هل أصبح الإرهاب وجهة نظر ؟!

  


تحاول الولايات المتحدة الأمريكية وعبر الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تمتلكها وتسيطر عليها حول العالم إقناع الرأي العام العالمي بأن الإرهاب وجهة نظر، فعلى الرغم من أنها هي من وصمت جبهة النصرة سابقاً (هيئة تحرير الشام حالياً) وزعيمها أبو محمد الجولاني بالإرهاب وأصدرت قراراً بذلك من الأمم المتحدة بل ورصدت عشرة ملايين من الدولارات لمن يدل على مكان الجولاني، إلا أنها ومع انطلاق الجولاني والجماعات الإرهابية التي تعمل تحت إمرته في إدلب نحو حلب ثم حماة لتنفيذ الأجندة (الأمريكية – الصهيونية – التركية) وقبل وصوله لحمص ثم دمشق كانت ال   CNN أحد الأدوات الإعلامية الأمريكية تلمع في الجولاني وتقدمه في صورة الثائر المغوار الذي جاء لتحرير بلاده من الدكتاتورية والاستبداد، في محاولة لخداع الرأي العام العالمي الذي يمتلك ذاكرة سمك بأن الجولاني الإرهابي الدولي قد تاب وأصبح أحمد الشرع الليبرالي المعتدل، وكأن تاريخه الإرهابي قد تم محوه من ذاكرة العقل الجمعي العالمي، وعلى الرأي العام العالمي أن يتقبل الجولاني رئيساً لسورية، وهنا يجب التذكير أولاً بتاريخ الجولاني الإرهابي حتى لا ننسى وحتى لا يتحول الإرهاب إلى وجهة نظر، كما تحولت مفاهيم كثيرة قبل ذلك لوجهة نظر مثل الخيانة والعمالة والتجسس وبيع الأوطان. 

 

أبو محمد الجولاني سابقاً (أحمد الشرع حالياً) بعد الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003 سافر إلى العراق وانضم إلى تنظيم القاعدة وسرعان ما ارتقى في صفوفها وأصبح مقرباً من زعيمها آنذاك أبو مصعب الزرقاوي، وبعد مقتل الزرقاوي في 7 يونيو 2006 في غارة أمريكية، غادر الجولاني العراق واستقر في لبنان لفترة، وهناك قدم خدماته العسكرية واللوجستية لجماعة جند الشام المسلحة السلفية، وسرعان ما عاد إلى العراق لكنه اعتقل من قبل جيش الاحتلال الأمريكي واحتجز في معسكر بوكا الشهير الذي كان يضم الآلاف من السلفيين التكفيريين ومنهم أبو بكر البغدادي زعيم داعش لاحقاً وأغلب كوادرها، ثم أطلق الأمريكيون سراحه هو والمئات من زملائه من سجن بوكا في عام 2008، واستأنف عمله ونشاطه المسلح إلى جانب أبو بكر البغدادي زعيم داعش، وبرز الجولاني بسرعة في العمليات العسكرية والتفجيرية التي شارك فيها فعينه البغدادي رئيساً لغرفة عمليات محافظة نينوى وحدثت بعض التفجيرات بمشاركة وبتخطيط منه، وعندما بدأت الأحداث في سورية  في مارس 2011، انتقل الجولاني إليها ولعب دوراً مهماً في التخطيط لتأسيس فرع لداعش في سوريا وشكل ما عُرف باسم جبهة النصرة، كانت هذه المجموعة بمثابة الفرع السوري لدولة العراق الإسلامية بقيادة أبو بكر البغدادي الذي سهل على الجولاني مأموريته بعدما مده بالمقاتلين والأسلحة والمال، بعدها اختلف الجولاني مع البغدادي ورفض أوامره بتصفية تنظيمه الخاص جبهة النصرة وإدماجه مباشرة في داعش، ونقل الجولاني ولاءه إلى تنظيم القاعدة وبايع أيمن الظواهري بشرط أن يبقى زعيماً لجبهة النصرة فتم له ذلك، ثم انقسمت جبهة النصرة بعد فترة إلى شقين قسم التحق بالبغدادي وداعش، وقسم بقي مع القاعدة والظواهري بزعامة الجولاني، هذا التغيير في سلسلة الولاء جعل النصرة فرعاً للقاعدة في سورية، على الرغم من تقديم الجولاني يمين الولاء لأيمن الظواهري، لكن أبو بكر البغدادي رفض هذه الازدواجية وطلب توحيد المنظمتين تحت مظلة واحدة مما تسبب في اندلاع اشتباكات بين جبهة النصرة وداعش للسيطرة على جزء من الأراضي السورية التي تسيطر عليها، وبحلول أكتوبر 2015 دعا الجولاني إلى شن هجمات في سورية حيث قال: "لا يوجد خيار لدينا سوى تصعيد المعركة واستهداف البلدات والقرى"، وأعلن الجولاني في  ٢٨ يوليو 2016 في رسالة مسجلة أن جبهة النصرة ستصبح من الآن فصاعداً تحت الاسم الجديد جبهة فتح الشام، لتكون مجموعة مستقلة ليس لها أي انتماء لأي  جهة خارجية، ولكنه لم ينكر بيعته للظواهري والقاعدة، وفي 28 ديسمبر 2017 أعلن الجولاني حل جبهة فتح الشام واندماجها في منظمة إسلامية سورية أكبر وهي "هيئة تحرير الشام" وهدفها كما قال هو محاربة القاعدة وداعش معاً في محاولة لتحسين مكانته لدى الدول الغربية، ونجحت هيئة تحرير الشام في هزيمة داعش والقاعدة ومعظم القوى المعارضة في أراضيها، وفرضت سيطرتها على معظم محافظة إدلب، واستمر هذا الوضع حتى دخولها دمشق في الثامن من ديسمبر الجاري.

 

وبعد العرض السريع لتاريخ الجولاني الإرهابي، وجب علينا التذكير ثانياً بتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في صناعة ورعاية الإرهاب في العالم فهي التي تصنع وترعى الجماعات الإرهابية التي تحصد أرواح البشر الأبرياء دون ذنب في كل بقاع الأرض، ورغم ذلك تحاول أن توهم العالم من خلال صناعتها الأخرى المسيطرة عليها وهي الإعلام بأنها بريئة من صناعتها للإرهاب، وأنه صناعة عربية إسلامية، وكانت البداية أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي بدعوى أنها دولة كافرة وتريد نشر الإلحاد في العالم وعلى المسلمين أن يقوموا بمحاربتها وتم تشجيع بعض الجماعات الإسلامية للذهاب إلى أفغانستان للجهاد ضد الكفر والإلحاد بدعم من الولايات المتحدة التي أمدت من أطلق عليهم الإعلام (المجاهدين) بالمال والسلاح، وانتهت المعركة بتفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1990، وعاد (المجاهدين) من أفغانستان إلى بلادهم العربية والإسلامية ليمارسوا العنف والإرهاب داخل هذه المجتمعات.

 

 ثم تم تصنيع تنظيم القاعدة الذي أثار الرعب في العالم على مدى عقدين من الزمان، تحول على أثرها أسامة بن لادن الثري السعودي إلى أسطورة بواسطة الآلة الإعلامية الأمريكية الجهنمية الجبارة حيث نسب إليه وتنظيمه أكبر حادثة إرهابية في العالم وهى تفجير برجي التجارة العالمية بالولايات المتحدة ذاتها في 11 سبتمبر 2001 وباستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا الحربية من صواريخ وطائرات، وهو ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول قوة وقدرة التنظيم الذي استطاع أن يخترق أكبر منظومة أمنية في العالم، على الرغم من أن قادته وكما صور لنا الإعلام الأمريكي ذاته يعيشون في الكهوف والجبال في أفغانستان، وقامت أمريكا بإعلان الحرب على تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن بدعوى أنهم المسؤولين عن الإرهاب في العالم ورغم ذلك ظل التنظيم موجود ومتصدر للمشهد الإرهابي حول العالم ويصدر يومياً بيانات يتم تداولها عبر الآلة الإعلامية الغربية أنه المسؤول عن كل تفجير يحدث هنا أو هناك.

 

ومع دخول مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية إلى تفتيت وتقسيم المنطقة على أسس مذهبية وعرقية وطائفية وهو ما يستلزم استخدام ورقة الجماعات الإرهابية لتكون عملية التقسيم والتفتيت من الداخل دون مواجهة مباشرة منها كما حدث في أفغانستان والعراق، حيث استغلت الحراك الشعبي داخل بعض البلدان العربية وهو ما أطلق عليه إعلامها الربيع العربي، وقامت بدعم الجماعات الإرهابية بالداخل لتمكينها من تنفيذ مشروعها وهنا اختفى تنظيم القاعدة من المشهد الإرهابي العالمي، وأختفى أيضاً من فوق المنابر الإعلامية التي كانت تقوم بالترويج له، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة هي التي كانت ترعى هذا التنظيم وتروج له وعندما انتهت مهمته اختفى من الوجود.

 

 وبدأت الولايات المتحدة كعادتها بالاعتماد على القوى الإرهابية القديمة المتمثلة في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وعندما فشل هذا التنظيم في تنفيذ مخطط الولايات المتحدة التقسيمي والتفتيتي للمنطقة بفضل الشعب المصري وجيشه العظيم الذي أطاح بهم في ٣٠ يونيو 2013، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة عدد من التنظيمات الإرهابية الجديدة وأطلقت يدها بالمنطقة ودعمتها بالمال والسلاح فسمعنا عن أنصار بيت المقدس بسيناء، وجبهة النصرة بسورية، لكن سرعان ما اختفت هذه التنظيمات سريعاً وقامت بمبايعة التنظيم الإرهابي الجديد والأسطورة التي صنعتها الولايات المتحدة وروجت لها عبر آلتها الإعلامية الجبارة وهو تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام والذي عرف إعلامياً بتنظيم داعش والذي أصبح بعبع جديد تخيف به أمريكا العالم أجمع، ومن المثير للعجب أنه لم نجد عاقل على وجه الكرة الأرضية تساءل عن كيف تظهر التنظيمات الإرهابية ؟! وكيف تختفى دون مقدمات ؟! فكيف لتنظيم القاعدة الذي كانت عملياته ترعب العالم أجمع يختفى من الوجود ؟! ولم نعد نسمع عنه أي شيء رغم عدم وجود مواجهة حقيقية لمحاربته والقضاء عليه ؟!.

 

والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن هو من الذي أعطى هذه التنظيمات الإرهابية كل هذا السلاح الذي انتصرت به على الجيوش النظامية ؟! والإجابة القاطعة أن الولايات المتحدة هي أكبر تاجر للسلاح في العالم ومن مصلحتها استمرار هذا الإرهاب لتستمر تجارتها رائجة لأن الدول التي يتهددها الإرهاب تسعى إلى شراء السلاح من الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب والدفاع عن نفسها وإذا توقف الإرهاب ستتوقف تجارتها، وبالطبع الإعلام أحد أهم أدوات الولايات المتحدة للترويج لبضاعتها وصناعتها الإرهابية، لذلك يمكننا تفسير لماذا لم تتمكن الولايات المتحدة وتحالفها الدولي من القضاء على داعش على الأرض السورية عبر ما يقرب من عقد من الزمان، وقامت بتنفيذ عدة عمليات كبرى بواسطة التنظيم حول العالم كي يظل التنظيم فزاعة بيدها لإرهاب سكان الكوكب، وكلما تراجع دور التنظيم وخفت نجمه تعود من جديد في دعمه والترويج له، أو صناعة تنظيم جديد كما فعلت مع هيئة تحرير الشام ومكنتها من الوصول للسلطة في سورية، لذلك نقول أن أمريكا هي الراعي الرسمي للإرهاب في العالم. 

 

وفي الختام كقومي عربي ناصري بوصلتي هي فلسطين والموقف من العدو الصهيوني، لذلك لا يعنيني كثيراً من سيحكم سورية فهذا شأن داخلي يخص أشقاءنا في الإقليم الشمالي، فقط أردت أن أذكرهم بأن الإرهاب ليس وجهة نظر، وإذا تم اختياره حاكماً عليهم فليتحملوا تبعات هذا الاختيار، أما الذي يعنيني هو موقف الحاكم الجديد من فلسطين والعدو الصهيوني فإذا وقف داعماً لفلسطين ومناهضاً ومقاوماً للعدو الصهيوني سنصفق له، ولو نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وهرول مطبعاً كما فعل الإرهابي الدولي أبو محمد الجولاني سابقا (أحمد الشرع حالياً) وصرح بأن محاربة العدو الصهيوني ليست من بين أولوياته ولن تستخدم الأرض السورية لمحاربة العدو الصهيوني فأننا سوف نلعنه ونقف في خندق مقاومته حتى لو وقف العالم أجمع وليست أمريكا فقط التي أرسلت يوم الجمعة الماضية وفداً دبلوماسياً رفيع المستوى لدعمه وتجميل صورته تمهيداً لرفع أسمه وتنظيمه من قائمة الإرهاب الدولي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.  

 

بقلم / د. محمد سيد أحمد 

 

 

 

     هل أصبح الإرهاب وجهة نظر ؟!

**************************

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية وعبر الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تمتلكها وتسيطر عليها حول العالم إقناع الرأي العام العالمي بأن الإرهاب وجهة نظر، فعلى الرغم من أنها هي من وصمت جبهة النصرة سابقاً (هيئة تحرير الشام حالياً) وزعيمها أبو محمد الجولاني بالإرهاب وأصدرت قراراً بذلك من الأمم المتحدة بل ورصدت عشرة ملايين من الدولارات لمن يدل على مكان الجولاني، إلا أنها ومع انطلاق الجولاني والجماعات الإرهابية التي تعمل تحت إمرته في إدلب نحو حلب ثم حماة لتنفيذ الأجندة (الأمريكية – الصهيونية – التركية) وقبل وصوله لحمص ثم دمشق كانت ال   CNN أحد الأدوات الإعلامية الأمريكية تلمع في الجولاني وتقدمه في صورة الثائر المغوار الذي جاء لتحرير بلاده من الدكتاتورية والاستبداد، في محاولة لخداع الرأي العام العالمي الذي يمتلك ذاكرة سمك بأن الجولاني الإرهابي الدولي قد تاب وأصبح أحمد الشرع الليبرالي المعتدل، وكأن تاريخه الإرهابي قد تم محوه من ذاكرة العقل الجمعي العالمي، وعلى الرأي العام العالمي أن يتقبل الجولاني رئيساً لسورية، وهنا يجب التذكير أولاً بتاريخ الجولاني الإرهابي حتى لا ننسى وحتى لا يتحول الإرهاب إلى وجهة نظر، كما تحولت مفاهيم كثيرة قبل ذلك لوجهة نظر مثل الخيانة والعمالة والتجسس وبيع الأوطان. 

 

أبو محمد الجولاني سابقاً (أحمد الشرع حالياً) بعد الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003 سافر إلى العراق وانضم إلى تنظيم القاعدة وسرعان ما ارتقى في صفوفها وأصبح مقرباً من زعيمها آنذاك أبو مصعب الزرقاوي، وبعد مقتل الزرقاوي في 7 يونيو 2006 في غارة أمريكية، غادر الجولاني العراق واستقر في لبنان لفترة، وهناك قدم خدماته العسكرية واللوجستية لجماعة جند الشام المسلحة السلفية، وسرعان ما عاد إلى العراق لكنه اعتقل من قبل جيش الاحتلال الأمريكي واحتجز في معسكر بوكا الشهير الذي كان يضم الآلاف من السلفيين التكفيريين ومنهم أبو بكر البغدادي زعيم داعش لاحقاً وأغلب كوادرها، ثم أطلق الأمريكيون سراحه هو والمئات من زملائه من سجن بوكا في عام 2008، واستأنف عمله ونشاطه المسلح إلى جانب أبو بكر البغدادي زعيم داعش، وبرز الجولاني بسرعة في العمليات العسكرية والتفجيرية التي شارك فيها فعينه البغدادي رئيساً لغرفة عمليات محافظة نينوى وحدثت بعض التفجيرات بمشاركة وبتخطيط منه، وعندما بدأت الأحداث في سورية  في مارس 2011، انتقل الجولاني إليها ولعب دوراً مهماً في التخطيط لتأسيس فرع لداعش في سوريا وشكل ما عُرف باسم جبهة النصرة، كانت هذه المجموعة بمثابة الفرع السوري لدولة العراق الإسلامية بقيادة أبو بكر البغدادي الذي سهل على الجولاني مأموريته بعدما مده بالمقاتلين والأسلحة والمال، بعدها اختلف الجولاني مع البغدادي ورفض أوامره بتصفية تنظيمه الخاص جبهة النصرة وإدماجه مباشرة في داعش، ونقل الجولاني ولاءه إلى تنظيم القاعدة وبايع أيمن الظواهري بشرط أن يبقى زعيماً لجبهة النصرة فتم له ذلك، ثم انقسمت جبهة النصرة بعد فترة إلى شقين قسم التحق بالبغدادي وداعش، وقسم بقي مع القاعدة والظواهري بزعامة الجولاني، هذا التغيير في سلسلة الولاء جعل النصرة فرعاً للقاعدة في سورية، على الرغم من تقديم الجولاني يمين الولاء لأيمن الظواهري، لكن أبو بكر البغدادي رفض هذه الازدواجية وطلب توحيد المنظمتين تحت مظلة واحدة مما تسبب في اندلاع اشتباكات بين جبهة النصرة وداعش للسيطرة على جزء من الأراضي السورية التي تسيطر عليها، وبحلول أكتوبر 2015 دعا الجولاني إلى شن هجمات في سورية حيث قال: "لا يوجد خيار لدينا سوى تصعيد المعركة واستهداف البلدات والقرى"، وأعلن الجولاني في  ٢٨ يوليو 2016 في رسالة مسجلة أن جبهة النصرة ستصبح من الآن فصاعداً تحت الاسم الجديد جبهة فتح الشام، لتكون مجموعة مستقلة ليس لها أي انتماء لأي  جهة خارجية، ولكنه لم ينكر بيعته للظواهري والقاعدة، وفي 28 ديسمبر 2017 أعلن الجولاني حل جبهة فتح الشام واندماجها في منظمة إسلامية سورية أكبر وهي "هيئة تحرير الشام" وهدفها كما قال هو محاربة القاعدة وداعش معاً في محاولة لتحسين مكانته لدى الدول الغربية، ونجحت هيئة تحرير الشام في هزيمة داعش والقاعدة ومعظم القوى المعارضة في أراضيها، وفرضت سيطرتها على معظم محافظة إدلب، واستمر هذا الوضع حتى دخولها دمشق في الثامن من ديسمبر الجاري.

 

وبعد العرض السريع لتاريخ الجولاني الإرهابي، وجب علينا التذكير ثانياً بتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في صناعة ورعاية الإرهاب في العالم فهي التي تصنع وترعى الجماعات الإرهابية التي تحصد أرواح البشر الأبرياء دون ذنب في كل بقاع الأرض، ورغم ذلك تحاول أن توهم العالم من خلال صناعتها الأخرى المسيطرة عليها وهي الإعلام بأنها بريئة من صناعتها للإرهاب، وأنه صناعة عربية إسلامية، وكانت البداية أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي بدعوى أنها دولة كافرة وتريد نشر الإلحاد في العالم وعلى المسلمين أن يقوموا بمحاربتها وتم تشجيع بعض الجماعات الإسلامية للذهاب إلى أفغانستان للجهاد ضد الكفر والإلحاد بدعم من الولايات المتحدة التي أمدت من أطلق عليهم الإعلام (المجاهدين) بالمال والسلاح، وانتهت المعركة بتفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1990، وعاد (المجاهدين) من أفغانستان إلى بلادهم العربية والإسلامية ليمارسوا العنف والإرهاب داخل هذه المجتمعات.

 

 ثم تم تصنيع تنظيم القاعدة الذي أثار الرعب في العالم على مدى عقدين من الزمان، تحول على أثرها أسامة بن لادن الثري السعودي إلى أسطورة بواسطة الآلة الإعلامية الأمريكية الجهنمية الجبارة حيث نسب إليه وتنظيمه أكبر حادثة إرهابية في العالم وهى تفجير برجي التجارة العالمية بالولايات المتحدة ذاتها في 11 سبتمبر 2001 وباستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا الحربية من صواريخ وطائرات، وهو ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول قوة وقدرة التنظيم الذي استطاع أن يخترق أكبر منظومة أمنية في العالم، على الرغم من أن قادته وكما صور لنا الإعلام الأمريكي ذاته يعيشون في الكهوف والجبال في أفغانستان، وقامت أمريكا بإعلان الحرب على تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن بدعوى أنهم المسؤولين عن الإرهاب في العالم ورغم ذلك ظل التنظيم موجود ومتصدر للمشهد الإرهابي حول العالم ويصدر يومياً بيانات يتم تداولها عبر الآلة الإعلامية الغربية أنه المسؤول عن كل تفجير يحدث هنا أو هناك.

 

ومع دخول مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية إلى تفتيت وتقسيم المنطقة على أسس مذهبية وعرقية وطائفية وهو ما يستلزم استخدام ورقة الجماعات الإرهابية لتكون عملية التقسيم والتفتيت من الداخل دون مواجهة مباشرة منها كما حدث في أفغانستان والعراق، حيث استغلت الحراك الشعبي داخل بعض البلدان العربية وهو ما أطلق عليه إعلامها الربيع العربي، وقامت بدعم الجماعات الإرهابية بالداخل لتمكينها من تنفيذ مشروعها وهنا اختفى تنظيم القاعدة من المشهد الإرهابي العالمي، وأختفى أيضاً من فوق المنابر الإعلامية التي كانت تقوم بالترويج له، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة هي التي كانت ترعى هذا التنظيم وتروج له وعندما انتهت مهمته اختفى من الوجود.

 

 وبدأت الولايات المتحدة كعادتها بالاعتماد على القوى الإرهابية القديمة المتمثلة في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وعندما فشل هذا التنظيم في تنفيذ مخطط الولايات المتحدة التقسيمي والتفتيتي للمنطقة بفضل الشعب المصري وجيشه العظيم الذي أطاح بهم في ٣٠ يونيو 2013، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة عدد من التنظيمات الإرهابية الجديدة وأطلقت يدها بالمنطقة ودعمتها بالمال والسلاح فسمعنا عن أنصار بيت المقدس بسيناء، وجبهة النصرة بسورية، لكن سرعان ما اختفت هذه التنظيمات سريعاً وقامت بمبايعة التنظيم الإرهابي الجديد والأسطورة التي صنعتها الولايات المتحدة وروجت لها عبر آلتها الإعلامية الجبارة وهو تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام والذي عرف إعلامياً بتنظيم داعش والذي أصبح بعبع جديد تخيف به أمريكا العالم أجمع، ومن المثير للعجب أنه لم نجد عاقل على وجه الكرة الأرضية تساءل عن كيف تظهر التنظيمات الإرهابية ؟! وكيف تختفى دون مقدمات ؟! فكيف لتنظيم القاعدة الذي كانت عملياته ترعب العالم أجمع يختفى من الوجود ؟! ولم نعد نسمع عنه أي شيء رغم عدم وجود مواجهة حقيقية لمحاربته والقضاء عليه ؟!.

 

والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن هو من الذي أعطى هذه التنظيمات الإرهابية كل هذا السلاح الذي انتصرت به على الجيوش النظامية ؟! والإجابة القاطعة أن الولايات المتحدة هي أكبر تاجر للسلاح في العالم ومن مصلحتها استمرار هذا الإرهاب لتستمر تجارتها رائجة لأن الدول التي يتهددها الإرهاب تسعى إلى شراء السلاح من الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب والدفاع عن نفسها وإذا توقف الإرهاب ستتوقف تجارتها، وبالطبع الإعلام أحد أهم أدوات الولايات المتحدة للترويج لبضاعتها وصناعتها الإرهابية، لذلك يمكننا تفسير لماذا لم تتمكن الولايات المتحدة وتحالفها الدولي من القضاء على داعش على الأرض السورية عبر ما يقرب من عقد من الزمان، وقامت بتنفيذ عدة عمليات كبرى بواسطة التنظيم حول العالم كي يظل التنظيم فزاعة بيدها لإرهاب سكان الكوكب، وكلما تراجع دور التنظيم وخفت نجمه تعود من جديد في دعمه والترويج له، أو صناعة تنظيم جديد كما فعلت مع هيئة تحرير الشام ومكنتها من الوصول للسلطة في سورية، لذلك نقول أن أمريكا هي الراعي الرسمي للإرهاب في العالم. 

 

وفي الختام كقومي عربي ناصري بوصلتي هي فلسطين والموقف من العدو الصهيوني، لذلك لا يعنيني كثيراً من سيحكم سورية فهذا شأن داخلي يخص أشقاءنا في الإقليم الشمالي، فقط أردت أن أذكرهم بأن الإرهاب ليس وجهة نظر، وإذا تم اختياره حاكماً عليهم فليتحملوا تبعات هذا الاختيار، أما الذي يعنيني هو موقف الحاكم الجديد من فلسطين والعدو الصهيوني فإذا وقف داعماً لفلسطين ومناهضاً ومقاوماً للعدو الصهيوني سنصفق له، ولو نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وهرول مطبعاً كما فعل الإرهابي الدولي أبو محمد الجولاني سابقا (أحمد الشرع حالياً) وصرح بأن محاربة العدو الصهيوني ليست من بين أولوياته ولن تستخدم الأرض السورية لمحاربة العدو الصهيوني فأننا سوف نلعنه ونقف في خندق مقاومته حتى لو وقف العالم أجمع وليست أمريكا فقط التي أرسلت يوم الجمعة الماضية وفداً دبلوماسياً رفيع المستوى لدعمه وتجميل صورته تمهيداً لرفع أسمه وتنظيمه من قائمة الإرهاب الدولي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.  

 

بقلم / د. محمد سيد أحمد 

 

 

 

     هل أصبح الإرهاب وجهة نظر ؟!

**************************

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية وعبر الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تمتلكها وتسيطر عليها حول العالم إقناع الرأي العام العالمي بأن الإرهاب وجهة نظر، فعلى الرغم من أنها هي من وصمت جبهة النصرة سابقاً (هيئة تحرير الشام حالياً) وزعيمها أبو محمد الجولاني بالإرهاب وأصدرت قراراً بذلك من الأمم المتحدة بل ورصدت عشرة ملايين من الدولارات لمن يدل على مكان الجولاني، إلا أنها ومع انطلاق الجولاني والجماعات الإرهابية التي تعمل تحت إمرته في إدلب نحو حلب ثم حماة لتنفيذ الأجندة (الأمريكية – الصهيونية – التركية) وقبل وصوله لحمص ثم دمشق كانت ال   CNN أحد الأدوات الإعلامية الأمريكية تلمع في الجولاني وتقدمه في صورة الثائر المغوار الذي جاء لتحرير بلاده من الدكتاتورية والاستبداد، في محاولة لخداع الرأي العام العالمي الذي يمتلك ذاكرة سمك بأن الجولاني الإرهابي الدولي قد تاب وأصبح أحمد الشرع الليبرالي المعتدل، وكأن تاريخه الإرهابي قد تم محوه من ذاكرة العقل الجمعي العالمي، وعلى الرأي العام العالمي أن يتقبل الجولاني رئيساً لسورية، وهنا يجب التذكير أولاً بتاريخ الجولاني الإرهابي حتى لا ننسى وحتى لا يتحول الإرهاب إلى وجهة نظر، كما تحولت مفاهيم كثيرة قبل ذلك لوجهة نظر مثل الخيانة والعمالة والتجسس وبيع الأوطان. 

 

أبو محمد الجولاني سابقاً (أحمد الشرع حالياً) بعد الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003 سافر إلى العراق وانضم إلى تنظيم القاعدة وسرعان ما ارتقى في صفوفها وأصبح مقرباً من زعيمها آنذاك أبو مصعب الزرقاوي، وبعد مقتل الزرقاوي في 7 يونيو 2006 في غارة أمريكية، غادر الجولاني العراق واستقر في لبنان لفترة، وهناك قدم خدماته العسكرية واللوجستية لجماعة جند الشام المسلحة السلفية، وسرعان ما عاد إلى العراق لكنه اعتقل من قبل جيش الاحتلال الأمريكي واحتجز في معسكر بوكا الشهير الذي كان يضم الآلاف من السلفيين التكفيريين ومنهم أبو بكر البغدادي زعيم داعش لاحقاً وأغلب كوادرها، ثم أطلق الأمريكيون سراحه هو والمئات من زملائه من سجن بوكا في عام 2008، واستأنف عمله ونشاطه المسلح إلى جانب أبو بكر البغدادي زعيم داعش، وبرز الجولاني بسرعة في العمليات العسكرية والتفجيرية التي شارك فيها فعينه البغدادي رئيساً لغرفة عمليات محافظة نينوى وحدثت بعض التفجيرات بمشاركة وبتخطيط منه، وعندما بدأت الأحداث في سورية  في مارس 2011، انتقل الجولاني إليها ولعب دوراً مهماً في التخطيط لتأسيس فرع لداعش في سوريا وشكل ما عُرف باسم جبهة النصرة، كانت هذه المجموعة بمثابة الفرع السوري لدولة العراق الإسلامية بقيادة أبو بكر البغدادي الذي سهل على الجولاني مأموريته بعدما مده بالمقاتلين والأسلحة والمال، بعدها اختلف الجولاني مع البغدادي ورفض أوامره بتصفية تنظيمه الخاص جبهة النصرة وإدماجه مباشرة في داعش، ونقل الجولاني ولاءه إلى تنظيم القاعدة وبايع أيمن الظواهري بشرط أن يبقى زعيماً لجبهة النصرة فتم له ذلك، ثم انقسمت جبهة النصرة بعد فترة إلى شقين قسم التحق بالبغدادي وداعش، وقسم بقي مع القاعدة والظواهري بزعامة الجولاني، هذا التغيير في سلسلة الولاء جعل النصرة فرعاً للقاعدة في سورية، على الرغم من تقديم الجولاني يمين الولاء لأيمن الظواهري، لكن أبو بكر البغدادي رفض هذه الازدواجية وطلب توحيد المنظمتين تحت مظلة واحدة مما تسبب في اندلاع اشتباكات بين جبهة النصرة وداعش للسيطرة على جزء من الأراضي السورية التي تسيطر عليها، وبحلول أكتوبر 2015 دعا الجولاني إلى شن هجمات في سورية حيث قال: "لا يوجد خيار لدينا سوى تصعيد المعركة واستهداف البلدات والقرى"، وأعلن الجولاني في  ٢٨ يوليو 2016 في رسالة مسجلة أن جبهة النصرة ستصبح من الآن فصاعداً تحت الاسم الجديد جبهة فتح الشام، لتكون مجموعة مستقلة ليس لها أي انتماء لأي  جهة خارجية، ولكنه لم ينكر بيعته للظواهري والقاعدة، وفي 28 ديسمبر 2017 أعلن الجولاني حل جبهة فتح الشام واندماجها في منظمة إسلامية سورية أكبر وهي "هيئة تحرير الشام" وهدفها كما قال هو محاربة القاعدة وداعش معاً في محاولة لتحسين مكانته لدى الدول الغربية، ونجحت هيئة تحرير الشام في هزيمة داعش والقاعدة ومعظم القوى المعارضة في أراضيها، وفرضت سيطرتها على معظم محافظة إدلب، واستمر هذا الوضع حتى دخولها دمشق في الثامن من ديسمبر الجاري.

 

وبعد العرض السريع لتاريخ الجولاني الإرهابي، وجب علينا التذكير ثانياً بتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في صناعة ورعاية الإرهاب في العالم فهي التي تصنع وترعى الجماعات الإرهابية التي تحصد أرواح البشر الأبرياء دون ذنب في كل بقاع الأرض، ورغم ذلك تحاول أن توهم العالم من خلال صناعتها الأخرى المسيطرة عليها وهي الإعلام بأنها بريئة من صناعتها للإرهاب، وأنه صناعة عربية إسلامية، وكانت البداية أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي بدعوى أنها دولة كافرة وتريد نشر الإلحاد في العالم وعلى المسلمين أن يقوموا بمحاربتها وتم تشجيع بعض الجماعات الإسلامية للذهاب إلى أفغانستان للجهاد ضد الكفر والإلحاد بدعم من الولايات المتحدة التي أمدت من أطلق عليهم الإعلام (المجاهدين) بالمال والسلاح، وانتهت المعركة بتفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1990، وعاد (المجاهدين) من أفغانستان إلى بلادهم العربية والإسلامية ليمارسوا العنف والإرهاب داخل هذه المجتمعات.

 

 ثم تم تصنيع تنظيم القاعدة الذي أثار الرعب في العالم على مدى عقدين من الزمان، تحول على أثرها أسامة بن لادن الثري السعودي إلى أسطورة بواسطة الآلة الإعلامية الأمريكية الجهنمية الجبارة حيث نسب إليه وتنظيمه أكبر حادثة إرهابية في العالم وهى تفجير برجي التجارة العالمية بالولايات المتحدة ذاتها في 11 سبتمبر 2001 وباستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا الحربية من صواريخ وطائرات، وهو ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول قوة وقدرة التنظيم الذي استطاع أن يخترق أكبر منظومة أمنية في العالم، على الرغم من أن قادته وكما صور لنا الإعلام الأمريكي ذاته يعيشون في الكهوف والجبال في أفغانستان، وقامت أمريكا بإعلان الحرب على تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن بدعوى أنهم المسؤولين عن الإرهاب في العالم ورغم ذلك ظل التنظيم موجود ومتصدر للمشهد الإرهابي حول العالم ويصدر يومياً بيانات يتم تداولها عبر الآلة الإعلامية الغربية أنه المسؤول عن كل تفجير يحدث هنا أو هناك.

 

ومع دخول مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية إلى تفتيت وتقسيم المنطقة على أسس مذهبية وعرقية وطائفية وهو ما يستلزم استخدام ورقة الجماعات الإرهابية لتكون عملية التقسيم والتفتيت من الداخل دون مواجهة مباشرة منها كما حدث في أفغانستان والعراق، حيث استغلت الحراك الشعبي داخل بعض البلدان العربية وهو ما أطلق عليه إعلامها الربيع العربي، وقامت بدعم الجماعات الإرهابية بالداخل لتمكينها من تنفيذ مشروعها وهنا اختفى تنظيم القاعدة من المشهد الإرهابي العالمي، وأختفى أيضاً من فوق المنابر الإعلامية التي كانت تقوم بالترويج له، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة هي التي كانت ترعى هذا التنظيم وتروج له وعندما انتهت مهمته اختفى من الوجود.

 

 وبدأت الولايات المتحدة كعادتها بالاعتماد على القوى الإرهابية القديمة المتمثلة في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وعندما فشل هذا التنظيم في تنفيذ مخطط الولايات المتحدة التقسيمي والتفتيتي للمنطقة بفضل الشعب المصري وجيشه العظيم الذي أطاح بهم في ٣٠ يونيو 2013، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة عدد من التنظيمات الإرهابية الجديدة وأطلقت يدها بالمنطقة ودعمتها بالمال والسلاح فسمعنا عن أنصار بيت المقدس بسيناء، وجبهة النصرة بسورية، لكن سرعان ما اختفت هذه التنظيمات سريعاً وقامت بمبايعة التنظيم الإرهابي الجديد والأسطورة التي صنعتها الولايات المتحدة وروجت لها عبر آلتها الإعلامية الجبارة وهو تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام والذي عرف إعلامياً بتنظيم داعش والذي أصبح بعبع جديد تخيف به أمريكا العالم أجمع، ومن المثير للعجب أنه لم نجد عاقل على وجه الكرة الأرضية تساءل عن كيف تظهر التنظيمات الإرهابية ؟! وكيف تختفى دون مقدمات ؟! فكيف لتنظيم القاعدة الذي كانت عملياته ترعب العالم أجمع يختفى من الوجود ؟! ولم نعد نسمع عنه أي شيء رغم عدم وجود مواجهة حقيقية لمحاربته والقضاء عليه ؟!.

 

والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن هو من الذي أعطى هذه التنظيمات الإرهابية كل هذا السلاح الذي انتصرت به على الجيوش النظامية ؟! والإجابة القاطعة أن الولايات المتحدة هي أكبر تاجر للسلاح في العالم ومن مصلحتها استمرار هذا الإرهاب لتستمر تجارتها رائجة لأن الدول التي يتهددها الإرهاب تسعى إلى شراء السلاح من الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب والدفاع عن نفسها وإذا توقف الإرهاب ستتوقف تجارتها، وبالطبع الإعلام أحد أهم أدوات الولايات المتحدة للترويج لبضاعتها وصناعتها الإرهابية، لذلك يمكننا تفسير لماذا لم تتمكن الولايات المتحدة وتحالفها الدولي من القضاء على داعش على الأرض السورية عبر ما يقرب من عقد من الزمان، وقامت بتنفيذ عدة عمليات كبرى بواسطة التنظيم حول العالم كي يظل التنظيم فزاعة بيدها لإرهاب سكان الكوكب، وكلما تراجع دور التنظيم وخفت نجمه تعود من جديد في دعمه والترويج له، أو صناعة تنظيم جديد كما فعلت مع هيئة تحرير الشام ومكنتها من الوصول للسلطة في سورية، لذلك نقول أن أمريكا هي الراعي الرسمي للإرهاب في العالم. 

 

وفي الختام كقومي عربي ناصري بوصلتي هي فلسطين والموقف من العدو الصهيوني، لذلك لا يعنيني كثيراً من سيحكم سورية فهذا شأن داخلي يخص أشقاءنا في الإقليم الشمالي، فقط أردت أن أذكرهم بأن الإرهاب ليس وجهة نظر، وإذا تم اختياره حاكماً عليهم فليتحملوا تبعات هذا الاختيار، أما الذي يعنيني هو موقف الحاكم الجديد من فلسطين والعدو الصهيوني فإذا وقف داعماً لفلسطين ومناهضاً ومقاوماً للعدو الصهيوني سنصفق له، ولو نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وهرول مطبعاً كما فعل الإرهابي الدولي أبو محمد الجولاني سابقا (أحمد الشرع حالياً) وصرح بأن محاربة العدو الصهيوني ليست من بين أولوياته ولن تستخدم الأرض السورية لمحاربة العدو الصهيوني فأننا سوف نلعنه ونقف في خندق مقاومته حتى لو وقف العالم أجمع وليست أمريكا فقط التي أرسلت يوم الجمعة الماضية وفداً دبلوماسياً رفيع المستوى لدعمه وتجميل صورته تمهيداً لرفع أسمه وتنظيمه من قائمة الإرهاب الدولي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.  

 

بقلم / د. محمد سيد أحمد 

 

 

 

      

 

           

 

 

 

  

 

           

 

 

 

  

 

           

 

 

 

 

تعليقات