اخبار ذات صلة

الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021

مهزلة الانتخابات الليبية !!

 



منذ أعلن قبل شهور عن إجراء الانتخابات الليبية في 24 ديسمبر الحالي وأنا أشكك في إمكانية إجراءها, في ظل هذه الأوضاع المضطربة بالداخل الليبي, ومع اقتراب الموعد كانت الشكوك تزداد, ويشهد على موقفنا ذلك اللقاءات التليفزيونية والأحاديث الإذاعية والتصريحات الصحفية والمقالات التي نشرت على نطاق واسع في العديد من الصحف والمواقع العربية, وعندما أعلن رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح فتح باب الترشيح للانتخابات الرئاسية في يوم 8 نوفمبر الماضي على أن يستمر تلقي الطلبات حتى 22 نوفمبر كنا نتابع الأخبار يوما بيوم بل ساعة بساعة وكانت المؤشرات جميعها لا تبشر بخير.


 فعند غلق باب الترشيح كانت المفوضية قد تلقت 98 طلبا للترشيح, وهو ما أصاب المتابعين بدهشة كبيرة دولة صغيرة مثل ليبيا وعدد ناخبين لا يتجاوز الثلاثة ملايين تشهد كل هؤلاء المرشحين وكأنها انتخابات نيابية أو محلية وليست انتخابات رئاسية على مقعد واحد فقط, وبالطبع ارتفاع عدد المرشحين يصعب المسؤولية على المفوضية العليا للانتخابات خاصة في عملية فحص الطلبات للتأكد من سلامة الشروط القانونية للترشح على جميع المرشحين حيث كانت المدة المحددة يومين فقط, وبالفعل في 24 نوفمبر أعلنت مفوضية الانتخابات الليبية عن قائمة أولية تضم 73 مرشحا للانتخابات الرئاسية, بالإضافة إلى قائمة أخرى تضم 25 مرشحا مستبعدا لعدم استيفاء شروط الترشح, وأعلنت المفوضية في بيان لها أن فترة الطعون في إجراءات وقرارات المفوضية للمرشحين الذين تم قبولهم أو رفضهم يكون خلال المدة القانونية المحددة (12 يوما).


وخلال فترة الطعون شهدت الساحة الانتخابية مهازل كبرى ضد أبرز المرشحين كان أشهرها, قيام المفوضية باستبعاد سيف الإسلام القذافي المرشح صاحب الحظوظ الأكبر بذريعة وجود حكم قضائي نهائي عليه, وهو ما يخالف الواقع حيث كان قد صدر ضده حكم غيابي بالإعدام من محكمة طرابلس في عام 2015 وهو حكم أولي غير بات سبق الاستئناف عليه ولم يصدر به أي حكم نهائي حتى الآن, لذلك قضت محكمة سبها بقبول طعن سيف الإسلام القذافي وأصدرت حكما ببطلان قرار استبعاده من السباق الانتخابي, وخلال تداول الطعن حوصرت المحكمة من المعارضين لترشحه لمنع القضاء من إصدار هذا الحكم, ولم تتوقف المهزلة عند هذا الحد بل أن مجلس المفوضية قام باستئناف الحكم لترد محكمة استئناف سبها يوم 2 ديسمبر بحكم نهائي بات بقبول الطعن المقدم من سيف الإسلام القذافي وإلزام المفوضية بإعادته إلى السباق الرئاسي.


ولم تتوقف المهزلة عند سيف الإسلام القذافي بل انتقلت للمرشح الثاني الأبرز وهو المشير خليفة حفتر حيث قضت المحكمة الابتدائية بمدينة الزاوية الليبية مساء يوم 30 نوفمبر باستبعاده من السباق الانتخابي, ورفضت محكمة استئناف طرابلس يوم 6 ديسمبر حكم الطعن الصادر ضد المرشح خليفة حفتر من محكمة الزاوية الابتدائية لعدم اختصاصها المكاني في نظر الدعوى, وبناء على هذا الحكم عاد المشير خليفة حفتر للسباق الرئاسي.


وانتقلت المهزلة لتطول المرشح الثالث الأوفر حظا عبد الحميد الدبيبة حيث أعلنت لجنة الطعون الابتدائية بمحكمة استئناف طرابلس يوم 28 نوفمبر قبول الطعن ضده وإلغاء قرار المفوضية بشأن ترشحه, وذلك بعد تلقي المحكمة طعنين ضده, لكن لجنة الطعون الاستئنافية في محكمة طرابلس قضت برفض الطعنين المقدمين ضد عبد الحميد الدبيبة وعودته للسباق الرئاسي.


ولم تتنهي المهزلة عند الطعون التي حسمتها ساحة القضاء الليبي بل أن الساحة المجتمعية شهدت عدة احتجاجات ورفض لأبرز المرشحين, حيث شهدت عدة مراكز انتخابية غرب ليبيا ( الزاوية – غريان – الخمس – زليتن ) اقتحام وإغلاق من قبل أفراد وجهات رافضة لترشح كل من سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر واعترض المحتجين على قانون الانتخابات الذي مرره البرلمان الليبي, وأعلن المجلس البلدي لمدينة مصراتة عن أن المقر الفرعي للانتخابات شهد وقفة احتجاجية رفض من خلالها إجراء الانتخابات في صورتها الحالية المعيبة كما وصفوها واتهموا مفوضية الانتخابات بالتآمر على الشعب الليبي وطالبوها بالاعتذار.


وانتقلت المهزلة للساحة السياسية حيث دعا خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا إلى مقاطعة الانتخابات احتجاجا على السماح بترشح من أطلق عليهم لقب ( المجرمين ) في إشارة لسيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر اللذين يعتزمان خوض السباق الرئاسي, ودعا الصادق الغرياني مفتي المجلس الوطني الانتقالي المؤقت من مقر إقامته في تركيا إلى إغلاق المفوضية ومنع الانتخابات ولو ( بقعقعة السلاح ).


ولم تقف المهازل عند هذا الحد بل أن بعض المتظاهرين المحسوبين على المليشيات المسلحة قد قاموا باقتحام مقر المفوضية العليا للانتخابات بالعاصمة طرابلس في محاولة للاعتصام بها رفضا للانتخابات, وعلى الرغم من انتهاء فترة الطعون إلا أن المفوضية العليا للانتخابات لم تصدر بعد القائمة النهائية التي ستخوض السباق الانتخابي, وبالطبع لم تعطي إشارة انطلاق الحملات الدعائية للمرشحين, ولم يتحدد موعد الصمت الانتخابي على الرغم من أننا أصبحنا على مرمى حجر من يوم 24 ديسمبر الموعد المحدد للاستحقاق الرئاسي, وهناك أصوات تطالب بالتأجيل, وهو ما يثبت صحة وجهة نظرنا من البداية بأن هذا المسار لا يمكن أن يفض لحل الأزمة الليبية, وأن المجتمع الدولي والفاعلين على ساحته ليسوا جادين في إنهاء تلك الأزمة, ولابد من حلول بعيدة عن أصحاب المطامع في ثروات الشعب العربي الليبي, اللهم بلغت اللهم فاشهد.


د. محمد سيد أحمد

الاثنين، 20 ديسمبر 2021

دعوة الشيخ عبدالرب النقيب لشعب الجنوب لمساندة الهبه الشعبيه الحضرمية


          بسم الله الرحمن الرحيم 


وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ ۚ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍۢ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.  صدق الله العظيم 


لقد تابعنا عن كثب طيلة الايام الماضية ما تشهده محافظة حضرموت من بطولات وتحدي وثبات  من اجل احقاق الحق واسقاط الباطل والظلم والنهب والاستنزاف الذي كانت ومازالت تمارسه القوى اليمنية الباغية ضد حضرموت الارض والإنسان. 

واننا لا نستغرب ان يعلن وينفذ الحضارم هبتهم الشعبية الثانية المباركة  لطالما كانوا منذ أن وجدت البشرية خير مناصر للحق وخير داعي للعدالة وخير نبراس للإسلام والسلام. 

لقد طال صبر ابناء حضرموت ضد سياسات التهميش والاقصاء والتشريد والتجويع والإرهاب وسياسات طمس الهوية التي مارسته سلطات اليمن منذ ١٩٩٠ فكان لابد ان تأتي هذة اللحظة التي يعلن من خلالها الرجال الميامين قدرتهم الفعلية على السيطرة على الارض وحماية ثرواتهم وخوض المواجهة ضد السياسات القمعية التدميرية لقوى الارهاب والفيد اليمنية التي تهدف الى وأد حضرموت التاريخ والحاضر والمستقبل. ولذا فقد وجب على كل ابناء حضرموت الى التداعي السريع لرص الصفوف وتوحيد الجهود لإنتزاع أرضهم وثرواتهم.

اننا وبكل فخر وانطلاقاً من موقفنا الوطني المناصر دائماً وابدا لشعب الجنوب، نؤيد ونبارك جهود وتضحيات وصمود ابناء حضرموت الابطال البواسل ونشد على اياديهم وندعو شعب الجنوب العظيم الى مناصرة الهبة الحضرمية  والى دعم تمكين الحضارم من ارضهم وثرواتهم دعما كاملا سواء كان الدعم مادياً او اعلامياً او شعبياً وجماهيرياً.

 كما اننا نناشد الأشقاء في دول التحالف العربي الى ردع عصابات صنعاء  بشقيها الحوثية والإخوانية و بكل مسمياتها المختلفة شكلاً والمتحدة مضموناً ضد الجنوب وشعبه وضد التحالف العربي وعلى رأس تلك العصابات معسكرات القوات اليمنية في حضرموت التي تتجسد مهمتها الحتمية في التوجه للجبهات لمواجهة الحوثي وتحرير صنعاء بدلا من المكوث على ارض حضرموت لممارسة القمع والارهاب ونهب الثروات.

    المرجعية الجنوبية 

الشيخ عبدالرب بن احمد ابوبكر النقيب شيخ مشائخ الموسطة ونقيب يافع عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي .

حرب باردة على مسارح ساخنة بقلم عبد الحليم قنديل

 


    وكأن التاريخ يعيد نفسه ، كاتب روسى اقترح حلا لوقف استفزاز أمريكا لبلاده عبر "أوكرانيا" ، ودعا للتفكير فى إقامة قاعدة صواريخ روسية فى "كوبا" ، وكأنه يريد استعادة ما جرى أوائل ستينيات القرن العشرين ، حين وقف العالم على أطراف أصابعه ، وكادت أزمة "خليج الخنازير" تشعل حربا نووية ، ووصل التوتر إلى مداه بين أمريكا والاتحاد السوفيتى وقتها ، ولم تنزل الأصابع عن الأزرار النووية ، إلا بعد التوصل إلى تسوية وتراجع متبادل ، ألغت أمريكا بمقتضاه عملية غزو "كوبا" الشيوعية ، وسحبت موسكو صواريخها النووية الاستراتيجية من قاعدتها المتقدمة فى "كوبا" .

  وظلت "الأزمة الكوبية" مثالا كلاسيكيا تجرى العودة إليه ، وبدواعى التحذير من مخاطر انفلات جامح على القمة الدولية ، ونشوب حرب نووية تدمر العالم كله عشرات المرات ، خصوصا مع عودة الحرب الباردة الجديدة ، ونشوء مسارح ساخنة على خرائطها ، وتطور استقطاب دولى جديد ، ظلت أمريكا والغرب طرفا فيه ، بينما الطرف المقابل يضم روسيا والصين اليوم ، وبقدرات تدمير نووية مضاعفة آلاف المرات ، قياسا إلى ما كان فى قصة "كوبا" الشهيرة ، وعلى مسارح ساخنة لصيقة بالصين وروسيا ، من "تايوان" إلى "أوكرانيا" ، وبدرجات أقل على مسارح أبعد فى "إيران" و"أثيوبيا" ، بينما توارى حضور "كوبا" ، التى ظلت على علاقة جيدة مع روسيا والصين ، لكنها لا تملك اليوم ترف المجازفة بالتورط فى الصراع الكونى المستجد ، وتحرص على مد جسور مع جارتها الأمريكية ، قد تساعد فى تفريج الكروب الاقتصادية .

  فى "أوكرانيا" ، يبدو المسرح الملتهب ، كأنه استعادة لما كان بين موسكو وواشنطن ، مع فارق ملموس مرئى ، هو أن الخطر اليوم على حدود روسيا لا حدود أمريكا ، وقد كانت "أوكرانيا" من جمهوريات الاتحاد السوفيتى قبل تفككه ، وكسبت استقلالها أوائل تسعينيات القرن العشرين ، وعلى الخرائط ، تبدو أهمية أوكرانيا الحاسمة ، فهى أوسع دول أوروبا مساحة بعد روسيا نفسها ، وامتدادها غرب روسيا ومعها على سواحل "البحر الأسود" و"بحر أزوف" ، لا يجعل موسكو مستعدة لتهاون ولا تسامح ، ولا قبول سعى حلف الأطلنطى لضم أوكرانيا إلى عضويته ، وتقدم شبكات الصواريخ الأمريكية الأطلنطية إلى حدود روسيا المباشرة ، وهو ما  يعد "خطا أحمر" وتهديدا وجوديا ، يفسر خشونة التصرفات الروسية العسكرية ، فكما فعلت موسكو مع "جورجيا" من قبل ، وضمت مناطق منها إلى وصايتها ، وحالت دون انضمامها إلى "حلف الأطلنطى" ، فقد كررت موسكو التصرفات نفسها مع "أوكرانيا" ، وأقدمت على ضم شبه جزيرة "القرم" وميناء "سيفاستوبول"بضربة واحدة عام 2014 ، ولم تلق بالا للرفض الأمريكى والأوروبى عالى الصوت ، وتحملت سلاسل العقوبات الاقتصادية المتوالية ، ثم نقلت المعركة إلى داخل ما تبقى من "أوكرانيا" ، فاللغة الروسية معترف بها فى "أوكرانيا" كلغة رسمية ثانية ، ونحو خمس سكان "أوكرانيا" من أصول روسية ، وقد دخلت موسكو طرفا مباشرا فى دعم كيانات انفصالية روسية بمنطقة "دونباس" ، تدير حربا ضد الحكومة الأوكرانية المركزية فى "كييف" سقط فيها عشرات الآلاف ، وتريد هى الأخرى الانضمام إلى روسيا على طريقة "القرم" ، وترعى موسكو مع أطراف أوروبية غربية ما يسمى "اتفاق مينسك" ، الذى يهدف لإقامة حكم ذاتى أوسع لجمهوريات الروس داخل "أوكرانيا" من نوع "دونيتسك" و "لوهانسك" ، ولا تكف موسكو عن وضع "كييف" تحت الضغط ، وتحشد على حدودها مئات آلاف الجنود والمعدات، وتجرى مناورات فى "القرم" وتجارب لصواريخ "اسكندر" المرعبة ، وبرغم نفيها نية اجتياح "أوكرانيا" ، إلا أنها لا تتوقف عن تسريب تهديدات باحتلال "أوكرانيا" حال ضمها لحلف الأطلنطى ، وفى حرب تستغرق أقل من 20 دقيقة ، فى حين أعلنت واشنطن أنها لن ترسل قواتها إلى "أوكرانيا" حال غزوها من روسيا ، وهو ما جعل الرئيس الأوكرانى "فولوديمير زيلينسكى" يعبر عن فزعه ، وعدم ثقته فى جدوى تهديدات الرئيس الأمريكى "جوبايدن" للرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" ، فلم يتغير شئ على الأرض بعد قمة الاتصال المرئى المغلق بين بايدن وبوتين ، ولم تؤثر التهديدات بعقوبات اقتصادية قاسية لموسكو فى قمم السبع الكبار والاتحاد الأوروبى وقيادة حلف الأطلنطى ، وبادرت  روسيا بفرض سيطرتها المباشرة على سبعين بالمئة من "بحر أزوف" ، وطردت السفن الأوكرانية ، فيما أبدت ألمانيا اعتراضها على تزويد حلف الأطلنطى لأوكرانيا بأسلحة متطورة ، وألمانيا هى الطرف الأساسى فى عقوبة الحد الأقصى التى تهدد بها واشنطن ، أى وقف توريد الغاز الروسى لألمانيا وأوروبا عبر خط "نورد ستريم ـ 2" ، وحاجة أوروبا إلى الغاز الروسى ، تبدو أقوى من حمية الدفاع عن أوكرانيا ، وردع تهديدات روسيا ، التى تبدو مستعدة لدفع الصراع إلى الحافة النووية وكسبه بالتخويف .

  وفى "تايوان" ، تبدو القصة أعقد ، فليس لدى القيادة الصينية أدنى رغبة للقبول بانفصال واستقلال نهائى لدولة "تايوان" ، وهى تصر على استعادتها كجزيرة صينية لحضن البر الصينى ، إن سلما أو حربا ، بينما تبدو واشنطن حريصة على استقلال حليفتها "تايوان" ، وتواصل استفزاز بكين بكافة الوسائل ، بفرض العقوبات الاقتصادية التى لا تجدى مع الصين العملاقة ، وبعقد اتفاق "أوكوس" للغواصات النووية مع استراليا ، وبتحريك الغواصات النووية الأمريكية إلى بحر الصين الجنوبى ، وبخرق اتفاق "صين واحدة" الذى أبرمته مع بكين أوائل سبعينيات القرن العشرين ، وباستضافة "تايوان" رسميا فى قمة المائة الديمقراطية التى عقدها بايدن مؤخرا ، لكن بكين ترد بحزم ، وتحظر عمليا دخول الغواصات النووية الأمريكية إلى جوارها البحرى ، وتخوض "حرب ألغام" دمرت بعضها ، ومن دون أى إعلان حربى مباشر ، وتبعث بقاذفاتها النووية الاستراتيجية إلى سماء "تايوان" كل أسبوع ، وتعلن أن غزو "تايوان" وإخضاعها حال الضرورة ، لن يستغرق من قوات الصين سوى نحو سبع دقائق ، وأنها لن تستثنى من القصف قوات أمريكية إن وجدت على أراضى "تايوان" ، وكلها احتمالات خطر ماحق ، خصوصا أن الصين دولة نووية من عقود بعيدة ، وتستخدم فوائضها المالية الفلكية فى تطوير أسلحتها النووية والصاروخية والفضائية ، وبطريقة توحى بأنها قد تصبح القوة العسكرية الأضخم عالميا خلال سنوات ، والأعظم امتيازا بصواريخها فائقة السرعة ، وبتطورها التكنولوجى المتسارع بشدة ، وبخططها لإنشاء نظام مالى عالمى خارج هيمنة الدولار يلغى مفعول عقوبات واشنطن ، وهو ما كان موضعا لبحث جدى فى قمة اتصال مرئى قبل أيام ، جمعت بوتين مع الرئيس الصينى "جين شى بينج" ، ناهيك عن قوة بكين الاقتصادية والتجارية والمالية ، وهى صاحبة أكبر احتياطى نقدى فى العالم ، يقترب حثيثا من سقف الأربعة تريليونات دولار ، و"تايوان" بالنسبة للصين قضية قومية عظمى لا تفريط فيها ، ولا مانع عند بكين من دفع الأمور إلى الحافة النووية من أجل "تايوان" ، بينما لا تبدو واشنطن قادرة على كبح الصين بوسائل الحصار ، وبالضغط العسكرى التقليدى ، ولا المخاطرة بالتورط فى "حرب نووية" لا يفوز بها أحد .

  وعلى مسرح الحروب بالوكالة والأصالة البعيدة عن حدود روسيا والصين ، لا تبدو واشنطن فى وضع يؤهلها الهجوم ، بعد خروجها المخزى مع الحلفاء الأطلنطيين من أفغانستان ، وتعثر دبلوماسية بايدن مع إيران ، ومصاعب التوصل إلى إحياء الاتفاق النووى الإيرانى ، وعبث التلويح بضرب منشآت إيران النووية تحت الأرض ، حتى لو جرى تكليف "إسرائيل" بالمهمة ، التى بافتراض إتمامها ونجاحها جزئيا ، فلا تبدو كفيلة بنيل المطلوب ، فقد راكمت طهران معرفة نووية يعتد بها ، وضرب المنشآت لن يعيقها كثيرا ، وسبيلها إلى القنبلة النووية سالك ، وقد لا تكون روسيا والصين سعيدتان بالقنبلة الإيرانية إذا صنعت ، لكن مقتضيات الحرب الباردة الجديدة تفرض اعتباراتها ، إضافة لأهمية إيران وجغرافيتها ومواردها فى الصراع الكونى المرشح للتفاقم ، وقد لا تغامر موسكو ولا بكين بخوض حرب دفاعا عن إيران ، ولا بدفع الصدام على القمة إلى حرب نووية من أجل طهران ، فإيران ليست "أوكرانيا" ولا "تايوان" ، بل مجرد مسرح يجرى التزاحم والتدافع عليه ، تماما كمسرح "أثيوبيا" التى تعانى من حرب دمار ذاتى شامل ، تحاول الصين دعم أحد أطرافها ممثلا فى حكومة "آبى أحمد" ، وبدواعى الخشية على استثماراتها الهائلة فى "أديس أبابا" ، وقد جرى تدمير وتفكيك ونهب مئات المصانع فى "الأمهرة" و"التيجراى" ، وأغلبها باستثمارات صينية ، وبدا للصين أن الحرب حسمت لصالح حليفها ، بالتفوق الجوى والطيران المسير ، لكن حروب العصابات على الأرض عادت مجددا بعد أيام ، وفى جولات كر وفر وسحق بلا رحمة ، وقد تنتهى فى زمن قريب إلى فناء أثيوبيا وتقسيمها نهائيا ، وبلا مبالاة أمريكية غالبا ، بقدر ما تفرح واشنطن بخسائر الصين وتآكل نفوذها .

Kandel2002@hotmail.com