بالرغم من الإنجازات التي تم تحقيقها خلال الحوار الإستراتيجي الإقتصادي بين الصين وأمريكا عبر عدة سنوات مضت إلا أنها بدأت بالرجوع منذ وصول ترامب لغاية سقوطه إلى بايدن وإدارته اليوم، حيث أن أمريكا أصبحت لا تثق بنفسها ولا تهتم بتلك العلاقات لأن سياستها العدوانية والمحبة للسيطرة أصبحت علنا بعد أن كانت من تحت الطاولة وبالذات بعد صعود الصين والتي أصبحت أكبر قوة إقتصادية في العالم ولها ثقلها السياسي المتوازن في كل القضايا العالمية وأيضا هي تمتلك قوة عسكرية كبيرة ويجب أن لا يستهان بها من قبل أمريكا خاصة والغرب عامة والذي أصبح معظم إقتصاده متوقف على صناعات الصين التكنولوجية المتطورة...
وأمريكا في الماضي ولغاية اليوم لا تريد التعاون والشراكة بينهما بل تريد الهيمنة على أي إتفاقية أو قرار عالمي إقتصادي أو في أي مجال يفيد الشعبين أو الإنسانية بشكل عام، لذلك تسعى أمريكا وبإستمرار إلى زيادة الضغوطات على الصين تارة بدعم أدواتها ووكلائها في تايوان لوجستيا وتحريضهم لعدم العودة للوطن الأم بالرغم من قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد على الصين الواحدة وبأن تايوان هي مدينة صينية، وتارة أخرى ببحر الصين الجنوبي الذي يشكل منطقة إستراتيجية للتجارة العالمية وهو للصين أساسا ولا تنكر حق الدول الأخرى به مثل فيتنام وماليزيا وبروناي والفلبين..وغيرها، وأمريكا تسيطر على قرارات تلك الدول وتثيرها على جارتهم الصين الشعبية بين الفينة والأخرى، وتارة بجزر الصين في اليابان وأمريكا تستخدم كافة المؤامرات وفي كل المجالات الإقتصادية والسياسية والعسكرية, وتثير الفتن والخلافات وتحرض جيران الصين عليها, لتبقيها مشغولة عن قضايا ومصالح المنطقة والعالم, وتلهيها بنزاعات مفتعلة مع جيرانها وإخوتها في منطقتها وفي آسيا بشكل عام....
والصين تقدم حسن النية لأمريكا دائما وتسعى دائما لوضع إتفاقية بينية بين البلدين تعمل من خلالها على محاربة الفساد, وإسترجاع الأموال التي تم تبيضها بطريق مباشرة أو غير مباشرة …..وغيرها من الأمور التي تحافظ على إقتصاد البلدين والعالم, وأمريكا وقراراتها وتصرفاتها الرعناء لا تخدم البلدين ولا الشعبين ولا العالم, ولا تساعد على إيجاد الحلول المناسبة والتي ترضي الجميع بقضايا المنطقة والقضايا العالمية، رغم أن هناك ثلاث نقاط أساسية مرتبطة في الإنجازات التي تحققت بين البلدين عبر عدة سنوات مضت وهي:-
1- حجم الإستثمار بين البلدين, فإجمالي قيمة الإستثمارات من الصين للولايات المتحدة تفوق إستثمارات أمريكا في الصين.
2- شراكة الصين بحل القضايا الإقتصادية والسياسية الدولية, وعلى سبيل المثال وليس الحصر, الملف النووي الإيراني والذي كان وما زال للصين الدور الكبير للعمل على حل هذا الخلاف بين الغرب المتصهين وإيران, وهذا الدور سيقضى على التوتر بين تلك الدول, ودورها في محاولات حل المشكلة الأمريكية مع كوريا الشمالية ولا ننسى أيضا محاولات التهدئة وضبط النفس التي تدعو بها حليفتها روسيا لإنهاء العملية الروسية في أوكرانيا،. وأيضا دعواتها بتصدير الغذاء العالمي والطاقة للعالم أجمع وبأسعار مستقرة مما يؤدي إلى إستقرار وإنتعاش الإقتصاد العالمي.
3- إصرار الصين على السير نحو إتفاقية محاربة الفساد وتبيض الأموال في الأمم المتحدة, والإتفاقات البينية في منظمة أوبك.وتطبيق جزء منها بثنائية الدولتين، وهذا كله جهد صيني مع حلفائها, بعضها بموافقة أمريكا والبعض الآخر بموافقة حلفائها والأمم المتحدة...
فأمريكا ورغم توقيع عدة إتفاقيات مع الصين إلا أنها دائما وأبدا تسعى إلى تقزيم الدور الصيني إقتصاديا وسياسيا وعسكريا وفي كل المجالات,ومثال على ذلك أن أمريكا تحاول تقييد الصين في التقدم التكنولوجي الذي إستفادة منه البشرية جمعاء وتمنع تصدير بعض التكنولوجيا إلى الصين, وتتهرب من تطبيق إتفاقية الإستثمار المباشر وتعزيزه بين البلدين لتأمين فرص عمل للشعبين…وغيرها من الأمور التي تعزز التبادل والتعاون والمنفعة المشتركة للبلدين والشعبين والعالم أجمع...
لذلك تسعى أميركا دائما إلى إشغال الصين بأزمات ثنائية مع جيرانها وغيرهم وبكافة الأمور والمجالات, ولكن الصين بهدوء وحكمة قيادتها والحزب الحاكم تستطيع التعامل مع هذه الشيطنة الأمريكية وبكل الأوجه الشرعية والقانونية بالرغم من قوتها وقدرتها العسكرية الكبيرة والتي تستطيع من خلالها سحق أمريكا وكل وكلائها وأدواتها في منطقتهم، وخوفا ومنعا لوقوع حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر تلجأ الصين الشعبية إلى الأمم المتحدة وإلى حلفائها الروس والإيرانيين بالذات وبعض الدول العربية والإسلامية الأخرى والهند وأمريكا الشمالية...وغيرهم، وتتعامل برفق وتأني حتى مع جيرنها حلفاء وأدوات ووكلاء أمريكا لحل أي توتر تفتعله أمريكا هنا وهناك لإفشال مخططاتها الجهنمية وأطماعها التوسعية بالسيطرة على العالم وعلى الأرض وما عليها لا سمح الله ولا قدر...
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي..
كاتب وباحث سياسي...