في يوم الأحد 18 نيسان ( أبريل ) الماضي أعلن رئيس مجلس الشعب السوري فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية اعتباراً من يوم الاثنين 19 نيسان ( أبريل ) ولمدة 10 أيام تنتهي يوم الأربعاء 28 نيسان ( أبريل ), وعلى الراغبين في الترشح تقديم طلباتهم إلى المحكمة الدستورية العليا, وكان هذا الإعلان صادماً لكل أعداء سورية الذين كانوا يراهنون على العقوبات والحصار الاقتصادي لمنع إجراء الاستحقاق الدستوري في موعده, وقوبل الإعلان بهجوم كبير عبر وسائل الإعلام المختلفة التي يسيطر عليها أعداء سورية في محاولة للتشكيك في شرعية الانتخابات قبل أن تعقد, وفي محاولة للنيل من الدولة السورية بشعبها وجيشها ومؤسساتها وقائدها.
وبالطبع لم يكن هذا السيناريو بجديد فقد تكرر في الانتخابات الرئاسية الماضية التي عقدت في عام 2014, في ظل ظروف صعبة للغاية, حيث كانت موجة الإرهاب والحرب الكونية على سورية في أعلى درجاتها, وكانت الجماعات التكفيرية الإرهابية التي أرسلها العدو الأمريكي وأعوانه في أعلى درجات نشاطها, حيث كانت تسيطر على مساحات واسعة من الجغرافيا العربية السورية, وكانوا يعتمدون على انشغال الدولة بالحرب وبالتالي عدم قدرتها على إجراء الاستحقاق الدستوري في موعده, وعندما اعلن عن إجراؤه كان التعويل على فشله بالخارج لأن المهاجرين واللاجئين السوريين حتماً يحملون ضغائن لبلادهم, وبالطبع كانوا يعلمون أن الوضع بالداخل لن يمكن مؤسسات الدولة من إجراء الانتخابات في المناطق التي يسيطرون عليها وبذلك يفسد الاستحقاق الدستوري وتنهار الدولة, ويحتفلون بسقوطها المدوي الذي يحلمون به.
لكن جاء المشهد صادماً حيث زحف أبناء الشعب العربي السوري بالخارج صوب سفارات بلادهم في الدول التي سمحت لهم بإجراء الانتخابات بها, وكان المشهد مبهراً حيث وقفوا بالطوابير أمام السفارات وهم يحملون الأعلام واللافتات التي تعبر عن الوفاء لوطنهم وجيشهم وقائدهم, وبالطبع رفعت صور الرئيس بشار الأسد في سماء كل عواصم الدول التي سمحت بإجراء الانتخابات, وتوافدت وسائل الإعلام من كل حدب وصوب لتنقل للرأي العام حول العالم هذا الحدث الهام, وتمكن أبناء الشعب العربي السوري بالخارج أن يعطوا درساً قاسياً لكل المتآمرين على سورية, وأن خروجهم الإجباري بعيدا عن بلادهم بسبب الحرب والبحث عن فرصة جديدة للحياة لم يؤثر على وطنيتهم وعشقهم لوطنهم فكان ذلك يوماً للوفاء, وتمت الانتخابات بنزاهة وشفافية تحت مرأى ومسمع العالم أجمع, ولم يستطع المشككين أن يتفوهوا بكلمة واحدة فالصورة أصدق أنباء من الكتب, خاصة أن هؤلاء المهاجرين واللاجئين بالخارج لا يعقل الحديث عن تأثير الدولة العربية السورية عليهم, أو تزييف إرادتهم الحرة التي قالت كلمتها الفاصلة نعم للوطن وقائده.
ثم جاءت الصورة بالداخل لتكمل الحكاية مواطنون يعيشون تحت قصف الإرهاب لكنهم يتوافدون على صناديق الاقتراع ليقولون كلمتهم الفصل بأنهم مع الوطن وقائده في معركة التحرير وتفكيك المؤامرة على بلادهم, وبالفعل مرت الانتخابات بسلام وهو ما أكد أن الدولة العربية السورية بمؤسساتها لازالت صامدة ومتماسكة رغم العدوان, وبعدها مباشرة بدأت حرب التحرير حيث تمكنت سورية من عقد تحالفاً دولياً قوياً مكنها من خوض المعارك التحريرية, مدينة تلو الأخرى حتى وصلنا إلى سيطرة الدولة على المساحة الأكبر من الجغرافيا العربية السورية, حيث تم تجفيف منابع الإرهاب وعودة الحياة لطبيعتها وبدأت الدولة في إصلاح ما أفسدته الحرب, لكن بدأت قوى العدوان في التفكير في أساليب وآليات جديدة فكانت العقوبات والحصار الاقتصادي الذي راهنوا عليه لإسقاط الدولة وأبعاد القائد المنتصر.
وجاء الاستحقاق الدستوري بالخارج يوم الخميس الماضي 20 أيار ( مايو ) ليكرر أبناء الشعب السوري ما فعلوه في عام 2014 ليعيدوا إبهار العالم بهم, حيث انطلقت الجماهير كالشلالات الهادرة صوب سفارات 44 دولة حول العالم سمحت بإجراء الانتخابات بها, وكانت أنظار العالم تتجه نحو شاشات وسائل الإعلام المختلفة, وبالفعل انطلقت عملية التصويت منذ السابعة صباحاً واستمرت حتى السابعة مساءً وعلى مدار ساعات النهار لم تتوقف حركة الجماهير التي تحمل الأعلام وصور الرئيس بشار الأسد ولافتات الدعم والتأييد مع ترديد الهتافات والأغاني الوطنية, وبذلك قال الشعب كلمته للإرهاب ومشغليه, نحن مع وطننا حتى ونحن بعيداً عنه فالوطن ليس مكان نعيش فيه بل احساس وشعور وانتماء يعيش بداخلنا, واستمر التوافد بكثافة على صناديق الاقتراع وهو ما جعل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات تقوم بتمديد مدة الانتخاب لخمس ساعات إضافية انتهت عند الساعة الثانية عشر مساءً.
وعلى الرغم من كل محاولات إعاقة ومنع أبناء الشعب العربي السوري من إعلان كلمته أمام العالم إلا أن كل محاولات قوى العدوان قد فشلت وتمكن السوريون من حسم الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بنجاح منقطع النظير, وينتظر العالم أجمع اكتمال الصورة المبهرة يوم الأربعاء القادم 26 أيار ( مايو ), لتبدأ سورية مرحلة جديدة وهى إعادة اعمار ما خلفته الحرب من هدم وتدمير, فما تم عبر العشر سنوات الماضية لم تشهده دولة على مدار التاريخ لكن شعب الجبارين قادر على صناعة التاريخ من جديد في ظل حراسة جيشه الباسل وقائده البطل, اللهم بلغت اللهم فاشهد.
بقلم/د. محمد سيد أحمد