بقلم /الدكتور محمد سيد احمد
لم تهاجم ثورة في التاريخ مثلما هوجمت ثورة 23 يوليو 1952، فعلى الرغم من مرور ما يزيد على ستة عقود ونيف من الزمان على قيامها، إلا أنها محل جدل كبير ما زال يتكرر وتتصاعد وتيرته مع كل ذكرى سنوية لها، فهناك آلاف الكتب، وأطنان من الأوراق والأحبار التي استهلكت في مقالات صحفية، وساعات بث واسعة عبر الإذاعات والشاشات، ثم أخيرا مساحات غير محدودة عبر الشبكة العنكبوتية –الإنترنت- سواء على المواقع أو صفحات التواصل الاجتماعى تحاول أن تنال منها.
وحتى اللحظة الراهنة ما زال بعض الكارهين لها ولقائدها يصفونها بالانقلاب العسكري في محاولة لتشويهها، لكن هذه المحاولات الفاشلة لا يمكن أن تصمد أمام العلم كثيرا، فمن المعروف والثابت والمستقر والمتفق عليه في أدبيات العلوم الاجتماعية والسياسية أن الثورة "هي إحداث تغيير جذرى في بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية"، هذا هو جوهر مفهوم الثورة.
لذلك يمكننا التأكيد بما لا يدع مجال للشك أن الثورات لا يحكم عليها إلا بنتائجها، فإذا أحدثت تغييرا جذريا في بنية المجتمع وأحدثت تغييرا حقيقيا في خريطته الطبقية المختلة وأعادتها إلى توازنها بحيث تبرز الطبقة الوسطى على حساب الطبقات الدنيا الفقيرة والكادحة والمهمشة نكون هنا أمام ثورة حقيقية، وإذا لم يحدث التغيير الجذرى في بنية المجتمع وظلت الخريطة الطبقية المعتلة كما هي فأننا أمام أي شيئ آخر غير الثورة.
لذلك نستطيع أن نقول وبقلب وضمير مستريح وبعيدا عن أي مواقف غير موضوعية إن ثورة 23 يوليو 1952 هي الثورة الحقيقية الوحيدة حتى اللحظة الراهنة في تاريخ الشعب المصرى، لأنها الثورة الوحيدة التي أحدثت تغييرا جذريا إيجابيا في بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وهى الثورة الوحيدة في تاريخنا التي انتصرت للفقراء والكادحين والمهمشين ومكنتهم من حقوق المواطنة، وهو ما أدى إلى حدوث حراك اجتماعى صاعد لقطاعات واسعة من أبناء الشرائح الطبقية الدنيا تمكنوا من العبور والصعود والاستقرار بكرامة في فناء الطبقة الوسطى.
ويلخص قائد الثورة جمال عبد الناصر أحوال المجتمع المصرى عشية قيام الثورة في إحدى خطبه حيث يقول: "500 مليون جنيه من 700 واحد.. طب والـ27 مليون عندهم إيه.. ده الوضع اللى ورثناه.. ده الاشتراكية لما يبقى فيه عدالة اجتماعية.. ولكن مش العدالة الاجتماعية ولا المجتمع اللى نعيش فيه واحد بيكسب نصف مليون جنيه في السنة.. وبعدين كاتب لأولاده أسهم كل واحد نصف مليون جنيه.. طب والباقين الناس اللى ليهم حق في هذه البلد.. أيه نصيبهم في هذه البلد.. يورثوا إيه في هذه البلد.. لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون الغنى إرثا والفقر إرثا والنفوذ إرثا والذل إرثا.. ولكن نريد العدالة الاجتماعية.. نريد الكفاية والعدل.. ولا سبيل لنا بهذا إلا بإذابة الفوارق بين الطبقات.. ولكل فرد حسب عمله.. لكل واحد يعمل.. لكل واحد الفرصة.. لكل واحد العمل.. ثم لكل واحد ناتج عمله".
وبتأمل كلمات قائد ثورة يوليو نكتشف كيف كانت أحوال المصريين؟ وكيف كانت الخريطة الطبقية؟ ونكتشف أيضا رؤيته الثاقبة وقراءته النافذة التي مكنته من وضع يده على الجرح العميق في جسد المجتمع المصري، وقدرته الفائقة على التشخيص السليم وكتابة العلاج، والذي تمثل في تحديد الأولويات التي جعلت من العدالة الاجتماعية الحل الأمثل التي لا يمكن أن تتحقق إلا بتذويب الفوارق بين الطبقات، لذلك جاء مشروعه المنحاز للفقراء والكادحين والمهمشين منذ اللحظة الأولى ليوجه ضربات قاصمة إلى الإقطاعيين والرأسماليين الأجانب الذين لم يتجاوز عددهم 700 شخص كانوا يحوزون الثروة والسلطة والنفوذ.
فخلال الأيام الأولى لثورة يوليو كانت المواجهة مع القوى الاقتصادية المسيطرة المتمثلة في رموز الإقطاع، فكان صدور قانون الإصلاح الزراعى ضربة قاضية أحدثت تغييرا جذريا في البنية الاقتصادية والاجتماعية انعكست على شكل الخريطة الطبقية للمجتمع المصرى، تبعتها ضربات سياسية لتغيير جذرى في البنية السياسية التي كانت حكرا على مجموعة من الأحزاب التي يتربع عليها مجموعة من البشوات والبهوات والأفندية بعيدا عن الجماهير الشعبية..
فجاءت هيئة التحرير ثم الاتحاد القومى ثم الاتحاد الاشتراكى تنظيما سياسيا جامعا لقوى الشعب العامل، ولأول مرة يتم تمكين جموع المصريين من المشاركة السياسية وإمكانية الصعود للسلطة، فكانت نسبة 50 % للعمال والفلاحين في المجالس المنتخبة تمييزا إيجابيا لظلم تاريخى، ثم نص دستور 1956 على حق المرأة في الترشح للبرلمان خطوة سبقت فيها مصر بريطانيا العظمى التي لم يمكن دستورها المرأة من الترشح إلا في عام 1958، وهنا تغيير جذري في البنية السياسية، ثم كان التعليم المجانى ودعم الدولة للعلوم والفنون والثقافة الجماهيرية تغيير جذري في البنية الثقافية للمجتمع المصرى.
هذا التغيير الجذرى في بنية المجتمع المصرى الذي انعكس على الخريطة الطبقية المختلة قبل ثورة 23 يوليو 1952 والتي كان يتم فيها الفرز الاجتماعى على قدم وساق، حيث الأغنياء يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقرا، فجاءت ثورة يوليو لتنحاز للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين والمهمشين، فكانت مجمل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية تصب في صالح هؤلاء، لذلك يمكننا القول إن هذه الثورة هي الثورة الحقيقية وفقًا للتقييم العلمى لها، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
لم تهاجم ثورة في التاريخ مثلما هوجمت ثورة 23 يوليو 1952، فعلى الرغم من مرور ما يزيد على ستة عقود ونيف من الزمان على قيامها، إلا أنها محل جدل كبير ما زال يتكرر وتتصاعد وتيرته مع كل ذكرى سنوية لها، فهناك آلاف الكتب، وأطنان من الأوراق والأحبار التي استهلكت في مقالات صحفية، وساعات بث واسعة عبر الإذاعات والشاشات، ثم أخيرا مساحات غير محدودة عبر الشبكة العنكبوتية –الإنترنت- سواء على المواقع أو صفحات التواصل الاجتماعى تحاول أن تنال منها.
وحتى اللحظة الراهنة ما زال بعض الكارهين لها ولقائدها يصفونها بالانقلاب العسكري في محاولة لتشويهها، لكن هذه المحاولات الفاشلة لا يمكن أن تصمد أمام العلم كثيرا، فمن المعروف والثابت والمستقر والمتفق عليه في أدبيات العلوم الاجتماعية والسياسية أن الثورة "هي إحداث تغيير جذرى في بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية"، هذا هو جوهر مفهوم الثورة.
لذلك يمكننا التأكيد بما لا يدع مجال للشك أن الثورات لا يحكم عليها إلا بنتائجها، فإذا أحدثت تغييرا جذريا في بنية المجتمع وأحدثت تغييرا حقيقيا في خريطته الطبقية المختلة وأعادتها إلى توازنها بحيث تبرز الطبقة الوسطى على حساب الطبقات الدنيا الفقيرة والكادحة والمهمشة نكون هنا أمام ثورة حقيقية، وإذا لم يحدث التغيير الجذرى في بنية المجتمع وظلت الخريطة الطبقية المعتلة كما هي فأننا أمام أي شيئ آخر غير الثورة.
لذلك نستطيع أن نقول وبقلب وضمير مستريح وبعيدا عن أي مواقف غير موضوعية إن ثورة 23 يوليو 1952 هي الثورة الحقيقية الوحيدة حتى اللحظة الراهنة في تاريخ الشعب المصرى، لأنها الثورة الوحيدة التي أحدثت تغييرا جذريا إيجابيا في بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وهى الثورة الوحيدة في تاريخنا التي انتصرت للفقراء والكادحين والمهمشين ومكنتهم من حقوق المواطنة، وهو ما أدى إلى حدوث حراك اجتماعى صاعد لقطاعات واسعة من أبناء الشرائح الطبقية الدنيا تمكنوا من العبور والصعود والاستقرار بكرامة في فناء الطبقة الوسطى.
ويلخص قائد الثورة جمال عبد الناصر أحوال المجتمع المصرى عشية قيام الثورة في إحدى خطبه حيث يقول: "500 مليون جنيه من 700 واحد.. طب والـ27 مليون عندهم إيه.. ده الوضع اللى ورثناه.. ده الاشتراكية لما يبقى فيه عدالة اجتماعية.. ولكن مش العدالة الاجتماعية ولا المجتمع اللى نعيش فيه واحد بيكسب نصف مليون جنيه في السنة.. وبعدين كاتب لأولاده أسهم كل واحد نصف مليون جنيه.. طب والباقين الناس اللى ليهم حق في هذه البلد.. أيه نصيبهم في هذه البلد.. يورثوا إيه في هذه البلد.. لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون الغنى إرثا والفقر إرثا والنفوذ إرثا والذل إرثا.. ولكن نريد العدالة الاجتماعية.. نريد الكفاية والعدل.. ولا سبيل لنا بهذا إلا بإذابة الفوارق بين الطبقات.. ولكل فرد حسب عمله.. لكل واحد يعمل.. لكل واحد الفرصة.. لكل واحد العمل.. ثم لكل واحد ناتج عمله".
وبتأمل كلمات قائد ثورة يوليو نكتشف كيف كانت أحوال المصريين؟ وكيف كانت الخريطة الطبقية؟ ونكتشف أيضا رؤيته الثاقبة وقراءته النافذة التي مكنته من وضع يده على الجرح العميق في جسد المجتمع المصري، وقدرته الفائقة على التشخيص السليم وكتابة العلاج، والذي تمثل في تحديد الأولويات التي جعلت من العدالة الاجتماعية الحل الأمثل التي لا يمكن أن تتحقق إلا بتذويب الفوارق بين الطبقات، لذلك جاء مشروعه المنحاز للفقراء والكادحين والمهمشين منذ اللحظة الأولى ليوجه ضربات قاصمة إلى الإقطاعيين والرأسماليين الأجانب الذين لم يتجاوز عددهم 700 شخص كانوا يحوزون الثروة والسلطة والنفوذ.
فخلال الأيام الأولى لثورة يوليو كانت المواجهة مع القوى الاقتصادية المسيطرة المتمثلة في رموز الإقطاع، فكان صدور قانون الإصلاح الزراعى ضربة قاضية أحدثت تغييرا جذريا في البنية الاقتصادية والاجتماعية انعكست على شكل الخريطة الطبقية للمجتمع المصرى، تبعتها ضربات سياسية لتغيير جذرى في البنية السياسية التي كانت حكرا على مجموعة من الأحزاب التي يتربع عليها مجموعة من البشوات والبهوات والأفندية بعيدا عن الجماهير الشعبية..
فجاءت هيئة التحرير ثم الاتحاد القومى ثم الاتحاد الاشتراكى تنظيما سياسيا جامعا لقوى الشعب العامل، ولأول مرة يتم تمكين جموع المصريين من المشاركة السياسية وإمكانية الصعود للسلطة، فكانت نسبة 50 % للعمال والفلاحين في المجالس المنتخبة تمييزا إيجابيا لظلم تاريخى، ثم نص دستور 1956 على حق المرأة في الترشح للبرلمان خطوة سبقت فيها مصر بريطانيا العظمى التي لم يمكن دستورها المرأة من الترشح إلا في عام 1958، وهنا تغيير جذري في البنية السياسية، ثم كان التعليم المجانى ودعم الدولة للعلوم والفنون والثقافة الجماهيرية تغيير جذري في البنية الثقافية للمجتمع المصرى.
هذا التغيير الجذرى في بنية المجتمع المصرى الذي انعكس على الخريطة الطبقية المختلة قبل ثورة 23 يوليو 1952 والتي كان يتم فيها الفرز الاجتماعى على قدم وساق، حيث الأغنياء يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقرا، فجاءت ثورة يوليو لتنحاز للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين والمهمشين، فكانت مجمل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية تصب في صالح هؤلاء، لذلك يمكننا القول إن هذه الثورة هي الثورة الحقيقية وفقًا للتقييم العلمى لها، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق