اخبار ذات صلة

السبت، 24 ديسمبر 2022

عادل حمودة يروي قصة الدولار: سلاح أمريكا للسيطرة الاقتصادية والهيمنة في سياستها الخارجية


قال الكاتب الصحفي عادل حمودة، إن الدولار له قصة تستحق أن تُروى، بدأت في عام 1783 حين انتهت حرب الاستقلال الأمريكية بهزيمة بريطانيا بعد 8 سنوات من القتال، والدمار، والموت، والخراب، وجاء السلام لكن جاءت معه فوضى مالية يصعب السيطرة عليها.


وتابع حمودة خلال برنامجه "واجه الحقيقة" المذاع على شاشة "القاهرة الإخبارية": سبب الفوضى المالية الإفراط في طبع الأوراق المالية الأمريكية التي عرفت وقتها باسم "الكونتيننتال" لتمويل نفقات الحرب الباهظة، حتى انهارت قيمة العملة يوماً بعد يوم، ثم نص الدستور الأمريكي الذي اعتمد في عام 1781 على مادة تشترط عدم تكرار فشل "الكونتيننتال" مرة أخرى. وأصبح لزاماً على الجمهورية الجديدة وضع نظام اقتصادي ومالي متماسك.


وأضاف: يعد عام 1907 محطة مهمة في تاريخ الدولار. في ذلك العام شهدت الولايات المتحدة أسوأ أزمة كساد على الإطلاق ولم يستقر الاقتصاد إلا بعد تدخل قطب المال جون بيربونت مورجان. وفي 23 ديسمبر عام 1913 تأسس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. والحقيقة أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من أكبر المؤسسات المالية وزنا وتأثيرا في العالم.


وأكمل: أكبر دليل على ذلك أنه عندما رفع سعر الفائدة أكثر من مرة في عام 2022 ارتفع الطلب على الدولار وارتفعت قيمته وانخفض الطلب على عملات مثل اليورو والاسترليني والين وانخفضت قيمتها. واحتاجت الصين الي 300 مليار دولار حتى تحافظ على عملتها. أما الدول النامية فكانت أكثر الضحايا تضرراً.


ولفت حمودة إلى أنه في أوقات الأزمات الاقتصادية يتكالب الناس على شراء السبائك الذهبية ليحافظوا على قيمة أموالهم. ولا أحد يعرف بدقة كمية الذهب الموجودة في العالم. البعض يؤكد انها لا تزيد عن 171 ألف و300 طن. والبعض يرفع الرقم إلى 2.5 مليون طن. ولكن مهما بلغت كميات الذهب فإنها لن تكفي أن تكون غطاء للدولار إذا ما واجهت الحكومات كساداً يجبرها على طبع كميات من الدولار أكبر من الذهب الذي في خزائنها. حدث ذلك في الولايات المتحدة خلال أزمة الكساد العظيم أو الانهيار الكبير، التي بدأت يوم 29 أكتوبر 1929 بانهيار سوق الأسهم الأمريكية الذي عُرف باسم الثلاثاء الأسود.


وأضاف: في سنة 1913، حدد القانون الفيدرالي عملية طباعة الأوراق النقدية عن طريق نص أكد على ضرورة أن تكون الأوراق النقدية مدعومة بنحو 40% من قيمتها بالذهب الفيدرالي الحكومي.  وبالتالي كان على الحكومة الأميركية توفير ما قيمته 40 سنتا من الذهب لطباعة دولار واحد جديد. وفي عام 1933 ألغى الرئيس فرانكلين روزفلت تغطية الدولار بالذهب ليطبع كميات كبيرة منه.. أنفقها على مشروعات عامة.. رفعت الطلب على السلع، وأنعشت الاقتصاد من جديد. وما ان اشتري روزفلت الكميات الأكبر من الذهب حتى أعلن تخفيض قيمة الدولار. ووصف المؤرخون هذا الإجراء بأنه "سرقة فاضحة باسم القانون".


واستطرد: يوم الجمعة 13 أغسطس عام 1971 اجتمع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون سرا مع وزير الخزانة جون كونالي ومدير بنك الاحتياط الفيدرالي آرثر بيرنز و12 مستشارا في البيت الأبيض وقرروا التخلص من قاعدة الذهب وانخفض الطلب على الدولار بعد إلغاء قاعدة الذهب ولم يَعد العملة الرئيسة في العالم. لكن في شتاء عام 1973 استخدمت الدول العربية النفط سلاحا ملحقا بحرب أكتوبر لتضاعف من انتصارها.. ارتفعت أسعار النفط إلى مستوى غير مسبوق.. هنا استغل وزير الخارجية الامريكية هنري كيسنجر الظروف الإقليمية ليعيد الدولار إلى عرشه.


وقال حمودة: عرض كيسنجر على دول الخليج الحماية الأمريكية مقابل أن تبيع النفط بالدولار، وبموافقة السعودية على العرض أصبح الاتفاق نافذا..وحافظ النفط على بقاء الدولار متربعاً على قمة العملات. ومنحت الولايات المتحدة نفسها الحق في طبع ما تريد من الدولار دون ان يكون له غطاء ودون ان يراجعها أحد.المثير للدهشة أن حصة الولايات المتحدة من الصادرات العالمية انخفضت من 12 إلى 8% خلال العشرين سنة الأخيرة بينما احتفظت بحصة الدولار في الصادرات العالمية التي تصل إلى 40%.



واختتم: هناك سؤال آخر عن وضع الدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية.. هل سيحتفظ الدولار بهذه المكانة في السنوات القادمة؟ حسب تقارير بلومبرج التي نشرت مؤخرا فإن حصة الدولار تنخفض بثبات خلال العشرين سنة الماضية بين العملات الأخرى في الاحتياطيات العالمية. وأصبحت البنوك المركزية تفضل تنوع العملات حسب الدول التي تتعامل معها.. بالطبع لا تنسى أرصدتها من الذهب. وخرج من صندوق النقد الدولي ورقة جديدة بعنوان "التآكل الخفي لهيمنة الدولار" حيث قال الباحثون الذين وضعوها: "يمكن توصيف نظام الاحتياطي الدولي في السنوات العشرين الماضية على انه تحرك تدريجيا بعيدا عن الدولار".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق