يهل على العالم العربي والإسلامي في 27 من شهر رجب المبارك من كل عام ذكرى الإسراء والمعراج، وهذا الشهر وتلك الذكرى لهما مكانة عظيمة ومحبة كبيرة في قلوب المسلمين وفي أنفسهم، ففيه أسري بسيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته وصحبه أجمعين - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وفي هذا الشهر أيضا تم الإستعداد وإسترداد بيت المقدس من الصليبين على يد صلاح الدين الأيوبي يوم الجمعة 27 رجب من عام 583 هجري....
وفي هذه الذكرى العظيمة تتطلع أنظار المسلمين في كل مكان على وجه هذه الأرض المباركة إلى بيت المقدس وموقع المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وقبة الصخرة المشرفة والمقامات الإسلامية والمسيحية الأخرى، وأبدأ بقصيدة للشاعر العربي الأستاذ أحمد فهمي خطاب بعنوان....
(صلوا عليه وسلموا تسليما )
الله عظم قدره تعظيما صلوا عليه وسلموا تسليما...
صلى عليه مع الملائك ربه وعليه فضل الله كان عظيما...
وقد إصطفاه من البرية كلها ورعاه من فجر الحياة يتيما...
(بحراء) ألهمه الهدى متحنثا ومتابعا في الحق إبراهيما...
وأراه جبريل الآمين قديرا في صفحة الأفق المبين جسيما...
بإقرأ أتاه...فقال لست بقارئ حتى تلا الوحي الكريم رخيما..
وأتاه معجزة الكتاب وما تلا كتبا...ولا خطت يداه نظيما...
أسري به للمسجد الأقصى وقد عرج الأمين مع الأمين حميما...
وأراه من آياته الكبرى وما كذب الفؤاد وقد رأى التكريما.
ولقد رأى جبريل عند المنتهى في نزلة أخرى...رآه قسيما...
والسدرة العصماء يغشاها الذي يغشى وبين القوس لاح وسيما...
ولقد رأى الجنات تجري تحتها الأنهار...ثم رأى هناك جحيما...
بعقيدة التوحيد جاء محمد وبها أتى الرسل الكرام قديما....
صلوا على من جاء خاتم رسله صلوا عليه وسلموا تسليما...
فمعجزة الإسراء والمعراج كانت خطة إلهية وترجمة عملية وإعلانا ربانيا لوراثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحبه والأمة الإسلامية للمقدسات الإسلامية،وليكون ذخيرة حية وصورة مشرقة وثابتة للأجيال المتعاقبة ليرى فيه الناس عظمة الخالق وقدرته ومكانة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومكانة آل بيته عند الخالق سبحانه وتعالى والذي إصطفاه من بين الخلق أجمعين لينشر رسالة الإسلام والمحبة والتسامح والرحمة للناس أجمعين...
وهي رسالة عامة شاملة خاتمة إلى العالمين فيها العزة والخلود والتكريم من حياة الرسول وفيها رفع ذكره وشرح صدره وأثنى عليه في كتابه الكريم، وأدخل محبته في قلوب الخلق أجمعين إلى يوم الدين، وإختاره هاديا ومرشدا وداعيا إليه بإذنه، وحمله الرسالة وثقل الأمانة فكان إتباع دعوته وتطبيقها فعليا والإلتزام بها مفتاح محبته لقوله تعالى...
( قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله)
آل عمران (31)....
فأمتثل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لنداء رب السماء والأرض وبلغ الرسالة وأدى الأمانة وإتبعه آل بيته وصحابته أجمعين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين، وجاهدوا بالله حق جهاده إلى أن أصبح محمد عليه الصلاة والسلام أمة لا تعد ولا تحصى على هذه الأرض المباركة...
وقد أخرج الناس من الظلمات إلى النور، ودعاهم إلى الإسلام وترك الجهل والشرك وعبادة الأصنام، فأتبعه قلة من قريش وكان خصومهم جهلة أشرار حاولوا القضاء على الدعوة وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه لكنهم فشلوا بذلك وأتم الله نوره ولو كره المشركون والكافرون، ولم يضعف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه رغم الظلم والتعذيب والقتل والحصار والعقوبات والتهجير وما لآقوه من معاناة من قبل أعداء الله والرسل والإنسانية جمعاء...
وبعد وفاة زوجة الرسول خديجة رضي الله عنها وعم الرسول أبي طالب وسمي ذلك العام بعام الحزن واللذان كانا يمثلان حماية ودرعا واقيا لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم شعر عليه الصلاة والسلام وصحبه بالغربة والوحشة فضاقت أرض مكة بما رحبت عن قبول الدعوة للإسلام وعز على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام أن يجدوا من قومهم وأهلهم أنواع أخرى من العذاب والضرب والسخط لعدم قبولهم الإسلام بعد الذي تعرضوا له من قبلهم في بداية الدعوة...وهنا فتحت السماء أبوابها لسيدنا محمد وتمت الرعاية الربانية لرسوله الكريم فكانت معجزة الإسراء والمعراج قال تعالى...
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) صدق الله العظيم...
فكانت معجزة التكريم والطمأنينة من الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم وأصحابه ومن تبعه فهدأت أنفسهم وقرت أعينهم وإستراحوا لما سمعوه من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن هذه المعجزة العظيمة التي ثبتتهم ومنحتهم العزة والكرامة والقوة لمتابعة نشر الدعوة إلى الناس أجمعين، وعاد سيدنا محمد بفريضة الصلاة التي فرضها رب العالمين في الملأ الأعلى لتكون معراجا يصل به المرء إلى مرضاة خالقه والدخول في رحمته الواسعة...
نعم إنها معجزة فيها الكثير من العظات والعبر والحكم للناس أجمعين إلى يوم الدين وبالذات في أيامنا الحالية، فأمتنا العربية والإسلامية تمر اليوم بمصاعب كثيرة ومؤامرات كبرى من الأحزاب الغربيين ومن وآلاهم من حكام منطقتنا المطبعين وأتباع الشياطين اليهود الصهاينة ومن فتن وحروب وقتل وتهجير ونشر عصابات قاعدية وداعشية مجرمة وفيروسات بيولوجية قاتلة للبشرية وحروب كبرى من هؤلاء الجهلة والقتلة الصهاينة تجار السلاح والغذاء والماء والنفط والدواء للسيطرة على الأرض وما عليها حسب معتقداتهم التلمودية المزورة وليتحكموا بكل ما يحتاجه الإنسان على وجه هذه الأرض المباركة وبالذات ما يحتاجه العرب والمسلمين....
ونقول للأمة وأحرار الإنسانية وكل المقاوميين وفي كل الميادين الدينية والسياسية والعسكرية والإقتصادية والتاريخية والجغرافية وحتى الثقافية والإجتماعية بأن لا يهنوا ولا يحزنوا ولا يضعفوا ولا يصيبهم العجز واليأس ولا يتعجلوا النصر لأن الله سبحانه وتعالى أخذ على نفسه بنصر المؤمنين الذين تمسكوا بدينهم و عقيدتهم السمحة والسليمة وسنة رسولهم الكريم الحقيقية والتي لا تفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى تلك السنة النبوية الصحيحة والحقيقية التي تنشر المحبة للناس أجمعين، هؤلاء الذين جاهدوا بالله حق جهاده وساروا على نهج سيدنا محمد وآل بيته الكرام وصحبه أجمعين في تبليغ الرسالة وآداء الأمانة ونصح الأمة والإنسانية لإزالة الغمه قال تعالى...
(وكان حقا علينا نصرالمؤمنين) وقال تعالى...
( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير) صدق الله العظيم...
فما أحوجنا في هذه الأيام الصعبة التي تمر بها أمتنا والعالم أجمع إلى هذه الذكرى العطرة والعظيمة لكي نتخذ منها منطلقا لترك مغريات هذه الدنيا الفانية، ولنتصالح مع أنفسنا ومع الآخرين بالعودة إلى الله سبحانه وتعالى والتمسك بديننا الحنيف وقيمنا العربية والإسلامية الكريمة وأخلاقنا الحميدة ونعمل جاهدين على وحدة الأمة وإسترجاع مقدساتنا وبالذات المسجد الأقصى المبارك من أيدي المحتلين اليهود الصهاينة وداعميهم الغربيين المتصهينين وإن النصر والتحرير لقادم ولو كره الصهاينة وداعميهم ووكلائهم من تجار الفتن والحروب والسلاح والنفط والغذاء والدواء والماء وأدواتهم من المطبعين معهم والله على نصرنا لقدير إنه نعم المولى ونعم النصير، والتحرير قادم بإذن الله سبحانه وتعالى وعونه لأمتنا يرونه بعيدا ونراه قريبا ...
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي...
كاتب وباحث سياسي...