اخبار ذات صلة

الخميس، 1 أبريل 2021

في الكافية والمقهى الثقافي الكاتبة والباحثة القديرة الاستاذة نيهال القويسني .

 



 الكاتبة والباحثة القديرة الاستاذة نيهال القويسنى تكتب .. 

وتوضح ان تحديد ملامح الهوية القومية مع ادراك مستجدات العصر الحديث ومعطياته امر اساسي ولاغنى عنه في هذة المرحلة من تاريخ امتنا 

وهو امر يقتضي الادراك الكامل لمتغيرات العصر ومعطياته . وتحديد موقفنا منه وموقعنا فيه.. بما لايتعارض مع اللحاق بركب الحضارة والاسهام في مسيرة التقدم والازدهار . 


فتقول ..

الحداثة..

مفهوم يختلف في أذهان الناس، ويتارجح ما بين الإيجابي والسلبي..

 فأنصار مفهوم الأصالة

 يرون في التمسك بقيم الماضي ومفاهيمه وأدواته وشخوصه كل الخير والصواب، للحفاظ على الهوية القومية في عصر العولمة والتكنولوجيا وثورة الاتصالات، التي أتاحت كل أنواع المعرفة وفتحت كل قنوات التواصل والتفاعل الفكرى والقيمي بين البشر..وإن أثرت بصورة واضحة على شكل وعمق العلاقات الإنسانية، حتي الحميم منها.


وهناك فريق آخر،  لا يقتصر على الأجيال الجديدة التى تفتحت مداركها على أدوات وأفكار وقيم حديثة ومختلفة عن ما مضي..وبالتالي هي ترى القديم مستهلك..وقد استنفذ اغراض وجوده بحكم الواقع..كما ترى أنه قد آن الأوان كي نهجر كل ما هو قديم ونستشرف آفاق الجديد والمستحدث الذي يتناسب مع قيم العصر الحديث الذي نحيا في رحابه. 


وعلينا قبل أن نناقش تلك الأطروحة ان نتفق على بعض النقاط الاساسية: 


أولا ..

 أن دوام الحال من المحال..وإن لا شيئ يظل على حاله دون تغيير إلي الأبد..تلك سنة الحياة وحكمة الله في الكون الذي خلقه في ديناميكية مطلقة. 


وثانيا

انه لا توجد قيم مطلقة، فما هو صواب في عصر قد لا يكون كذلك في عصر آخر..وما هو صواب عند قوم قد يكون غير مقبول لدى أقوام أخرى وفقا لثقافتهم في عصر معين. 


وثالثا: 

ان قراءة متأنية للتاريخ سوف يتضح منها أن هناك عصور في تاريخ البشرية كانت فيها اكتشافات أو اختراعات أو أفكار أحدثت طفرة نوعية في حياة البشرية جمعاء، وغيرت وجهها بصورة شاملة في كل مجالات الفكر والأنشطة والقيم والتعاملات. فيمكن أن نعود بالذاكرة مثلا لعصر اختراع الألآت، أو الاكتشافات الجغرافية أو ظهور آلات الطباعة أو السكك الحديدية..كلها اكتشافات أحدثت تحولات نوعية في حياة البشر، فلم تعد حياتهم بعد ظهورها كما كانت قبلها. 

ونلتقط طرف حديثنا عند هذه النقطة تحديدا لنسقطها علي العصر الحديث الذي نحياه، والذي ظهرت ارهاصاته الأولى في نهايات القرن الماضي. 


فلا شك أن الإيقاع قد تغير كثيرا، فأصبح متسارعا بصورة متواصلة. كما اختلفت أدوات المعرفة عامة نتيجة وجود منصات إلكترونية ومواقع تتيح الكثير من المعارف والمعلومات المتنوعة في كافة المجالات. بالإضافة إلي إتاحة قنوات للتواصل الفكري والاجتماعي التي أدت إلي تغير نمط التفاعل الإنساني بين البشر. 


كما لا يمكننا أن نغفل ان قنوات مثل اليوتيوب أو محرك بحث الجوجل قد حل محل الوسائل التقليدية في الترفيه ونشر الفنون والأفكار والأنشطة المختلفة بين جمهور المتلقين. وكلنا يدرك أن أكثر من نصف المجتمع تقريبا يحصل على المعلومات ويتابع المواد الترفيهية على هذه المنصات، بعد أن عزفوا عن الوسائل السابقة من تليفزيون وإذاعة ومجلات وجرائد أو مطبوعات أخرى بكافة أنواعها. 


ولا يمكن أيضا أن نتجاهل أمر بالغ الأهمية، وهو إمكانية الإطلاع على أفكار الثقافات الأخرى، والتفاعل معها ومناقشتها والتأثر بها، وتبادل الرؤي ووجهات النظر بشأنها مع أصحابها. مما يجعل روافد التأثير والتأثر فاعلة بشكل كبير في تكوين المشهد الثقافي والقيمي، كما يجعل التدخل لمحاولة صياغة المنظومة القيمية تحديا لا يستهان به. 


وازعم، بناء على كل هذه المعطيات والمفردات التي تسهم في تشكيل النمط الفكري والقيمي للمجتمع، أن الجهة الوحيدة القادرة على القيام بتلك المهمة الضخمة هي الدولة. بل اظنه واجبها ومهمتها. كما أنها الجهة التي يمكن أن تمتلك الإمكانيات المادية والفنية والتي تمكنها من ذلك.




وعلى ذلك فإنه ينبغي في البداية دراسة مفردات الوجدان القومي الحالية، والتعامل مع المجموعات المختلفة من المواطنين بصورة تتناسب مع ثقافتها ودرجة وعيها لتحدث الأثر المطلوب. 


ونأتي إلي نقطة محورية في موضوع الحداثة، والتي تعتبر مثار للجدل الرئيسي في هذا الشأن. فعلينا أن نحسم الجدل الدائر حول هذه الإشكالية بين أنصار كل فريق. هؤلاء المتمسكون بالماضي التليد من جهة، وأولئك العازفون عنه تماما، والرافضون إياه برمته لتعارضه مع معطيات العصر، في رأيهم.

واري في هذا الشأن، إن كان لي أن افعل، أنه قد آن الأوان لإستخلاص القيم الأصيلة من الموروث التاريخي، والتي تشكل وجدان الأمة والإطار القيمي لها والإطار الحاكم لتعاملات الأفراد، والمرجعية التي تمثل الضوابط الأخلاقية للمجتمع. 

نعم العصر الحديث فيه مفردات هامة سوف تغير وجه الحياة الإنسانية في كافة المجالات. لكن فيه أيضا ما لا يناسب بالضرورة ثقافات كل الأمم. ولا ينبغي أن نغفل هذا الجانب، ونحن نسعي إلي اللحاق بركب الحضارة الحديثة بكافة مظاهرها. فغياب المرجعية الاخلاقية والقيمية، التي تمثل الضوابط المجتمعية التي يتصرف الأفراد ويتعاملون بموجبها داخل إطار المجتمع، سوف تنتج عنه عواقب وخيمة. فلا يمكن ان تكون المرجعية هي الرغبات والمصلحة الفردية على حساب الآخرين، ودون أخذ المصلحة العامة للمجتمع في الحسبان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق