اخبار ذات صلة

الاثنين، 11 أبريل 2022

هذا بكاء العاشقين ,, بقلم : صدى البطل ,, أيمن فايد

 


ودود عندما تفجر لساني متسائلة: أمرارة الهزيمة ممزوجة بالصبر الجميل، أم إنسحاب مشرف من جهاد مستحيل؟

مبهر صمته الطويل ودموع العشق تنهال أصدق من ترانيم الكون في ليل جميل .. هذا بكاء العاشقين،

وظل البطل يردد: 

أن تصالح كل شئ .. أن توحد كل صف .. أن تؤلف كل قلب .. ليس عندي شئ أسميه هزيمة .. وهل بحثي عن الوحدة تسمينه سيدتي إنسحاب؟!!

لقد تعلمت أن للرصاص لغة، وللمال لغة أشد، وعرفت أن الفكرة الطيبة سيدة المواقف يظلل تاجها كل شئ...


إنها البطولة الحقيقية يا عاصمة القلب التي يسترخصها أراذل الشعوب، ويستخفون بها كسنة كونية سادسة ويكيلون لها الإهانة والضرب متعمدين النيل من ركايزها الثلاثة:- 

التهيئة الإجتماعية - أى بطولة الأمة التي تسمى إرادة - تلك الغضبة المتولدة من الأحزان التي يتعمد أراذل الشعوب ومن يديرهم من الخارج حرقها أو حرفها عن مسارها الطبيعي وكذلك قتل البطل الحقيقي الذي يسمى كرامة أو تعطيل قدومه بمساراتهم الهروبية اللعينة. وأخيرا تحطيم الجسر الواصل بين البطولتين والذي يسمى قيادة.


يقولون: لا تحزن .. والذي جمع فيها شيخ لهم إسمه:

"عائض القرنى" كتاب طبع منه ملايين النسخ لكي يسلب المسلمين حقهم في أن يحزنوا أو بمعنى أدق أن يستثمروا أحزانهم، ولم يفرق فيه الشيخ بين الحزن والحزن!!

ومن جهة ٱخرى الخوف الذي أسكت الجميع، الخوف السلبي الذي جعلهم جبناء، ويجب عليك أيها البطل أن تكون محررا للبلاد والأرض مصدر إحترامك، فالجبناء ليس لهم أرض، الجبناء يبيعون كل شئ.


                صدى البطل ومندليف الروسي

نعم لم تأتيني فكرة البطولة "السنة الكونية السادسة" بسهولة بل نتيجة جهد وتعب ودراسة وتدقيق وتحرى في الجانب المعرفي، والجانب الإجرائي، والجانب العملياتي الذي إكتسبته من أرض الواقع وفي ساحات الجهاد والترحال منذ عام ١٩٨٧، إلي يومنا هذا.

نعم لم تأتينى (الفكرة الطيبة) التي يظلل تاحها كل شئ في النوم أو ما بين النوم واليقظة .. اللهم إلا في مواطن  قليلة للتثبيت، أو التحذير من أمر معين أغفلته أو أخطأت فيه،

كنت أري فيها الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم، أو أرى الصحابة الكرام كلهم متحلقين فى دائرة أنا بوسطها يمسك بيدي فيها "الفاروق عمر" ليقدم جواز مرورى لدى "الصديق أبو بكر".. وإن شاء الله سيأتي وقت لأقصها عليكم أحبائي.


وكأني بالعالم مندليف:- ذلك الكميائي الروسي المولود في ٨ فبراير ١٨٣٤، والمتوفي في ٢ فبراير ١٩٠٧، حيث قال في:

" كتاب نحو إدراك روسيا" ثمة معلومة خاطئة شائعة مفادها أن مندليف رأى جدولة في الحلم بيد أن الأمر ليس كذلك. فإن الجدول الدورى هو ثمرة أعوام طويلة، وأجاب مندليف مرة حين سألوه حول كيف إكتشف الجدول الدوري بقوله:

"إنني ربما فكرت فيه طوال عشرين عاما بينما تعتقدون أنني جلست .. وفجأة كان كل شئ جاهزا"


سيدتي البطلة: إن الناظر في حال المسلمين وهم أصحاب أفضل دين، وأصح عقيدة يرى عجبا، يرى أصحاب الديانات الخاطئة وأتباع النظريات الملحدة يتقدمون، وتزدهر أرضهم بالخيرات، وسموا أنفسهم بالعالم المتقدم، فإذا إلتفت إلي المسلمين، أصحاب الدين القيم الذي تكفل الله بحفظه مصداقا لقول الله ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) أصحاب الأرض الطيبة والمباركة والمقدسة التي إدخر الله فيها للمسلمين ما يجعلهم للناس سادة أئمة، وللعالم قادة. 


والرسول الأكرم حذرنا منذ خمسة عشر قرنا قائلا:

"تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي" لكن للاسف الشديد لقد أصبحنا نعيش أسوأ مراحل تاريخنا فلا يكاد يوجد مكان فيه مسلمون إلا وترى القتل والإضطهاد فيهم دون أن يكون لخير أمة قدرة!!


سؤل عالم: ما الذي أوصل حال المسلمين إلي هذه الدرجة من الذل والهوان؟!.. فأجاب: عندما فضلنا الثمانية علي الثلاثة بسم الله الرحمن الرحيم: ( قل إن كان أباؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ).

عن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول: "لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش:

يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟

قال: نعم إذا كثر الخبث". عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ستتبعون سنن من كان قبلكم باعا بباع، وذراعا بذراع، وشبرا بشبر، حتي لو دخلوا جحر ضب لدخلتم فيه قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟

قال: "فمن إذا؟".


أندري يا عاصمة القلب كيف كان بكاء الفاروق "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه .. عن علقمة بن أبي وقاص قال:

كان عمر يقرأ في العشاء الٱخرة يوسف وأنا في مؤخرة الصف حتي ذكر يوسف، عليه السلام، سمعت نشيجه. وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: سمعت عمر رضوان الله عليه يقرأ في الصلاة ( إنما أشكو بثي وحزني إلي الله ).

عن عبد الله بن عيسي، قال: كان في وجه عمر، رضوان الله عليه، خطان أسودان من البكاء، وفي رواية خطان مثل الشراك من البكاء. عن الحسن، رحمه الله، قال: كان عمر يمر بالٱية من ورده باليل فيبكي حتي يسقط، ويبقي في البيت حتي يعاد للمرض. عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال:

رأيت عمر، ينشج حتي اختلقت أضلاعه.

 عن أبي عثمان النهدي، أن عمر بن الخطاب، كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: اللهم إن كنت كتبتنا عندك في شقوة وذنب فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعلها سعادة ومغفرة .. روى عمر بن شبه باسناده أن عمر زار أبا الدرداء، فقال له أبو الدرداء: أتذكر حديثا حدثناه رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: "ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد راكب" قال: نعم، قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء حتي أصبحا.


               إستراتيجية: الحزن حصن أمان

تيجي نتفق علي شئ حتي تستريحي  سيدتي .. الرسول صلي الله عليه وسلم حزن، حزن شديد بالرغم من أنه صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله من الهم والحزن .. حزن رسول الله .. ولكن كيف كان حزنه؟

أنظري: لما مات عمه أبو طالب وماتت زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها في أسبوع واحد في نهاية السنة العاشرة من البعثة سمى العام كله عام الحزن.


عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم دخل علي إبنه رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان . فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: "يا بن عوف إنها رحمة" ثم أتبعها بأخرى، فقال: "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون".

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رفع إليه ابن إبنته في الموت ففاضت عينا رسول الله، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال:"هذه رحمة جعلها الله تعالي في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" متفق عليه البخاري.


إن الإنسان يواجه في الحياة الدنيا صنوفا شتى من المعاناة والمقاساة كما دل عليه قول الحق تعالي: ( ولفد خلقنا الإنسان في كبد ) فهو حزين علي ما مضى، مهموم بما يستقبل، مغموم في الحال.

والقلوب كما قال بن القيم تتفاوت في الهم والغم وإستمرارا بحسب ما فيها من الإيمان أو الفسوق والعصيان فهي علي قلبين: قلب هو عرش الرحمن، ففيه النور والحياة والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير، وقلب هو عرش الشيطان فهناك الضيق والظلمة والموت والحزن والغم والهم.

والناس يتفاوتون في الهموم بتفاوت بواعثهم وأحوالهم ..


 فمن الهموم هموم سامية ذات دلالات طيبة كهموم العالم في حل المشاكل للمسلمين وكذلك هم إمام المسلمين بمشكلات رعيته وهذا ما أقلق العمرين: فكان الأول: يجهز الجيش في الصلاة وهو معذور في ذلك ويحمل هم الدواب أن تعثر بأرض العراق، والثاني: كان يعبر عما يعانيه بقوله: إنى أعالج أمرا لا يعين عليه إلا الله قد فنى عليه الكببر وكبر عليه الصغير وفصح عليه الأعجمى وهاجر عليه الأعرابى حتي حسبوه دينا لا يرون الحق غيره.


يا سبحان الله حزن عميق ينتاب "عمر بن عبد العزيز"، البطر القليل والقعود دلالة إنحراف علي الحق ويستعظم أن تكون أمة الجهاد قد خف اندفاعها. مع أنه يستلم قيادة أمة تسود الأمم، وتفيض بمعاني الخير، وتحكم نفسها عموما بشرع الله. إنه إستكبار واستعظام المؤمن لصغار المعاصي، وقليل البدع، وهين الظلم وأولويات الترف. بسم الله الرحمن الرحيم:

( إني ليحزني أن تذهبوا به ) أي ذهابكم به لشدة مفارقته وقلة صبري .. وقال يا أسفا علي يوسف والألف بدل من الياء:  أي يا أسفي والأسف أشد من الحزن والحيرة، ( وابيضت عيناه ) لما أكثر البكاء ومحقت العبرة سواد عينه فجعلته بياضا وكان يدرك إدراكا ضعيفا ( من الحزن فهو كظيم ) مملوء من الغيظ علي أولاده ممسك له في قلبه لا يظهره: أي مكظوم، من كظم: شده علي ملئه ( قالوا تالله ) لا ( تفتؤ تذكر يوسف ) أي لا تزال تذكره تفجعا: أي لا أبرح، وقوله ( حتي تكون حرضا ) أي مريضا مشرفا علي الهلاك ( أو تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي وحزنى إلي الله ) البث أصعب الهم الذى لا يصبر عليه صاحبه فيبثه إلى الناس أي ينشره فهو لا يبثه إلا إلي الله.


وعلي النقيض من هذه الصورة السابقة هناك نوع ٱخر من الحزن وهو المنهي عنه. ولقد أمر النبي صلي الله عليه وسلم ألا يحزن عليهم، فإن معاصيهم لا تضره إذا اهتدي، والحزن علي ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران في قوله: ( واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ).

وأن لا يركن إليهم، ولا يمد عينه إلا ما أتوه من السلطان والمال والشهوات كقوله: ( لا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم ) فنهاه عن الحزن عليهم والرغبة فيما عندهم في ٱية، ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم في ٱية: فإن الإنسان قد يتألم عليهم ومنهم: إما راغبا وإما راهبا.


إن الله سبحانه وتعالي لم يخلق القلوب لتكون قبور، ولو أصبحت هذه المسألة باختيار الإنسان تبقى قلتها أحسن لازم .. لازم نفرض علي أنفسنا إستثمار أحزاننا بشكل طيب، ليس هذا فحسب بل وإدارة تلك الأحزان بشكل جيد 

فالسفينة إذا دخل الماء قلبها غرقت .. وبدون هذا الماء أيضا ستكون السفينة غرقانة في اللاجدوي .. ستكون سفينة هراء وعبث، وليست سفينة نجاة وسير ووصول - ستقع هذه السفينة علي بطنها مثل خيبتها - إن السفينة لا تجري على الأرض اليبس.


لذلك هناك نقطة مفقودة من ذهن الناس، وهي تكمن في هذا السؤال الحائر: لماذا نحكم علي أحزاننا بالإعدام؟!!

لماذا لا تكون أحزاننا في وضعها الطبيعي مثل ماء البحر وهو يحمل السفينة؟!!.. سفينة الحزن والغضب ..  سفينة رفض الظلم والشر والفتن .. سفينة رفض الذل والجبن والإحتلال والبغي والإستكبار .. سفينة رفض الفرقة والخيانة والنفاق .. سفينة رفض الفقر والجهل والمرض ..  سفينة التهيئة الإجتماعية .. سفينة الإرادة الحرة ..  الإرادة التي هى بالفطرة موجودة في كل الكائنات حتي الجماد مصداقا لقول الله عز وجل: ( فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه ).


وأتذكر هنا والشئ بشئ يذكر الفريق "محمد فوزى" الذي كان أول ما يفتتح به محاضراته في معهد القادة هي كلمة ( الإرادة ).. إن أراذل الشعوب قادة الرأي وجماعات الفرقة باحيالهم الثلاثة يريدون منا أن نجعل من أحزانا إما نكتة بايخة وبالرغم من بواختها يفرضون علينا أن نضحك عليها،

أو أن  نجعل أحزانا هم وغم تصيبنا باليأس والإحباط والهزيمة النفسية حتي نصبح جثة هامدة ينال منها الأعداء وقتما شاؤا وكيفما شاؤا، وحقا: إن الثورة يا عائض تولد من رحم الأحزان النبيلة.. الأحزان التي أردت أن تحرمها علينا سواء كنت مخدوع أو مخادع فالنتيجة واحدة وحسابنا جميعا على الله، وبالرغم من ذلك كنت ومن علي شاكلتك تحتكروها لأراذل الشعوب حتى يقومون للغرب بربيعهم العبري المشؤم... وها هى الحرب الروسية الأوكرانية دراسة حالة لاختبار الفروض التسعة عشر لنظرية ومشروع روح البطولة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق