اخبار ذات صلة

الخميس، 28 مايو 2015

ننقل لقاء "توماس فريدمان " مع اوباما وماذا قال عن خطته لاحتواء الشرق الأوسط ؟

توماس فريدمان – نيويورك تايمز 
بحسب ما جاء بموقع التقرير 
العالم العربي هو منطقة تعددية تفتقر إلى التعددية، أو بمعنى آخر: تفتقر إلى القدرة على إدارة واحتضان الخلافات سلميًا. ومنذ فترة طويلة، كان الطابع التعددي في الشرق الأوسط، والمكون من: السنة، والشيعة، والأكراد، والمسيحيين، والدروز، والعلويين، واليهود، والأقباط، واليزيديين، والتركمان، ومجموعة من القبائل، يدار من قبل القبضات الحديدية للسلطات. ولكن بعد أن تمت إزالة تلك القبضات في العراق وليبيا، من دون وضع نظام هرمي جديد في مكانها، وبعد أن حاول الناس أنفسهم إزالة تلك القبضات في سوريا واليمن، من دون وضع نظام “عش ودعني أعيش” جديد مكانها، انفجرت حرب مرعبة يشارك فيها الجميع ضد الجميع.
وقد عرت هذه الحرب تمامًا فشل القيادة المفترسة في تلك المنطقة في مجالات التنمية البشرية وبناء المواطنة على مدى الستين عامًا الماضية. وكان العالم العربي بأكمله، بما فيه من حدود مصطنعة، قد بقي متماسكًا بفضل النفط والقوة الغاشمة. وبعد أن حدث الدمار، بدأ الناس يعودون مرة أخرى للتمسك بالهويات الوحيدة التي يعتقدون أنها قد تكون قادرة على الحفاظ على سلامتهم، وهي القبيلة والطائفة. واليوم، يفضل العديد من العراقيين السنة الدولة الإسلامية المجنونة، أو داعش، على القتال والموت من أجل حكومة يقودها الشيعة الموالون لإيران في بغداد. والتفكك هناك لم يكن يومًا بهذا السوء؛ ويصف محلل الشرق الأوسط، سايمون هندرسون، هذا التفكك بشكل جيد في مقاله لصحيفة وول ستريت جورنال في شهر مارس، قائلاً: “إن الفوضى العنيفة في اليمن ليست منظمة بما يكفي لتستحق أن تسمى حربًا أهلية“.
ويبدو أن العقلية الأصولية تترسخ في كل مكان. ونشر معهد الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط مؤخرًا شريط فيديو للشيخ الدكتور أحمد النقيب، وهو محاضر في جامعة المنصورة شمال القاهرة، ينتقد فيه داعش، ولكنه يضيف: “ليس هناك شك في أنهم أفضل بكثير من الروافض المجرمين (الشيعة)، الذين يقتلون السنة بسبب هويتهم السنية“.
ويعتبر التعاطف مع الآخر أمرًا مستحيلاً في بنية العقل الأصولي، الذي هو، وبعكس العقل المفتوح، عالق في إطار حقيقة واحدة. وإذا استمر ترسخ هذا الفكر الذي محصلته صفر، فلن يكون بإمكاننا سوى أن ننوح ونبكي فقط على مستقبل هذه المنطقة، عندما سيكون فيها ما هو أقل بكثير من النفط، وعدد أكبر من الأطفال، وكميات أقل من المياه.
وفي الوقت الراهن، لا أرى سوى طريقتين لكي يعاود الحكم الذاتي المتماسك الظهور في ليبيا والعراق واليمن وسوريا: أن تحتلهم قوة خارجية بالكامل، وتوقف الحروب الطائفية، وتقمع المتطرفين، وتقضي السنوات الخمسين المقبلة في محاولة لجعل العراقيين، والسوريين، واليمنيين، والليبيين، يتقاسمون السلطة كمواطنين متساوين؛ وهذه الطريقة قد لا تعمل أيضًا، وهي على أية حال لن تحدث. والطريقة الأخرى هي الانتظار فقط حتى تخمد الحرائقُ نفسَها بنفسِها. وقد انتهت الحرب الأهلية في لبنان بعد 14 عامًا بالمصالحة نتيجة الإرهاق؛ وقبلت جميع الأطراف في النهاية بمبدأ “لا منتصر/لا مهزوم”، وحصل الجميع على قطعة من الكعكة. وأيضًا، كانت هذه هي الطريقة التي عثرت الفصائل التونسية على الاستقرار من خلالها: لا منتصر/لا مقهور.
وفي الواقع، لا يمكننا التدخل بشكل فعال في منطقة لا تحتوي إلا على عدد قليل جدًا ممن يتشاركون معنا في أهدافنا. وعلى سبيل المثال، تصرفت كل من إيران والمملكة العربية السعودية كـ”مشعلي الحرائق” و”رجال الإطفاء”، في كل من العراق وسوريا. وأولاً، دفعت إيران الحكومة الشيعية العراقية لسحق السنة. وعندما أنتج ذلك داعش، أرسلت هذه الدولة الميليشيات الموالية لها لإخماد الحريق؛ شكراً جزيلاً. وأيضًا ساعد تعزيز مكافحة التعددية ومعاداة المرأة في المملكة العربية السعودية، في تشكيل فكر داعش، والأصوليين السنة الذين انضموا إليها. وفي الواقع، كانت داعش مثل الصاروخ الذي حصل على نظام توجيهه من المملكة العربية السعودية، ووقوده من إيران.
وما يجب أن تكون عليه سياسة الولايات المتحدة الآن هو أن تكون سياسة “احتواء، وتضخيم”. يجب أن نقوم بمساعدة أولئك الذين يبدون الرغبة في احتواء داعش، مثل الأردن ولبنان والإمارات العربية المتحدة والأكراد في العراق، وتضخيم أي أشياء بناءة ترغب المجموعات في اليمن، العراق، ليبيا، أو سوريا، باستخدام قوتها للقيام بها. وما لا يجب علينا فعله هو استبدال قوتنا بقوتهم. حيث ينبغي أن يكون هذا النضال هو نضالهم من أجل مستقبلهم. وإذا كانت مكافحة داعش غير ذات قيمة بالنسبة لهم، فإنها بالتأكيد لا يمكن أن تكون ذات قيمة بالنسبة لنا.
لقد رأيت سيارة في نهاية هذا الأسبوع تحمل شعار “كافح الإرهاب”. آسف، ولكن لا أعتقد أنه ينبغي أن يكون هذا الشعار موجودًا على أية لوحة سيارة في الولايات المتحدة. لقد قضينا أكثر من عقد من الزمن، وضحينا بالأرواح والمال، في محاولة لـ”مكافحة الإرهاب”، ولإصلاح جزء من العالم لا يمكن إصلاحه من الخارج؛ وكان كل هذا جهدًا ضائعًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق