بدأت الحرب الكونية على سورية منذ سبع سنوات بالتمام والكمال, ومنذ اللحظة الأولى ونحن نكتب ونحلل ونحذر ونحاول أن نكشف أبعاد المؤامرة على الدولة العربية السورية, التي شكلت صداعاً مزمناً في رأس العدو الأمريكي الذي فرض سيطرته وهيمنته الاستعمارية الجديدة على كل الدول العربية تقريباً بنسب متفاوتة, ما عدا هذه الدولة التي لم يتمكن من إذلالها وتركيعها كما فعل مع غيرها من بلدان المنطقة.
فظلت الدولة العربية الوحيدة المحتفظة بكامل سيادتها, فشعبها يأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع وقد اقترب من الاكتفاء الذاتي, هذا إلى جانب أنها الدولة العربية الوحيدة التي لا توجد عليها ديون خارجية، وظلت محتفظة بقرارها السياسي وحق جيشها في خوض معركة تحرير مع العدو الصهيوني, وبالطبع لم تفلح معها كل محاولات التغريب والتشويه الثقافي نظراً لتجربتها الفريدة في تعريب العلوم, فظلت محافظة على الهوية الحضارية العربية, والمدافع الأول عن المشروع القومي العربي المقاوم.
وكنا نقول في وقت مبكر إن الأصيل في هذه الحرب على سورية هو العدو الأمريكي وحليفه الصهيوني, وإن هذه الحرب تستهدف مكونات الدولة الأربعة وهي: الأرض والشعب والجيش والقائد, حيث تستهدف تقسيم وتفتيت الأرض, وتمزيق وحدة النسيج الاجتماعي للشعب, واستنزاف قدرات الجيش وإضعافها إلى أقصى درجة ممكنة, و«الإطاحة» بالقائد الشجاع الذي لا يلين وغير القابل للمساومة أو البيع والشراء أو التخويف والتهديد, وبالفعل بدأت الحرب الكونية ومنذ اللحظة الأولى، وهي تتحرك على المحاور الأربعة، لكنْ هيهات أن تنال من وحدة الأرض وتماسك الشعب وبسالة الجيش وصلابة القائد.
وتمكنت الدولة السورية عبر السنوات السبع الماضية من تفكيك مشروع المؤامرة عليها وعلى الأمة العربية كلها, فالعقيدة الراسخة لدى سورية، شعباً وجيشاً وقائداً، أنهم لا يخوضون هذه الحرب دفاعاً عن التراب الوطني السوري فحسب، بل يخوضونها نيابة عن الأمة العربية كلها بل دفاعاً عن شرف وكرامة كل مواطن عربي شريف يعيش فوق هذه الأرض, ومن هنا رسمت سورية استراتيجياتها لمواجهة المشروع الاستعماري الغربي, فهي رأس الحربة في المشروع القومي العربي المقاوم الذي يشكل البديل للمشروع الاستعماري, وهزيمة سورية هي هزيمة لمشروع وليس لبلد.
وحاول العدو الأمريكي أن يوهم العالم أجمع عبر سيطرته على الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تعمل طوال الوقت على نشر الأكاذيب, بأن هناك «ثورة» في سورية, ومع الوقت وانكشاف هذا الادعاء الكاذب, حاول أن يقنع الرأي العام العالمي بأن «الثورة السلمية تحولت إلى ثورة مسلحة نتيجة ما مورس ضدها من عنف», وعندما كشف زيف الادعاء الجديد, قام بالاعتراف بأن بعض الجماعات والتنظيمات التكفيرية الإرهابية قد انضمت إلى «الثوار» لدعمهم, ولم يصمد هذا الادعاء طويلاً, حيث اختفى «الثوار» وتحولوا إلى «معارضة» في الخارج تجلس في فنادق الخمس نجوم في بعض العواصم حول العالم, وتالياً أصبح العدو الأمريكي يدافع عن الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي هزمت على يد الجيش العربي السوري, ووجد العدو الأمريكي نفسه في مأزق شديد.
فقرر أن يخوض الحرب بنفسه لكنه لم يعد يستطيع أن يقدم مبرراً أمام الرأي العام العالمي, وعجز عن انتزاع قرار من مجلس الأمن بالتدخل العسكري في سورية, ولم تكن حجة الكيماوي المزعوم محكمة أو مقنعة, وكانت الدولة السورية قد تمكنت من عقد تحالف استراتيجي مع روسيا التي وقفت كالصخرة في مواجهة البلطجة الأمريكية سواء على المستوى الميداني أو على المستوى السياسي فكان الفيتو الروسي جاهزاً دائماً لإفشال مساعي العدو الأمريكي العدوانية, وجاء العدوان الأخير ليؤكد انتصار سورية على العدو الأمريكي.
لكن العجيب حقاً أن العدو الأمريكي لم يكل ولم يمل من محاولات تزييف الرأي العام العالمي, فتجدهم يقولون إنهم سيسحبون قواتهم من سورية, وهنا يعتقد الرأي العام أن المقصود هو القوات الأمريكية الموجودة ضمن التحالف الدولي المزعوم لمحاربة «داعش», وهي بالطبع قوات محدودة العدد، لذلك يجب على الرأي العام العالمي أن يدرك أن قوات العدو الأمريكي الموجودة على الأرض السورية هي كل إرهابي قام بحمل السلاح في مواجهة الجيش العربي السوري.
واستمراراً في نشر الأكاذيب يحاول العدو الأمريكي أن يوهم الرأي العام العالمي بأنه سينسحب بقواته وسوف يتم استبدالها بقوات عربية, وهو وهم جديد يحاول أن يقنع به الرأي العام، عن أي قوات عربية يتحدث العدو الأمريكي, القوات العربية موجودة منذ اللحظة الأولى وأغلبية الدول العربية شارك منها إرهابيون في الحرب على سورية, ولدينا قائمة في أعدادهم منذ بداية الحرب الكونية على سورية في العام 2011 وحتى نهاية العام 2017، وكان أكثرهم من السعودية 27600 إرهابي وأقلهم من الكويت 2100 إرهابي ( دراسة دورية تصدر سنوياً منذ 2011 عن مركز فيريل الألماني للدراسات ).
ومن خلال تأملاتنا في الحرب الكونية على سورية يمكننا القول إن العدو الأمريكي لن يكف عن أكاذيبه, ولن يوقف هذه الحرب الكونية, لأنه هو الرابح الأول منها رغم كل هزائمه سواء الميدانية أو السياسية, فقواته العسكرية لم تشارك فعلياً في الحرب, لكن القوات المرتزقة التي جاء بها من كل أصقاع الأرض هي من تخوض الحرب بالوكالة وتباد على أيدي الجيش العربي السوري, والأسلحة والمعدات الحربية المستخدمة تأخذ أمريكا حقها مقدماً من الرجعية العربية الخائنة والعميلة الممولة للحرب بأموال النفط الحرام, فلماذا إذاً توقف الحرب وتسحب قواتها من الجماعات والتنظيمات الإرهابية, المؤكد أن الكلمة الفصل في هذه الحرب الكونية على سورية هي لطرفين: الأول، هو الجيش العربي السوري البطل الذي يجفف كل منابع الإرهاب على الأرض السورية, والثاني، هو الشعب العربي في الخليج الذي تستنزف أمواله في هذه الحرب, فإذا كنا على ثقة باستمرار الجيش العربي السوري في خوض المعركة إلى النهاية, فإن ثقتنا ليست كاملة في قدرة الشعب العربي في الخليج لإقناع حكامه أو إجبارهم على إيقاف عملية التمويل, اللهمَّ بلغت اللهمَّ فاشهد.