كنا يوم الأربعاء الماضي ٢٦ أيار ( مايو ) على موعد مع الجولة الثانية من الاستحقاق الدستوري الرئاسي السوري بالداخل، بعد أن أبهر السوريين في الخارج العالم أجمع وقدموا صورة نموذجية للانتماء الوطني الحقيقي، ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه أعداء سورية أن يخذلها أبناءها في الخارج ولا يذهبون إلى صناديق الاقتراع، بحجة أن الدولة هى السبب وراء خروجهم وتركهم لوطنهم، وخسارتهم لبيوتهم وممتلكاتهم، لكن وعي المواطنين بالخارج أثبت أنهم يدركون تماماً أن ما حدث لهم هو مؤامرة كونية عليهم وعلى وطنهم، وأن الدولة شعبا وجيشا وقائدا دفعوا ضريبة باهظة للدفاع عن التراب الوطني، لذلك خرجوا يوم ٢٠ أيار ( مايو ) ليقولوا أن سورية وطن يعيش فيهم، وليس وطن يعيشون فيه.
وفي جولة الداخل كنا شهود عيان على أكبر خروج للسوريين في تاريخهم، حيث تدفقت الجماهير الشعبية كالطوفان صوب صناديق الاقتراع في كل المناطق المحررة والتي تقع تحت سيطرة الدولة، فمنذ الخامسة صباحاً وقبل بدء عملية الاقتراع بساعتين كاملتين كنت أجلس داخل استوديوهات قناة الإخبارية السورية، للتعليق على المشهد الانتخابي وكنا نتابع الاستعدادات في كل المحافظات عبر المراسلين وكانت الحشود كبيرة للغاية قبل بدء عملية الاقتراع وعلى الرغم من محاولات مراعاة التباعد الاجتماعي بسبب كورونا إلا كل المحاولات فشلت أمام حماسة الجماهير الشعبية للمشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري، وعند السابعة صباحاً كانت الشاشات تنقل حركة الجماهير التي انطلقت في الشوارع والساحات المحيطة بمراكز الاقتراع وكان تقيمي الأولي أن هذا الحراك الجماهيري لا يمكن توصيفه على أنه حدث سياسي يتعلق بالتصويت في الانتخابات، بل يمكن وصفه بالثورة الحقيقية التي امتزجت فيها الأعلام و الصور بالهتافات والأغاني الوطنية، وكأن الشعب يقول خرجنا من أجل التغيير الحقيقي والاحتفال بالانتصار على كل قوى الشر في العالم.
وبالطبع كانت كل قوى العدوان قد حاولت التشكيك في شرعية الانتخابات، لكن الشعب العربي السوري الحر المقاوم صاحب الحق الوحيد في تحديد الشرعية قد قرر في ذلك اليوم أن يقول كلمته عالية مدوية بأنه مع وطنه وجيشه وقائده البطل الذي حافظ على وحدة التراب الوطني عبر عشرية سوداء بل قاتمة السواد حشد خلالها أعداء سورية كل جحافل الإرهاب ونقلوهم إلى الأرض العربية السورية ليدمروا كل ما يقع تحت أيديهم من حجر وزرع وبشر، لكن صمود الشعب وبسالة الجيش وحكمة القائد تمكنت من التصدي لهم، وبالفعل تحققت الانتصارات على كامل الجغرافيا العربية السورية وتم تجفيف منابع الإرهاب.
وخلال ساعات اليوم لم تهدأ ثورة الجماهير وكان محددا أن تنتهي عملية الاقتراع عند السابعة مساءً ولم تتمكن الجماهير من الانتهاء من عملية التصويت فتم مد فترة الاقتراع خمس ساعات إضافية لتنتهي عند الساعة الثانية عشر مساء، وبعدها مباشرة بدأت عملية الفرز، ولم تنم سورية في ذلك اليوم بل قامت الجماهير بالاحتفال بالنصر حتى قبل إعلان النتائج، واستمر ذلك حتي مساء اليوم التالي ٢٧ أيار ( مايو ) عندما ظهر رئيس مجلس الشعب ليعلن نتيجة الانتخابات.
وكنت في تلك اللحظة داخل استوديوهات قناة الفضائية السورية للتعليق على نتائج الانتخابات والتي جاءت لتؤكد على ثورة الجماهير الحقيقية حيث حصل الرئيس البطل بشار الأسد على ٩٥.١% من أصوات الناخبين وكانت النتيجة مطابقة تماماً للصورة التي شهدها العالم أجمع عبر وسائل الإعلام المختلفة سواء بالخارج أو الدخل لدرجة جعلتني أقوم بتحريف بيت الشعر الشهير " السيف أصدق أنباء من الكتب " لأقول " الصورة أصدق أنباء من الكتب "، وكما كانت الصورة مبهجة لكل الشرفاء في العالم الذين وقفوا على مدار العشر سنوات الماضية مع سورية في حربها الكونية، كانت الصورة صادمة ومحزنة لكل أعداء سورية.
وأثناء عملية الاقتراع كنت في أخر اليوم داخل استوديوهات قناة سما السورية وسألتني المذيعة هل تفاجئت بهذا الخروج وهذا التأييد المطلق للرئيس بشار الأسد من الجماهير رغم كل محاولات أعداء سورية للنيل من شعبيته عبر الحصار والعقوبات الاقتصادية على مدار العاميين الماضيين، وهو نفس السؤال الذي سألته مذيعة الفضائية السورية بعد إعلان النتيجة، وكانت إجابتي واضحة وهى أنني كنت أتوقع هذا الخروج الكبير، لأنني على ثقة بالشعب العربي السوري، ذلك الشعب الواعي الذي صمد صمودا أسطوريا دفاعاً عن ترابه الوطني، والذي دفع ضريبة دم غالية من خيرة شبابه، فهل يمكن لهؤلاء أن يؤثر فيهم الحصار والعقوبات الاقتصادية ؟ بالطبع لا بل زادهم ذلك قوة على مواجهة العدوان، وكان خروجهم يوم الانتخابات بمثابة ثورة حقيقية لإعلان النصر، ودعم القائد البطل ليقود معهم مرحلة البناء وإعادة الإعمار، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
د. محمد سيد أحمد