تابعت الجرائد التركية والأميركية باهتمام القصف الذي تعرَّضت له السفينة التركية «تونا-1» قبالة سواحل درنة أمس الاثنين، وكان سلاح الجو الليبي استهدف السفينة على بعد 16 كلم من سواحل درنة، بعد خرقها الحظر المفروض من رأس التين وحتى رأس الهلال ورفضها الاستجابة لتعليمات السلطات الليبية.
حرب الوكالة تعمق الصراع
رأت جريدة «فاينانشيال تايمز» الأميركية، أمس الاثنين، أن الإدانة التركية للحادث، هي إشارة إلى إمكانية توسع القتال في ليبيا لجذب أطراف خارجية.
وأشار تقرير الجريدة إلى أن الحادث الأخير يكشف إلى أي مدى أصبحت تركيا قوة عدائية في نظر الأطراف الخارجية الداعمة للحكومة الموقتة في ليبيا. وأكد التقرير أن الوضع قد وصل إلى حرب بالوكالة بين الأطراف التي تدعمها مصر والإمارات أو قطر وتركيا.
كما تناولت جريدة «وول ستريت جورنال» الأميركية تفاصيل حول الحادث، وفق رواية كل من الخارجية التركية والسلطات الليبية، منوهة إلى أن قصف السفينة أشعل تبادل الاتهامات بين البلدين، مما يؤشر على تراجع العلاقات بين ليبيا وتركيا «اللتين كانتا مقربتين في وقت ما» وفق التقرير.
خلفيات أخرى للهجوم
تناول موقع جريدة «توداي زمان» سياسة تركيا تجاه ليبيا من خلال الحادث، وذلك في تقريرها الإخباري المنشور أمس الإثنين، الذي رأت فيه أن حادث السفينة هو علامة أخرى على السياسة الخارجية التركية المعيبة في المنطقة.
ووصف التقرير السياسة الخارجية لتركيا بأنَّها «مربكة» وتركت الكثيرين في المجتمع الدولي وسط حيرة، وضربت مثالاً على ذلك بدعمها العام الماضي الرئيس السابق لما يعرف بـ«حكومة الإنقاذ الوطني»، عمر الحاسي.
في حين دان الدبلوماسي السابق رئيس مركز دراسات السياسة الخارجية والاقتصادية التركي سنان أولجن، الحادث قائلًا: «لا تقصف أي حكومة مسؤولة سفينة مدنية في المياه الدولية، خصوصًا أنه لم يكن هناك صراع بين الحكومتين»، وأشار إلى أن الهجوم يؤكد عدم اعتراف الحكومة الليبية بالقانون الدولي وكذلك فقدانها شرعيتها.
كما دان نائب رئيس حزب «الشعب الجمهوري» المعارض في تركيا، فاروق أوغلو، القصف، مشيرًا إلى منافاته الإنسانية واختراقه القوانين الدولية، مؤكدًا ضرورة فهم الخلفية وراء الحادث.
ولفت التقرير إلى تصريح الناطق باسم القيادة العامة للجيش، الرائد محمد حجازي، إلى وكالة «رويترز» بأنَّ السفينة قُصِفت على بعد نحو 10 كلم من ساحل درنة.
إدانة رسمية
تناول موقع جريدة «حريت» الضوء على الإدانة الرسمية التركية في البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية أمس الذي أكد أن القصف حدث في المياه الدولية وأن تركيا تحتفظ لنفسها بحق المطالبة بالتعويض، كما سلطت الضوء على تأكيد ليبيا أنَّ القصف حدث بعد تحذير السفينة من الاقتراب من الساحل الليبي.
ونقلت الجريدة عن البيان أن السفينة «تونا-1» كانت تحمل شحنة من الألواح الصخرية تنقلها من إسبانيا عند قصفها، مشيرًا إلى أنَّه تمَّ قصف السفينة جوًّا مرتين عند محاولتها مغادرة المنطقة. وأكد مسؤولٌ للجريدة خلو المنطقة من أي سفن تركية أخرى.
ولم يحدد البيان هوية المسؤولين عن القصف، وطالب باتخاذ الإجراء القانوني ضدهم في إطار عمل الأمم المتحدة وقوانين مجلس الأمن. وطلبت السلطات التركية توضيحًا من نظيرتها الليبية وأرسلت اعتراضها الدبلوماسي إلى القنصلية الليبية في إسطنبول والسفارة الليبية في أنقرة.
وأخذت تركيا خطواتها الدبلوماسية أمام الأمم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية، كما أشارت الوزارة في البيان إلى أن الهجوم هو: «مثال جديد على اختراق القانون الدولي ممَّن سبق أن ضربوا بنى تحتية مدنية مثل الموانئ والمطارات الليبية»، كما أشار إلى أن الهجوم يهدد الأمن والملاحة في البحر المتوسط.
تهديد للأمن
وتُظهر الرواية الليبية جانبًا آخر وهو عدم استجابة السفينة بعد خرقها الحظر المفروض من الجيش على المنطقة الواقعة بين رأس التين شرق درنة وحتى منطقة رأس الهلال غرب درنة، مما أدى إلى قصفها ومقتل أحد البحارة وإصابة أفراد من طاقمها.
وكانت غرفة عمليات سلاح الجو حذَّرت في الخامس من مايو الجاري جميع القطع البحرية وزوارق الصيد من الإبحار قبالة الشواطئ الممتدة من رأس التين شرقًا إلى رأس الهلال غرب مدينة درنة.
وسبق أن أكدت غرفة عمليات القوات البحرية عبر الموقع الرسمي للحكومة الموقتة أن كل السفن والقطع البحرية التي تبحر في هذا المجال ستكون أهدافًا مشروعة لنيران القوات الجوية.
ونفى مصدرٌ بالجيش لـ«بوابة الوسط» تصريحات وزارة الخارجية التركية بشأن ضرب السفينة أثناء محاولتها الابتعاد مشيرًا إلى أنَّ السفينة واصلت تقدمها لتصل إلى مسافة عشرة أميال قرب سواحل درنة.