اخبار ذات صلة

الأربعاء، 30 نوفمبر 2022

شركة مصافي عدن .....تآمر العدو وتخاذل الصديق

 



المهندس / معمر صالح الضالعي 


صدمنا جميعاً بالتصريحات الأخيرة المسربة عن إدارة شركة  مصافي عدن  ، وصدمنا عن وضعها الحرج ماليا  ، ولأهمية هذه الصرح الاقتصادي الهام للوطن والمواطن ، وبعيداًعن لغة الدبلوماسية فذلك التصريح يشير بشكل خطير ومقلق .... أنه قريبا ستعجز شركة مصافي عدن عن تسديد مرتبات موظفيها.


بالطبع ليس من المنطقي ان يصل صرح اقتصادي عملاق الى هذا المستوى، بالرغم من المؤامرات ومحاولات التدمير الممنهج بكل اسف . فهذه الشركة وجدت لتبقى بمشيئة الله بالرغم من استماتت قوى الدولة العميقة بمحاولات تدميرها ضمن سياسة التجويع والإفقار و الحرب الاقتصادية الموجهة ضد الجنوب ومقوماته الاقتصادية.


بالرغم من كل ما وصلت اليه شركة المصافي الا انها قادرة على العودة بقوة وفي وقت قياسي. وما يحصل بكل اسف من بعض الإجراءات لم تكن موفقة وكان لها تأثير سلبي أوصل لتلك النتيجة التي لا يريدها أحد في شركة المصافي او خارجها فذلك الصرح هو أحد أعمدة الاقتصاد الوطني الذي يتمنى كل مواطن له النجاح .


بكل اسف الطريقة التي استخدمتها ادارة شركة مصافي عدن لتقليل التكاليف كانت كارثة  بحد ذاتها فالتخلص من الكوادر والخبرات العملاقة.   مثل إزاحة  كوادر  قادره على تقديم الرؤى  والنصح والمشوره للاداره وتوجيه دفة الإنتاج ونجاح المؤسسة ، فمثل تلك القرارات غالباً ما تكون سبب من أسباب الانهيار ، كما هو معروف في علم الإدارة ، فتلك الكفاءات هي احد نقاط القوة التي يفترض الاتكاء عليها لإنقاذ شركة المصافي. وبكل اسف لقد وصل الحال الى ازاحة بعض أقوى القيادات والخبرات ومن ذلك ازاحة مدير التدريب انور سعيد نعمان احد افضل مدراء التدريب في الجمهورية اليمنية وأفضل مدير تدريب في تاريخ المصافي ، انور سعيد نعمان من أعمدة المصافي القوية التي لم يكن هناك اي تفسير لقرار كهذا.


من ناحية أخرى فقد تبع ذلك القرار ازاحة هرم من أهرام شركة مصافي عدن واحد المرشحين لمنصب المدير التنفيذي و هو عضو اللجنة الاقتصادية العليا في المجلس الانتقالي ومدير الموارد البشرية في شركة المصافي مسعد حميد.

عقب ذلك ازاحة عدد آخر من الكفاءات بخطوات تدل على قرارات موجهة ضد المجلس الانتقالي والقيادات الجنوبية التي كان لها دور في تزكية صعود الإدارة الحالية.


خطوة كارثية أخرى اقدمت عليها ادارة شركة مصافي عدن وهي التنسيق مع بعض القيادات الأمنية لقمع نقابة عمال المصافي ذات التوجه العمالي والجنوبي الأصيل  ، و  نسف  دورها في حماية المصافي من التدمير وحماية حقوق العمال. وبعملية تفتقر لادنى أخلاقيات المهنة تم اذلال وإهانة النقابة بطريقة لم تحصل منذ زمن الاحتلال البريطاني ، بطريقة تسيء الانتقالي الذي كانت نقابة مصافي عدن احد أعمدته للحفاظ على المصفاة ومصالح وحقوق العمال  وبكل اسف بواسطة أدوات أمنية يفترض انها تخضع لإدارة الانتقالي.


اشهر بسيطة من التصرفات الغير مدروسة أوصلتنا  الى ذلك التصريح الخطير والخطير جداً والذي يتطلب تصرف فوري لإنقاذ المصفاة.


مالذي كان ينبغي ان تقوم به ادارة الشركة بدلًا من تلك الخطوات الكارثية ؟


دعونا نتحدث عن الخيارات والحلول التي كانت وما زالت  أمام شركة المصافي ومن خلال البحث في الفرص والتهديدات وتحليل نقاط الضعف والقوة نجد ان هناك نقاط قوة جبارة لدى هذه الشركة وفرص كبيرة جداً.


بهذا الصدد دعونا  نتحدث عن المعالجات التي ينبغي ان تقوم بها هذه الشركة فوراً ودون تأخير لمعالجة العجز المالي التي وصلت اليه.


تكثيف وتنمية الإيرادات ..

————————

• يينبغي فوراً ان تطالب شركة المصافي باستعادة نشاطها ببيع وشراء النفط والذي سيوفر مصدر مالي هائل ينقذ هذه الشركة وهو من المهام الرئيسية في عقد التأسيس لهذه الشركة.


• يمكن ان تقوم شركة المصافي في مجال البيع والشراء للنفط بحصة معينة لنقل خمسون بالمائة لتجنب الصدام مع التجار .

هذا نشاط واحد فقط يستطيع تحويل المصافي الى مرحلة الربح وبشكل سريع .


• الضغط على الحكومة لتقديم تسهيلات اكبر للتجار في عدن بدلاً عن  توجه التجار الى ميناء الحديدة،  وبالتالي تنشيط ايرادات الخزن للوقود في المصفاة.


• توسعة القدرة التخزينية للمصافي بما يساهم بتنميةايرادات النفط وهو النشاط الذي كان قد بداء به الشماسي وسعيد محمد اثناء توليهم قيادة شركة المصافي.


 • استعادة نشاط تموين البواخر فوراً ودون تأخير وهو احد الروافد المالية الكبيرة للمصفاة.


• التعاقد مع شركات نفطية أخرى من الدول الشقيقة لتجهيز محطة الكهرباء الخاصة بالمصفاة مقابل خدمات تقدمها لهم المصفاة خلال الفترة القادمة. وبالتالي استعادة نشاط تكرير النفط.


• توسعة النشاط البيعي ليشمل دول القرن الأفريقي . 


• مصادر أخرى 


• كما يمكن الاستفادة من الخبرات الفذة التي تزخر بها المصافي للبحث ووضع دراسات عن سبل تنمية الإيرادات. 


• ومن الناحية الاخرى ينبغي فوراً استعادة جميع الكفاءات التي تم الاستغناء عنهم .


• الاشراف المباشر من قبل اللجنة الاقتصادية للمجلس الانتقالي ، في هذه المرحلة الانتقادية او من خلال لجنة إشرافية متخصصة يتم تشكيلها


• اعادة الاعتبار لنقابة عمال مصافي عدن و الاعتذار العلني والصادق من قبل القيادة الأمنية والجنود الذي قاموا باعتقالهم  وإهانتهم لان ذلك إهانة لأكثر من الف موظف وإهانة للمجلس الانتقالي الذي دائما ما كانت تلك النقابة العمود الذي يتكئ عليه في حماية المصفاة وحماية حقوق الموظفين. 

و هنا نجد انه من المناسب ان نذكر اخواننا وأحبتنا في الأجهزة الأمنية ان واجبهم هو حماية كرامة وعزة وسلامة المواطن الجنوبي وحماية المنشآت الجنوبية وليس قمع المواطن او إذلالهم . وليتذكروا دائماً انهم ليسوا عساكر الأمامة ، وان اسم الجنوب الذي يحملوه اكبر من ان يجعلهم اداة لقمع اي جنوبي ....


اذكرهم ان اي خلافات تحدث بين النقابة وإدارة المصافي يمكن ان تحل من خلال اللجنة الاقتصادية الانتقالي كما كانت من قبل ، وبالتالي فتهميش اللجنة الاقتصادية للمجلس الانتقالي وتحويل قوة أمنية جنوبية لقمع نقابة جنوبية لم يكن تصرفاً عقلانيًا او اخلاقيا بكل المقاييس.


بدون ذلك فان شركة المصافي ستستمر في طريق نتائجه أخطر مما قد نتوقعها لا قدر الله .

وهنا نطالب الرئيس القائد عيدروس الزبيدي والأخوة في المجلس الانتقالي و القيادات النزيهة في الدولة 

نطالبهم  بسرعة التصرف واتخاذ الخطوات المناسبة لهذا الشأن.



الا هل أبلغت  ، اللهم فأشهد...

أوروبا وبدعمها لزيلنسكي وعصاباته النازية وبأوامر صهيوأمريكية تسير بإتجاه أزمات إقتصادية ومالية وإجتماعية وجغرافية خطيرة على المدى القريب والبعيد....

 


   

     منذ أن إنتشر كوفيد ١٩ في دول أوروبا وتمت الإغلاقات في كل القطاعات والحظر الكلي للتجارة والصناعة والإستيراد والتصدير....وغيرها واوروبا تعاني من ازمة إقتصادية ومالية كبيرة وما أن بدأت تأخذ أنفاسها حتى بدأت العملية الخاصة الروسية في أوكرانيا فسلكت أوروبا الطريق الخطا في سياستها الخارجية وأجبرتها  أمريكا بالتخويف من روسيا وإدعائها بأن روسيا لها اهداف توسعية في دول أوروبا المحاذية لحدودها وصدقت أوروبا هذه الأكاذيب وإتجهت بكل طاقاتها وراء حلف الناتو وأمريكا بمحاربة روسيا ودعم زيلنسكي وعصاباته النازية الحاكمة للشعب الأوكراني  وبكل أنواع الدعم اللوجستي دون أن تفكر ولو لبرهة من الوقت من تبعات محاربتها لروسيا ودعم زيلنسكي الذي لا يعمل إلا لخدمة المشاريع الصهيوأمريكية في أوكرانيا ودول الجوار ومنها روسيا...


      وكل ما قامت به أمريكا وبتصفيق أوروبي من عقوبات إقتصادية....وغيرها على روسيا إرتد وبعد عدة أشهر من فرض تلك العقوبات على أوروبا كاملة وأولها النقص الكلي في الطاقة والغذاء والذي جعل بعض السياسيين وخبراء الإقتصاد والمال وبعض النواب الأوروبيين يصرحون بتصريحات ضد تلك العقوبات التي لم تؤثر على روسيا فقط وإنما تأثيرها الأكبر كان على الشعوب الأوروبية قاطبة، إلى أن أمتد تأثير تلك العقوبات على دول العالم أجمع وليس فقط على الدول الأوروبية،  لأن معظم مصادر الطاقة والغذاء لأوروبا ودول العالم وبالذات الدول الفقيرة كانت من روسيا وأوكرانيا...

   

    وبعد عدة اشهر وعندما شعرت الشعوب الأوروبية بتخبط قادتها في قراراتهم الخاطئة إتجاه روسيا وسيرهم وراء زيلنسكي وأمريكا وحلف الناتو بدأت المظاهرات الشعبية تمتد في كل دول أوروبا وبالذات في بريطانيا وفرنسا وألمانيا مطالبين بالتخلي عن حلف الناتو وطرده من دولهم ووضع حد لأمريكا ورفع العقوبات جميعها عن روسيا وإيقاف كل انواع الدعم لزيلنسكي وعصاباته النازية والذي دائما يطالب بزيادة الدعم من دول اوروبا بالرغم من أنهم دعموه بكل أنواع الدعم المالي والعسكري والإستخباراتي والسياسي وفي مجلس الأمن والأمم المتحدة الأمر الذي زاد الطين بلة وجعل بعض النواب في أمريكا وأوروبا يطالبون بإيقاف الدعم الكامل لزيلنسكي الذي وصفه البعض بالوقح الذي لا يمل من طلب المساعدة على حساب الشعوب الاوروبية والشعب الأمريكي، الأمر الذي ادى إلى إنعدام الثقة وبشكل كامل بين الشعوب الأوروبية والشعب الأمريكي بقادته وسياسييه وحتى إقتصادييه وإعلامييه وأصبح لدى تلك الشعوب قناعة تامة بأن قادتهم ليس لديهم إمكانية للتصدي لتلك الأزمات الإقتصادية والمالية والطاقة والغذاء التي أوقعوا أنفسهم وشعوبهم بتبعاتها وبتأثيرها المباشر في هذا الشتاء القارص وغيره من فصول السنة...


     وحقيقة أن قادة أوروبا لا يستطيعون معالجة تلك الأزمات هذا غير العجز المالي الذي أصبحت تعاني منه بعض الدول والذي ترتب عليه تبعات إقتصادية ومالية أثرت على إقتصاد الدول الأوروبية وجعلته ضعيفا هشا الأمر الذي أعاق عجلة النمو والتقدم في صناعاتها وتجارتها وإستيرادها وتصديرها بفترة تسعة أشهر من ذلك الدعم لزيلنسكي وعصاباته النازية، وإذا إستمر ذلك العداء لروسيا وإستمر ذلك الدعم لزيلنسكي وليس للشعب الأوكراني فإن برامج البحث عن بديل للطاقة والغذاء وبرامج التقشف التي إتبعتها بعض الدول الأوروبية ستضعف وتنهار ولن تنجح أبدا...


   والكل يعلم بأنه إذا إستمر ذلك الدعم لزيلنسكي وعصاباته النازية فإن قادة دول أوروبا سيصبحون في سباق مع أنفسهم المريضة عندما يزداد عجزهم المالي وينهار إقتصادهم الوطني لكل دولة والجمعي كإتحاد أوروبي هذا غير ما هو متوقع في الأشهر القادمة وعلى المدى القريب والبعيد من ثورات شعبية أوروبية وأمريكية قد تؤدي إلى مخاطر إجتماعية وسياسية وعسكرية وإنقسامات جغرافية ومطالبة بعض الدول بالخروج من ذلك الإتحاد الأوروبي المنهار أصلا والضعيف قبل ذلك الدعم الهستيري لزيلنسكي وعصاباته وقبل إخافتهم من روسيا وأهدافها من العملية العسكرية الخاصة ومحاربتها فيما بعد بشتى أنواع الحروب العسكرية والسياسية والإقتصادية والإعلامية والإجتماعية والثقافية وحتى الرياضية وبالتالي فإن كل تلك الحروب لم تتأثر بها روسيا وجيرانها وحلفائها كثيرا، ولكن من تأثر ويعاني الأمرين هم أوروبا أولا ومن ثم أمريكا وحتى حلفهم الناتوي الذي سيتفكك قريبا دولة دولة ولن يبقى له أثر بإذن الله تعالى...


    والحكمة إن وجدت عند البعض كقادة النيجر تتطلب إيقاف الدعم لزيلنسكي وعصاباته النازية وإنقاذ الشعب الأوكراني من قبضتهم وحكمهم النازي والمستبد والذي يعمل على التضحية بكل الشعب الأوكراني في سبيل الحفاظ على الحكم النازي في أوكرانيا، وعدم السماح لحلف الناتو بالتواجد على حدود روسيا الإتحادية او حلفائها في المنطقة، وإيقاف محاربة روسيا ومصالحتها والعودة للحلول السياسية الوسطية بين روسيا بوتين ومن يمثل أوكرانيا مستقبلا وبالطرق السلمية والتي تضمن وتعترف بحق شعوب الجمهوريات الأربعة بالإنضمام إلى روسيا والإعتراف بمطالبهم الشرعية، وبهذه الحلول الوسطية تنتهي الحرب الدائرة وتوصل الإتحاد الأوروبي والشعب الأوكراني إلى بر الأمن والآمان وفي كل المجالات السياسية والإقتصادية والغذائية ومصادر الطاقة والعسكرية والثقافية وحتى الإجتماعية والجغرافية، وعدا ذلك فإن أوروبا تحفر قبرها بيديها وستزداد أزماتها المتنوعة والمختلفة ومخاطرها في المدى القريب والبعيد، فهل نرى حكماء أوروبا يسيرون بتلك الحلول الوسطية في الأشهر القادمة...؟ 


أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي...

كاتب ومحلل سياسي...

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022

حركة المستقبل الليبية والخروج من التيه !!


 

شغلتني كقومي عربي أولا وباحث ثانيا تلك الأحداث الدامية التي شهدتها الساحة العربية الليبية منذ مطلع العام 2011 وحتى الآن, لذلك ومنذ انطلاق موجة الربيع العربي المزعوم في تونس ثم مصر ثم اليمن ثم ليبيا وأخيرا سورية, كنت من المتابعين بدقة للأحداث وكان القلق والخوف يمتزج بالريبة والشك فيما يحدث, لذلك لم تنزلق أقدامي مع من اعتبرها منذ اللحظة الأولى ثورة سواء من القوميين أو الباحثين, وإذا كان هناك عذرا للقوميين المتحمسين للتغيير, فإن ذلك لا يمكن أن يكون مسموحا به للباحثين خاصة في علمي الاجتماع  والسياسة, ذلك لأن الباحثين لا يجب أن تأخذهم العاطفة لذلك تغلبت عقلية الباحث عندي على عاطفة القومي الحالم بالتغيير والمتطلع لوطن عربي موحد تحت راية المشروع القومي العروبي المقاوم, ومنذ اللحظة الأولى لزوال المفاجأة بدأت في التفكير في لحظة الانفجار المشتركة والشعارات المتطابقة وأساليب التصعيد المتشابهة, والنتائج التي يمكن أن يفض إليها هذا الحراك الجماهيري.


وبالطبع كانت ليبيا العربية واحدة من هذه الدول الخمس التي كانت محط اهتمامي البحثي, وبعد أيام قليلة كنت قد وضعت يدي على الدوافع الرئيسية للحراك الجماهيري غير المبرر في الحالة الليبية وهو المؤامرة الخارجية, فقد كان مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد يستهدف ليبيا العربية ضمن مجموعة الجمهوريات المستهدفة, وما زاد من قلقي على ليبيا أنها أولا واحدة من الدول العربية ذات التوجه القومي العربي, وثانيا هى دولة متاخمة لمصر وبالتالي عدم استقرارها يعني تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري, وما أكد رؤيتي المبدئية هو تدخل حلف الناتو في ليبيا وبقوة حيث قصفت ليبيا بوحشية لمدة ثمانية أشهر كاملة حتى تمكنوا من إعلان سقوطها باغتيال قائدها الشهيد معمر القذافي الذي فضل المقاومة والاستشهاد على الخضوع والخنوع والاستسلام, وفي هذه الأثناء كنت أتواصل مع أصدقائي الليبيين من المثقفين والسياسيين ونحاول تفسير ما يحدث, وبعد مرور عدة سنوات تمكنت من القيام بدراسة علمية اعتمدت على منهجية دراسة الحالة لبعض المثقفين الليبيين أكدت نتائجها وجهة نظري المبدئية حيث أكدت أن ما حدث هو مؤامرة خارجية استخدمت بعض القوى والعناصر الداخلية, وتجسدت أهم مظاهر مرودوها الاجتماعي في هدم البناء الاجتماعي للمجتمع الليبي, وانتشار الفوضى, ومردودها الاقتصادي في فقدان القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية للموطنين, وسرقة ونهب ثروات الشعب, والمردود السياسي في تدمير مؤسسات الدولة, وانتشار الجماعات التكفيرية الإرهابية, وتفشي فوضى السلاح, وهذه النتائج جعلتنا نؤكد وبقوة ووفق القرائن العلمية أن الحراك الجماهيري في ليبيا العربية أبعد ما يكون عن الثورة من حيث دوافع نشأتها, والقوى المحركة لها, ومردودها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي, فالثورة وفقا لرؤيتنا هي ذلك " الحراك الجماهيري الذي يحدث تغييرا جذريا ايجابيا في بنية المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية " أما ما حدث في ليبيا فهو تدمير كامل لبنية المجتمع الليبي.


وعبر سنوات الأزمة كنت أتابع الأحداث والتطورات وأبحث في غمار ذلك عن طريق للخروج من ذلك التيه والدوامة التي غرقت فيها ليبيا العربية, وكانت شلالات الدم وفوضى السلاح وتعدد القوى الخارجية المتكالبة على نهب ثروات الشعب الليبي تؤكد كل يوم أن ليبيا ذاهبة إلى ما أراد لها العدو الأمريكي من تقسيم وتفتيت, وأن كل المحاولات الوهمية التي تقوم بها الأمم المتحدة لا يمكن أن تسفر عن نتيجة ايجابية لعودة ليبيا إلى حالة الاستقرار التي كانت تعيشها قبل العام 2011 خاصة وأن الأمم المتحدة كانت ألعوبة في يد العدو الأمريكي حيث انتزع منها قرار بغزو الناتو لليبيا, كما حدث ذلك أيضا وللأسف الشديد مع الجامعة العربية مسلوبة الإرادة, وفي مطلع العام 2015 وبعد خروج مصر من النفق المظلم لمؤامرة الشرق الأوسط الكبير أو الجديد والتي كانت مصر تمثل فيها الجائزة الكبرى, زارني في مصر الصديق القومي العربي الدكتور عبد الهادي الحويج وكان وقتها يقيم في المغرب, وجاء الرجل وهو يحمل مشروع لإنقاذ ليبيا وكان يحمل بين يديه أوراق بتأسيس حركة المستقبل الليبية وبدأنا نتواصل مع كل الفرقاء الليبيين بالقاهرة القابلين للحوار وعقدنا جلسات مطولة للنقاش للبحث عن طريق لإنهاء الأزمة والخروج من التيه, وتعددت الزيارات وأصبحت القاهرة أحد المحطات الرئيسية التي يستريح بها عبد الهادي الحويج قبل عودته إلى ليبيا, وفي كل زيارة للقاهرة كان الرجل يبهرني بقراءته الواعية للمشهد الليبي ولما لا فهو إلى جانب حصوله على درجة الدكتوراه في القانون الدولي فهو حاصل على ماجستير في علم الاجتماع وهو ابن المجتمع القبلي المتفاعل مع كل مكوناته ويدرك كل خصائصه ويعلم جيدا مميزاته وسلبياته, وفي أحد زيارته المبكرة طرح فكرة المصالحة الوطنية الشاملة كمدخل لإنهاء الأزمة.


وفي منتصف العام 2018 بزغ نجم حركة المستقبل الليبية التي رفعت شعار " حوار – سلام – تنمية " كما اعتمدت اللون الترابي كلون أساسي لشعار الحركة إيمانا بأهمية الوطن وتراب الوطن اللذين من أجلهما يجب أن يتنازل الجميع عن الانا ويكون الوطن هو الهدف الذي يجب المحافظة عليه, وأكدت الحركة منذ اللحظة الأولى أنها " لا تعمل لمصلحة فرد أو جماعة أو قبيلة أو أجندة خارجية, بل تؤمن أن ليبيا لكل الليبيين الذين دفعوا ضريبة غالية منذ بداية الأزمة " وأكدت أيضا " أنها حركة سياسية مدنية تؤمن بالعدالة الاجتماعية, والحريات العامة, وحقوق الانسان, والمساواة بين الجنسين, وأن مستقبل ليبيا يحدده الليبيين وحدهم عبر مصالحة وطنية شاملة, وجمع ونزع السلاح, وسيادة دولة القانون والمواطنة والمؤسسات ", وهذه المبادئ الحاكمة لحركة المستقبل هي ثوابت لا يمكن التنازل عنها بأي شكل من الأشكال, وأن أي جهة أو أي تيار يؤمن بالعنف أو يدعو له لا يمكن أن تتفق معه الحركة تحت أي مسمى أو أي إطار.


وفي فبراير 2019 تم اختيار عبد الهادي الحويج رئيس حركة المستقبل الليبية وزيرا للخارجية ضمن الحكومة المؤقتة وتفاءلنا كثيرا أن يأتي رجل قومي عربي ضمن حكومة تسعى لإخراج ليبيا من عثراتها, واستمرت جهود الرجل في الدعوة لمشروع المصالحة الوطنية الشاملة على الرغم من أنه أحد أولياء الدم, وشاركت معه في هذه الأثناء في مؤتمر تحت عنوان " المصالحة الوطنية الليبية .. أي مصالحة نريد ؟ ", ومن خلال هذا المؤتمر طرحت خارطة الطريق التي أراها حتمية لإنهاء الأزمة الليبية والخروج من التيه وتتلخص في ثلاثة خطوات هي ( مصالحة وطنية شاملة – تكوين جيش وطني موحد لمواجهة المليشيات المسلحة وجمع السلاح – بناء مؤسسات الدولة وعقد الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية ), وعندما خرج عبد الهادي الحويج من الوزارة في مارس 2021 لخوض الانتخابات الرئاسية الليبية توقعت عدم اكتمالها وهو ما تحقق لمخالفاتها مسار خارطة الطريق التي رسمتها, عاد عبد الهادي الحويج يعمل من جديد ضمن حركة المستقبل الليبية التي تؤمن بأن الخطوة الأولى لإنهاء الأزمة والخروج من التيه هو عقد المصالحة الوطنية الشاملة, وهو ما يجعلنا ندعو كل الفرقاء الليبيين بالتوحد خلف هذه الدعوة المخلصة, اللهم بلغت اللهم فاشهد.   


بقلم/ د. محمد سيد أحمد