عدن / رامي الردفاني
هطلت صباح اليوم أمطار غزيرة على مدينة عدن وحيث سببت هذه الامطار الغزيرة بغرق شوارع المدينة ومعها اختلطت بمياه المجاري مما قد تسبب وباء صحي في ظل أنتشار وباء الكورونا المستجد القاتل.
وفي ذات السياق ناشد أهالي العاصمة عدن وزارة الاشغال العامة والطرق ووزارة الصحة بالعاصمة عدن وكل الغيورون علئ العاصمة عدن بتوفير وايتات شفط المياه وذلك بانتشال شوارع المدينة التي لا تملك منافذ تصريف الامطار وذلك بالاسراع بشفط المياه بشكل فوري وعاجل وذلك ما يسبب ركود مياه الامطار بكارثة بيئية جديدة.
فجأة وبدون مقدمات اجتاح العالم وباء كورونا الذي أوقف الحياة على سطح المعمورة واستبدلت وسائل الإعلام العالمية والمحلية أجندة برامجها اليومية والتي كانت تركز في جزء كبير منها على الصراعات والنزاعات في المناطق الساخنة على سطح الكرة الأرضية ومنها بالطبع قضايا الصراع والنزاع المسلح داخل بعض مجتمعاتنا العربية, وأصبح الخبر الرئيس عبر كل وسائل الإعلام يدور حول كورونا وما يمكن أن يسببه من فناء للبشرية, وبالطبع انتقلت العدوى إلى الإعلام الجديد المتمثل في السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لضابط أو رابط وما يبث عبرها يتضمن أكاذيب وفبركات أكثر من الحقائق, وبذلك سادت حالة من الرعب لدى الغالبية العظمى من سكان الكوكب والتي تقدر الآن بنحو 7.75 مليار نسمة, مما دفع حكومات غالبية الدول من اتخاذ إجراءات وقائية لحماية مواطنيها وصلت في بعض الدول لوقف الحياة نهائيا, وفرض الحجر الصحي المنزلي الاختياري أو الإجباري على الجميع.
وهنا لابد من طرح السؤال التالي ماذا كان وضع العالم قبل كورونا ؟ والإجابة باختصار شديد ودون الخوض في تفاصيل كان عبارة صراعات ونزاعات خلقتها بعض القوى العظمى من أجل السيطرة والهيمنة على الثروات الطبيعية لمجتمعات العالم الثالث وتكريس تبعيتها وتخلفها ومنعها من النهوض واستلاب قدرة أنظمتها السياسية على اتخاذ القرارات المستقلة, وبالطبع كانت الولايات المتحدة الأمريكية هى تلك القوى العظمى التي ظلت تسيطر وتهيمن على العالم كقطب أوحد منفرداً لما يقرب من عقدين من الزمان, قبل أن تعود روسيا لمكانتها الدولية في العقد الثاني من الألفية الثالثة بعد فقدها لهذه المكانة منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات من القرن العشرين, وبروز دور الصين مؤخرا على الساحة الدولية كقطب ثالث خلال نفس العقد الأخير, وبالطبع يمكن تقسيم العالم إلى أقلية غنية وأغلبية فقيرة.
وإذا كان حجم سكان الكوكب قبل سبعون عاماً حوالي 2.5 مليار نسمة فهذا يعني أنه قد تزايد مرتين في ظل تقدم تكنولوجي رهيب وارتفاع في مستوى الصحة, في الوقت الذي ازدادت فيه الفروق الاقتصادية بين الدول وعدم عدالة التوزيع بين الأفراد, وهو ما يمثل ضغط كبير على أمكانية استمرار الحياة على كوكب الأرض, وهنا يبرز أمامنا توماس روبرت مالتوس الباحث السكاني والاقتصادي السياسي البريطاني الشهير بنظرياته المؤثرة حول التكاثر السكاني والتي يمكن تلخيصها بأنه قد أشار إلى وجود علاقة وطيدة بين تطور عدد السكان وتطور كمية الإنتاج, وأكد على حتمية النقص في المواد الغذائية بالنسبة لزيادة السكان, إذ يعتبر أن عدد السكان يزيد وفق متوالية هندسية ( 2- 4 – 8 – 16 – 32 ) بينما يزيد الإنتاج الزراعي وفق متوالية حسابية ( 2 – 3 – 4 – 5 - 6 ) وهو ما سيؤدي حتما إلى نقص الغذاء, وأشار مالتوس إلى أن السكان قادرون على المضاعفة مرة كل 25 عاماً, وهى النبوءة التي تحققت تقريبا مرتين خلال السبعون عاماً الماضية, ويرى مالتوس أن العلاج لوقف هذه المشكلة يتمثل فيما أسماه الموانع الإيجابية الطبيعية مثل الحروب والمجاعات والأمراض والأوبئة التى تحصد أرواح أعداد ضخمة من البشر على سطح المعمورة, وبما أنه لم تعد هذه الموانع الايجابية تحدث بشكل طبيعي وتلقائي فقد بدأت الدول العظمى بتخليق هذه الحروب والمجاعات والأمراض والأوبئة وأخرها كورونا.
وفيما يتعلق بالنتائج المتوقعة وفقا للسيناريوهات المطروحة والتي يدور حولها النقاش والاتهامات المتبادلة بين حكومات الدول الكبرى فتأتي على النحو التالي:
1- سيناريو المؤامرة الأمريكية: والذي تتهم فيه الولايات المتحدة بتخلق الفيروس وتصديره إلى الصين, وهو ما سيؤثر سلباً عليها باعتبارها منافساً للولايات المتحدة الأمريكية, لكن ستكون النتائج أكثر كارثية على اقتصاديات الدول الفقيرة.
2- سيناريو الخطأ الفني الصيني: والذي تتهم فيه الصين بتسرب الفيروس من مختبراتها, وهو ما سيؤثر سلباً على اقتصاديات الدول الفقيرة, وسوف تستفيد الدول الغنية خاصة من ستتمكن من اكتشاف علاج للفيروس بشكل أسرع.
3- سيناريو الانتشار الطبيعي: وهو ما سيحصد أرواح أعداد كبيرة من البشر حول العالم, لكن ستكون نتائجه أكثر كارثية على الدول الفقيرة عامة والمواطنين الفقراء خاصة, لأن الفقراء أقل وعياً وأقل حرصاً وأقل قدرة على حماية أنفسهم, ودولهم لا تمتلك الإمكانيات اللازمة للوقاية والحماية.
ويمكن القول أن المحصلة النهائية للسيناريوهات الثلاثة المطروحة والنتائج المتوقعة من وراء انتشار الفيروس سواء تمت السيطرة عليه أو انتشر وحصد أرواح الملايين فإن الدول الأكثر فقراً هى الأكثر تضرراً وتدميراً لاقتصادياتها, والمواطنين الفقراء في هذه الدول هم الأكثر تعرضاً للخطر نتيجة قلة الوعي وانعدام الحيلة وعدم القدرة على الوقاية نتيجة اضطرارهم للنزول خارج بيوتهم سعياً وراء لقمة العيش, على عكس الأغنياء الذين تمكنهم ظروفهم من الوعي بخطورة الموقف واتخاذ الاجراءات الوقائية لحماية أنفسهم والابتعاد عن مواطن الخطر, والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ماذا عن العالم بعد كورونا ؟ والإجابة ببساطة سيعود مرة أخرى للصراعات والنزاعات بين القوى العظمى بعد أن يكون قد رسم خرائط جديدة للصراع, اللهم بلغت اللهم فاشهد.
بقلم / د. محمد سيد أحمد