اخبار ذات صلة

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

الزواج الثاني للمرأة ..بقلم شاهيناز الفقي

 



الفن والمجتمع المصري


الزواج الثاني للمرأة ..


منذ بداية الدراما السينمائية ومن بعدها الدراما التلفزيونية في مصر والفن يلعب دورًا خطيرًا في تشكيل وعي المجتمع، يقوم بعرض بعض القضايا للنقاش تتحول من خلال الدراما إلى قوالب اجتماعية جامدةثم تصبح أعرافًا يصعب تغييرها، ومجرد التفكير في الخروج عن هذه الأعراف هو أمر مرفوض اجتماعيا.. من هذه الأعراف الذي فرضها الفن على المجتمع هو رفض الزواج الثاني للمرأة (الأم).

وضعت الدراما قاعدة أساسية مفادها أن الأم لابد أن تضحي من أجل أبنائها، وأن زواج المرأة مرة ثانية هو ضياع للأبناء وعليه فالسيدة التي يتركها زوجها من أجل امرأة أخرى أو يتوفى عنها أو يهجرها لأي سبب خاص به، تلك المرأة التي لم ترتكب ذنبًا ليس من حقها مواصلة حياتها كأنثى وإنما تعيش كأم فقط تحتضن الأبناء وتفني حياتها لتربيتهم.

الأفلام والمسلسلات التي عرضت لهذه القضية كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال فيلم إمبراطورية ميم وحكايتي مع الزمان ومسلسل أوراق الورد وهناك فيلم يعد من وجهة نظري من أجمل أفلام الفنانة ماجدة ألا وهو " مع الأيام".

الفيلم إنتاج عام 1958 من تأليف يوسف جوهر وإخراج أحمد ضياء الدين وبطولة الفنانة ماجدة والفنان عماد حمدي مع الفنانة علوية جميل..

هذا الفيلم يناقش قضية الزوجة الشابة عفاف(ماجدة) تعمل طبيبة، يتوفى عنها زوجها تاركًا لها طفلين تكرس حياتها من أجلهما، تربطها علاقة حب بالمهندس عادل (عماد حمدي) وهنا يناقش الفيلم القضية من عدة زوايا..

-الحماة (علوية جميل) وهي عمة عفاف، الأم المكلومة بوفاة ابنها، تشعر بالخوف على ذكرى الابن، ترفض بقسوة فكرة زواج عفاف من عادل، تطالبها بالحفاظ على ذكرى الزوج حتى لو كان ذلك على حساب مشاعرها، تحاربها بكل الطرق، يصل الأمر أن تهددها بحرمانها من أطفالها..

-عفاف الشابة التي من حقها أن تعيش حياة طبيعية بعد وفاة الزوج، امرأة تحتاج لوجود رجل يؤنس وحدتها ويساندها في مشوارها الطويل، يتمزق قلبها وتعيش صراعًا كبيرًا بين رغبتها كأنثى تتوق لمشاعر الحب وبين حبها لأبنائها وخوفها عليهم..

-عادل الحبيب الذي يتمنى الزواج بعفاف، يحاول بكل الطرق استرضاء أبنائها، يقوم بمحاولات كثيرة لتحقيق هدفه لكن يجد أن كل الطرق مسدودة حين تتعنت جدة الاولاد وترفع قضية لضمهم تحت رعايتها مما يدفع عفاف للانهيار وتطالبه بالابتعاد وانهاء العلاقة بينهما.

-نظرة المجتمع للمرأة الوحيدة، ويظهر ذلك جليًا في مشاهد الجار المتزوج الذي يحاول استغلال بعض المواقف بشكل وقح للتقرب من عفاف على اعتبار أنها مادامت امرأة وحيدة فهي بالضرورة لابد وأن تنجذب لأي رجل يلبي احتياجاتها العاطفية والجسدية..

-الأطفال الذي يتم استخدامهم كسلاح ضد الأم في أغلب الحالات..

في نهاية الفيلم تحدث المواجهة بين عفاف وحماتها منيرة هانم، تتهمها عفاف بالأنانية، يحدث تحول في موقف الحماة، تبارك الزواج ولكن..

لأن الفيلم يدور حول ترسيخ مفهوم تضحية الأم من أجل أبنائها، ترجع عفاف عن قرار الزواج في أخر لحظة، تغادر القطار، وتحتضن أبناءها وهي تبكي، يتحرك القطار ويرحل عادل..

الجمهور مع كلمة النهاية يخرج من السينما سعيدًا بالتضحية التي قامت بها الأم من أجل أطفالها الصغار، ومع تكرار الفكرة في أفلام مختلفة لبطلات لهم جاذبية ومحبة ومع الإلحاح الدرامي يتحول الأمر من قضية معروضة للنقاش إلى قيود اجتماعية يصعب تحطيمها.. وتجد المرأة الوحيدة نفسها في موقف حرج إذا فكرت أن تتزوج وتكمل رحلة الحياة مع رجل تحبه، تخشى مواجهة المجتمع، تشعر بالخوف من نظرة الناس، وتطاردها لعنة الأم المضحية..

الجدير بالذكر أن ماجدة الصباحي لم تتزوج بعد انفصالها عن الفنان إيهاب نافع وتفرغت لعملها وتربية ابنتها..

أما عن ماجدة الفنانة فيتطلب الأمر مقالًا مستقلًا لأنها فنانة عظيمة كان لها دورٌ كبيرٌ في إثراء الشاشة العربية بأفلام تناقش قضايا شائكة لم يتطرق إليها أحد قبلها مثل فيلم أين عمري، فيلم السراب والمراهقات وغيرها، ولإيمانها برسالة الفن أخذت على عاتقها إنتاج أفلام على أهميتها إلا أنها لم تكن أفلامًا تجارية تحقق ارباحًا مثل فيلم جميلة، والعمر لحظة، والنداهة وهجرة الرسول.. رحمة الله على الفنانة ماجدة وعلى زمن الفن الجميل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق