عندما أحاول أن أكتب عن سيرة أحد الأبطال الميامين الذين سقطوا في ميادين الشرف والبطولة وكان لهم السبق وشرف الانتماء وتأسيس المؤسسة الدفاعية ( الجيش الجنوبي ) أجد صعوبة في اختيار الكلمات والعبارات والحديث عن حياة ومناقب وصفات الشهيد البطل اللواء الركن محمد صالح طماح وعن ادوارة البطولية ليس بالأمر السهل لكونني لست من الرعيل الأول الذين عاصروا مرحلة الستينيات والسبعينيات وعاشوا مع هذا القائد البطل في أحلك الظروف واصعبها وعرفوا عنه الكثير والكثير .
لقد سطع نجم القائد طماح في سماء الجنوب واشتهر اسمه وذاع صيته داخل المؤسسة العسكرية في جيش ج .ي .د .ش .وكان من ضمن القادة العسكريين الأبطال الأوفياء الذين يشار لهم بالبنان ويضرب بهم اروع الأمثال في الشجاعة والإخلاص والتفاني والإقدام وحب الوطن ونكران الذات أمثال الشهيد البطل اللواء الركن سالم قطن والشهيد اللواء الركن علي ناصر هادي والشهيد اللواء الركن أحمد سيف اليافعي وفقيد الوطن البطل العميد الركن بدر صالح السنيدي والشهيد البطل العميد الركن صالح عبدالله البكري وكثير من القادة العسكريين الأبطال رفاق درب الشهيد البطل محمد صالح طماح قد لايتسع المجال لذكرهم وحصر أسمائهم في هذه العجالة.
كنت أسمع عن القائد طماح وانا صغير السن ومع مرور الأيام والسنين التقيت به وتعرفت عليه وكان لي الشرف والفخر والاعتزاز بمعرفته وتوطدت علاقتي به أكثر وأكثر وكان بالنسبة لي بمثابة القائد والمعلم والأب الحنون .
لم أتعرف على القائد طماح في مجالس ومقايل القات وحفلات الأعراس بل تعرفت عليه في ساحات النضال وميادين الشرف والبطولة وساحات الوغى والعزة والكرامة.
حين التقي به ونتبادل أطراف الحديث ونناقش الوضع والمستجدات على الساحة الجنوبية يتحدث بكل قوة وعزيمة وإصرار وكان يقول لي دائما" يجب علينا أن لا نيئس ولابد أن نصبر ونتحمل ونتجاوز كل الصعاب.
استمع إليه بانصات وهو يتحدث بطلاقة بلغة السياسي الرصين والقائد العسكري المحنك الذي عاصر وعاش كثير من المراحل وعصرته التجارب وصغلته الأحداث.
يتكلم بمرارة ونبرات حزينة عن الحال الذي وصلنا إليه والخطأ الكارثي في دخول شعب الجنوب في وحدة اندماجية غير مدروسة مع الشمال.
انظر اليه واقرأ من تجاعيد وجهه ونظراته أن الرجل يحمل بداخله هموم شعب يرزح تحت وطأة احتلال همجي غاشم لم يسبق له مثيل اطلاقا"
حينها أسأل نفسي وأقول هل حقا" هذا هو القائد طماح الذي أمامي ؟ الفارس الجسور !والشاجع المشهور ! والمناضل الغيور !
ببساطته وتواضعه ودماثة اخلاقة ونزاهته وصراحته والمجاهرة في قول الحق كسب حب واحترام الجميع
تخلى القائد البطل طماح عن الجنسية الأمريكية وترك رغد العيش في المهجر وعاد ليذود عن حياض الوطن ويشارك مع أبناء شعبة الجنوبي في ساحات النضال وجيهات القتال حاملا" روحة على اكفة لايهاب الموت .
اشهر القائد طماح سلاحه في وجه الغزاة وأعلن الكفاح المسلح في الوقت الذي كان فيه الكثير ينادون بالنضال السلمي
وبالرغم من تفوق العدو بالعدة والعتاد والقوة كانت غير متكافئة إلا أن القائد البطل طماح قد كسر حاجز الخوف وكانت قوة الحق أقوى من أسلحة المحتلين وجحافلهم العسكرية المنتشرة على طول وعرض الجنوب .
قبل أن يقام مهرجان زنجبار بثلاثة أيام وصل القائد طماح ومعه مجموعة كبيرة من أبناء يافع وذهبنا لاستقبالة في منطقة الحامي على ضفاف وادي بناء وقال لنا لن ندخل زنجبار ونشارك في المهرجان إلا واسلحتنا بأيدينا لكي ندافع عن أنفسنا من بطش قوات الأمن المركزي والنجدة يكفي ماحدث قبل أسبوعين في يوم 7يوليو من حملة اعتقالات واستخدام القوة المفرطة وقتها كانت قوات الأمن المركزي وقوات من اللواء 312 تتمركز بالاطقم والمصفحات في أطراف مدينة باتيس على مدخل يافع وفي صبيحة يوم 23 يوليو 2009 م قامت قوات الاحتلال بارتكاب مجزرة زنجبار سقط في هذه المجزرة 24 شهيدا وأكثر من 50 جريح وقتها قررنا مهاجمة النقطة ردا" على المجزرة واستمرت الاشتباكات لأكثر من ثلاث ساعات وبفضل من الله وبفضل شبابنا الأبطال البواسل استطعنا اقتحام النقطة وارغمناهم على الانسحاب وتم اغتنام طقم وأسر ضابط وسته جنود واستمرينا في مهاجمة النقاط ليلا" مستخدمين أسلوب حرب العصابات والكر والفر والمباغتة بقيادة القائد طماح
أما بالنسبة للحديث عن معركة العر ضد قوات الحرس الجمهوري العفاشي ومعارك القطاع الغربي في ردفان منطقة الحبيلين الذي كان يقودها القائد البطل طماح نترك تفاصيلها لمن كانوا في قلب الحدث وشاركوا فيها وكانوا مع القائد المقدام ابوقاصد لحظة بلحظة.
كان آخر لقاء لي به بعد تعيينه رئيسا" للاستخبارات العسكرية والاستطلاع عند عودته إلى عدن من المملكة العربية السعودية اتصل بي صهره الأخ والصديق نائف الصهيبي وقال لي عمك محمد يريدك وذهبت آلية وقابلته في شقته التي استاجرها في كورنيش المحافظ واستقبلني بكل حفاوة وترحاب.
هذا ماهو الا جزء يسير ونقطة من بحر من أدوار الشهيد القائد ويعتبر شهادة لله ثم للتاريخ ومن أجل إسكات أفواه المشككون والجاحدون ومن يحاولون إنكار تاريخ الرجال الأبطال وطمس صفحاتهم ناصعة البياض وتاريخهم المشرق والاستنقاص والنيل منهم ولكن هيهات سيظل الشهيد طماح رمزا" للنضال ومدرسة ينهل منها الأجيال معاني الوفاء والإخلاص والأقدام والفداء والتضحية وسيدون التاريخ مواقفة بأحرف من نور
وداعا" قائدي ومعلمي الشهيد البطل اللواء الركن محمد طماح
ونعاهدك أننا على دربكم سائرون حتى نستعيد وطننا المسلوب من أيدي الاحتلال الشمالي الغاشم وسيرتفع علم الجنوب عاليا" رغم أنف الحاقدين ولن نلتفت او نستمع إلى نعيق الغربان ومن يحاولون الاصطياد في الماء العكر
نم قرير العين فلانامت اعين الجبنا ونسأل من الله أن يحشرك مع الأنبياء والصديقين ويرحمك برحمته ويسكنك بالفردوس الأعلى من الجنة.
نائف ابونواف اليافعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق