اخبار ذات صلة

الأربعاء، 6 يونيو 2018

الناصريون من هم .. وإلى أين ?! بقلم د /أحمد سيد محمد



أحاول من خلال هذا الطرح فض الاشتباك بشأن ماهية الناصرية والناصريين في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات لتوحيد التيار الناصري الذي تم تقسيمه وتفتيته عبر ما يقرب من نصف قرن من الزمان، وبشكل ممنهج لا يمكن أن يخلو من المؤامرة، وفي البداية لابد من التأكيد على أن الناصرية هي تلك التجربة التي صنعها الزعيم جمال عبد الناصر عبر ثورة 23 يوليو 1952 والتي أعلنت ستة مبادئ أساسية شكلت البذور الجنينية للمشروع الفكري لجمال عبد الناصر وهي:
1- القضاء على الإقطاع
2- القضاء على الاستعمار
3- القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم
4- إقامة جيش وطني قوي
5- إقامة عدالة اجتماعية
6- إقامة حياة ديمقراطية سليمة.

وبالطبع قام جمال عبد الناصر ببلورة مشروعه عبر ثلاثة محاور رئيسة لتحقيق التقدم والتنمية الشاملة، من خلال الحرية والاشتراكية والوحدة باعتبارها مرتكزات رئيسة للنهضة، ومن خلال المبادئ الستة للثورة والمحاور الثلاثة للتقدم والتنمية الشاملة تشكلت المعالم الرئيسة للتجربة الناصرية التي أعلن جمال عبد الناصر أنها خاضعة للتجربة والخطأ وتصحيحه عبر الممارسات الواقعية اليومية، وهو ما يميز تجربة جمال عبد الناصر عن التجارب المستمدة من النظريات الفكرية التي تتعامل على أنها مسلمات في قوالب جامدة، لذلك ظل يصحح من أخطاء تجربته حتى اليوم الأخير في حياته.

وبعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر جرت الردة على مشروعه وتجربته منذ مطلع السبعينيات وهنا بدأت تتشكل مجموعات للمقاومة سواء داخل مصر أو خارجها، تمسكت بمشروع جمال عبد الناصر وتجربته القائمة على المبادئ التي أرساها عبر ثورته، والمحاور الرئيسة لمشروع التقدم والتنمية الذي وضعه، وأطلقت مع الوقت هذه المجموعات على نفسها اسم الناصرية، أي الأشخاص الذين يؤمنون بأفكار ومشروع وتجربة جمال عبد الناصر.

إذاً، يمكننا الآن تعريف من هم الناصريون؟ فالشخص الذي يدعي أنه ناصري لابد من أن يكون على وعي تام بمبادئ جمال عبد الناصر ولا يخرج عن هذه المبادئ التي أرساها عبر مشروعه وتجربته، فالناصري ضد الاقطاع وسيطرته بكل أشكاله القديمة والحديثة، والناصري ضد الاستعمار بكل أشكاله القديمة والحديثة، والناصري ضد سيطرة رأس المال على الحكم بمختلف أشكالها القديمة والحديثة، والناصري مع جيشه الوطني يدعمه ويقويه في مواجهة أعداء الداخل والخارج، والناصري مع العدالة الاجتماعية منحاز كما زعيمه إلى الفقراء والكادحين والمهمشين في كل مكان، والناصري مع الحياة الديمقراطية السليمة القائمة على تمكين المواطن من مباشرة حقوقه الدستورية والعيش بكرامة في وطنه، والناصري مع حرية الإنسان داخل مجتمعه وفقاً للمنصوص عليه في الدستور والقانون وضد أي فعل يمس هذه الحقوق والحريات، والناصري مع الاشتراكية باعتبارها آلية لمنع الاستغلال داخل المجتمع ووسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية، والناصري مع الوحدة العربية باعتبارها آلية لمواجهة التكتلات الإقليمية والدولية الكبرى.

هذا هو التعريف العلمي للناصري وهو تعريف إجرائي يعتمد على مجموعة من المؤشرات التي يمكن قياسها في الواقع، فمن تتوافر فيه هذه المقومات فهو ناصري أما من يفقد شرطاً من هذه الشروط فلا يمكن أن نطلق عليه هذا المسمى، ومن هنا يمكن لكل شخص يدعي أنه ناصري أن يحكم على نفسه عبر هذه المؤشرات التي جاءت في التعريف العلمي للمفهوم، وبذلك نتخلص وبشكل نهائي من فوضى المسميات، وبالطبع ما ينطبق على الأشخاص ينطبق على المجموعات والتنظيمات والأحزاب التي ترفع راية الناصرية أو تحمل اسم الناصرية، ومن المؤكد أن تطبيق شروط المفهوم في الواقع سوف يكشف الجميع، ويحدد الموقع الحقيقي لكل من يدعي أنه ناصري سواء كان فرداً أو مجموعة أو تنظيماً.

فلا يمكن أن يكون ناصرياً من يدعم الاقطاع، أو يهادن ويطبع مع الاستعمار، أو يسكت على سيطرة رأس المال على الحكم، أو يهاجم جيشه الوطني، أو يصمت عن غياب العدالة الاجتماعية، أو لا يثور في مواجهة الاستبداد وعدم إقامة حياة ديمقراطية سليمة، أو من يقبل بفقدان حرية الانسان، أو عدم تطبيق الاشتراكية لإقامة العدالة الاجتماعية ومنع الاستغلال، أو من لا يدعم الوحدة العربية ويقف صامتاً أمام ما يحدث ضد فلسطين والعراق وليبيا واليمن وسورية من مخططات للتقسيم والتفتيت.

وبعد أن توصلنا إلى من هم الناصريون؟ نأتي إلى الخطوة الأكثر إجرائية في هذا الطرح وهي: الناصريون إلى أين؟ أعتقد أن كل المحاولات التي تنادي الآن بضرورة وحدة التيار الناصري عليها أولاً أن تفرز وعبر التعريف العلمي للمفهوم من هو الناصري الحقيقي سواء كان فرداً أو جماعة أو تنظيماً أو حزباً، وذلك عبر المواقف المعلنة والمعروفة والمسجلة بشأن المؤشرات المختلفة التي طرحت في المفهوم، وبعد عملية الفرز ستكون مهمة التوحيد أسهل وأيسر بكثير، فالمخلصون لأفكار ومشروع وتجربة جمال عبد الناصر يمكنهم التوحد بسهولة لأنهم لا يبتغون شيئاً غير إعادة إحياء مشروعهم المقاوم، أما المتمسحون في رداء جمال عبد الناصر والذين يدعون زوراً وبهتاناً أنهم ناصريون في حين يخالفون كل مبادئ جمال عبد الناصر فهم جزء من المؤامرة على المشروع الناصري المقاوم، اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق