اخبار ذات صلة

السبت، 23 يوليو 2022

كان هنا عبدالناصر بقلم عبدالحليم قنديل

 

   


 

   برغم مرور سبعين سنة اليوم على 23 يوليو 1952، فإن الثورة التى حملت هذا الاسم ، لم تتحول إلى تاريخ موضوع على الأرفف وفى المكتبات ، بل تحولت إلى مثال معيارى ، تقاس على أساسه تصرفات وسياسات عبث ، هوت بنا من الحالق إلى الفالق ، منذ طوت هذه الثورة آخر أوراقها مع حرب أكتوبر 1973 ، بعد ثلاث سنوات على رحيل رمز الثورة وقائدها جمال عبد الناصر .

   وفى أوائل أكتوبر 1970 ، أى بعد رحيل عبد الناصر الصادم المفاجئ بأيام ، استعاد المرموق "أحمد بهاء الدين" سطورا مما كتب ، وهو من هو فى الطراز الفكرى والمهنى الأرفع ، وصاحب مدرسة "فكر بعمق واكتب ببساطة" ، استعاد "بهاء" وقتها مقالا كان كتبه فى يناير 1970 ، وكان عبد الناصر لا يزال بيننا وأمامنا ، وحمل المقال مع إعادة نشره عنوان "ماذا كان عبد الناصر وماذا سنكون ؟!" ، وجاء فى المقال ـ النبوءة "من النادر جدا فى عالم السياسة ، أن يحدث مثل هذا التركيز المطلق على شخص قائد ، كالتركيز الذى هو حادث اليوم على شخص عبد الناصر ، فالشرق الأوسط منطقة هامة وحساسة ، لا يمكن أن تغفلها أى قوة كبرى من حسابها ، وكل قوة من القوى تحمل فى مخيلتها خريطة تتمناها لهذا الشرق الأوسط ، وتعمل على تحقيقها ، وعبد الناصر يقف كحجر العثرة فى طريق كل من يرسم خريطة من هذا النوع للمنطقة ، هكذا كان منذ سبعة عشر عاما ولا يزال ، القوى الدولية المتصارعة والكتل السياسية هنا وهناك ، فرنسا يوما وانجلترا يوما آخر وأمريكا يوما ثالثا ، وإسرائيل كل يوم ، ومتعلقة كل يوم بذراع من يرسم خريطة للمنطقة تناسب هواه وهواها ، والمشكلة هى زعامة عبد الناصر ، ، ذلك أننا إذا أردنا فى حقيقة الأمر ، أن نلخص دور عبد الناصر إلى أقصى درجات التلخيص ، وأن نلخص الموجة التى دفعها والتى حملته فى نفس الوقت ، لقلنا أن معركته هى معركة من يريد أن تكون الإرادة فى المنطقة العربية إرادة عربية ، والقول فى مستقبل العرب للعرب ، ضد الذين يريدون أن تكون الخيوط المحركة فى المنطقة مربوطة فى النهاية إلى أيد غير عربية ، وإرادات غير عربية (....) وجود عبد الناصر يجعل اللعبة كلها مربوطة به ، ويحجر بالتالى على حرية الذين يريدون أن يلعبوا فى المنطقة ، والقوى الكثيرة التى تريد أن تتخلص منه ، تريد أن تسترد حرية اللعب ، وأن تضع كل منها قواعد اللعبة التى تناسبها ، وهى حرية لا يتمتعون بها فى وجود قيادة عبد الناصر وما تمثله لدى الجماهير العربية (...) يثيرهم أن ترتبط اللعبة فى المنطقة كلها به وهو منتصر ، ويثيرهم أكثر أن ترتبط به وهو غير منتصر ، ذلك أنهم يرون المغزى هنا أعمق والارتباط أقوى ، وهم لايتمنون إلا أن تدب الفوضى ويعم التسيب ، فتنقض الذئاب الغريبة عن المنطقة العربية على القطيع تلتهمه واحدا واحدا" .

   انتهى الاقتباس المطول من مقال "أحمد بهاء الدين" المذهل ، وقد كان الكاتب نفسه من ضحابا نبوءته البصيرة ، حين صحا ذات صباح على مشهد اكتساح دبابات "صدام حسين" لأراضى "الكويت" ، ولم يستطع قلبه المرهف تحمل الصدمة ، فسقط العقل فى متاهة الغياب ، وفى ظلام الغيبوبة الثقيلة لست سنوات متصلة ، انتهت بوفاته فى 24 أغسطس 1996 ، فقد عاش "بهاء" أزمة العراق والكويت نفسها زمن عبد الناصر ، ورأى كيف ردع عبد الناصر قرار الزعيم العراقى "عبد الكريم قاسم" فى غزو وضم الكويت ، تماما كما جرى فى عشرات الأحداث العاصفة الأخرى ، بينها نذر حرب أهلية بلبنان ، مع تدخل الأسطول الأمريكى السادس وقت رئاسة "كميل شمعون" ، وفى منع خطر غزو تركى لسوريا أراده الزعيم التركى "عدنان مندريس" ، والتدخل بالوحدة لحماية الكيان السورى ، وفى اختصار زمن المعاناة اليمنية بالتدخل العسكرى لدعم الثورة ، وفك حصار "صنعاء" الجمهورية ، وفى دعم كل ثورات التحرير فى المنطقة ، وفى الإسناد العفى لثورة الجزائر وتحريرها من الاحتلال الاستيطانى الفرنسى ، وفى التصدى للأحلاف والقواعد العسكرية الأجنبية ، وإسقاط مؤامرات "حلف بغداد" و"الحلف المركزى" ، وفى هزيمة العدوان الثلاثى 1956 وقطع ذيل الأسد البريطانى ، وإطلاق موجة التأميمات الوطنية ، التى استوحت ملحمة تأميم قناة السويس ، التى لم نكن لتعود إلى مصر سلما مع انتهاء فترة الامتياز البريطانى الفرنسى المفروضة إلى عام 1968 ، لو لم يستردها عبد الناصر بقرار التأميم ، ومعه بناء السد العالى ، وإطلاقه لنداء "بترول العرب للعرب" ، وبناء لبنات التعليم والإدارة الأولى فى كل أقطار الخليج ، ولم يكن لذلك كله أن يجرى فى هدوء ، بل تآمرت على عبد الناصر ونظامه كل القوى الراغبة فى الاستيلاء على المنطقة وقرارها ، وكانت حرب 1967 ، التى أسمتها المخابرات الأمريكية "عملية اصطياد الديك الرومى" ، ووقعت الهزيمة الفادحة الخاطفة ، التى تحمل عبد الناصر مسئوليته عنها ، وقرر التنحى ، وأعادته جماهير 9 و 10 يونيو 1967 المليونية الطوفانية المتدفقة تلقائيا ، ليخوض الرجل أعظم ملاحمه ، ويعيد بناء الجيش من نقطة الصفر ، ويقود حرب الاستنزاف ، التى كانت أطول صدام بالنار مع كيان الاحتلال الإسرائيلى وأمريكا من خلفه ، وكونت لمصر وأمتها كوكبة من الجنرالات الذهبيين العظام ، صنعوا معجزة العبور فى حرب أكتوبر 1973 ، التى كان عبد الناصر قد أعد أدواتها وخططها ، وصولا لبناء حائط الصواريخ العظيم ، الذى لم يكن للعبور أن يتم بدونه ، وفى قلب المعركة وابتلاءاتها ، كان سعى عبد الناصر الأخير لإنقاذ منظمات المقاومة الفلسطينية فى حرب الأردن ، ووقف سفك الدماء العربية بالأيدى العربية ، وما إن أتم عبد الناصر دورة حضوره الحى فى التاريخ ، وقد امتد بالقصور الذاتى والتعبئة الشاملة حتى حرب أكتوبر ، وحتى كان ما كان ، من خذلان السياسة لنصر السلاح ، وإحلال الركام محل النظام ، والاندفاع فى تفكيك ركائز التقدم والدور المصرى القيادى ، وانفجار الأوضاع فى المنطقة كلها ، وتوالى سلاسل الحروب الأهلية ، بدءا من حرب لبنان 1975 ، إلى ما شهدناه بعدها ولليوم من خراب ودمار وحروب داخلية فى أقطار عربية ، من الصومال إلى السودان فالعراق وسوريا واليمن وليبيا ، وبالأيادى غير العربية بالشراكة مع العدو ، ومع غياب الإرادة العربية والقرار العربى فى تقرير مصائر المنطقة ، التى تحولت إلى ملاعب دم ونار أشعلها الأقربون والأبعدون من الغرباء .

   لقد قفزنا إلى المجهول المرعب الذى تنبأ به "أحمد بهاء الدين" قبل 52 سنة ، وقتها كتب بالنص "أعرف ساسة ورسميين وأفرادا عاديين فى أقطار عربية شتى ، ليسوا من الملتقين مع أفكار عبد الناصر ، ولم يكونوا دائما من الواقفين معه ، ولكنهم حتى هم فى ساعات الظلام والخطر والغموض ، يجدون أن زعامة عبد الناصر تعنى لهم شيئا ، وتعنى عدم القفز إلى المجهول ، يقول لى مسئول فى ركن قصى صغير من أركان العالم العربى : الأجنبى حين يتعامل معنا ، يحسب الآن حساب أننا من الأمة العربية ، وهذا شئ أوجده عبد الناصر" ، قال "بهاء" قولته قبل وفاة عبد الناصر ، وحين رحل الرمز والقيادة والزعامة الجامعة ، أضاف "بهاء" وصيته الداعية لملء فراغ الرحيل ، وبفقرة قاطعة قال فيها "نقول شيئا واحدا ، أن هذا الدور لابد أن يملأ، ولا يمكن أن تملأه إلا مصر كلها ، لأن فى استمرار هذا الدور حياتها وحياة كل العالم العربى" ، ولا بد أن كلام "بهاء" القديم يذكرك بما يجرى هذه الأيام ، وبأحاديث الرئيس الأمريكى "بايدن" عن ملء فراغ منطقتنا العربية ، وعن ضروروة ألا تترك أمريكا وإسرائيل الفراغ العربى لتزحف إليه روسيا والصين وإيران ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، وتستعاد عظاته ودروسه التى لا تفنى ، حين روجت أمريكا زمن "أيزنهاور" لنظرية ملء الفراغ نفسها فى خمسينيات القرن العشرين ، وأرادت صناعة ما أسمته سلاما ودمجا بين "إسرائيل" ومصر وقتها ، وهو ما رفضته ثورة يوليو بزعامة جمال عبد الناصر ، وأكدت أن المنطقة لأهلها لا لغيرهم ، وصارعت كل المطامع الأجنبية ، وانتقلت من كونها ثورة مصرية إلى ثورة عربية شاملة ، وصعدت بحركة القومية العربية الجبارة إلى أعلى ذراها ، ففى المنطقة أمة واحدة وشعوب متعددة ، تحلم بالحرية والكرامة والتقدم والوحدة ، ويختلف أهلها كما تختلف شعوب الأمم كلها ، لكنها تظل على شعور وسلوك التاريخ الواحد والمصير الواحد ، ولا تترك بين أهلها فراغا يحتله غيرها ، فقد كان هنا عبد الناصر ، وتكون الأمة من بعده إلى وقت نهوض تحلم به .

Kandel2002@hotmail.com

حينما يلتقي الأقوياء... يصمت المحتلين الصهيوغربيين الجبناء...

 


     يوم أمس جرى عقد قمة ثلاثية إستثنائية بين روسيا وإيران وتركيا في طهران بحث خلالها العلاقات الثنائية والثلاثية بين البلدان وفي شتى المجالات للعمل على تمتين تلك العلاقات الإستراتيجية الوثيقة بين البلدان الثلاثة وتطويرها إلى أبعد الحدود ضماناً لخير شعوبهما وللمنطقة وللعالم أجمع.

وخلال القمة الثلاثية أبدى القادة الثلاثة عن مدى الثقة الكبيرة بينهما لتطوير تلك العلاقة والشراكة الإستراتيجية والعمل على حل كل الخلافات وبالذات  الأزمة السورية كما أكد ذلك القادة الثلاثة في مؤتمرهم الصحفي، وتركيا وإيران وسورية  وقادتهما يدركون أهمية الدور الروسي الذي يقوم به بوتين بحكمته وحنكته للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية والعمل على إنهائها  ضمن الأطر السياسية المتفق عليها في سوتشي وفي لقائاتهم الثنائية والثلاثية، وتلك الدول  تدعم ذلك الدور وتؤيده لإنهاء تلك الأزمة التي طالت أحداثها للتدخلات المصلحية والضيقة من البعض وهم الصهيوغربيبن الذين كانوا وما زالوا  يعملون على إطالة تلك الأزمة, لذلك كان لا بد من تنسيق بين الحلفاء الإستراتيجيين الأقوياء في المنطقة والعالم روسيا وإيران بعد إحتواء تركيا بكل السبل وضمها لهم لحل الأزمة السورية ومختلف القضايا  الإقليمية والعالمية والوصول لحلول فورية لإنهاء كل القضايا العالقة, للتفرغ للمشاريع المستقبلية وعلى رأسها التعاون الإقتصادي  المهم جدا بين تلك الدول وشعوبها وشعوب العالم أجمع, وفي اللقاءات الثنائية والثلاثية تم الحديث عن مشاريع حالية ومستقبلية فيها خيرا لسورية وللبلدان الثلاثة ولشعوبهما  وللأمة العربية والإسلامية والمنطقة برمتها....


    وفي سياق الحديث عن القضايا العالمية والأزمات التي تعصف بالعالم وبمنطقتنا العربية وبالذات ما يخص سوريا, إتفق القادة على وحدة الأراضي السورية وفقاً للوثائق السورية التي تنص على وحدة البلاد والعباد, وعلى تطبيق قرارات سوتشي والأمم المتحدة ومحاربة المنظمات الإرهابية بكافة مسمياتها وتسليم الحدود للحكومة السورية والأراضي المحتلة وإنسحاب القوات الأمريكية من المناطق النفطية التي تسيطر عليها لسرقة النفط والغاز والقمح السوري، وعدم الدخول بأي عمل عسكري لأن فيه خطر على سورية وتركيا معا، وأكد كل منهم على أن يحضر القمة القادمة في روسيا، وأن يتم جمع كل الأطراف السورية السياسية حتى ينجح الحل السياسي ويؤتي نتائجه وثماره المرجوة لإنهاء الأزمة السورية نهائيا...


   وفي سوريا الحبيبة المواقف الشعبية ثابتة تجاه وطنهم وقيادتهم وجيشهم، بل وتزداد رسوخاً في الأرض، لأنها مواقف صادقة وحقيقية للحفاظ على وحدة سورية من أي إختراق مسقبلا, والقيادة السورية وعبر تاريخ الأزمة المفتعلة كانت تضع في كل التصريحات واللقاءات  الصحفية النقاط على الحروف وتؤكد أنهم جاهزون للذهاب لأي حوار للوصول لحل سياسي ومع كل الأطراف السورية الوطنية دون أية شروط مسبقة, ليكون الحوار بناءً مع المعارضة الوطنية (الجادة) والتي لا ترتبط بأجندات خارجية, وأكد مرارا وتكرارا إلتزام المسؤولين السوريين بوقف الأعمال القتالية حرصاً على وقف سفك دماء السوريين من كل الأطراف, لإبقاء المجال مفتوحاً أمام المصالحات الوطنية السورية – السورية وتسليم المضللين من أبناء الشعب السوري أسلحتهم، وقد عاد معظم المضللين وسلموا سلاحهم لدولتهم وجيشهم  وعادوا لحض الوطن والدولة دون أية مسائلة من أحد، والعفو الرئاسي المتكرر دليل على ذلك...


     كما أكدت الحكومة السورية ووزير خارجيتها المخضرم فيصل المقداد جاهزيتهم لإتخاذ الإجراءات اللازمة لعودة اللاجئين السوريين وإستقبالهم أينما وجدوا وإستقرارهم في وطنهم الأم سوريا, ولكن الصهيوغربيين يمنعون ذلك ويخيفون الشعب السوري في الخارج من العودة، والشعب السوري بكل أديانه وطوائفه وقومياته وأعراقه رفض التقسيم أو ما يسمى بالمناطق الآمنة التي يلوح لها أردوغان، وأيضا الشعب السوري هو مَن يقرر مَن يحكمهم حاليا أو مستقبلا، وهذا ما يؤكد أنه حينما يلتقي الأقوياء روسيا وإيران وسورية ويتم إحتواء تركيا بعد توضيح كل الأمور لها وضمها لهم يصمت المحتلين  الصهيوغربيين القتلة والجبناء، فهم لا يريدون أي تقارب روسي إيراني تركي أو سوري تركي أو أن يجلس كل هؤلاء على  طاولة مستديرة واحدة  لحل الأزمة السورية وغيرها من الأزمات المفتعلة في دولنا العربية...


أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي...

كاتب ومحلل سياسي...

الخميس، 21 يوليو 2022

عالم الاجتماع المشتبك !!


 

لقد أثار فضولي حديث دائر بين عدد من علماء الاجتماع – المصطلح هنا مجازي - المصريين على أحد مواقع التواصل الاجتماعي حيث تم إنشاء مجموعة مغلقة على المتخصصين بهدف الحوار وتبادل الخبرات والاستفادة من المنجز العلمي الذي ينتجه أعضاء المجموعة المنضوية تحت هذا التخصص, وبالطبع يبدو الهدف نبيل والأمر محمود وبما أنني لست عضواً في هذه المجموعة فقد نقل لي بعض الأعضاء مشادة حامية بين بعض الأعضاء نتيجة أن أحدهما قام بعملية نقد اجتماعي شديدة لبعض السياسات الحكومية, فقام المشرف على المجموعة بتوجيه رسالة يحذر فيها من الخوض في القضايا العامة خاصة السياسية, مؤكدا بأن المجموعة بذلك تخرج عن الهدف الذي أنشئت من أجله, وانتقل الحوار إلى الدور الذي يجب أن يقوم به علماء الاجتماع داخل أي مجتمع.


وهنا وقبل الخوض في الحديث عن الدور المنوط بعلماء الاجتماع داخل مجتمعهم تجدر الإشارة إلى ضرورة التفرقة بين العالم العضوي والعالم غير العضوي, وإذا اعتبرنا علماء الاجتماع جزء من النخبة المثقفة داخل المجتمع فيمكننا الاعتماد على تعريف الفيلسوف الايطالي أنطونيو جرامشي للمثقف العضوي والذي يرى أنه بما يمتلكه من علم ومعرفة تميزه عن أعضاء المجتمع فهو بذلك يمثل حالة متقدمة من الوعي, ضمن المجتمع الذي يعيش فيه, ووعيه المتقدم على أفراد مجتمعه يحمله باستمرار مسؤولية تاريخية, تتمثل في الإسهام, في تجديد الفكر, بما يخدم مشروع التقدم والنهضة في بلاده, وهو ما يعني أن دور المثقف هو عدم الانكفاء, والتقوقع والتشرنق بالأبراج العالية, بعيداً عن مجتمعه وآماله وتطلعاته, وبذلك يكون المثقف هو ضمير وطنه الذي يجب أن يلتزم بهموم الناس وقضاياهم لأن أي اهتمام خارج هذا السياق يعد ترف فكري محض.


ووفقا لذلك يمكننا القول أن عالم الاجتماع العضوي يجب أن يكون مشتبكاً مع هموم الناس وقضاياهم الملحة, في حين أن عالم الاجتماع غير العضوي هو ذلك الشخص المنكفئ على ذاته والمتقوقع والمتشرنق بالأبراج العالية بعيداً عن مجتمعه وما يدور فيه من أحداث وما يتطلع إليه الناس من آمال وطموحات في العيش الكريم, لذلك يمكننا القول أن عالم الاجتماع العضوي يجب أن يكون مثقفاً عضوياً على حد تعبير جرامشي, فعلى الرغم من علمنا بأن علم الاجتماع الغربي قد نشأ في أحضان السلطة وظل الكثير من علماء الاجتماع على مدار تاريخ هذا العلم يدورون في فلك السلطة بعيداً عن مصالح الجماهير الشعبية بل كانوا دائماً ما يبررون أفعال الحكام الظالمة لشعوبهم وكان الكثير منهم يلعب دور ناصح الأمير أو مستشاره لذلك كان التقييم الحقيقي لهم بأنهم علماء اجتماع غير عضويين, لكن على الرغم من ذلك ظهر بعض علماء الاجتماع في تاريخ هذا العلم وقفوا دائما على يسار السلطة محاولين نقد سياساتها وتصويب قراراتها من منطلق انحيازهم لمصالح الجماهير الشعبية بهدف تحقيق التقدم والنهضة لمجتمعهم.


ويقودنا هذا النقاش لطرح مفهوم العبودية الطوعية والذي تحدثنا عنه في بعض المقالات السابقة, فقد ظهر المصطلح لأول مرة في كتابات الفيلسوف والمحامي والقاضي والكاتب الفرنسي " إتيان دي لابويسيه " منذ ما يقرب من خمسة قرون, وهو مؤسس الفلسفة السياسية الحديثة في فرنسا, وأول من أوجد النظرية الفوضوية, وعلى الرغم من دراسة لابويسيه للقانون إلا أنه كان مولعاً بالشعر والأدب, لكن تظل " مقالة في العبودية الطوعية " من أهم أعماله إن لم تكن الوحيدة التي اشتهر بها ليس خلال حياته القصيرة لكن بعد وفاته.


وفي مقالة " العبودية الطوعية " يهاجم لابويسيه النظام الملكي المطلق ويصفه بالطغيان ويدعو لمكافحة الديكتاتورية, وفي حديثه عن العبودية الطوعية يؤكد أن الطغاة لديهم السلطة لأن الشعب أعطاها لهم, فعندما يتم التخلي عن الحرية مرة واحدة من قبل الشعب, ويبقى متخلي عنها حيث يفضل الشعب الرق على الحرية وعلى رفض الهيمنة والانصياع, وبالتالي يربط لابويسيه الطاعة والهيمنة معا, وهى العلاقة التي كونت مع مرور الوقت النظرية الفوضوية, والتي تدعو لإيجاد حلول للتخلص من الهيمنة والانصياع ورفض دعم الطاغية, وبذلك أصبح لابويسيه أحد أقدم دعاة العصيان المدني والمقاومة بلا عنف, وهى ما نتج عنها ذلك الشعب الفرنسي الذي يرفض الهيمنة والانصياع للحاكم مهما تحققت له من سبل الرفاهية, فهو مواطن يطمح دائما إلى مزيد من الحرية, ولديه من الوعي ما يمكنه من ممارسة العصيان المدني والمقاومة بالعديد من الطرق السلمية.


وعلى العكس تماما فإن العبودية الطوعية كما طرحها لابويسيه تظهر عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية وتتلاءم وتتكيف مع الاستبداد, ويظهر فيه ما يمكن أن نسميه " المواطن المستقر ", وهذا المواطن المستقر لا يشتبك مع واقعه, وغير قادر على النقد, ولا يهتم بالشأن العام, ولا يتدخل فى الأمور السياسية, وخاضع ومنصاع طوال الوقت لهيمنة السلطة الحاكمة, وغير قادر على المعارضة و غير راغب في المقاومة.


وما ينطبق على المواطن المستقر يمكننا أن نطبقه على عالم الاجتماع المستقر الذي لا يسعى للاشتباك مع واقعه, ولا يهتم بالشأن العام, ولا يتدخل في الأمور السياسية, وهو خاضع طوال الوقت للسلطة الحاكمة ولا يسعى لنقدها أو مخالفتها في الرأي, والطامح دائماً إلى المناصب, لذلك وصفناه في مطلع المقال بعالم الاجتماع غير العضوي بل ووضعنا كلمة عالم اجتماع في وضعية الاعتراض واعتبارنا استخدامنا للمفهوم استخدام مجازي لأن علماء الاجتماع العضويين في مجتمعنا قليلون للغاية بل يكاد يكونوا نادرين, وهم من يستحقون أن نطلق عليهم علماء الاجتماع المشتبكين, اللهم بلغت اللهم فاشهد. 


بقلم/د. محمد سيد أحمد

٢٣ يوليو في ذكراها ال٧٠ ثورة غيرت مجرى التاريخ

 


تحتف الجماهير العربية من المحيط الى الخليج بالذكرى السبعين لثورة الضباط الأحرار التي قامت في ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢م ويأتي الاحتفاء بهذه الذكرى في ظل حالة تشويه واستعداء تعرضت وما زالت تتعرص له هذه الثورة العظيمة ومهندسها جمال عبدالناصر، وللأسف هناك محاولات مستميته من قبل قوى الاستعمار وأذنابه لطمس كل تجربة وطنية قومية مشرفة في الوطن العربي، وطال هذا التشويه مختلف الاجيال صاحب ذلك حاله من الجدل لم تستند على حقائق التاريخ وحقيقة التجربة بل تغلبت عليها النظرة الأيديولوجية المسبقة وارتهنت بالتوجهات والميول الشخصية وطغى نمط المحاكمة التاريخية وتصفية الحسابات بعيدا عن واقع التجربة وذلك في حالة تجاوز لمعايير التقييم، وهي للاسف قراءآت غير عادلة لتحليل هذه الثورة، لذا ينبغي التجرد من هذه التصنيفات والتوجهات في تقديم حكم عادل لثورة يوليو، بل يجب تحليل ثورة يوليو كتجربة حاكمة ما لها وما عليها في اطار سياقها الزمني والمكاني والظرفي، لذا سنحاول تسليط الضوء عليها وتقييم نتائجها بإنصاف وأمانة، وسوف نتطرق لأهم الحقائق التاريخية خاصة الايجابية والسلبية منها، وأهم منجزاتها وهل حققت مبادئها، ومقارنتها كتجربة تجاوزت الحدود الاقليمية وصولا الى التأثير العالمي، ثم قياس مستوى الأداء العربي بعدها .


قد لا يتسع السياق للحديث عما سبق ثورة يوليو والاوضاع السائدة في مصر والوطن العربي عموما ولكن سنعرج باختصار على أهم ملامح تلك المرحلة في مصر والوضع الاجتماعي والسياسي والمعيشي وهي المرتكزات الرئيسية للحكم على النظام القائم، وهنا نعود للوراء قليلا عندما وطئ الانجليز أرض مصر بعد استنجاد الخديوي توفيق بهم للقضاء على ثورة أحمد عرابي ١٨٨١م فبقي الانجليز في مصر كسلطة احتلال، وكان بامكانهم عزل الملك كما حدث مع الخديوي عباس حلمي الثاني ١٩١٤م، وتغيير الوزارات عندما حوصر الملك فاروق في قصر عابدين لتعيين مصطفى النحاس رئيسا للوزراء، وكان النظام السائد في مصر نظاما طبقيا شكله القصر وملاك الاراضي والباشوات من رجال المال الذين كانوا لا يتجاوزون ٥. % من شعب مصر، أما بقية فئات الشعب فقد كانت موزعة بين الفلاحين وفئات الشعب العامل في مجتمع يسود الغالبية منه الجهل والفقر والتخلف مع تجاهل السلطة للفئات الكادحة من أبناء الشعب، وبرزت الصراعات في الداخل بين الاخوان المسلمين وحكومة النقراشي باشا والتي انتهت بمقتله، وفي حرب فلسطين التي دخلتها مصر دون استعداد بصفقة فاسدة بينت تردي الحالة العربية وظروف الشقيقة الكبرى الواقعة تحت ظل التاج البريطاني!! فكانت هذه أبرز القضايا التي رسمت صورة النظام القائم، وحدثت أحداثا مأساوية في العام الذي سبق الثورة ١٩٥١م مثل حريق القاهرة ومذبحة الاسماعيلية على أيدي قوات الاحتلال الانجليزي ما أدى الى التعجيل بقيام الثورة، فكانت مجموعة الضباط الاحرار بقيادة جمال عبدالناصر في سباق مع الزمن لتحديد ساعة الصفر، فقامت بالفعل فجر الاربعاء الساعة الواحدة يوم ٢٣ يوليو ١٩٥٢م حيث تمت السيطرة على قيادة الجيش ومبنى الاذاعة وأذيع بيان الثورة الذي أعلن عن فجر جديد أطل على مصر والوطن العربي عموما وتميزت ثورة يوليو أنها لم يرق فيها قطرة دماء واحدة، كما يجدر الاشارة إلى أن تقارير الانجليز المرسلة الى لندن حول ما سمي حركة الجيش لم تمتلك الصورة الكافية لتلك الثورة فنأوا بأنفسهم عن التدخل لحماية القصر بأعتبار أن نتائج الثورة لن تصل الى مستوى التغيير الشامل لبنية النظام ولن تصل الى أبعد مما يتصور الانجليز، ويحسب لمجلس قيادة الثورة نجاحهم باخفاء نشاطها ويعود ذلك الى التخطيط السليم والأمانة الوطنية التي حملها هؤلاء الضباط، ومما ساعد في نجاح الثورة وصول البلاد الى حالة من الغليان الشعبي، لذلك استقبلت أنباء الثورة باحتفاء منقطع النظير .


قامت ثورة يوليو على ستة مبادئ وهي: القضاء على الاقطاع، والقضاء على الاستعمار، والقضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، وإقامة عدالة اجتماعية، وبناء جيش وطني، وبناء حياة ديمقراطية سليمة، هذه المبادئ الوطنية كانت كفيلة للاحتفاء بها واحتضانها من قبل أبناء الشعب المصري الذي مثل غالبيته الساحقة الفلاحين وطبقات الشعب العامل، هذا الشعب الذي عانى البؤس والمرارة بسبب الفقر والمرض والأمية فكان مؤهلا لاحتضان هذه الثورة، ووفقا للارقام المسجلة قدرت البطالة في النظام الملكي بنسبة ٤٦% من أبناء الشعب، وكانت الامراض تعم قرى وأرياف مصر حيث سجلت معدلات مرض البلهارسيا وحدها نسبة ٤٥% من أبناء الشعب المصري، أما الفقر والأمية فقد بلغت ٩٠% وربما تزيد على ذلك نظرا لسيادة النظام الطبقي ومجتمع النصف في المئة التي شكلها رجال المال والاقطاع والباشوات، وسجلت أرقام التلاميذ اجمالا في مختلف المراحل الدراسية قبل الثورة مليون و٨٥٠ ألف، لكن هذا الرقم تجاوز (٥) مليون بفضل مجانية التعليم التي أنجزها نظام الثورة، بينما بلغ نسبة النمو الاقتصادي لاحقا ٧% سنويا، كما بلغ فائض الميزان التجاري عام ١٩٦٩م ٤٦ مليون رغم الظروف المحيطة بمصر، فقد امتلك مجلس قيادة الثورة الاستقلال الوطني والارادة وانطلقت التنمية في مختلف الجوانب الوطنية فصدر قانون تحديد الملكية الزراعية وقوانين الاصلاح الزراعي التي وسعت رقعة المساحة الزراعية والانتاج رافقها ثورة صناعية كبرى، فلم تكن ثورة يوليو ثورة واحدة بل كانت ثورات متعددة الاتجاهات حيث أفرزت ثورة صناعية وزراعية وتعليمية وعمرانية واجتماعية ونفذت أضخم مشروع هندسي في القرن العشرين وهو السد العالي الذي حمى مصر في فترات الجفاف، كما حققت الثورة نجاحات كبرى بتأميم قناة السويس وتوقيع اتفاقية الجلاء مع الانجليز، واسهمت في بناء جيش وطني قوي، واستقبل الازهر الشريف الآلاف من الطلبة حول العالم شاملا الدراسة والاقامة والمعيشة ومصاريف نثرية، بينما كانت القرآن الكريم تبث في مختلف الارجاء ووصل القرآن الكريم مسموعا بصوت كبار القراء الى مختلف الأرجاء، وبالتالي فقد شكلت ثورة يوليو حالة مشرفة تجاوزت الحدود العربية، كما تصدت لقوى الاستعمار حيث ساهمت في دعم حركات التحرر في الوطن العربي، وهنا نستطيع القول أن ثورة ٢٣ يوليو كانت ثورة كبرى غيرت مجرى التاريخ .


قد لا يتسع المقام لذكر ما حققته ثورة يوليو من منجزات، لكن أبرز ما حققته الثورة في النطاق الجغرافي العربي الوحدة مع سوريا، والمساهمة بشكل كبير في دعم ثورات العراق واليمن وليبيا، ومساندة حركات التحرير في الجزائر وتونس والمغرب وغيرها، فكانت القاهرة قبلة للثوار والاحرار حول العالم بل كانت مقاومة أبناء مصر في وجه الاستعمار قدوة لثوار التحرير في دول أمريكا اللاتينية، كما ذكر بن جوريون في رسالته لفرنسا قبل العدوان الثلاثي: "على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدروا أن عبدالناصر الذي يهددنا في النقب وفي عمق (إسرائيل) هو نفسه الذي يواجههم في الجزائر". فشاركت فرنسا في حرب السويس أو العدوان الثلاثي بعد تأميم عبدالناصر قناة السويس، وساهم الزعيم عبدالناصر في اطلاق الدعوة لتأسيس حركة عدم الانحياز مع كلا من رئيس يوغسلافيا تيتو ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو، وشكلت زعامة عبدالناصر شبكة من العلاقات والتحالفات الدولية ساهمت بوقوف عدد من دول العالم مع القضايا العربية وما زالت حتى اليوم تتناغم مع كل قضايانا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية .


يمكن القول أن المبدأ الاخير من مبادئ ثورة يوليو لم يتم تطبيقه بالشكل الصحيح وهو بناء حياة ديمقراطية سليمة حيث لم تتح الظروف حينها تطبيقه وربما لم تكن البلاد مؤهلة لتطبيق الديمقراطية ولعبت الظروف السائدة دورها أيضا، أما عن أخطاء تلك المرحلة فقد كان انزلاق مصر في حرب ٦٧م دون جاهزية حقيقية من الاخطاء التاريخية الكبرى التي أعلن عبدالناصر مسئوليته عنها وأعلن تنحيه بل كانت ضربة قوية تعرضت لها مصر والامة العربية، إلا أن الملفت أنها عجلت بتصحيح المسار والمعالجة وتهيئة مصر بجيشها وشعبها والامة العربية من خلفها للاعداد لمعركة الكرامة، وكان خروج الجماهير يومي ٩، و١٠ يونيو في مسيرات مليونية مطالبة عبدالناصر بالعودة الى استكمال قيادة مصر والامة العربية من خلفها تمثل أعظم استفتاء في التاريخ لم تحدث من قبل أو من بعد، وهنا بدأت بالفعل الاستعدادات لاستعادة الكرامة بحرب الاستنزاف التي تعتبر الأساس العملياتي الذي بنيت عليه معركة العبور في اكتوبر ١٩٧٣م، كما أعلنت لاءآت مؤتمر الخرطوم ووحدة الموقف العربي وتوحيد الجهود العربية في دعم جبهات القتال بوجود القيادة المحورية للرئيس جمال عبدالناصر الذي أخلص لوطنه وأمته ونجح في تلك التجربة الحاكمة وفي قيادة ثورة يوليو المجيدة وهذا النجاح هو أحد أسرار حب الملايين للزعيم الخالد جمال عبدالناصر .


وللتاريخ نسجل أن ما حققته ثورة يوليو من منجزات وترسيخها لقيم الكرامة والعزة في الوطن العربي وتأسيسها لمدرسة سياسية فكرية ما زالت خالدة حتى اليوم، رغم غياب قائدها ومفجرها جمال عبدالناصر إلا أن حضوره دائما يطغى على كل مناسبة عربية رغم مضي أكثر من نصف قرن على رحيله فهو الخالد في ذاكرة الملايين من المحيط الى الخليج، وهو الحاضر في كل قضايا الأمة وهو الوحيد الذي ترفع صوره عاليا في كل مناسبة عربية، ذلك لانه أخلص واجتهد وآمن بوطنه وأمته ومقدراتها فشكل علامة فارقة في تاريخ الوطن العربي فقد كان يمثل حجر عثرة أمام المشاريع الاستعمارية بالمنطقة التي لم تستطع اختراق المنطقة العربية طوال عهده بل سادت حالة تحررية عربية شاملة، لذلك بقي الزعيم جمال عبدالناصر خالدا في الذاكرة العربية .


اليوم نتأمل منجزاته ونستعيد ذكرى ثورته ونستأنس بتجربته كتجربة رائدة نادت بقواعدها الثلاث (حرية - اشتراكية - وحدة) وانتجت مشروعا قابلا للتحقيق متى ما توفرت الظروف الملائمة، وما جعل ثورة يوليو ١٩٥٢م من أعظم الثورات في التاريخ هو عناصر القوة التي تميز أي ثورة وطنية لا سيما وجود القيادة المحورية الجامعة والتفاف الجماهير والشعوب العربية حول قيادتها وأثبتت تلك الحالة الجماهيرية قوة الرهان عليها في عدة قضايا دولية إحداها حادثة السفينة كليوباترا الشهيرة وكانت الاداة الاعلامية "صوت العرب" هي الذراع الرابط بين القيادة والجماهير، وكذلك اتساع دائرة الوعي القومي، كما كان من أهم عناصر القوة لهذه الثورة اعتمادها على الذات الوطنية، وبالتالي فمتى ما توفرت تلك العناصر والأسباب فأمتنا العربية حية وقابلة للانطلاق مجددا رغم حالة التراجع العربي الراهنة وهيمنة قوى الاستعمار في هذا الظرف الدقيق حيث فقدت الأمة مشروعها وغاب العمل العربي المشترك، وافتقدت القضية الفلسطينية عناصر الدعم، وتم اجهاض القوة العراقية، وحشدت قوى الشر على سوريا وكبلت مصر بالقيود وانكفأت بقية الاقطار العربية على قضايا الداخل، فأصبحت الامة العربية في وضع حرج تتطلع نحو استعادة الوحدة والتحرر من جديد، لكن الامة العربية تسجل دائما لمحات فاصلة في التاريخ عندما تتوفر لها أسباب النهوض، وأملنا يتجدد أنها ستعود ذات يوم كأعظم الأمم ستعود بالتوراة والانجيل والقرآن .


إن الامة العربية من المحيط الى الخليج ترنو ببصرها نحو تلك التجربة العظيمة التي حملت من المبادئ ما جعل الملايين من العرب ينادون بها في كل ذكرى وفي كل مناسبة قومية، كما أن اللافت اليوم أن المقاومة تسجل نجاحات كبرى وتعيد تصويب بوصلة أبناء الامة نحو فلسطين ونحو التحرير، ولكن يبقى الأمل معلقا في بناء المشروع العربي، وهو أمل مشروع لهذه الجغرافيا العربية، ولا بد من خلق شراكة عربية لمجابهة مهددات الامن القومي العربي وإبراز مواقف عربية مشرفة فالامن القومي العربي واحد لا يتجزأ، وهذه الامة رغم الغياب ستظل حبلى بملاحم النصر بعون الله .



خميس بن عبيد القطيطي



khamisalqutaiti@gmail.com

مع فرقة النيل المسرحية هنعرف الأسرار المستخبية فى مسرحية غرفة 6

 


مع فرقة النيل المسرحية هنعرف الأسرار المستخبية فى مسرحية غرفة 6

كتبت الإعلامية : سماح وليم


خلف كل باب حكاية وقصة لا يعلم تفاصيلها سوي اصحابها فماذا لو طرقنا الابواب؟؟ 

ماذا لو قررنا الغوص فى الحواديت؟؟

ماذا لو قررنا أن نشعر بمن هم خلف الابواب المغلقه؟؟!

ماذا لو قررنا مشاركتهم فى حياتهم خلف الابواب وداخل الغرف؟؟!! 

ماذا لو فتح باب غرفه 6 ؟؟

ماذا لو وجدت نفسك داخل الغرفه وخلف الابواب؟؟؟؟ 

تعالوا بنا نعيش كل هذه الأحداث ونتعرف علي كل حدوته من حواديت من هم خلف باب غرفة 6

مع اقوي عرض مسرحي

( مسرحية غرفة 6)

 لفرقة النيل المسرحية على

 مسرح تياترو آفاق

 ايام الجمعة ٢٢يوليو ٢٠٢٢

والسبت ٢٣ يوليو ٢٠٢٢

العمل فكره وتأليف/ تامر خليل 

إعداد وإخراج /ماجد عاطف 

مخرج منفذ /منى زكى

ديكور/ هانى المصرى 

ملابس /ايمان منصور

اغانى/ فؤاد شوقى


كل التوفيق والنجاح لكل نجوم العمل ومزيد من التقدم والابداع. 

الصحفية والاعلامية /سماح وليم

الثلاثاء، 19 يوليو 2022

القمة الثلاثية الموسعة في طهران ومعركة المحاور ستنهي أحادية القطب الواحد وتثبت متغيرات إقليمية ودولية قادمة وللمدى البعيد....

 


    في إجتماع قمة جدة إعترف بايدن وهدد أثناء وبعد لقائه القادة العرب وسماعه لخطاباتهم التي كانت صفعة له ولفريقه ولكل الصهيوأمريكيين في المنطقة والعالم، وبالذات بما يتعلق بالعلاقة مع إيران الإسلامية ودولة الكيان الصهيوني، فبايدن كان يرجو من زيارته أن تحقق أهدافها كاملة وقد فشل بذلك بكل ما تعنيه الكلمة من فشل، وقد قالها علنا بعد أن تأكد بفشل أهداف جولته في المنطقة بأنه لن يترك فراغا في المنطقة لروسيا والصين وإيران،  وللعلم منذ إعلان بوتين عن زيارته إلى طهران للقاء الرئيس الإيراني والتركي وعقد قمة ثلاثية بينهما كان الإعلان عن فشل جولة بايدن في المنطقة...

 

      لأن ذلك الإعلان وجه عدة رسائل للصهيوأمريكيين بأنه لم يعد لكم أي دور في المنطقة ولا لعصابات الكيان الصهيوني والتي تعملون ليلا ونهارا لتسيطر على المنطقة كاملة وتنهب خيراتها وثرواتها وتقسموها فيما بينكم، وأن تلك المنطقة لدولها وشعوبها وفيها أقطاب عربية وإسلامية  قوية، ورسالة دعم وتأييد موجه لقادة العرب في قمة جدة بأننا معكم حتى يتم لم شملكم عربا وعجما وتتخلصوا ولو مبدئيا من السيطرة الصهيوأمريكية غربية على دولكم وشعوبكم ويكون لكم قرارا مستقلا وذو سيادة بعيدا عن تدخلات وإملاءات هؤلاء المتكبرين والمتغطرسين بقوتهم الزائفة، وقادة العرب فهموا هذه الرسائل عبر إتصالات سرية ومخفية بينهم وبين الروس والصينين والإيرانيين لذلك كان رد القادة العرب على إملاءات وأوامر ومقترحات بايدن مفاجئا له ولفريقه ولكل الصهيوغربيين في العالم، وبايدن وفريقه تأكدوا من ذلك الأمر بعد سماعهم الرد العربي بخصوص العلاقة مع الأخوية مع إيران الجارة والتي تربطهم بها علاقات دينية وتاريخية وإجتماعية وأنها لا تمثل أي تهديد للأمن القومي للدول العربية ورفضهم وعلى لسان مسؤوليهم بعمل أي ناتو عربي مع عصابات الكيان الصهيوني ضد إيران الإسلامية...


    لذلك كان رد بايدن فوري على القادة العرب خلال مؤتمره الصحفي في جدة حينما سأل أنه هل غير تصريحاته عن جعل السعودية منبوذة وعن مقتل خاشقجي...؟ فأكد للصحفيين بأنه لم يغير تصريحاته وغير نادم عليها، وبعد عودته لأمريكا بدأ فريقه بإصدار بعض التهديدات لقادة الدول العربية الذين حضروا القمة بمواضيع حقوق الإنسان فبدأت الماكينات الإعلامية الصهيوأمريكيية تتحدث عن مقتل خاشقجي والإعدامات المتكررة في السعودية وهي طبعا مرفوضة رفضا تاما من قبل محورنا المقاوم لأن من أعدموا كانوا معارضيين سياسيبن لإبن سلمان، وأيضا بدأت الحملة الإعلامية ضد مصر بأن هناك إنتهاك لحقوق الإنسان في السجون المصرية والمعتقلات وطريقة التحقيقات، وستهدد الدول العربية الأخرى بمثل تلك الأمور التي تلجأ إليها أمريكا لتسيطر على القادة والدول والشعوب، وهي أمور محقة لكن أمريكا تريد من ورائها باطل لتعيد دول الأمة للفتن والإقتتال الداخلي مرة أخرى ونرجوا أن تفشل بذلك...


    وروسيا وإيران وكل محور المقاومة وحتى عقلية أردوغان العنيدة والمحبة للسيطرة لن يسمحوا لكيان العصابات الصهيونية أن يكون هو الدولة الوحيدة المسيطرة على المنطقة برمتها ونهب ثرواتها النفطية والمالية والمائية والغذائية...وغيرها، وفقا لما يخطط الصهيوأمريكيين خاصة وبعض الصهيوغربيين عامة، لذلك كان هذا اللقاء الثلاثي الذي سيعقد اليوم الثلاثاء في طهران وسيكون هناك إتصالات مباشرة بين القادة العرب الذين حضروا قمة جدة وبين قادة روسيا وتركيا وإيران حسب حلفاء كل طرف منهم للعمل على حل كل الخلافات التي إفتعلها الصهيوأمريكيين في المنطقة بينهم في العشرية السوداء الماضية، وهذه هي سياسة روسيا والصين وإيران ونرجوا من الله أن يهدأ أردوغان عن تصرفاته السياسة وآلاعيبه المذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، واليوم يجب عليه أن يحدد موقفه إتجاه معارك المحاور فهل يعيد تركيا لأمتها  ومحيطها ومحورها وقطبها العربي والإسلامي المتجدد الذي بدأت ملامحه تظهر وتطبق على أرض الواقع ويتخلى عن الناتو وخططه الصهيوغربية وعن كل اعماله التي إرتكبها بحق سورية وغيرها من الدول العربية خلال الدور الوهمي الذي منحه  الأمريكان له في المنطقة وشمال إفريقيا في العشرية الماضية مستغلين طموحاته وحبه للسيطرة والتوسع لإعادة الخلافة العثمانية، ويعترف للأمة بأنه أخطأ وأن وحدة دول الأمة لم ولن تكون إلا بالإخوة والتعاون والشراكة الصادقة والصدق وصفاء النية ووضوحها بشكل كلي بين القادة والدول والشعوب ويعمل على ذلك في الأيام القادمة مع محيطه وينسحب من سورية والعراق إنسحابا كاملا فالكرة اليوم سيتركها الروس والصينيون والإيرانيون وبالتنسيق الكامل مع قادة العرب في ملعب أردوغان، وتركوا له حرية الإختيار بعد تقديم كل الدعم له ليوجه بوصلته ويختار مع أي الفريقين سيكون، وهو يعلم بأن أمريكا وأوروبا وحلفهم الناتوي الصهيوغربي في حالة إنهزام وفشل دائم والأشهر والسنوات القادمة ستعمل على تفكيكه وبشكل نهائي ليتخلص العالم من شرور حروبهم وفتنهم وإبادتهم للدول والشعوب....


     والقمة الثلاثية الموسعة التي ستعقد في طهران اليوم ومعركة المحاور ستنهي أحادية القطب الواحد وتثبت متغيرات إقليمية ودولية قادمة، لأن هذه القمة الثلاثية إذا حقفت أهدافها المرجوة وتم حل كل الخلافات بين العرب والعرب وبين العرب والعجم المسلمين فإنها ستتوسع أكثر وأكثر في الحاضر والمستقبل ليكون في المنطقة قطبا عربيا وإسلاميا قويا له قرارا موحدا ومستقلا وذو سيادة حقيقية يتم من خلاله تحديد العلاقات والمعاملات الإقليمية والدولية في الأشهر والسنوات القادمة وعلى المدى البعيد بالتعاون والأخوة والشراكة والسادة مع السادة وليس مجرد تبع وعبيد كما تعامل الصهيوأمريكيين خاصة والصهيوغربيين عامة عبر سنوات مضت مع قادة ودول وشعوب منطقتنا والعالم...


  احمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي....

 كاتب وباحث سياسي...

الاثنين، 18 يوليو 2022

جولةجولة بايدن وفريقه في منطقتنا خيبة الآمال والأحلام الصهيونية التي كانت مرجوة منها...


     تابعنا بحذر شديد الترويج الإعلامي للكيان الصهيوني والقنوات الإعلامية المسيطر عليها في أمريكا خاصة والغرب عامة لزيارة جوبايدن للمنطقة وما كانوا يحلمون بتحقيقه خلال تلك الزيارة، وبالطبع وصل بايدن وفريقه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وحطت طائرته في ما يسمى (مطار بن غورين) وكان الإستقبال حافلا وفي خطاب بايدن إعترف بالدولة اليهودية الوحيدة أو النقية وبعدم معاداة السامية وأكد بأنه ليس من الضرورة أن يكون الإنسان يهوديا حتى يكون صهيونيا...وغيرها من الأمور التي جعلت قادة عصابات الكيان الصهيوني يفرحون ويمرحون وبالذات بالعلاقة التطبيعية المرجوة مع السعودية وباقي الدول العربية، حتى أن  بعضهم أكد للآخرين بأن بايدن سيحقق لهم ما عجز ترامب من تحقيقه، ولكن بدأت تلك الأحلام والآمال بالتلاشي شيئا فشيئا منذ أن دخلت سيارة بايدن للقدس الشرقية ولمستشفى المطلع بدون العلم (الإسرائيلي) والذي أكدت مصادر بأن بايدن هو من طلب بإنزاله عن السيارة إيمانا منه بحل الدولتين وبحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة القابلة للحياة كما ذكر في خطابه في المطار، إلى زيارته إلى مقر الرئاسة في بيت لحم ولقائه الرئيس عباس لفترة من الوقت دون الخروج ببيان مشترك عن ما تم في اللقاء، إلى زيارة كنيسة بيت لحم ومكوثه عدة ساعات في تلك الزيارات...

     ثم بدأت الأحلام تتلاشى أكثر حينما تم إستقبال بايدن وفريقه من قبل أمير جدة ولم يستقبله الملك سلمان أو ولي عهده كما جرت العادة بإستقبال الرؤساء الأمريكيون أو غيرهم،ثم إستقبله بن سلمان أمام القصر بنظرة المنتصر عليه، وجاءت لقاءات بايدن مع الملك سلمان وإبنه وعدد من المسؤلين لفترة من الوقت ثم إنتقل الإجتماع المغلق ببن بايدن وفريقه وبن سلمان وفريقه والذي إستغرق ساعات عدة تم مناقشة كل القضايا العربية والإقليمية والعالمية ومنها مقتل خاشقجي وقضايا النفط والغاز واوبك...وغيرها....

     وفي اليوم الثاني السبت إستقبل ولي العهد بن سلمان قادة الدول الخليجية الأخرى وقادة الأردن ومصر والعراق وكان إستقبالا حارا وأمام العالم أجمع وكأنه أراد إيصال رسالة لبايدن وفريقه ولقادة الكيان الصهيوني ليؤكد لهم بأن هؤلاء هم عزوته وسنده الذي أخطأ بحقهم كثيرا من أجل المشاريع الهستيرية والوعود والعهود الزائفة بالحماية له ولقادة ودول المنطقة كلها، ثم بعد ذلك جاءت لقاءات بايدن الثنائية مع بعض القادة العرب لإقناعهم بالتطبيع مع ذلك الكيان الصهيوني وقبوله بينهم بشكل كامل وبإقامة تحالف ضد إيران ولو مجرد إعلان أمام الإعلاميين، ويبدوا أن الرفض كان العنوان لكل ما ذكر من كل القادة الذين إلتقاهم، ثم جاء موعد إجتماع قمة الأمن والتنمية في جدة ليفاجئ بن سلمان مؤيديه ومعارضيه في الداخل والخارج من قوة الخطاب وكأنه خطاب المنتصر على بايدن الذي آراد أن يجعل السعودية منبوذة ويعاقب بن سلمان على فعلته بمقتل خاشقجي ورغم إصراره على تهديداته في المؤتمر الصحفي إلا أنها تصريحات إعلامية وهذا يدل على أن أمريكا تتعامل بحقوق الإنسان حسب تأمين مصالحها وحسب القيادة التي تكون أمامها  وتذكرها بجرائمها المشابه في منطقتنا وفي كل دول العالم فأي حقوق إنسان صدعت رؤوس الشعوب والدول بها، وبالرغم من أن بن سلمان أكد لبايدن أن الجريمة وقعت خطأ والمتهمين أمام القضاء وأن السعودية إتخذت إجراءات تمنع حدوث ذلك مستقبلا، وقال بأن هذه الأخطاء تحدث في كل دول العالم وحدثت في سجن ابو غريب وغوانتنامو...وغيرها...

     وكأن هناك صحوة عربية جديدة يبدوا أنها تعلمت من تجربتها السابقة دروسا وعرفت ومن خلال ما جرى في السنوات السابقة من عدوها ومن صديقها ومن شقيقها ومن حليفها الحقيقي في المنطقة والعالم، ومن سمع وتابع خطاب ولي العهد السعودي والقادة العرب جميعا يؤكد بأن هناك أقطاب أخرى كروسيا والصين تم التنسيق معهم وأكدت ودعمت كل ما عبروا عنه في خطاباتهم وأيدتهم لعدم التنازل عن حقوقهم الشرعية ومطالبهم التي لم تحققها لهم أمريكا خاصة ولا الغرب عامة منذ عقود مضت  وبالذات حقوقهم في قضيتهم الفلسطينية وأراضيهم ومقدساتهم المحتلة، والمطالبة والعمل والحرص الشديد على حل القضايا في الدول العربية الأخرى والتي ما زالت الأحداث المفتعلة والمؤامرات الصهيوغربية تتلاعب بها وتتبادل الأدوار على شعوبها وقادتها وحتى على حلفائها الذين ساروا معهم بتنفيذها في العشرية السوداء التي مضت وما زالت توابعها وبكل المجالات تعاني منها الشعوب العربية والقادة والجيوش والعالم أجمع، وفي كلمات خطاب بن سلمان وقادة العرب تلاشت كل أحلام وآمال قادة عصابات الكيان الصهيوني وسيدتهم الصهيونية العالمية وسقطت طموحاتهم المرجوة من تلك الزيارة وبالذات التطبيع العلني مع السعودية وباقي الدول الخليجية التي لم تطبع وحتى مع العراق، ومع مصر والأردن  بالرغم من إتفاقيات السلام المشؤومة إلا أن الشعب المصري والأردني وحتى القيادات والجيوش لم يطبعوا بشكل كامل مع ذلك الكيان الصهيوني....

    وأيضا فأجأتهم تصريحات القادة والمسؤولين الخليجيين والعرب وحتى المطبعين قبل القمة وأثنائها وبعدها عن العلاقة مع إيران الإسلامية  وإسرائيل الصهيوغربية، والتي أكدها جميعها خطاب ولي عهد السعودية بن سلمان حينما أكد على حل القضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران من عام ١٩٦٧، وبأنه لا أمن لإسرائيل ولا تنمية ولا سلام ولا إزدهار أو تعاون في المنطقة دون الحل العادل والشامل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية...
  
   أما ما يخص إيران فقال بأن إيران دولة جارة وتربطنا بها علاقات دينية وتاريخية وإجتماعية وغيرها وندعوها للإلتزام بالإتفاق النووي وفقا لقرارات الطاقة الذرية وندعوها لأن يكون لها دور في تحقيق الأمن والتنمية في منطقتنا، وبعد كل ذلك سيعود بايدن إلى أمريكا وقد حقق ما وعد به لزيادة إنتاج النفط فقط وللعلم فإن زيادة إنتاج النفط كان بإتفاق قبل القمة مع بعض أعضاء أوبك، وسيقابل بايدن كل الضغوطات التي ستمارس عليه من قبل الصهيونية العالمية وأدواتها المتنوعة داخل أمريكا وسيقول لهم ما على الرسول إلا البلاغ وأنا بلغت العرب وحاولت معهم كثيرا لكنهم رفضوا وأن دولتكم إسرائيل لم تجعل لأمريكا ولا لها حلفاء في المنطقة من كثرة جرائمها التي إرتكبتها وما زالت ترتكب بحق الشعب العربي الفلسطيني وبحق العرب... 

    وهنا أقول بأن دعوة بن سلمان لإيران الإسلامية للإنضمام إلى قمة الأمن والتنمية مستقبلا هي دعوة علنية وأمام أعداء إيران والأمة كاملة (الأمريكان والصهاينة) وأمام أصدقائها وأشقائها المجتمعين في القمة ويجب على إيران ومحورنا المقاوم قبولها ولو من باب سد الطريق على قادة عصابات الصهاينة من التحرك ثانية لقلب الأوراق والتلاعب والتحريض مرة أخرى على إيران ومحورنا المقاوم، أو التحرك لتغيير وقائع مهمة حدثت في تلك القمة تبشر بوحدة دول الأمة بعربها وعجمها وتوحي إنشاء الله تعالى بأن يعود دورنا الحقيقي كقوة عربية وإسلامية وكقطب من الأقطاب التي ستشكل قريبا في المتغيرات الدولية القادمة رغما عن أنوف الصهيوغربيين في المنطقة والعالم...

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي...
كاتب وباحث سياسي... بايدن وفريقه في منطقتنا خيبة الآمال والأحلام الصهيونية التي كانت مرجوة منها...

     تابعنا بحذر شديد الترويج الإعلامي للكيان الصهيوني والقنوات الإعلامية المسيطر عليها في أمريكا خاصة والغرب عامة لزيارة جوبايدن للمنطقة وما كانوا يحلمون بتحقيقه خلال تلك الزيارة، وبالطبع وصل بايدن وفريقه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وحطت طائرته في ما يسمى (مطار بن غورين) وكان الإستقبال حافلا وفي خطاب بايدن إعترف بالدولة اليهودية الوحيدة أو النقية وبعدم معاداة السامية وأكد بأنه ليس من الضرورة أن يكون الإنسان يهوديا حتى يكون صهيونيا...وغيرها من الأمور التي جعلت قادة عصابات الكيان الصهيوني يفرحون ويمرحون وبالذات بالعلاقة التطبيعية المرجوة مع السعودية وباقي الدول العربية، حتى أن  بعضهم أكد للآخرين بأن بايدن سيحقق لهم ما عجز ترامب من تحقيقه، ولكن بدأت تلك الأحلام والآمال بالتلاشي شيئا فشيئا منذ أن دخلت سيارة بايدن للقدس الشرقية ولمستشفى المطلع بدون العلم (الإسرائيلي) والذي أكدت مصادر بأن بايدن هو من طلب بإنزاله عن السيارة إيمانا منه بحل الدولتين وبحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة القابلة للحياة كما ذكر في خطابه في المطار، إلى زيارته إلى مقر الرئاسة في بيت لحم ولقائه الرئيس عباس لفترة من الوقت دون الخروج ببيان مشترك عن ما تم في اللقاء، إلى زيارة كنيسة بيت لحم ومكوثه عدة ساعات في تلك الزيارات...

     ثم بدأت الأحلام تتلاشى أكثر حينما تم إستقبال بايدن وفريقه من قبل أمير جدة ولم يستقبله الملك سلمان أو ولي عهده كما جرت العادة بإستقبال الرؤساء الأمريكيون أو غيرهم،ثم إستقبله بن سلمان أمام القصر بنظرة المنتصر عليه، وجاءت لقاءات بايدن مع الملك سلمان وإبنه وعدد من المسؤلين لفترة من الوقت ثم إنتقل الإجتماع المغلق ببن بايدن وفريقه وبن سلمان وفريقه والذي إستغرق ساعات عدة تم مناقشة كل القضايا العربية والإقليمية والعالمية ومنها مقتل خاشقجي وقضايا النفط والغاز واوبك...وغيرها....

     وفي اليوم الثاني السبت إستقبل ولي العهد بن سلمان قادة الدول الخليجية الأخرى وقادة الأردن ومصر والعراق وكان إستقبالا حارا وأمام العالم أجمع وكأنه أراد إيصال رسالة لبايدن وفريقه ولقادة الكيان الصهيوني ليؤكد لهم بأن هؤلاء هم عزوته وسنده الذي أخطأ بحقهم كثيرا من أجل المشاريع الهستيرية والوعود والعهود الزائفة بالحماية له ولقادة ودول المنطقة كلها، ثم بعد ذلك جاءت لقاءات بايدن الثنائية مع بعض القادة العرب لإقناعهم بالتطبيع مع ذلك الكيان الصهيوني وقبوله بينهم بشكل كامل وبإقامة تحالف ضد إيران ولو مجرد إعلان أمام الإعلاميين، ويبدوا أن الرفض كان العنوان لكل ما ذكر من كل القادة الذين إلتقاهم، ثم جاء موعد إجتماع قمة الأمن والتنمية في جدة ليفاجئ بن سلمان مؤيديه ومعارضيه في الداخل والخارج من قوة الخطاب وكأنه خطاب المنتصر على بايدن الذي آراد أن يجعل السعودية منبوذة ويعاقب بن سلمان على فعلته بمقتل خاشقجي ورغم إصراره على تهديداته في المؤتمر الصحفي إلا أنها تصريحات إعلامية وهذا يدل على أن أمريكا تتعامل بحقوق الإنسان حسب تأمين مصالحها وحسب القيادة التي تكون أمامها  وتذكرها بجرائمها المشابه في منطقتنا وفي كل دول العالم فأي حقوق إنسان صدعت رؤوس الشعوب والدول بها، وبالرغم من أن بن سلمان أكد لبايدن أن الجريمة وقعت خطأ والمتهمين أمام القضاء وأن السعودية إتخذت إجراءات تمنع حدوث ذلك مستقبلا، وقال بأن هذه الأخطاء تحدث في كل دول العالم وحدثت في سجن ابو غريب وغوانتنامو...وغيرها...

     وكأن هناك صحوة عربية جديدة يبدوا أنها تعلمت من تجربتها السابقة دروسا وعرفت ومن خلال ما جرى في السنوات السابقة من عدوها ومن صديقها ومن شقيقها ومن حليفها الحقيقي في المنطقة والعالم، ومن سمع وتابع خطاب ولي العهد السعودي والقادة العرب جميعا يؤكد بأن هناك أقطاب أخرى كروسيا والصين تم التنسيق معهم وأكدت ودعمت كل ما عبروا عنه في خطاباتهم وأيدتهم لعدم التنازل عن حقوقهم الشرعية ومطالبهم التي لم تحققها لهم أمريكا خاصة ولا الغرب عامة منذ عقود مضت  وبالذات حقوقهم في قضيتهم الفلسطينية وأراضيهم ومقدساتهم المحتلة، والمطالبة والعمل والحرص الشديد على حل القضايا في الدول العربية الأخرى والتي ما زالت الأحداث المفتعلة والمؤامرات الصهيوغربية تتلاعب بها وتتبادل الأدوار على شعوبها وقادتها وحتى على حلفائها الذين ساروا معهم بتنفيذها في العشرية السوداء التي مضت وما زالت توابعها وبكل المجالات تعاني منها الشعوب العربية والقادة والجيوش والعالم أجمع، وفي كلمات خطاب بن سلمان وقادة العرب تلاشت كل أحلام وآمال قادة عصابات الكيان الصهيوني وسيدتهم الصهيونية العالمية وسقطت طموحاتهم المرجوة من تلك الزيارة وبالذات التطبيع العلني مع السعودية وباقي الدول الخليجية التي لم تطبع وحتى مع العراق، ومع مصر والأردن  بالرغم من إتفاقيات السلام المشؤومة إلا أن الشعب المصري والأردني وحتى القيادات والجيوش لم يطبعوا بشكل كامل مع ذلك الكيان الصهيوني....

    وأيضا فأجأتهم تصريحات القادة والمسؤولين الخليجيين والعرب وحتى المطبعين قبل القمة وأثنائها وبعدها عن العلاقة مع إيران الإسلامية  وإسرائيل الصهيوغربية، والتي أكدها جميعها خطاب ولي عهد السعودية بن سلمان حينما أكد على حل القضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران من عام ١٩٦٧، وبأنه لا أمن لإسرائيل ولا تنمية ولا سلام ولا إزدهار أو تعاون في المنطقة دون الحل العادل والشامل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية...
  
   أما ما يخص إيران فقال بأن إيران دولة جارة وتربطنا بها علاقات دينية وتاريخية وإجتماعية وغيرها وندعوها للإلتزام بالإتفاق النووي وفقا لقرارات الطاقة الذرية وندعوها لأن يكون لها دور في تحقيق الأمن والتنمية في منطقتنا، وبعد كل ذلك سيعود بايدن إلى أمريكا وقد حقق ما وعد به لزيادة إنتاج النفط فقط وللعلم فإن زيادة إنتاج النفط كان بإتفاق قبل القمة مع بعض أعضاء أوبك، وسيقابل بايدن كل الضغوطات التي ستمارس عليه من قبل الصهيونية العالمية وأدواتها المتنوعة داخل أمريكا وسيقول لهم ما على الرسول إلا البلاغ وأنا بلغت العرب وحاولت معهم كثيرا لكنهم رفضوا وأن دولتكم إسرائيل لم تجعل لأمريكا ولا لها حلفاء في المنطقة من كثرة جرائمها التي إرتكبتها وما زالت ترتكب بحق الشعب العربي الفلسطيني وبحق العرب... 

    وهنا أقول بأن دعوة بن سلمان لإيران الإسلامية للإنضمام إلى قمة الأمن والتنمية مستقبلا هي دعوة علنية وأمام أعداء إيران والأمة كاملة (الأمريكان والصهاينة) وأمام أصدقائها وأشقائها المجتمعين في القمة ويجب على إيران ومحورنا المقاوم قبولها ولو من باب سد الطريق على قادة عصابات الصهاينة من التحرك ثانية لقلب الأوراق والتلاعب والتحريض مرة أخرى على إيران ومحورنا المقاوم، أو التحرك لتغيير وقائع مهمة حدثت في تلك القمة تبشر بوحدة دول الأمة بعربها وعجمها وتوحي إنشاء الله تعالى بأن يعود دورنا الحقيقي كقوة عربية وإسلامية وكقطب من الأقطاب التي ستشكل قريبا في المتغيرات الدولية القادمة رغما عن أنوف الصهيوغربيين في المنطقة والعالم...

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي...
كاتب وباحث سياسي...