اخبار ذات صلة

الاثنين، 4 أبريل 2022

أقبل رمضان شهر الخير كله والرحمة والمغفرة والعتق من النار....

 



      قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) صدق الله العظيم (البقرة 183)...


وقال عليه الصلاة والسلام وعلى آل بيته الكرام وصحبه أجمعين (الصوم جنة) 


   من نعم الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة أن من عليها بنعمة الإسلام، وأوجب الله جل شأنه الواجبات، وشرع الشرائع وسن الأحكام ببراهين ساطعة وحجج قاطعة لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فأوجب الله على عباده نعمة الصوم لكل المكلفين في شهر رمضان المبارك، وفي ذلك من الحكم والمصالح ما تكل عن تعداده أقلام العلماء لأنها شرائع إلهية شرعها الله سبحانه وتعالى العليم بمصالح عباده في دينهم ودنياهم لتزيد إيمانهم إيمانا وبصيرتهم تبيانا لتصل بهم إلى طريق الهداية والرشاد والصلاح والإصلاح والصبر والتوكل على الله...


     والصيام هو الإمتناع عن تناول الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية، والصيام عبادة قديمة عرفتها الأديان السابقة وبصورة مختلفة عنها كعبادة الإسلام الذي أعطى الصيام ميزة خاصة ومنزلة رفيعة سامية بأن جعله طريقا للتقوى والتوبة وبابا مفتوحا لجميع أعمال الخير ومغلقا في وجه كل أعمال الشر، فرضه الله علينا كما فرضه على أمم سابقه لعلنا ان نكون من المتقين لله والمجتنبين لمحارمه، فالصيام وقاية من الأخطاء والذنوب والموبقات والصوم جنة...


     فالمسلم حين يصوم شهر رمضان يرضي الله عنه ويتعود على الصبر وتحمل المشاق وضبط النفس ويشعر مع الفقراء والمحتاجين فيقدم لهم العون والمساعدة، والصوم يهذب أخلاق المسلم الصائم فتلازمه حالة رضى عن نفسه وسعادة لما قدمه من أعمال صالحة وخيرة ترضي الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فيأخذ الأجر والثواب في الدنيا وينال في آخرته حسن الجزاء المغفرة والرحمة وجنات النعيم...


    ورمضان شهر الجهاد والصوم تربية على الصبر ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء، فيكون الصائم في ذروة نشاطه وحيويته ووعيه لأن رمضان ليس كما يظنه بعض الكسالى والساهون عن عبادات الله بأنه إرهاق وتعب وعطش وجوع وعجز وتعطيل للأعمال والأرزاق بل هو كل الخير والصلاح فيه الأعمال التي ترضي الله وهو إنجاز وتحقيق لفرض الله وخدمة وعون لمن هم بحاجة للمساعدة...


     فرض الله سبحانه وتعالى الصيام في السنة الثانية للهجرة، فصام النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته أكثر من عشر سنوات وكان عمره اكثر من 53 عام، وكان في صيامه قدوة فكان عليه الصلاة والسلام في صومه في غاية العبادة يصلي بالليل حتى تتفطر قدماه الطاهرتين، وكان أجود الناس وأكثرهم عطاء، وكان جبريل عليه السلام يذاكره القرآن في رمضان، وكان إذا دخل العشر الأواخر أيقظ أهله وأحيى ليله وشد مئزره وإعتزل نساءه، وكان عليه الصلاة والسلام يجاهد في رمضان ففيه غزوة بدر الكبرى وفتح مكة، وكان يعيل أهله ويصل رحمه ويتصدق على الفقراء، ويعين غيره على طاعة الله عز وجل، فكان رمضان في حياته صلى الله عليه وسلم مدرسة متكاملة خلقا وأدبا ودعوة وجهادا وصلة رحم وبر وإحسان وحسن تعامل وصورة حسنة لسيد الخلق أجمعين والذي يجب أن يتبع الناس عنه سيرته المباركة والدين كله من غير نقص...


    وللصيام في الإسلام آداب كثيرة نذكر منها، أن يكثر الصائم من الصلاة لله سبحانه وتعالى، ومن تلاوة القرآن الكريم، والذكر والأدعية والإستغفار والتسبيح والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يصون لسانه عن المحرمات مثل الإستغابة والكذب وذم الناس أو سبهم، وأن يغض بصره عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى، وأن يتجنب الكلام البذيء والرديء والمخاصمة وإن سبه أحد او آذاه أن يقول له (اللهم إني صائم) لكي يعلمه أن الصيام يمنع مقابلة الإساءة بالإساءة لقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم)  وأن يدعوا بعد إفطار ويقول  (اللهم إني لك صمت وعلى رزقك أفطرت وعليك توكلت وبك آمنت، ذهب الظمأ وإبتلت العروق وثبت الأجر إنشاء الله)، وأن يأكل أو يشرب على السحور ولو بشيئ قليل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تسحروا فإن في السحور بركة)  وأن لا يملأ معدته بأنواع الطعام والشراب بل يكتفي بما يكفل له القوة والنشاط والحيوية...


    ويجب أن لا نعتبر شهر رمضان كباقي الشهور لذلك يجب أن نحقق قدسيته في البيوت والمساجد وندعوا الله أن يخلصنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونحمد الله على أنه أعادنا إلى بيوته وهو راض عنا مأجورين سالمين معافين، ورمضان مدرسة إلهية محمدية تربوية وأخلاقية لإحياء الروح وتهذيب للنفس البشرية للبعد عن كل ما يبعدنا عن الطريق الصحيح والسليم الذي امرنا الله ورسوله عليه الصلاة والسلام بأن نسلكه ونتبعه، لأن هذا الشهر يعتبر فرصة عظيمة للتآئهين جميعا لأن يعودوا إلى ربهم ويتوبوا توبة نصوحا صادقة تغفر لهم ذنوبهم وتكفر عنهم سيئاتهم وتنقهم منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، ويحصلون على الأجر الخير كله والثواب والعفو والرحمة والمغفرة والعتق من النار، وليلة القدر في رمضان خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلاما هي حتى مطلع الفجر...


    نهنئ الأمتين العربية والإسلامية بقدوم شهر رمضان المبارك ونهنئ شعوبنا الصابرة ونتمنى لهم من الله سبحانه وتعالى الصحة والعافية دائما، ونحمده أنه بلغنا جميعا رمضان وندعوه أن يعيننا على الصيام ويمسح عنا الآثام ويرفع عنا البلاء والوباء والفتن والحروب ويحمي أوطان وشعوب أمتنا العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء من شرها، اللهم آمين...


الكاتب...

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق