بالرغم من بوادر حسن النية التي تقدمها الصين للولايات المتحدة الأمريكية, وبالرغم من الشراكة الإقتصادية والتجارية ذات النسبة المرتفعة بين البلدين, إلا أن محاولات الهيمنة الأمريكية على شراكتها مع الصين لم تلغى ولم تنتهي أبدا, فأمريكا دائما تريد أن تأخذ وتسيطر وتستفيد من أية شراكة مع الدول دون أن تعطي أو تتعاون أو تشارك أحد… وهذا يختلف عن سياسة الصين التي تهدف من أية إتفاقيات توقعها مع الدول على مبدأ الشراكة والتعاون والإستفادة للجميع...
فأمريكا تعمل بالتنافس الغير شريف من ناحية تجارية وإقتصادية وتحاول الهيمنة والسيطرة على الدول بالتدخل في شؤونها الداخلية وإثارة الفتن بين أية دولة جارة للصين وبين الصين وتستفيد من بعض عملائها ووكلائها الذين يسيطرون على بعض الأراضي الصينية مثل تايوان الصينية حتى لا تعود إلى الوطن الأم وهي الصين، فعقليتها هي عقلية العصابات وما زالت نفس العقلية القديمة منذ إنشائها وتأسيسها بذبح الملايين من الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا إلى يومنا الحالي، وعبر تاريخها الأسود تعتقد أمريكا من خلال تلك الأعمال الوقحة والتدخلات الخبيثة أنها ستهيمن وتسيطر على الدول والأقاليم والقارات المستقلة وذات القرار السياسي والإقتصادي والجغرافي والتاريخي المستقل…
وهذا ما لا ترضاه الصين وحلفائها كروسيا وإيران وكوريا الشمالية...وغيرهم وهو من أهم أسباب التوتر بين الصين وأمريكا، الأمر الذي يجعل أمريكا بسياستها الخبيثة والمزدوجة والشيطانية تضغط على الصين وتتلاعب حسب عهرها السياسي بورقة تايون الصينية بين الفينة والأخرى عبر مسؤوليها من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي كالزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي والتي إستنكرتها الصين وكل حلفائها لكن بيلوسي وقيادتها الصهيوأمريكية نفذوا تلك الزيارة الهوجاء دون الأخذ بتهديدات الصين وحكومتها المركزية في بكين، بالرغم من تصريحات المسؤولين الأمريكيين وإعترافهم بالصين الواحدة وبالرغم من أن هناك قرارات صدرت في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تعترف وتؤكد بالصين الواحدة وبأن تايوان هي مدينة صينية تابعة للوطن الأم وللحكومة المركزية،إلا أن بيلوسي وإدارتها الأمريكية وضعت العالم على أعصابه خوفا من وقوع حربا عالمية قد تحرق الأخضر واليابس، وبالرغم من المناورات الصينية الكبرى التي حاصرت تايوان من كل الجهات إلا أن الصين المعروفة بحكمتها وحنكتها سمحت لتلك الزيارة أن تمر وهددت بإتخاذ إجراءات صارمة في الأيام والأسابيع والأشهر القادمة بحق مسؤولي تايوان وأمريكا...
وأيضا أمريكا تثير المشاكل كثيرا في بحر الصين الجنوبي بين الفينة والأخرى, مما يولد توتر وزيادة الخلافات بين الجانبين, وبحر الصين الجنوبي يشكل منطقة إستراتيجية للتجارة العالمية وهو للصين أساسا, وتطالب الصين دائما عبر الأمم المتحدة بالسيادة على معظمه رسميا, ولا تنكر حق الدول الأخرى به مثل فيتنام وماليزيا وبروناي والفلبين, لكن أمريكا تسيطر سياسيا وإقتصاديا وعسكريا على تلك الدول وتثيرها على الصين لغايات في نفسها الخبيثة والمريضة،
لذلك فالصين تعرف جيدا كيف تتعامل مع الخبث والشيطنة الأمريكية بسياستها الهادئة والحكيمة والمتروية, دون أن تسفك دماء الأبرياء الذين يذهبون ضحايا للحروب والفتن والتدخلات الصهيوأمريكية في الدول وفي كل مكان من العالم، وأيضا الصين لا تنتهك حقوق الدول الجارة لها, وإنطلاقا من ذلك عملت الصين على تطوير نظام مراقبة تحت الماء, الهدف من ذلك النظام تقويض حركة الأسطول الأمريكي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ, وتعزيز التواجد الصيني بشكل كامل في بحر الصين الجنوبي،والمشروع أو النظام سمي بسور الصين المائي العظيم, لتصبح مجموعة من السفن والغواصات وأجهزة الإستشعار قادرة على رصد الأهداف فوق الماء وتحته, بحسب ما أعلنت عنه مؤسسة بناء السفن الصينية, وهو نظام يشبه إلى حد كبير النظام الذي طورته أمريكا في الخمسينيات للكشف عن الغواصات السوفياتية والمسمى (cocus), وبذلك تكون أمريكا الوحشية والفتنوية قد خسرت معركة بحر الصين الجنوبي نهائيا، وستخسر الأهداف التي كانت ترجوها من زيارة بيلوسي لتايوان الصينية...
نعم هكذا تتعامل الدول الكبرى مثل الصين ذات الأخلاق والمبادئ والقيم والشعب الممتد تاريخه وحضارته منذ آلاف السنين مع الدول التي أصبحت كبرى مثل أمريكا على جماجم البشرية ونهب ثرواتها وإيقاع الفتن بين أبناء الوطن الواحد وبين الأخوة والجيران، وأمريكا وشعبها ذو التاريخ الحديث والمزور والذي تم لممته من كل أنحاء العالم تلعب بالنار كثيرا ولا تحسب أي حساب للعواقب التي ستلحق بها فيما بعد وهي بذلك تعمل على إنهاء إمبراطوريتها المزورة والتي أقيمت على قتل الشعوب ونهب خيراتهم وثرواتهم وعلى الكذب والنصب والإحتيال والمراوغة وإزدواجية المعايير والخروج عن القانون الدولي وضرب كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بعرض الحائط وهي بذلك دولة إرهابية تحمل فكر العصابات وخارجة عن القانون الدولي منذ إنشائها لغاية إيامنا الحالية، وستنهار قريبا بإذن الله تعالى وعونه لكل الدول في منطقتنا والعالم والتي تعمل على ذلك ليلا ونهارا وبأعصاب هادئة وحكمة وحنكة ومعرفة بالأمور جميعها وبالذات ما سيؤدي إلى زوال تلك الإمبراطورية الزائفة والظالمة والقاتلة للبشرية جمعاء...
والحكمة والحنكة الصينية المعروفة لدى العالم أجمع رسخت في الصين عدة أسوار صينية عظيمة هزا عرش أمريكا وهزماها أولهما فوق الأرض وثانيهما حول تايوان وثالثهما تحت الماء, وكلاها لحماية أمن الصين ووحدتها والحفاظ على خيراتها وثرواتها وطرق مشاريعها العالمية البرية والبحرية والجوية والحفاظ على جيرانها من شرور أنفسهم ومن التدخل الصهيوأمريكي في منطقتهم، ومن أي خطر مفاجئ أو محتمل من قبل تلك الدولة المتغطرسة والهوجاء والشيطانية, وزيارة بيلوسي وغيرها من المسؤولين الأمريكيبن أو البريطانيين إلى تايوان لم ولن تحقق أهدافها نهائيا مع دام هناك دولة قوية كالصين تطالب بحقها وستنتزعه قريبا وفقا لقرارات الأمم المتحدة بالقوة السياسية أو الإقتصادية وآخرها العسكرية، لأن زياراتهم مشبوهة في أي مكان يقفون على ترابه وأحد أهدفها وضع مسؤولي تايوان رأس حربة ضد وطنهم الأم ووحدة الشعب الصيني ولتزيد من حدة النزاعات في المنطقة برمتها, وهي زيارة من عدة زيارات أمريكية سابقة في تلك المنطقة ولتايوان بالذات وقد زادت وتيرة سرعتها في السنوات الأخيرة للضغط على الصين، وإبعادها عن الوقوف مع حلفائها وعن كل القضايا في منطقتنا وفي العالم أجمع، وهذا لم ينجح في الماضي البعيد والقريب ولن ينجح في المستقبل بإذن الله تعالى...
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي...
كاتـب وباحـث سياسي...