم مساعدي العتيبة، هاجر العوض، وجه من الوجوه الناعمة لسياسة الإمارات العنيفة ضد الثورات العربية. وسنتعرف في هذا التقرير على السيدة السودانية عن كثب، ومسيرتها المهنية من العمل لتمكين المرأة للعمل لتمكين الإمارات في واشنطن منذ 2008، إذ دخلت عالم اللوبيات بعمر 28 عامًا مع قدوم العتيبة لواشنطن آنذاك.
هاجر العوض
هاجر العوض، مساعدة العتيبة وواحدة من أنشط وجوه اللوبي الإماراتي في واشنطن.
هاجر العوض.. من التنمية الدولية لصفقات السلاح
وُلدت هاجر العوض عام 1980، وتحمل الجنسيتين السودانية والأمريكية، وتحصلت على الأخيرة عام 1996.
درست هاجر في جامعة «جونز هوبكنز» عام 1998، وحصلت على شهادة البكالوريوس في تخصص العلاقات الدولية، وتابعت مسيرتها في نفس الجامعة للحصول على شهادة الماجستير في تخصص التنمية الدولية والاقتصاد الدولي، وتخرجت عام 2007.
وبعد تخرجها تابعت هاجر العمل في مجال التنمية، وعملت في شركة «كيمونكس إنترناشيونال – Chemonics international» في مكتب واشنطن العاصمة. وكيمونكس هي شركة خاصة تنفذ مشاريع تنموية في «الدول النامية»، عن طريق ممولين مانحين أهمهم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية «USAID». وأثناء تلك الفترة عملت هاجر على دعم المشاريع التي تنفذها الشركة في مصر.
ثم انتقلت بعد ذلك في مايو (أيّار) 2008، للعمل في السفارة الإماراتية في واشنطن لتدخلها مع دخول العتيبة لها، وعينت في منصبين. الأول: كبيرة موظفي مكتب العتيبة، واستمرت في هذا العمل لستة شهور، والمنصب الثاني: مسؤولة الشؤون التشريعية في السفارة.
المهمة الأساسية لهذا المنصب التواصل مع أعضاء وموظفي الكونجرس الأمريكي والتنسيق معهم بأي شؤون تشريعية أو قوانين تخص الإمارات ومصالحها، واستطاعت هاجر أن تشكل شبكة من العلاقات داخل الكونجرس، ومع الجهات الحكومية الأمريكية، بالإضافة لخوضها تجربة التواصل والضغط السياسي بشكل مباشر. وفي هذا السياق نسّقت هاجر مع جماعات الضغط المستأجرة من الإمارات ويتواصلون مع الكونجرس للضغط لتمرير الأجندة الإماراتية في المنطقة أو داخل أمريكا، وبالطبع أكسبها العمل مع جماعات الضغط عن كثب خبرةً في المجال ومتطلباته.
تابعت هاجر العمل على إتمام صفقات السلاح للإمارات، ومتابعة استصدار تراخيص لنقل تقنيات وأسلحة أمريكية، وعملت على ملف حقوق «الإنسان والمرأة»، فمثلًا تابعت هاجر العمل للحصول على موافقة الكونجرس على أول صفقة إماراتية لشراء «ثاد»، منظومة دفاع جوية تعترض الصواريخ قبل دخولها الغلاف الجوي وخارجه، طوّرتها شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، وبلغت قيمة الصفقة آنذاك «مليارات الدولارات» على حد تعبير هاجر.
حصلت هاجر العوض على 2 مليون و524 ألف دولار خلال أعوام تعاقد شركتها مع الإمارات
* وفقًا لوثائق الشركة على قاعدة بيانات وزارة العدل الأمريكية
بالإضافة لعملها على الصفقات العسكرية عملت أيضًا مع أعضاء في الكونجرس لتحصيل موافقتهم على اتفاقية البرنامج السلمي النووي الخاص بالإمارات، الذي وقعته في ديسمبر (كانون الأول) 2009، وتضمنت الاتفاقية نقل المعرفة الخاصة بالمعدات والمواد النووية مع ضمان التزام الإمارات بعدم تخصيب اليورانيوم أو استخدام القدرات النووية لغايات غير سلمية.
ومع انضمام الإمارات لحرب اليمن احتاجت تدفقًا مستمرًا للأسلحة لن يكون إلا بموافقة الكونجرس، ولحجم الملف، أسست هاجر أول قسم في السفارة الإماراتية للشؤون السياسية العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2016، وكانت مهمة القسم الرئيسية التواصل مع وزارة الدفاع ووزارة الخارجية الأمريكية، والتنسيق مع أعضاء في الكونجرس لضمان قبولهم للصفقات، ومن ثم المتابعة للتأكد من وصول الأسلحة. وتابعت عملها في هذا القسم حتى أغسطس (آب) 2017.
«هاجر العوض وشركاؤها».. هاجر تدخل سوق اللوبيات من أوسع أبوابه
مطلع عام 2015 سجّلت هاجر شركة «هاجر العوض وشركاؤها – Hagir ElAwad & Associates»، وتقع الشركة على الحدود الشمالية الغربية لواشنطن العاصمة، في بلدة تسمى «تشيفي تشيس»، وتبعد نصف ساعة بالسيارة عن البيت الأبيض والكونجرس.
وفي أغسطس (آب) 2017، في نفس الشهر الذي توقفت فيه هاجر عن العمل في السفارة، سجّلت شركتها في قاعدة بيانات وزارة العدل الأمريكية التابعة لقانون «فارا»، ووقعت عقدًا أوليًا مع السفارة الإماراتية لتقديم خدمات ضغط سياسي وتنسيق اجتماعات لمسؤولين إماراتيين مع مسؤولين في الحكومة الأمريكية أو الكونجرس، ووقع على العقد عمر الشمسي، نائب رئيس البعثة في السفارة.
وبعدها بعام جُدد العقد ولكنّ هذه المرة بتوقيع يوسف العتيبة، مع إضافة «يو إيه إي ستراتيجيز – UAE Strategies» علامةً تجارية لشركة هاجر، والتي تصرح من خلال صفحتها على لينكد إن، على أنّها عملت فيها أثناء هذه الفترة.
توقيع يوسف العتيبة، السفير الإماراتي إلى واشنطن، وبجانبه توقيع هاجر العوض، واحدة من أنشط العاملين في اللوبي الإماراتي، والعقد لشركتها مع السفارة الإماراتية. المصدر: موقع وزارة العدل الأمريكية.
وبحسب ملفات الشركة على موقع وزارة العدل، عملت هاجر على حملات علاقات عامة وترويجية للإمارات في الولايات المتحدة، فقد كانت تنسق اجتماعات دورية ليوسف العتيبة ولمسؤولين إماراتيين بارزين مع موظفين وأعضاء في الكونجرس، بالإضافة إلى الترويج للاستثمارات الإماراتية في كلِّ ولاية أمريكية، لفتح خطوط أو لتوطيد العلاقات الثنائية مع سياسيي هذه الولايات.
وضغطت هاجر في ملفات عدة لصالح الإمارات منها: حرب اليمن، وضمان صفقات السلاح، وتسجيل منصة «إي جي+ / AJ+»، وكيلًا خارجيًا للحكومة القطرية، أي أنها ممثل للمصالح القطرية في أمريكا.
تلميع دور الإمارات في حرب اليمن
مع نهاية عام 2017، بدأت هاجر التواصل مع موظفين من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للترويج لمساعدات الإمارات الإنسانية في اليمن، وكان ذلك في سياق استيلاء الإمارات على أرخبيل سقطرى في اليمن. ولتلميع الدور الإماراتي في الحرب، تواصلت هاجر مثلًا مع إيدي أكيفيدو، الذي يعمل في قسم الشؤون التشريعية في وكالة التنمية، والذي عمل سابقًا موظف في لجنة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس النواب.
وعلى مدار الأعوام بين 2017 إلى 2020، تكشف ملفات وزارة العدل الأمريكية، الجهد الحثيث لهاجر للترويج للمساعدات الإماراتية في اليمن، وعلى الجانب الآخر تتحدث عن انتهاكات إنسانية اتركبتها جماعة الحوثي، وفي جزء من هذه الجهود وعلى سبيل المثال لا الحصر، وزعت هاجر دراسة استقصائية صادرة عن مركز «كوفليكت أرمامنيت للأبحاث – Conflict Armament Research»، تكشف الدراسة استخدام الحوثي لمتفجرات مائية متنقلة في اليمن، وينشر المركز دراسات عن الأسلحة المستخدمة من قبل جماعة الحوثي، ويذكر أن المركز تواصل بشكل مستمر ومتكرر مع شركات تمثّل الإمارات لمناقشة التسليح في اليمن والأسلحة الإيرانية.
وبينما تسعى الإمارات جاهدةً لشرعنة وجودها في اليمن، بدأ التيار المعارض لحرب اليمن في الكونجرس بالتحرك فقدّم النائب الديمقراطي رو خانّا في سبتمبر (أيلول) 2017، مشروع قانون يُطالب الرئيس بسحب القوات الأمريكية من «الأعمال العدائية» غير المصرح بها في اليمن، ولقي المشروع إقبالًا ورعاية من قبل 54 نائبًا. وفي هذا الصدد، عقدت هاجر اجتماعًا مع جيو صبا، مساعد تشريعي في مكتب النائب خانا، وتبع ذلك اجتماع ليوسف العتيبة مع النائب نفسه للضغط عليه لسحب مشروعه.
ولاحقًا في مايو (أيّار) 2018، نسقت هاجر اجتماعًا لخلدون المبارك، رئيس الشركة الاستثمارية «مبادلة» مع النائب خانّا للحديث عن استثمارات مبادلة في كاليفورنيا. ولكن لماذا كاليفورنيا؟ لأنّ النائب خانّا يمثل المقاطعة رقم 17 فيها، وزيادة الاستثمارات تعني زيادة في فرص العمل، وذلك يعني حظوظًا أكبر للنواب في الانتخابات القادمة.
واعتمدت هاجر هذا الأسلوب في التواصل مع أعضاء الكونجرس فقبل الاجتماع مع أحدهم تُرسل تقريرًا مفصلًا عن الاستثمارات الإماراتية في الولاية التي يمثلها العضو، فمثلًا طلبت اجتماعًا للعتيبة مع السيناتور مايك ليي، وأرفقت في رسالتها تقريرًا عن الاستثمارات في ولايته.
هاجر الجندي المجهول تعرف أهمية التواصل مع أمثالها في آلة السياسة الأمريكية. ففي فترة التمدد الإماراتي في اليمن، تواصلت هاجر مع موظفين دائمين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، مثل ميرا ريسنيك، التي تعمل في مجلس النواب من عام 2007، وشغلت لاحقًا منصب موظف أول في اللجنة منذ عام 2014. بالإضافة للتواصل مع زميل ميرا في اللجنة ماثيو زويج، الذي اجتمع معهما يوسف العتيبة للحديث عن اليمن. وتعتبر ميرا من أشد المناصرات لإسرائيل. للتواصل مع الموظفين في اللجان أهمية خاصة، فهم المسؤولون عن كتابة التشريعات وتفصيلها وترتيبها، ومن اللافت للنظر أن السفير العتيبة يجتمع شخصيًا معهم، وهو جهد ضغط سياسي لا يتكرر كثيرًا في ملفات الضغط الأخرى للدول العربية.
ومع مطلع عام 2019، بدأت المعركة الأشرس للإمارات بعد تقديم السيناتور المستقل بيرني ساندرز لمشروع قانون يتابع جهد صديقه خانّا لطلب سحب القوات الأمريكية من اليمن، وبالفعل صدّق مجلسا النواب والشيوخ على القرار، ولكنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوقفه مستخدمًا حق النقض الرئاسي، ثم فشل الكونجرس لاحقًا في تجاوز نقضه.
وفي هذه الفترة كثّف العتيبة برفقة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد اجتماعاتهم مع أعضاء في الكونجرس، ونواب بارزين مثل الديمقراطي إليوت أنجل، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل. ومن طرف آخر كان الإماراتيون يستخدمون قوتهم الناعمة، بإرسال ريم الهاشمي، وزيرة التعاون الدولي للحديث عن المساعدات الإنسانية في الإمارات.
جزء من كلمة ليوسف العتيبة في مركز راند البحثي التابع للبنتاجون، يتحدث فيها عن دور الإمارات في حرب اليمن.
وفي يوم 18 مارس (نيسان) 2019 نسقت هاجر رحلةً لموظفين ونواب إلى الإمارات، واجتمع الوفد مع محمد بن زايد لنقاش «التطورات في اليمن»، وكان السيناتور الجمهوري روب بلانت، رئيس لجنة القواعد حاضرًا في هذه الزيارة.
وانتهت المعركة الأولى بسلام بحماية ترامب لأصدقائه، ولكن لم تمر أيام حتى بدأت المعركة الثانية منتصف عام 2019، عندما قدّم السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، مشروع قرار يعارض صفقة الأسلحة المقترحة للسعودية والإمارات، وتحدث السيناتور عن قلقه من الانتهاكات الإنسانية على يد قوات التحالف في اليمن.
وتكثيفًا لجهود الحملة اجتمع العتيبة مع السيناتور مينينديز لإقناعه بالتراجع عن مشروع القرار، وقامت هاجر في تلك الفترة بتوزيع مقالة للعتيبة في صحيفة «واشنطن بوست» يتحدث فيها عن دور الإمارات الإيجابي ودور التحالف في «محاربة التطرف» في اليمن، ووزعت هاجر موادًا دعائية أخرى عن العلاقات الاستراتيجية الثنائية بين الدولتين. وتواصلت هاجر في هذا الصدد مع دانا سترول، الموظفة في لجنة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الشيوخ.
ولكن كالعادة يخرج ترامب لينقذ أصدقاءه وينقض القرار ضامنًا تدفق الأسلحة للخليج.
سدنة الحروب في واشنطن
في 29 يونيو (حزيران) 2018، سجّلت السفارة الإماراتية عقدًا فرعيًا مع شركة «أمريكان ديفينس إنيترناشونال – American Defense International» عبر شركة هاجر العوض. وكانت مهمة الشركة الأساسية الضغط على الكونجرس، وتشبيك السفارة مع شبكات رجال الأعمال لدعم عمليات بيع ونقل السلاح إلى الإمارات.
يملك فان هيب 51% من أسهم الشركة، وترأس هيب سابقًا الحزب الجمهوري في ولاية كارولينا الجنوبية أواخر الثمانينيات، وتعتبر الولاية من أهم الولايات الضالعة في تصنيع الأسلحة. وهيب كان أحد المحاربين في حرب الخليج عام 1990. ومعه في الشركة مايكل هيرسون الذي يملك 49% من أسهمها، والذي عمل سابقًا كمساعد في البنتاجون في قسم إدارة القوات والأفراد.
بالإضافة إلى التشبيك مع شركات السلاح، قدمت الشركة دعمًا في تعطيل القوانين التي قدمت في الكونجرس ضد تسليح التحالف في حربه باليمن. ولكن ما ميز الشركة الاجتماعات المكثفة مع أعضاء ورؤساء في لجان القوات المسلحة والاستخبارات في الكونجرس، مثل الاجتماع مع آدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، للحديث عن حرب اليمن.
وفي نهاية عام 2018، كانت الشركة تتواصل مع فارس سليمان، مستشار الأمن القومي للسيناتورة الديمقراطية البارزة إليزابيث وارين، للحديث عن رسالتها لوزارتي الدفاع والخارجية، والتي تطلب فيها بدء التحقيق عن شركة تسمى «مجموعة سبيشال أوبيريشنز – Special Operations Group»، التي استأجرتها الإمارات بتنسيق من محمد دحلان، لتنفيذ عمليات اغتيال خاصة من ضمنها محاولة اغتيال القيادي في جماعة الإصلاح اليمنية، إنصاف علي مايو، في عام 2015.
وعملت الشركة مع هاجر على تنسيق رحلة لوفد من الكونجرس إلى الإمارات في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 على رأسها النائب سميث، والنائب مارك ثورنبيري، زعيم الأقلية في لجنة القوات المسلحة؛ واجتمع الوفد مع محمد بن زايد، ووزير الخارجية أنور قرقاش أثناء هذه الرحلة. ومع بداية عام 2020، أصدر التقرير الخاص لقانون إقرار الدفاع الوطني للسنة المالية 2020 لمجلس النواب، والذي يتضمن بندًا يمنع الرئيس لمدة سنة واحدة من إصدار تراخيص، وتعليق أي ترخيص أو موافقة على تصدير ذخائر جوية أو أرضية إلى السعودية والإمارات، ولم يتضمن تقرير مجلس الشيوخ هذا البند، وصُدّق على قانون الدفاع الوطني من دون وجود هذا البند.
rep. adam smith-UAE team.jpg
النائب آدم سميث في لقاء مع فريق كرة قدم الإماراتي للنساء – مصدر الصورة
ونسقت الشركة رحلة لوفد آخر من موظفين في الكونجرس في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، مثل سيزار جونزاليز كبير موظفين مكتب النائب ماريو دياز بالارت، وشملت الرحلة زيارة لـ«مواقع تاريخية»، وجولة في قاعدة الظفرة الجوية، وجولة في موقع المفاعلات النووية السلمية.
وفي 12 يناير (كانون الثاني) 2020، ألغت الشركة عقدها الفرعي مع السفارة عبر شركة هاجر العوض، وسجّلت عقدًا آخر بعدها بيوم مع السفارة عبر شركة المحاماة والضغط «أكين جامب» عندما انتقلت هاجر العوض للعمل هُناك مستشارةً سياسية.
ووفقًا لوثائق الشركة على موقع وزارة العدل، بلغت المدفوعات منذ بداية استئجار الشركة 810 آلاف دولار.
وبحسب وثائق شركة هاجر العوض؛ كانت هاجر تتواصل بشكل دوري مع الكابتن كريستوفر مايكلي، الذي يعمل في القوات الجوية الأمريكية، للحديث معه بشأن «المشتريات الدفاعية»، وذكرت الملفات بشكل خاص التواصل من أجل إصلاح عطل في طائرات أباتشي، وتواصل آخر مع مايكلي عن الإشعار الذي وصل إلى الكونجرس لرغبة الإمارات في شراء صواريخ «AIM-9X».
يوسف العتيبة.. عرَّاب التطبيع ومهندس علاقات الإمارات مع إسرائيل
الإمارات تقود حربًا ضد قناة الجزيرة في أمريكا
منذ حصار قطر، قادت الإمارات معركة كبيرة في واشنطن من أجل تسجيل منصة «AJ+» التابعة لقناة الجزيرة، باعتبارهم جهة خارجية. وفي حال تسجيلها بهذه الصفة، سيتطلب ذلك الإفصاح عن الأنشطة والأموال التي تقوم بها المنصة، ولن تتمتع بالموقف القانوني الطبيعي لوسائل الإعلام الأمريكية الأخرى. شهدت منصة «AJ+» انتشارًا واسعًا في أمريكا خاصةً لدى المستخدمين الشباب، فهي تقدم خطابًا قريبًا للطيف «التقدمي» في السياسة الأمريكية، وتوفر تغطية مستمرة لأنشطة حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، المعروفة اختصارًا بـ«بي دي أس BDS»، مزعجةً بذلك اللوبي الإسرائيلي الذي يبدو أن الإمارات تشاركه في همومه.
ومن اللافت للنظر أن وزارة العدل الأمريكية حقّقت الرغبة الإماراتية في يوم توقيع اتفاقية سلام البحرين والإمارات مع إسرائيل في البيت الأبيض في 15 سبتمبر (أيلول) 2020، فأصدرت قرارًا في نفس اليوم تطلب فيه من «AJ+» التسجيل على أنها جهة أجنبية. وذكرت مسؤولون في الجزيرة أنهم تلقوا رسالةً بالقرار قبل يوم من توقيع الاتفاقية.
ومن الطريف أن العتيبة ذكرَ في مقابلة إعلامية أن الجزيرة لم تذكر في أي نقاش بسياق الاتفاقية الإماراتية مع إسرائيل، وقال عن الجزيرة: «ليسوا مهمين كما يظنون»، على الرغم من الجهود الواسعة للوبي الإماراتي ضدّ القناة.
وفي عام 2018، تواصلت هاجر بكثافة مع أورين أداكي، كبير الموظفين الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، والذي كان يعمل في مكتب النائب الجمهوري تيد بو، رئيس اللجنة الفرعية للإرهاب. وقد شارك النائب في تحضير رسالة تطلب من وزارة العدل بداية التحقيق لتصنيف شبكة الجزيرة «جهة خارجية».
وفي سبتمبر (أيلول) 2018، عقدت هيئة الاتصالات الفيدرالية، اجتماعًا مغلقًا لنقاش إضافة متطلب جديد لتصنيف الجهات الإعلامية «الخارجية»، وتكشف الإيميلات المنشورة على موقع المونيتور عن تواصل بين فريق هيئة الاتصالات وموظفين في شركة أكين جامب، تعمل لصالح الإمارات، ويقدم الموظفون استشارات للهيئة فيما يخص قناة الجزيرة. وتظهر الإيميلات أيضًا طلب شيا بويد، أحد موظفي أكين جامب، أن تحضر هاجر ممثلة عن السفارة الإماراتية لهذه الاجتماعات، وتبين ملفات شركة هاجر العوض حضورها للاجتماع.
وقد أصدرت هيئة الاتصالات الفيدرالية في نفس الشهر قاعدة تطالب الجهات الإعلامية الخارجية بتقارير تفصح عن علاقتها مع الجهات الخارجية.
وفي 10 يناير (كانون الثاني) 2020، ألغت شركة هاجر العوض وشركاؤها عقدها مع السفارة الإماراتية، وذلك لانتقال هاجر للعمل مستشارةً سياسية في شركة أكين جامب. يعمل في الشركة إليانا روس ليتينين، جمهورية وعضوة كونجرس سابقة ترأست لجنة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سابقًا. عملت هاجر مع إليانا على إصدار تقرير دعائيّ مطول من 124 صفحة عن قناة الجزيرة واستخدام دولة قطر للقناة لدعم جماعات «إرهابية»، وتشدد في التقرير على أهمية تسجيلها جهة خارجية.
وبلغت المدفوعات لشركة هاجر العوض خلال أعوام التعاقد 2 مليون و524 ألف دولار.
هذه القصة جزءٌ من مشروع «الحج إلى واشنطن»
سفير الإمارات: «قناة الجزيرة غير مهمة».. لكن اللوبي الإماراتي يشعل حربًا ضدها
هذا التقرير جزء من مشروع «الحج إلى واشنطن» لتغطية أنشطة لوبيات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة بين 2010-2020. ومعظم المعلومات الواردة في التقرير تستندُ لوثائق من قاعدة بيانات تابعة لوزارة العدل الأمريكية، تتبع لقانون «تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا)»، الذي يلزم جماعات الضغط بالإفصاح عن أنشطتها وأموالها، وكافة الوثائق متاحةٌ للتصفح على الإنترنت.
لعبت قناة الجزيرة دورًا تاريخيًّا بتوفيرها لتغطية حية وحصرية لأحداث الربيع العربي المندلعة في 2011. ومع اندلاع الثورات الواحدة تلو الأخرى في عدة دول عربية، بدأت الدول المحافظة، تقودها السعودية والإمارات، في جهود لمكافحة الثورات المنادية بالديمقراطية والحرية. وأصبحت «الجزيرة» على رأس قائمة المستهدفين في هذه الحملة. ومنذ الحصار الرباعي الذي فرض على قطر في يونيو (حزيران) 2017، استنفر اللوبي الإماراتي معركته ضد «الجزيرة»، موظفًا شركات اللوبيات للتضييق على «الجزيرة». وفي هذا التقرير نستعرض هذه الحملة وتطورها في الولايات المتحدة.
ما الذي يعنيه تسجيل «الجزيرة» وكيلًا أجنبيًّا في الولايات المتحدة؟
في سؤال عن ضغط الإمارات ضد قناة الجزيرة في الولايات المتحدة، قال السفير الإماراتي يوسف العتيبة عن الجزيرة: «ليست مهمة كما يظنون».
* المصدر: «نيويورك تايمز»
قبل يوم واحد من توقيع الإمارات والبحرين لاتفاقية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أرسلت وزارة العدل الأمريكية رسالة إلى «الجزيرة»، تطلبُ منها تسجيل منصة «إي جي بلس - AJ+» وكيلًا أجنبيًّا تابعًا للحكومة القطرية، بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب «فارا». قانون «فارا» يخصُّ الأفراد أو المؤسسات التي تعمل لصالح جهات غير أمريكية، ويلزمها بالإفصاح عن «الأنشطة السياسية» التي يقومون بها نيابةً عن هذه الجهات، وعن الأموال التي يتلقونها منها وينفقونها داخل الولايات المتحدة. قابل هذا الطلب استنكار شديد من قناة الجزيرة، وذكرت على موقعها أنَّ طلب تسجيل المنصة بصفتها وكيلًا أجنبيًّا في هذا التوقيت يوحي بأنَّه أحد المطالب الإماراتية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وتقول الجزيرة إنّ منصة «AJ+» لها استقلاليتها الكاملة إعلاميًّا. أرسل الرسالة إلى «الجزيرة» جاي برات، رئيس قسم مكافحة التجسس وضبط الصادرات في قسم الأمن الوطني لوزارة العدل الأمريكية، وليس من المعتاد أن يُرسل شخص في رتبة برات مثل هذه الرسالة؛ إذ تخرج عادةً من مسؤولي قسم «فارا» في وزارة العدل.
غرفة أخبار قناة الجزيرة. وتأتي هذه الرسالة من وزارة العدل في سياق محاولات لوزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، لإنهاء الحصار على قطر، وإيجاد صيغة للمصالحة بين الدول المتصارعة في منطقة الخليج. وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، قال يوسف العتيبة، السفير الإماراتي بواشنطن، إنَّ هذا الطلب لم يكن ضمن بنود التفاوض على اتفاقية التطبيع، وقال «لم تناقش الجزيرة ولا مرةً، ولا حتى قطر»، وأنَّ الجزيرة «ليست مهمة كما يظنون». ولكن هذا التصريح يتناقض تمامًا مع أعمال اللوبي الإماراتي التي يشرف عليها العتيبة؛ فملفات اللوبي تكشف عن حملة مكثفة ضدَّ القناة، متسقة مع المطالب التي قدَّمتها دول الحصار في بدايته، ومنها إغلاق القناة. وفي الوقت الحالي، قد تكون خطوة تسجيل «AJ+» جزءًا من خطة أكبر للتضييق على قناة الجزيرة، واحدة من الأصوات الإعلامية القليلة التي قدَّمت تغطية جريئة لأحداث الربيع العربي، وأهم صوت من المنطقة للعالم عن أخبار الشرق الأوسط وتطوراته. هذا الأمر من وزارة العدل بتسجيل المنصة يضع الجزيرة في مصاف قنوات تروّج للحكومات التي تموّلها، مثل قناة «روسيا اليوم» المملوكة للحكومة الروسية، وقناة «تي أر تي» المملوكة للحكومة التركية، وقنوات صينية أخرى. ومن الجدير بالذكر أن هاجر العوض، مساعدة العتيبة ومن أهم وجوه اللوبي الإماراتي، وزّعت شركتها «على نطاق واسع» مقطعًا عنونته بـ«فيديو للجزيرة يُنكر أحداث الهولوكوست»، في إشارة لفيديو نشرته النسخة العربية من منصة «AJ+» يتحدث عن المحرقة ويقول إن دولة إسرائيل استفادت منها. وللمفارقة، تحدث الإعلام الإماراتي والسعودي عن حذف الجزيرة للفيديو مؤكدًا على «انصياع الجزيرة» لإسرائيل وأن القناة «تطرد موظفين من أجل إسرائيل». الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، أكبر المنظمات الحقوقية الأمريكية، اعتبر قرار وزارة العدل تهديدًا لحرية الصحافة، وقال مسؤول في الاتحاد أن مواطني الولايات المتحدة يعتمدون على الإعلام ذي المصداقية ليعرفوا آثار سياسات حكومتهم على العالم، وقال: إنّ الحكومة الأمريكية لا يصحّ أن «تسيء استعمال مفهوم قانون الوكيل الأجنبي الغامض لتستهدف مؤسسات الإعلام لغايات سياسية». صورة من مراسلات شركة هاجر العوض العاملة لصالح الإمارات، تُظهر إرسال الشركة لمقطع فيديو لقناة الجزيرة عن الهولوكوست وتوزيعه على «نطاق واسع». المصدر: موقع وزارة العدل الأمريكية.
تحالف إماراتي مع مناصري إسرائيل.. والهدف: الجزيرة
تقود أنشطة اللوبي الإماراتي في واشنطن ثلاث شركات: «أكين جامب - Akin Gump»، و«مجموعة هاربور - Harbour Group»، وشركة «هاجر العوض - Hagir Elawad & Associates». في 2017 تواصلت الإمارات مع منظمات يهودية أمريكية مناصرة لإسرائيل في حملة لتشويه سمعة قناة الجزيرة. وتظهر وثائق مجموعة هاربور تواصلًا مع باري كورتيس لوشير، الرئيس السابق لرابطة مكافحة التشهير اليهودية (ADL)، بشأن تغريدة نشرتها «الجزيرة»، وتتابع المجموعة «الجزيرة» وأخبارها، فمثلًا أرسلت لرابطة مكافحة التشهير مقالًا نشرته إدارة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» دفاعًا عن «الجزيرة». ومن الجدير بالذكر أن رابطة مكافحة التشهير تهاجم «الجزيرة» باستمرار، وتستهدف الإعلاميين العاملين فيها. ويتواصل اللوبي الإماراتي باستمرار مع الرابطة وينسق معها بملفات عدَّة أبرزها شؤون «الجزيرة»، تحديدًا مع ديفي وينبيرج، الذي يعمل في الرابطة، ويركز على «الجزيرة» وأنشطتها، والذي كتب عدة مرات مهاجمًا «الجزيرة». وفي النصف الأول من عام 2018، عقدت شركة «أكين جامب» اجتماعًا مع ستيف رابينويتز، أحد داعمي إسرائيل والمقربين من الدوائر الديمقراطية، لنقاش «دقة الجهات الإعلامية المدعومة من قطر». وتكشف وثائق الشركة عن اجتماعات وتواصل مكثف مع جوش فلين براون، مستشار في اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، والذي عمل في مكتب السيناتور الجمهوري شارليس جراسلي، عضو اللجنة القضائية ورئيسها سابقًا، ورئيس اللجنة المالية حاليًا. وعقدت الشركة اجتماعات أخرى مع أورين أداكي، ابن لعائلة إسرائيلية مهاجرة للولايات المتحدة، وهو المسؤول التشريعي في مكتب النائب الجمهوري جو ويلسون، زعيم الأقلية في لجنة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعنون الوثائق الاجتماعات بأنها لمناقشة «شفافية» الجهات الإعلامية المدعومة من قطر. أورين أداكي، مسؤول تشريعات في الكونجرس من عائلة إسرائيلية مهاجرة للولايات المتحدة. مصدر الصورة: موقعه الشخصي وفي مارس (آذار) 2018، أرسل مجموعة من أعضاء الكونجرس الجمهوريين رسالة للمدعي العام الأمريكي، جيف سيشنز، يطالبون فيها بضرورة تسجيل «الجزيرة» وكيلًا أجنبيًّا، بسبب خطابها «المعادي لأمريكا والمعادي للسامية».
السفارة الإماراتية تتدخل بشكل مباشر
في أبريل (نيسان) 2018 قدَّم النائب الجمهوري، ماك ثورنبيري، قانون إقرار الدفاع الوطني لعام 2019. وتضمن القانون «قسم 1085»، وهو قانون يُلزم الجهات الإعلامية التابعة لجهات خارجية وتعمل داخل أمريكا بتقديم تقرير كل ستة شهور لهيئة الاتصالات الفيدرالية. ويتضمن التقرير «توصيفًا لعلاقة الجهة الإعلامية مع الجهة الخارجية، بما فيه البنية القانونية لعلاقتها مع هذه الجهة الخارجية، أو أي تمويل خارجي تستلمه الجهة الإعلامية». وبعدما تصل هذه التقارير إلى هيئة الاتصالات، يجب على الهيئة إرسال تقارير دورية إلى الكونجرس تُلخص التقارير المُرسلة من قبل هذه الجهات الإعلامية. وبعد تصديق القانون في أغسطس (آب) 2018، تحرك اللوبي الإماراتي ضد قناة الجزيرة فورًا، فقد كشف موقع «المونيتور» سلسلة من الرسائل بين هيئة الاتصالات الفيدرالية وشركة «أكين جامب» في سبتمبر (أيلول) 2018، بهدف تنسيقٍ مؤتمر مصغَّر ومغلق لنقاش «متطلبات تسجيل الجزيرة جهةً خارجية»، ارتباطًا بقانون الدفاع الوطني. نسقت الشركة مع مجموعة من العاملين في الهيئة، أبرزهم بريندان هولاند، مسؤول قسم تحليل السوق الإعلامي في الهيئة، وشاد جيو، مستشار قانوني في القسم نفسه. وحضر من طرف «أكين جامب»، الشركاء، هال شابيرو، أحد مهندسي الاتفاقية النووية الإماراتية، وجينيفر ريشتر، والإداري براد بوويل. وتُظهر الإيميلات إخبار «أكين جامب» للهيئة بحضور هاجر العوض ممثلة عن السفارة الإماراتية، وهي مساعدة العتيبة ومن أهم العاملين للوبي الإماراتي في واشنطن. وفي النصف الثاني من عام 2018، اجتمعت شركة «أكين جامب» مع آدم كريدو، كاتب في صحيفة «فري بيكن»، والذي نشر تقريرًا في فبراير (شباط) 2018 يتهم فيه الجزيرة بالـ«تجسس» على المجموعات المناصرة لإسرائيل. وعقدت الشركة اجتماعات مع سارة مطر، مساعدة تشريعية في مكتب النائب الجمهوري ليي زيلدين، عضو لجنة الشؤون الخارجية، والذي قاد جهود الرسالة الأولى التي أرسلت لوزارة العدل الأمريكية. واستهدفت شركة «أكين جامب» مراكز الأبحاث المناصرة لإسرائيل، فقد اجتمعت مع كليف ماي، رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، واحد من المراكز البحثية المناصرة بشراسة لإسرائيل، وتنسِّق أجندتها مع بعض السلطات الإسرائيلية. كتب ماي مقالًا على موقع المؤسسة البحثية إبان حصار قطر، بعنوان: «هل تستحق الجزيرة الموت؟»، يعرض في المقال لوجهات النظر المختلفة تجاه القناة، ويصوِّرها منحازة لبعض الأفكار وراعية لشخصيات متطرفة. ومن المؤسسة نفسها تواصلت الشركة مع جوناثان شانزير، نائب رئيس في قسم الأبحاث، وهو ممن ظهروا في وثائقي اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، الذي أنتجته قناة الجزيرة ومُنع بثه بسبب ضغط اللوبي الإسرائيلي. ويظهر شانزير في الوثائقي وهو يعلِّم مجموعة من المتدربين كيفية تشويه حركة المقاطعة لإسرائيل في الولايات المتحدة. وبعد حصار قطر بأسابيع شارك شانزير في جلسة استماع بالكونجرس، قادتها النائبة الجمهورية إليانا روس ليتينين، رئيسة اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. الجلسة لمناقشة العلاقات الأمريكية مع قطر، قال فيها شانزير إن قطر تدعم الإخوان المسلمين، و«حركة المقاومة الإسلامية (حماس)»، وتنظيم القاعدة، واقترح تقليل الاعتماد على قاعدة العديد الجوية في قطر، وبدلًا منها الاعتماد على قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات. [related_post id="260246"] وفي سبتمبر 2018، اجتمعت هاجر العوض، ذراع العتيبة في واشنطن، مع صديقتها سامانثا ليهي، مساعدة الشؤون التشريعية في مكتب السيناتور الجمهوري تيد كروز، للحديث عن «لغة قانون الدفاع وما يتطلبه من شفافية من الجهات الإعلامية الخارجية». وكان السيناتور كروز من ضمن مجموعة الجمهوريين الذين أرسلوا إلى المدعي العام مطالبين بتسجيل «الجزيرة». وتظهر سامانثا في 2016 في جلسة لمركز لندن للدراسات السياسية، للحديث عن تشريع قدمه السيناتور تيد كروز لتصنيف الإخوان المسلمين جهة «إرهابية».
الضغط مستمر.. وتواصل مع منظمات مناصرة لإسرائيل
دخلت عالم اللوبيات النائبة الجمهورية، إليانا روس ليتينين، بعد اعتزالها من الكونجرس، وبعد أن عملت فيه ممثلة عن ولاية فلوريدا منذ عام 1989 حتى 2019. وترأست خلال عملها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، ولاحقًا ترأست اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. انضمت إليانا لشركة «أكين جامب». وتذكر إليانا عبر صفحتها على موقع الشركة، أنَّها من خلال عملها في لجنة الشرق الأوسط، عملت «لتعزيز الحرية والديمقراطية ومحاربة التطرف الإسلامي». ومنذ انضمامها للشركة، استلمت إليانا ملف الضغط على الحكومة الأمريكية لتسجيل منصة «AJ+». وفي النصف الأول من عام 2019، عقدت شركة «أكين جامب» اجتماعًا مع مؤسسة «متحدون ضد الاتفاقية النووية الإيرانية» للحديث عن «الإعلام الممول من قطر».
مع «أيباك»
وتواصلت الشركة بشأن ملف «الجزيرة» مع راتشيل هيرسش، مستشارة قانونية في «أيباك»، أهم أذرع اللوبي الإسرائيلي. وعقدت الشركة اجتماعًا مع مالكوم هونلين، رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، وسشير سامويل، موظف في المؤسسة نفسها؛ لمناقشة سبب قطع العلاقات مع قطر. وكان قدر شارك هونلين مع النائبة إليانا في إذاعية حول أهمية تسجيل «الجزيرة» بصفة جهة خارجية.
مع الكونجرس
ومن جانب التواصل مع الكونجرس، عقدت الشركة اجتماعًا مع مكتب السيناتور الجمهوري ماركو روبيو. واجتماعًا مع ميلر سارة وسميث باري، مساعدين تشريعيين في مكتب النائب الجمهوري بريان ماست، عضو في لجنة الشؤون الخارجية. وقد قدَّم هذا النائب قبل شهر من حصار قطر مشروع قانون في مجلس النواب، ينص على فرض عقوبات اقتصادية على الدول والمؤسسات التي تدعم «حماس» أو حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينيتين. وفي يونيو 2019، أرسل مجموعة من الجمهوريين، رسالة جديدةً للمدعي العام ويليام بار، معظمهم ممن شاركوا في الرسالة الأولى، مطالبين مرة أخرى بتسجيل منصة «AJ+». وقالوا إن تسجيلها سيساعد على وجود «شفافية ومحاسبة»، وقاد جهود هذه الرسالة السيناتور الجمهوري تشارلس جراسلي. وبعد إرسال الرسالة، اجتمعت «أكين جامب» مع مسؤولين في اللجنة اليهودية الأمريكية، مؤسسة مناصرة لإسرائيل، للحديث عن موضوع «الجزيرة»، ومن أبرز الشخصيات فيها جاسون أساكسون، مسؤول الشؤون السياسية، وأليكس برونزو، مسؤول السياسات والتواصل. ومنذ عام 2007، تسافر اللجنة سنويًّا إلى الإمارات وتقابل خلال هذه السفرات مجموعة من المسؤولين الإماراتيين.
شركة جديدة في طاقم اللوبي الإماراتي
وفي أبريل (نيسان) 2019، استأجرت السفارة الإماراتية شركة «جيليلاند ماكيني إنترناشونال - Gilliland & McKinney International Counsellors»، مقابل خدمات ضغط سياسي لتسجيل منصة «AJ+». وعقدت الشركة اجتماعًا مع إريكا سونجير، كبيرة المستشارين في مكتب السيناتور الديمقراطي كريس كونز، عضو اللجنة القضائية، وحضر الاجتماع أيضًا توماس مانكينيلي، مستشار الأمن القومي للسيناتور. ونسقت اجتماعًا آخر مع موظفين في مكتب السيناتور الديمقراطي جيف ميركلي، مثل مات سكويري، مستشار السياسات الخارجية. وبلغت المدفوعات للشركة إلى يومنا هذا 20 ألف دولار. وفي يوليو (تموز) 2020، أصدرت النائبة السابقة إليانا تقريرًا مفصلًا من 124 صفحة عن «الجزيرة» ومصادر تمويلها وارتباطها بالحكومة القطرية، وخطوطها التحريرية التي تروج لحركة «حماس»، وتُعطي شرعية سياسية لجماعات «إرهابية ومتطرفة». وساعدت شركة «جيليلاند» في توزيع التقرير. ونشر الصحافي آدم كريدو تقرير النائبة إليانا عن «الجزيرة» على موقع الصحيفة، «فري بيكن»، ونشر شانزير، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، تغريدة عن ما كتبه كريدو عن تقرير النائبة إليانا.
النائبة الجمهورية إليانا روس، تعمل لصالح اللوبي الإماراتي في حملته ضد قناة الجزيرة، وهي من كبار مؤيدي إسرائيل بالكونجرس. وقبل طلب وزارة العدل من «الجزيرة» تسجيل منصة «AJ+»، أرسل مجموعة من الجمهوريين رسالة ثالثة في 7 أغسطس 2020، إلى المدعي العام ويليام بار، يطالبون فيها وزارة العدل بإلزام «AJ+» تسجيل نفسها وكيلًا أجنبيًّا، وقاد جهود هذه الرسالة النائب الجمهوري لي زيلدين والسيناتور ماركو روبيو، وشارك فيها السيناتور الجمهوري القوي تيد كروز، وزملاؤه توم كوتون، وبريان ماست. شركة «أكين جامب» من أهم أذرع اللوبي الإماراتي في واشنطن، ومنذ بداية عام 2018 حتى اليوم، بلغت المدفوعات الإماراتية لها: 9 ملايين و963 ألف دولار، لتكون أعلى متلقٍ للمدفوعات من الإمارات منذ عام 2011. هذه القصة جزءٌ من مشروع «الحج إلى واشنطن»