اخبار ذات صلة

الثلاثاء، 5 مارس 2024

الصفوات الحاكمة لا ترى ولا تسمع الجماهير !!



باغتني المذيع على قناة النيل للأخبار في لقاء يوم السبت الماضي أثناء مشاركتي في برنامج يحمل عنوان "المشهد"، لقراءة المشهد في قطاع غزة وتحليل أهم المستجدات المتعلقة بالمساعي الدولية لوقف العدوان وحرب الإبادة والمجازر التي يمارسها العدو الصهيوني على شعبنا العربي الفلسطيني، هل يمكن أن تؤدي الضغوط الشعبية والتظاهرات الجماهيرية في العديد من العواصم الغربية خاصة في ألمانيا وفرنسا إلى تغيير موقف الحكومات من دعم العدو الصهيوني ومطالبته بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني الأعزل ؟ وكانت إجابتي السريعة تقول أن الصفوات الحاكمة في الدول الأوروبية لا ترى ولا تسمع شعوبها بل تتعلق أبصارها وآذانها بما يصدر عن الإدارة الأمريكية التي تحركهم كتابعين، ولو كانت هذه التحركات الشعبية يمكن أن تأتي بنتيجة فعلية على أرض الواقع لكانت التظاهرات الداخلية الأمريكية المنددة بالعدوان الصهيوني على غزة، والتي استمرت على مدار الخمسة أشهر الماضية، وكذلك واقعة حرق الجندي الأمريكي لنفسه أمام السفارة الصهيونية في واشنطن، قد غيرت موقف الحكومة الأمريكية وعلى رأسها العجوز الجالس على كرسي الحكم في البيت الأبيض.


وأثارت إجابتي حفيظة المذيع الوقور لينفعل قليلاً ويسأل مجدداً وماذا عن الحكام العرب والمسلمين بعد المواقف الحاسمة لبعض حكام أمريكا اللاتينية الذين أدانوا العدوان الصهيوني على غزة وأكدوا أنها حرب إبادة وطالبوا بوقفها، وفتح ملفات التحقيق فيها من قبل المحكمة الجنائية الدولية ؟ وجاءت إجابتي قاطعة وحاسمة بأن الموقف العربي والإسلامي مخزي إلى أبعد حد، فلم تستطع الدول العربية والإسلامية أن تتخذ موقفاً يجبر العدو الصهيوني على وقف المجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال ضد أهالينا في غزة وكانت أخرها مجزرة الطحين التي شهدتها غزة هذا الأسبوع وراح ضحيتها ١١٦ شهيد مرشحة للزيادة نتيجة وجود عشرات الإصابات الخطرة وعدم توافر الإمكانيات الطبية وفقاً لما أعلنته وزارة الصحة في غزة، في الوقت الذي قام فيه بعض حكام دول أمريكا اللاتينية بمواقف أكثر شجاعة ونبلاً وإنسانية، فهناك موقف الرئيس الكوبي "ميجيل دياز كانيل" الذي وصف الإبادة الجماعية للعدو الصهيوني في غزة بأنها إذلال وإهانة للإنسانية، ونعت أعمال العدو الصهيوني بالإرهاب، ودعا العالم لاتخاذ إجراءات ضد أفعال العدو الصهيوني في غزة، وأكد أن تواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية مع الكيان الصهيوني يطيل أمد الإبادة الجماعية، وقام بقيادة مسيرة للتضامن مع فلسطين أمام السفارة الأمريكية في هافانا، ولم تتوقف المواقف المشرفة عند كوبا بل ظهر الموقف المشرف للرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا والذي أفردنا له مقال الأسبوع الماضي حيث وصف ما يحدث من العدو الصهيوني في غزة بالإبادة الجماعية واستدعى سفير بلاده من تل أبيب وقام بطرد السفير الصهيوني لدى بلاده، وكانت بوليفيا قد أعلنت قطع علاقتها الدبلوماسية مع العدو الصهيوني لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وقامت كولومبيا بطرد السفير الصهيوني لديها، وشبه رئيسها الحرب على غزة بأفعال النازيين بحق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وهو نفس الوصف الذي قام به لولا دي سيلفا، وكانت هندوراس قد استدعت سفيرها لدى العدو الصهيوني للتشاور بسبب ما وصفته بانتهاكات تل أبيب للقانون الإنساني في قطاع غزة، فأين مواقف الدول العربية والإسلامية من هذه المواقف اللاتينية ؟!. 


وكان رد فعل المذيع سريعاً حيث قال لماذا لم يتخذ الحكام العرب والمسلمين مثل هذه المواقف التي اتخذها بعض حكام أمريكا اللاتينية من وجهة نظرك ؟ وكانت إجابتي السريعة أيضاً أنهم لا ينظرون إلى شعوبهم ولا يسمعون أصوات الجماهير الغاضبة، فقط ينظرون ويسمعون سيدهم الأمريكي، فما يصدر عن الإدارة الأمريكية في واشنطن هو الأهم بالنسبة لهم. وتدخل المذيع ليقول هل يبحثون عن مصالحهم ؟ وجاءت إجابتي بالطبع نعم هم يعلمون أن بقاءهم فوق كراسي الحكم ليس بأصوات هذه الجماهير الشعبية بل عبر الرضا الأمريكي لذلك فأصوات الجماهير لا يعتد بها ولا يمكن أن تغير الواقع، وبالطبع هذا الموقف لا يخص فقط الحكام العرب والمسلمين، فحكام الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها لا يسمعون لأصوات الجماهير الأمريكية فكلاً من جو بايدن الرئيس الحالي، وخصمه اللدود دونالد ترامب في تعاملهم مع العدوان الصهيوني على غزة لا ينظرون ولا يسمعون لصوت الناخب الأمريكي بل ينظرون ويسمعون ويخطبون ود اللوبي الصهيوني الأكثر تأثيراً في صناعة القرار داخل الإدارة الأمريكية، والذي يتحكم في من يصل لكرسي الحكم في البيت الأبيض.


وجاء السؤال الأخير للمذيع إذن على ماذا يمكن أن نعتمد لوقف العدوان الصهيوني على غزة ؟ وجاءت إجابتي لابد أن يعلم الجميع أن المنظمات الدولية قد سقطت في هذا الامتحان، ولن تعود مرة أخرى، والعدو الأمريكي وحلفائه الغربيين سحبوا تمويلاتهم لهذه المنظمات الدولية، لذلك لابد أن تتحرك روسيا والصين ليقولا كلمتهم الفاصلة وإجبار العدو الصهيوني على وقف العدوان على غزة وإدخال فوري للمساعدات الإنسانية للشعب الذي يموت جوعاً دون قيد أو شرط، وإلا فلا يحدثنا أحد عن المنظومة الدولية الجديدة متعددة الأقطاب، فلازال العدو الأمريكي هو القطب الأوحد صاحب الكلمة العليا في المشهد الدولي، وهو الذي يشعل النيران ويطفئها بإشارة من أصبعه، لكن ورغم ذلك ستظل المقاومة بما تمتلكه من قدرات عسكرية متطورة شوكة في حلق العدو الصهيوني وحليفه الأمريكي وقادرة على أن تكبده خسائر هائلة تجعله يفكر كثيراً في وقف عدوانه على غزة، اللهم بلغت اللهم فاشهد. 


بقلم / د. محمد سيد أحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق