د/ محمد سيد احمد
حاول الغرب الاستعمارى قديما إلصاق تهمة الإرهاب بالدين الإسلامي عبر تشكيل ودعم بعض التنظيمات الإرهابية، التي رفعت شعارات إسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي خرجت من تحت عباءتها بعد ذلك، وفى سبعينيات القرن العشرين وما بعدها العديد من التنظيمات الإرهابية المنتسبة زورا وبهتانا للإسلام..

وعبر السيطرة الإعلامية الغربية على الرأى العام العالمى تم تسويق الإرهاب كمنتج إسلامى، ومع صعود نجم الولايات المتحدة الأمريكية كقوى استعمارية جديدة في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وأثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى أخذت زمام المبادرة لتسويق الإرهاب كمنتج إسلامى، عبر سيطرتها على الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تشكل العقل الجمعي العالمي.
فذهبت إلى أفغانستان لمواجهة ما أسمته المد الشيوعي الإلحادي في مناطق تنتشر بها التجمعات المسلمة، وطالبوا من الجماعات الإرهابية التي صنعتها القوى الاستعمارية القديمة بالذهاب إلى هناك لنصرة الإسلام والمسلمين بعد أن مدتهم بالمال والسلاح، وأطلقت عليهم الآلة الإعلامية الأمريكية اسم المجاهدين، وأصبحوا ألعوبة في يدها تحركهم كما تشاء..
وبعد انتهاء مهمتهم في أفغانستان قامت الولايات المتحدة بإعادة تدويرهم مرة أخرى داخل مجتمعاتنا العربية والإسلامية لتمزيقها وتفتيتها وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار، واستخدمت الآلة الإعلامية لشيطنة الدين الإسلامى وروجت لمفاهيم مثل الإسلاموفوبيا لترعب العقل الجمعى العالمى من المسلمين لدرجة أصبح الإسلام والمسلمين بالنسبة للمواطن الغربي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي صنعت على عين الإدارة الأمريكية وعبر إخراج هليودى مبهر هما الإرهاب ذاته.
وبالطبع وعبر سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم بعد انتهاء الحرب الباردة واختفاء القطبية والدوران في فلك القطب الواحد، استطاعت أن تسيطر أكثر على الجماعات الإرهابية الرافعة لشعارات إسلامية وتهيمن بشكل كامل على الآلة الإعلامية الجديدة، في ظل تطور وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات..
وفى هذه المرحلة قامت بإيهام العالم بأن الإرهاب منتج إسلامى صرف فتنظيم القاعدة امتدت أذرعه لكل بقاع المعمورة فكل حادث إرهابي في العالم ينسب إليه وبالتالى إلى الإسلام والمسلمين، ومع ظهور تنظيم داعش للوجود قامت الآلة الإعلامية الأمريكية بإيهامنا أنه قد تسلم الراية من تنظيم القاعدة، ليمارس عمليات إرهابية أكثر وحشية، ويحاولون أن يثبتوا للعقل الجمعى العالمى أن الإسلام والمسلمين هم المفرخ الأول للإرهاب في العالم.
وفى محاولة تبديد هذا الوهم لابد من التأكيد على أن هناك العديد من الجماعات والتنظيمات الإرهابية المنتسبة للدين اليهودي والدين المسيحي حول العالم، بل هناك العديد من الممارسات الإرهابية مسجلة باسم بعض اليهود والمسيحيين قبل وبعد ظهور الإسلام، فاليهود منذ الحكم الرومانى في فلسطين ظهرت لديهم أقدم جماعة إرهابية عرفت باسم "سيكاري" أي الخنجر باللغة اللاتينية.
و"حملة الخنجر" كانوا يخبئون الخناجر داخل ملابسهم ليباغتوا ويقتلوا مخالفى الشريعة اليهودية، بل كل من يخالفهم في الرأى من القادة والجنود الرومان، وممارساتهم الحديثة وإبادة الشعب العربي الفلسطينى، والعبث بالمقدسات الإسلامية والمسيحية ومجازر المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، وقانا وصبرا وشاتيلا وغيرها حتى اليوم خير شاهد وخير دليل..
ولعل من أبرز الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي ترفع شعارات الدين اليهودي اليوم جماعة مزراحى وجماعة المفدال وجماعة كاخ وجماعة التنظيم اليهودى المقاتل وجماعة أحباء الهيكل وغيرها.
وكما هو الحال في اليهودية فالتاريخ يوثق العديد من الممارسات الإرهابية لبعض المنتسبين للدين المسيحى الذين استخدموا الدين المسيحى وشعار الصليب في تنفيذ مخططات سياسية توسعية، عبر ما عرف تاريخيا بالحروب الصليبية للاستيلاء على الأماكن المقدسة وبيت المقدس وثروات الشرق، حيث كانوا يرسمون الصليب على صدورهم ويوهمون شعوبهم، بأنهم ذاهبون لنصرة المسيحيين الشرقيين المضطهدين تحت الحكم العربي الإسلامى..
وفى طريقهم ارتكبوا أبشع الجرائم ضد المدنيين العزل من الشيوخ والنساء والأطفال، وحديثا هناك العديد من الممارسات الإرهابية لعل أبرزها هي عملية التطهير العرقى ضد مسلمى البوسنة والهرسك على يد المسيحيين الصرب، حيث قتلوا ما يقرب من 50 ألف نسمة واغتصاب آلاف النساء وقتل وذبح الشيوخ والأطفال..
وما جماعات اليمين المتطرف في أوروبا الآن إلا شاهدا ودليلا على الإرهاب الذي يمارس تحت شعار المسيحية، ولعل الحادث الإرهابي الذي شهدته نيوزيلندا هذا الأسبوع من قبل إرهابى مسيحى قام بهجوم مسلح على مسجدين وفتح النيران على المصلين فخلف 49 قتيلا وعشرات المصابين يؤكد ويدعم أن هناك إرهاب يتم تحت شعارات مسيحية.
وبعد أن بددنا الوهم حول أن الإرهاب منتج إسلامى كما تحاول الآلة الإعلامية الغربية (الأمريكية – الصهيونية) أن توهم الرأى العام العالمى بذلك، يمكننا القول أن الإرهاب منتج لا إنسانى لا يمت لشرائع الله بصلة، فاليهودية والمسيحية والإسلام بريئة من هؤلاء المنتسبين إليها ويمارسون الإرهاب وهم رافعون لشعارات دينية..
لذلك لابد أن يفيق الرأى العام العالمى ويخرج العقل الجمعى من هيمنة المروجين لمفاهيم كاذبة وخادعة، لتحقيق مكاسب سياسية باستخدام الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي أصبحت أخطر الجنرالات في زمن الجيل الرابع والخامس للحروب، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق