اخبار ذات صلة

الأربعاء، 13 ديسمبر 2023

نستعرض مواقف الدول الإفريقية من الحرب فى غزة


ما أوجه الاتساق والتباين في مواقف الدول الإفريقية من الحرب في غزة؟ 
جاين مونغا، زميلة في برنامج أفريقيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. 
زينب عثمان، مديرة برنامج أفريقيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. 
رشَحت مجموعة واسعة من المواقف من مختلف أنحاء القارة الأفريقية حول الحرب في غزة. وقدّم التعبير عنها في المنتديات المتعّددة الأطراف وفي البيانات الرسمية
دعت ردود الفعل الافريقية التي تدعو 
عموما إلى وقف العمليات العسكرية، وأعادت التأكيد على دعم بلدانها لحل الدولتَين من أجل إنهاء
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكن ثمة اعتبارات مختلفة تدفع الدول إلى تبنّي موقف مؤيّد صراحةً
للفلسطينيين أو للإسرائيليين، أو إلى تجنّب الانحياز العلني لطرف دون آخر.
لقد صّوتت الأغلبية الساحقة من الدول الإفريقية في الأمم المتحدة لصالح قرارات تطالب بوقف إطلاق
النار لأسباب إنسانية في غزة. فقد تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرا ًرا غير ملزم يدعو إلى هدنة
إنسانية، بعد أن صّوتت 120 دولة لصالح القرار وعارضته 14 دولة، وامتنعت 45 دولة عن 
التصويت. وأفادت دراسة تحليلية أعدتها شركة Reimagined Development أن أكثر من ثلث 
الدول التي صّوتت لصالح القرار )وعددها 39 دولة( كانت أفريقية، فيما امتنعت ست دول أفريقية فقط 
عن التصويت، ولم تصّوت أي دولة أفريقية ضد القرار. في المقابل، قدمت كندا تعديلا على القرار،
مدعو ًما من الولايات المتحدة وإسرائيل، ينص على إدانة الهجمات الإرهابية التي شنّتها حماس في 7
تشرين الأول/أكتوبر بشكل ال لبس فيه، فلم يحظ 23 دولة الا بدعم سبع دول أفريقية فقط، بينما صّوتت
أفريقية ضده ُمبديةً معارضتها لصياغته. في نهاية المطاف، فشل التعديل الكندي في الحصول على 
فئة من
الأصوات المطلوبة إقراره، أي على الاغلبية المحددة بثلثَي أصوات الجمعية العامة المؤل 193 َّ
عضًوا.
أما الاتحاد الأفريقي، الذي يضّم 55 ا مع
في القارة الإفريقية، فأتى رده على الحرب في غزة متّسقً
دولةً
موقفه الرسمي الراسخ حيال الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، إذ عبّر في بيان صادر عن رئيس

مفوضية الأتحاد الإفريقي موسى فقي محمد، عن قلقه إزاء الخسائر في صفوف المدنيين، مناشدًا 
الطرفَين بالتوقف عن القتال، والعودة إلى طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة للتوصل إلى حل
الدولتَين، وداعيًا المجتمع الدولي إلى تسهيل عملية تحقيق السالم وضمان حقوق الفلسطينيين 
والإسرائيليين. الشك أن هذا البيان ينسجم مع موقف االتحاد األفريقي الثابت منذ عقود تجاه الصراع
الفلسطيني الإسرائيلي، على الرغم من سعي إسرائيل إلى الحفاظ على صفة عضو مراقب في المنظمة 
الأفريقية. 
للشعب الفلسطيني صدرت عن جمهورية جنوب
واقع الحال أن من أكثر البيانات المؤيّدة صراحةً
أفريقيا ودول شمال أفريقيا، فيما بقيت دول ع ّدة في غرب أفريقيا وجنوبها متعاطفة مع القضية
الفلسطينية، إلا أن مواقفها كانت أقل اندفاعا. وفي خطوة جريئة، قدمت جنوب أفريقيا، ومعها جزر 
القمر وجيبوتي وبنغالديش وبوليفيا، طلبًا إلى المحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق بشأن ارتكاب
إسرائيل جرائم حرب، من ضمنها مقتل مواطنين من جنوب أفريقيا في الغارات الجوية على غزة. في 
المقابل، عبّرت دول أفريقية أخرى، منها كينيا وغانا، صراحة ا إلى إسرائيل، وأدانت بشدة ً عن انحيازه
هجمات حماس، واعترفت بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه الارهاب. لكن الكثير من الدول 
الإفريقية حذت حذو نيجيريا وتبنّت خطابًا دبلوماسيًا بعبارات منتقاة بعناية، يدعو إلى الحل السلمي
للنزاع عن طريق الحوار.
يُعزى التباين في وجهات النظر بين هذه الدول إلى عوامل عّدة، منها التجارب التاريخية لكل دولة،
َم َست جنوب أفريقيا، على
وروابطها السياسية والاقتصادية والثقافية، ومصالحها الوطنية. في الواقع، على
سبيل المثال، أوجه تشابه بين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتجربتها الخاصة مع المشروع 
االستعماري االستيطاني في ظل نظام الفصل العنصري )الابرتهايد(، فيما استندت كينيا إلى مواجهاتها 
مع الارهاب في الآونة األخيرة. فقد ألقى السفير مارتن كيماني، الممثل الدائم لكينيا لدى الأمم المتحدة، 
كلمةً خلال الجلسة العامة التاسعة والثالثين للدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة، قال فيها 
إن "كينيا على دراية جيّدة بالعواقب الوخيمة الناجمة عن الهجمات الإرهابية"، مشدًدا على ضرورة
عدم استخدام الإرهاب أبدًا من أجل ترقية قضية ما. 
مع ذلك، عمد قادة بعض الدول الإفريقية إلى تعديل مواقفهم الوطنية منذ هجمات حماس في 7 تشرين 
ُّف مع التوجهات العامة المتغيّرة. وخير مثال على ذلك كينيا نفسها. ففي كلمة
الأول/أكتوبر، ربما للتي
أدلى بها الرئيس الكيني وليام روتو، خلال قمة سعودية أفريقية عُقدت في الرياض، بدا أنه يحاول تليين 
موقف بلاده الذي كان في البداية منحازا بشدة إلى إسرائيل، وأعرب عن دعمه "لحل الدولتَين كوسيلة
تبين أن هذا التعديل أتى نتيجة الحضور المشارك.لانهاء الصراع واعتبر بعض المحللين  ويشير ذلك إلي

أن مواقف الدول من هذا الصراع ليست ثابتة وعصيّة على التغيير، بل يمكن تعديلها وفق ما تمليه 
المصالح الوطنية المتبادلة وتوجهات الرأي العام.
باختصار، أثارت الحرب في غزة مجموعة متنوعة من ردود الفعل في القارة الإفريقية، لذا يجدر بنا 
ترقّب كيف يمكن أن تتطّور هذه الاستجابات مع الوقت. فقد تم ّسكت بعض الدول بمواقفها على نحو
واضح وحاسم، وتبنّت دول أخرى مقاربة دبلوماسية حذرة، فيما لا تزال حفنة من الدول تُبدل مواقفها
تماشيًا مع الظروف المتغيّرة. وبينما تتوالى الحرب في غزة فصولا، لابد من الانتظار لرؤية كيف
ستتأقلم الدول الإفريقية مع الأحداث، وما إذا ستظل التباينات قائمة أم سينشأ تقارب في المواقف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق