اخبار ذات صلة

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2023

حماس وتشيرشل والتقييم الشعبي




📌الكاتب : زيد نعيم الطوباسي (الايوبي)


كلنا تابعنا تصريحات امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الاخ حسين الشيخ ابو جهاد حول ضرورة تكريس تقييم وطني لاداء الفصائل الفلسطينية بعد العدوان على غزة وتابعنا ايضا ردود عضو المكتب السياسي لحركة حماس اسامة حمدان على تصريحات الاخ ابو جهاد والتي سعى فيها هذا الاخير لتخوين كل من يدعو للتقييم والمسائلة  .


كنت اتمنى على قيادات حماس ان يردوا بشكل آخر فيه احترام لعقل الشعب الفلسطيني القائم على التعددية السياسية كأن تقول الحركة مثلا (نحن لسنا فوق شعبنا ولسنا قيمة مقدسة وجاهزون للتقييم لأدائنا وسلوكنا وسنحترم رأي شعبنا الى اختار  محاسبتنا او مكافأتنا فنحن من هذا الشعب نخطئ ونصيب وجل من من لا يخطيء)  


لكن بكل اسف كانت ردود الافعال الحمساوية انفعالية تعبر عن فوقية فكرهم وقناعاتهم بانهم حلقة من حلقات النبوة وانهم اولياء الله على الارض لذلك هم منزهون عن النقد والتقييم لانهم وصلوا وفقا لقناعاتهم لمرحلة القداسة ومجرد طرح فكرة تقييم ادائهم  فهذا يعطيهم الحق بتخوين وتكفير من يفكر بمجرد طرح فكرة التقييم.


في اعتقادي ان محاولة بعض  الفضائيات للجييش والتهييج لصالح حماس بشكل يسلخ الناس عن عقلهم وعن إعمال منهج العقل والتفكير وهذا واضح بشكل جلي من سلوك بعض الفضائيات التي تريد ان تصنع من حماس اسطورة مقدسة وقوة عظمى تحقق انتصارات نوعية على الاسرائيليين علما بان حجم المآسي والدمار والمجازر التي ينفذها الاحتلال في غزة غير مسبوق في تاريخ شعبنا ولا ادري كيف لاي فصيل الحديث عن تحقيق انتصارات قبل انتهاء العدوان   ،، 


بكل الاحوال لا اريد ان اناقش وجود انتصارات او هزائم من عدمها في هذا المقام لان ذلك سيتجلى مع نهاية العدوان وفقا  للنتائج  التي ستتحدث عن نفسها .

ولكن هل يوجد شخص او حركة او فصيل او او طار او مؤسسة  في فلسطين منزه او منزهة عن التقييم والمسائلة الوطنية .

اعتقد انه شعبنا برمته لا يقبل فكرة تنزيه اي كان فالجميع يجب يكافأ ويسأل وفقا لانجازاته واخفاقاته  وتمسك  حماس بانها قيمة اخلاقية مطلقة ومقدسة لا تخضع للتقييم هو تفكير فيه الكثير من معاني الاستهانة والاستهتار بعقول الناس  بل  ينضوي على انكار لحق المواطن في اعتناق المنهج الفكري السياسي والاجتماعي الذي يطمئن له ويقتنع به  .


في هذا السياق لابد من الحديث عن تجربة ونستون تشيرشل الذي كان رئيسا لوزراء بريطانيا  المنتصرة في الحرب العالمية الثانية حيث اعلن جيشه الانتصار الحقيقي على المانيا النازية من قلب العاصمة برلين .

هذا الرجل كان اسطورة اروبا كلها وليست بريطانيا فحسب  وانتصر وانهى بنفسه التهديد الالماني لمكانة بلاده في حرب عالمية  شعواء لازالت نتائجها وآثارها يعيشها العالم الى اليوم ، لكن بعد ان وضعت الحرب اوزارها اجرى الشعب البريطاني تقييم له وهو المنتصر وصاحب الانجاز التاريخي فهزم  في الانتخابات البرلمانية هزيمة شنيعة امام حزب العمال البريطاني لكنه بقي يناضل لاعادة تقييمه بشكل ايجابي من قبل شعبه ففاز في الانتخابات التالية وعاد رئيسا للوزراء من جديد.


تشيرشل لم يخون من خالفوه الرأي ولم يكفرهم ولم يدعي انه منزه عن التقييم لانه حلقة من حلقات سيرة اليسوع وانه خليفة الله على الارض بل طور من اداءه بشكل يقنع فيه شعبه واحزابه فاحتضنه شعبه من جديد وعاد رئيسا للوزراء وعندما صعد الى المنصة ليلقي خطاب  الانتصار في الانتخابات قال حرفيا: (لقد احترمت خيارات شعبي فقدرني واعاد انتخابي)        


اعتقد  ان التجربة السياسية لتشيرشل جديرة  بالاقتداء بها لدى كل شعوب الارض وتقييم الاداء السياسي هو مطلب شعبي دائما وابدا لمعالجة الاخفاقات وتطوير الاسلوب والاداء والاليات التي تخدم شعبنا وتحافظ على منجزاته الوطنية ولا يمكن قبول التعامل مع فكرة التقييم على اساس انها فكرة عدوانية او خيانية  او الحادية ،،،انا كفلسطيني لن اقبل ان يكون لدينا شخص او فصيل او مؤسسة منزه او منزهة عن التقييم والثواب والعقاب ..ومحاولة استخدام الارهاب الفكري والاغتيال المعنوي لمن يختلف مع اي فصيل هو اعتداء على الحريات والتعددية السياسية التي يتميز بها شعبنا بل انها محاولة لتكريس ثقافة القطيع التي نرفضها ويرفضها الكل الفلسطيني..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق