اخبار ذات صلة

الأحد، 10 أغسطس 2014

حبيب العادلى ومرافعته عن نفسه فى محاكمة القرن



حبيب العادلي
اللواء حبيب العادلي (مواليد 1 مارس 1938) وزير الداخلية في مصر من عام 1997 حتى عام 2011 . تولى المنصب خلفًاً للواء حسن الألفي إثر مذبحة الأقصر في عام 1997 .
وتمت إقالته في يوم 31 يناير 2011 بعد أحداث 25 يناير و التي اتهمت فيها الشرطة بمحاولة تفريق المتظاهرين بالقوة ، مما أسفر عن سقوط ضحايا و جرحى بين المتظاهرين .
سيرة
ولد حبيب إبراهيم العادلي في مدينة القاهرة في 1 مارس 1938 . حصل على ليسانس الحقوق و دبلوم المواد الشرطية من كلية الشرطة عام 1961 .
تلقى عددا من الدورات التدريبية منها فرقة البحث الجنائي في 1963 ، و فرقة البحث عن الجريمة "المركز القومي للبحوث الجنائية" و فرقة تخصصية في مجال مباحث أمن الدولة في 1966 ، و فرقة إدارة الأزمة من الولايات المتحدة الأمريكية في 1985 .
التحق بالعمل في الأمن العام ، إدارة مكافحة المخدرات ، ثم جهاز مباحث أمن الدولة في 1965، و تدرج حتى عين نائبا لرئيس الجهاز . انتدب للعمل بوزارة الخارجية بين عامي 1982 و 1984 . مُنح نوط الامتياز من رئيس الجمهورية في عامي 1986 و 1997 . حكم عليه بالمؤبد يوم السبت 02 يونيو 2012 .
مناصب
رُقي إلى رتبة مساعد وزير الداخلية في 1992. عين مساعد أول وزير الداخلية لمنطقة القناة و سيناء ، ثم مساعد أول وزير الداخلية مدير أمن القاهرة ، مساعد أول وزير الداخلية للأمن و المنطقة المركزية .
عُين مساعداً أول لوزير الداخلية لجهاز مباحث أمن الدولة ( الامن الوطني حالياً ) في 5 فبراير 1995. و في 18 نوفمبر 1997 عين وزير للداخلية في مصر خلفا لحسن الألفي . وظل في منصبه حتى إقالة الحكومة المصرية في 29 يناير 2011 .
إقالته
في يوم 31 يناير 2011 تمت إقالة اللواء حبيب العادلي إثر مطالبات الشعب بتغييره و ذلك على إثر أحداث 25 يناير و التي سميت ثورة الغضب و تم تعيين اللواء محمود وجدي وزيرا للداخلية بدلا منه .
و في 3 فبراير 2011 صدر أمر النائب العام في مصر المستشار عبد المجيد محمود بمنعه من السفر خارج البلاد و تجميد أرصدته ضمن قائمة طويلة تضم بعض الوزراء في الحكومة المقالة .
و في يوم 7 فبراير 2011 تم تحويله إلى نيابة أمن الدولة العليا على إثر بلاغ للنيابة بضلوعه في جريمة تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية ، و التي حدثت قبل أسابيع من تفجر أحداث 25 يناير 2011 .
و في يوم 18 فبراير قام النائب العام عبد المجيد محمود بحبس الوزير السابق ومجموعة من الوزراء السابقين منهم : أحمد عز ، أحمد المغربي، زهير جرانة و غيرهم...
و في 2 يونيو 2012 تم الحكم عليه بالسجن المؤبد 25 عام هو و الرئيس السابق محمد حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين خلال أحداث 25 يناير .
مرافعة حبيب العادلي عن نفسه أمام "محكمة القرن"
أبدأ بقول الله تعالى: "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي"، سيادة الرئيس، لقد سبقني في الحديث الدفاع، فيما يسمى بـ"قضية القرن"، وأفاضوا بدفاع شامل لجوانب القضية وتفنيدًا لأدلة الاتهام، تفنيدًا قانونيًا واقعيًا وبأدلة دامغة، وجاءت مرافعتهم في سيمفونية قانونية رائعة مظهرة للحق، دامغة بالدليل، بنغمة مختلفة تميزت عن مرافعاتهم في المرة السابقة أمام الهيئة السابقة، رغم أن المتهمين هم ذاتهم ونفس الأدلة والقانون الذي استقوا منه دفاعهم هو ذات القانون، إلا أن ما جعل الدفاع يتميز هو أن الله سبحانه وتعالى كشف الحق والأمور التي كانت غائبة عن ملايين المواطنين، وأراد سبحانه نصرة المظلومين.
جاءت مرافعاتهم وكأنها سلاسل مضيئة بنور الرحمن، وجاءت وقد أثلجت قلوب وأذهبت الشك والريبة من نفوس من أن يكون موكليهم قد ارتكبوا أي من هذه الجرائم، وأخذ كل منهم يدافع عن موكله لأن الله أظهر براءته، وجاء يوم الأربعاء 18 يوليو الماضي، حيث سمحت المحكمة بإذاعة شريط مسجل لمدة ساعتين موجز لأحداث ما تعرض له رجال الشرطة من مآسي، وبتعليق رائع من علي الجمل، أظهر فيها الحقائق وبين كيف تعرضت الشرطة ومشآتها للتدمير، وأظهر هو وزملاءه المحامون، الحقيقة عن المؤامرة الخسيسة التي تعرضت له البلاد وتعرض لها جهاز الشرطة.
وكان رد فعل هذه التسجيلات أن عرف المواطنون أنهم كانوا في غفلة، وقدمت مذكرة بتعليقي عن الأحداث في شهر فبراير 2012 عما حدث، وأنا على يقين أنكم قرأتهم كل ما بها، وقلت فيها أن ما حدث في 25 يناير كان حلقة من حلقات مؤامرة خارجية، مخطط له أهداف استراتيجية كانت تستهدف مصر، وليست مصر فقط بل والوطن العربي تحت ما سمي بالربيع العربي، ويا ليته كان ربيعًا أو خريفًا، بل كان انهيارًا للدول العربية، وإذا كان الله أنقذ مصر في وقت مناسب، إلا اننا نشاهد ما يحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وهو ما يؤكد أن هذا المخطط يستهدف الأمة العربية كلها، مخطط نفذه متسللون تسللوا يوم 27 يناير، وتنفيذه بدأ يومي 27 يناير و28 يناير، وشوهد هؤلاء الأجانب في كافة مسارح الأحداث إلا أنه للأسف الشديد لم ينصت لي أحد، ومن أنصت لم يرغب في أن يعلم أحد بما قلت، ومن أنصت وصدق، إلا أنه لم يُفعّل قناعته لقول الحق، أما ملايين المصريين فلا يعلموا عما قلت شيئًا، لأن المرافعات والجلسات لم تكن مذاعة وقتها.
سيادة الرئيس، لن أتحدث عن النقاط القانونية إلا أنني سأتحدث عن نقطتين، الأول هو الاتهام الذي وجه لي أني تلقيت تكليفًا من الرئيس الأسبق بالقتل وأني قمت بنقل هذا التكليف لمساعديّ لتنفيذه، والثانية هي إجابة وإيضاح لسؤال طُرح وتردد بين المواطنين يوم 28 يناير عصرًا، "هو إيه اللي حصل.. هي إيه الحكاية؟"، ولأن من حق المواطنين أن يعرفوا الحقيقة فالمسؤولية تحتم، ونحن أمامكم في محاكمة تاريخية يتابعها العالم كله، على كل من كان له الدور وشارك في صنع قرار في حكم مصر أن يقول الحق، ويعلم أن الحق يعلوا، وويل لكاتم الشهادة، "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه".
وعن نفسي، فقد شاركت في خدمة بلدنا العظيم منذ عام 1961 وحتى 29 يناير 2011 بعد دراسة العلوم الشرطية والقانونية في كلية الشرطة، وخدمت 50 عامًا لأمن هذا البلد، وعاصرت بعد ثورة 1952 وقت أن كنت طالبًا، وعاصرت الرؤساء نجيب وعبدالناصر وأنور السادات والرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، شفاه الله وعافاه، وبتوفيق من المولى عز وجل، تقلدت عدة مناصب بوزارة الداخلية، بدأت حياتي بضابط في الأقسام ثم المباحث الجنائية، ثم رُشّحت بعد 3 سنوات في المباحث الجنائية للعمل في المباحث العامة، الأمن الوطني حاليًا واستمريت في هذا الجهاز في 1964 حتى عينت نائبًا لهذا الجهاز، ثم مساعد الوزير لمنطقة سيناء والقناة، ثم للقاهرة، ثم مساعد أول الوزير للمنطقة المركزية، ثم مساعد الوزير للأمن ثم مساعد أول الوزير لمباحث أمن الدولة.
اكتسبت العديد من الخبرات الفنية حتى أصبحت وزيرًا للداخلية في 17 نوفمبر 1997 وتبوّأت هذا المنصب لمدة 14 عامًا، ولم يسبق لوزير داخلية في مصر أن تولى هذه المسؤولية بهذه الوزارة التي تعتبر من أخطر وأصعب الوزارات، لأنها من أصعب المهام، وبفضل الله شهدت البلاد في هذه الفترة استقرارًا أمنيًا تحدث عنه العالم، وكانت هناك الكثير من الإمدادات، وما بذلناه ورجال الشرطة من جهود كانت مضنية، وكان شاغلنا الأول في ظل الظروف التي عينت فيها كوزير، وكان الإرهاب الأسود يطل على البلاد في منتصف السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، ثم بعض الأحداث بعدها استشهد فيها العديد من المواطنين، وبعد فترة وجيزة انحسر الإرهاب، واستطعنا مقاومته، لأن الإرهاب شر لا بد من مواجهته.
واعتمدت خطتنا في مواجهة الإرهاب ليس فقط في مطاردة قادة الإرهاب، الذين كانوا يختبئون في السفوح الجبلية، لكن كانت هناك مواجهة فكرية لنبذ العنف، وهو ما أسميناه "المصالحة الفكرية"، والتي اعتمدت على تصحيح الأفكار الخاطئة التي تبنتها الجماعات الإسلامية المتطرف، وقامت قيادات تلك الجماعات بمقابلة المساجين وأقنعوهم بخطأ فكرهم، ونجحت الفكرة، وأدى إلى أن نسبة كبير جدًا من المعتقلين تم إخلاء سبيلهم، وتم بالتنسيق مع رجال الأعمال والمحافظين والوزراء حتى يستطيع أن يعود هؤلاء إلى المجتمع بفكر جديد يجعلهم مطمئنين على مستقبلهم، و"ما اتخميناش غير في 2 أو 3 رجعوا لنشاطهم تاني"، وكانت هناك متابعة لهم.
وشهدت وزارة الداخلية، تطورًا علميًا في كافة المجالات التأمينية، وقام هذا الصرح العظيم الذي نحن على أرضه، "أكاديمية الشرطة"، التي ليس لها نظير في مختلف أنحاء العالم، وحقق قطاع الأمن العام معدلات عالمية في مواجهة الجريمة الجنائية والاقتصادية والاجتماعية، وكان هناك اهتمام كبير بالجريمة الاجتماعية لانتشار جريمة الإتجار في المخدرات، وانتشر التعاطي وأصبحت الأسر تلجأ للوزارة لإنقاذ أبناءهم، ورغم العمليات المستمرة لملاحقة زراعات تلك المخدرات في الجبال وسيناء، والتنسيق مع أجهزة الأمن العالمية للاشتراك في منع الاتجار عبر الحدود، إلا أن ظاهرة التعاطي كانت في منتهى الخطورة، وبفضل من الله، نجح الأمن العام والإدارة العامة للمخدرات بالقضاء على قضية المخدرات في مصر في مدة لا تزيد عن شهر ونصف، حتى أصبح من النادر أن تجد قطعة مخدرات، وكل المساعدين سيتحدثون كل في مجاله.
وأنا اليوم، لن أتحدث دفاعات عن نفسي فقط، ولكني أتحدث دفاعًا عن وزارة الداخلية وجهاز الشرطة لأن ما تعرض له رجال هذا الجهاز كان قاسي جدًا وفي غاية العنف، ولم أكن أتصور وأنا في نهايات خدمتي التي تركتها منذ يناير 2011 أني كنت سأشاهد منظر من المناظر التي رأيتها، وأقسم بالله بعدما رأيت تلك المشاهد على الفيديوهات التي عرضت بالمحكمة، وصدمتي كانت لأن وزير الداخلية يعلم أنه يجلس على كرسي تحته قنبلة موقوتة وسيمشي في أي لحظة، وللأمانة أنا كنت أنوي بعد احتفالات عيد الشرطة 2011 وفي الانتخابات الرئاسية، إني أقول لسيادة الرئيس "كفاية عليا كدة عاوز أشوف أسرتي وحياتي زي باقي الناس"، فقد كنت أحاسب على كل كلمة، وتلك كانت نيتي، لكن ربنا أراد أن "يوديني حتة تانية"، وأنا لم أكمل التسجيلات لأنني لم أتمكن رؤية الإذلال والحقد مع العسكري والضابط، لأني كنت حريصًا على أن أنشئ رجل الشرطة محترم ويحترم وله هيبته، والناس تخشاه ولا تخافه، ولذا كنت أتابع الطلبة منذ التحاقهم بأكاديمية الشرطة، وأي لواء الآن كان لسه مولود وأنا في الخدمة.
في الدول المتحضرة، نجد أن العسكري يحترم، والناس تحيي رجل لشرطة وهو يحيي المواطن، إنها حضارة، أما عندنا للأسف فلا، وقد يكون من بيننا من كان يسيئ، ومنا من هو سيئ، فهي شريحة كأي شريحة في المجتمع، فيها الشرس والطيب، "وما فيش شريحة كلها أنبياء"، وأقول إن أنا "وأعوذ بالله من كلمة أنا"، كنت حريصًا على تدريب الضباط واعاشتهم "فايف ستارز"، والنوادي وغيرها، وكل منهم كان يعمل 48 ساعة في 24 ساعة.
لم أشاهد التسجيلات وخرجت خارج القفص، لما تعرض له الضباط والعساكر، وتعرضنا جميعا لاتهامات شديدة جدًا، واتهموني إني سفاح، وإني كنت أعذب المساجين ولا أحترم حقوق الإنسان، وفي عهده عدد المعتقلين أصبح 50 ألف، وغيرها من الاتهامات، وهي أوصاف لا تتفق مع نهجي ولا تركيبتي، فأنا عندما توليت الوزارة كان همي الأول مواجهة الإرهاب واستطعت سريعًا تحديد القيادات والتعامل معهم، وهم قتلة فكنا نتعامل معهم بالطرق المطلوبة لأنهم كانوا يقتلون الضباط والمجندين، وأنا لم أميل للعنف، وكان عندنا 4 من القيادات صدر عليهم أحكام عسكرية بالإعدام، ومنهم من تمكن من الهرب وتمكنا من ضبطه بالتنسيق مع الشرطة الدولية، والإخوة في أمن الدولة عرضوا تنفيذ الحكم، ورأيت أنا أنهم قيادات ثقيلة، ومنهم شقيق قائد تنظيم القاعدة، ولم أرد أن أفتح على نفسي النار، فاتصلت بالرئيس وأخبرته أنني لن أنفذ.
عندما دخلت الوزارة كان المعتقلين 23 ألفًا وعندما خرجت كانوا لا يزيدون على 800 شخص، لأنه في 2003 خرج 13 ألف معتقل نتاج المصالحات الفكرية، وهؤلاء الـ800 عندما كانوا يجلسون مع الضباط يقولون لهم أنهم لو خرجوا سيقتلوهم باكر، وللأسف تم الإفراج عنهم في العهد الماضي، وذهبوا لسيناء وجبل الحلال.
كان من بين أوائل القرارات التي اتخذتها وأنا وزير، تعديل النظام الغذائي للمساجين، كانوا بياكلوا بـ40 مليون خليتها 80 مليون، لأنهم كانوا بياكلوا أكل لا يصلح للحيوانات، ونزل جدول بالمساجين والطعام الخاص بهم، وكان المسجون عندما يعاقب إداريا، كان من سلطة السجن جلده، وتعليقه في "العروسة" ويتم جلده، وأنا ألغيت عقوبة الجلد والعروسة، وهذا هو السفاح الذين يقولون عليه، ولم يطلب مسجون زيارة أمه أو أبوه المريض أو ابنته تتزوج ورفضت، أبدا، وأقسم بالله أن كل كلمة حاليًا هي الحق والصدق وأقولها للتاريخ، إني مثلما قلت، أن كل من شارك في حكم مصر إن لم يكن الحق فربنا سيحاسبه.
وللأسف كان من بين من أطلقوا على هذا الوصف ضباط وأفراد، ولو نتذكر بعد الأحداث في يناير تجمعوا أمام الوزارة واعتصموا وهتفوا ضد حبيب العادلي، وهم شريحة أنا كنت طهرت الشرطة منهم، لأنهم كانوا يتعاطون المخدرات وغيرها، ولم أكن أتخذ تلك الإجراءات لعداء شخصي، إلا أني كنت مسؤول وسأحاسب أمام الله، وبالتالي كنت أريد جعل صورتهم نظيفة، وكان دولاب العمل في الوزارة وجهاتها كلها في الثامنة صباحًا، رغم أن أغلبهم يعمل 24 ساعة، وكان ذلك لسببين، الأول: أنها كانت وزارة مسؤولة عن الأمن وبها خدمات للمواطنين، مثل شهادات الميلاد والجواز، وغيرها، والثانية: إني كنت في الشارع عقب صلاة الفجر، وكنت أمشي في الشوارع وأمر على الخدمات.
ووزارة الداخلية كانت الهدف الأساسي للمؤامرة التي تعرضت لها مصر، بضربها وضرب رجالها ومنشآتها، وأريد الحديث عن الأوضاع داخل البلاد ما قبل يناير 2011، والأحداث التي وقعت في تلك الفترة، والابتلاءات التي أبتي بها رجال الشرطة، والآثار المترتبة على ذلك، وتعليق على تعقيب النيابة.
وعن الأوضاع التي كانت داخل مصر قبل 25 يناير، في 2004 الولايات المتحدة الأمريكية تبنت مشروع سمي بمشروع الشرق الأوسط الجديد، والذي سمي لاحقًا بالربيع العربي، والذي يهدف إلى تجديد شكل العالم الإسلامي بالقرن الواحد والعشرين لفرض نفط الحياة الغربية على المسلمين، ما يؤدي إلى إفراغ المنطقة من حضارتها وثقافتها، ووضع لهذا ا لمشروع برنامج سري يطبق تدريجيًا على محورين، الأول يتعلق بالقيادات والرؤساء، على أساس إقناع تلك القيادات بتطبيق الديمقراطية المدعومة بتقديم إغراءات مادية، والنظام الذي يرفض يسمى ديكتاتوري ويجب أن يتغير.
المحور الثاني، كان في أوساط الشباب في تلك الدول، ودعوات لتعليمهم الديمقراطية والمطالبة بحقوقهم، ويساهموا معهم في تحقيق المزيد من الحريات ببرنامج يطبق تدريجيًا بدءًا من التدريب وانتهاء لتغيير النظام، وفي مصر الولايات المتحدة في سبيل تنفيذ مخططها تحركت التحركات التالية، عملت على استقطاب الشباب من كيانات كثيرة منها كفاية و6 أبريل، "والكيانات إياها دي"، وبعض الشباب من الأحزاب الشرعية مثل الوفد وغيره، والأحزاب غير الشرعية مثل الإخوان المسلمين، وكانوا يدربوهم في الولايات المتحدة وقطر ودول عربية، وتحركوا في إطار جماعة الإخوان المسلمين، وكنا نسأل سفراء أمريكا لماذا يقابلوا عناصر الإخوان لأنهم تنظيم غير شرعي، وأننا في التنسيق لمواجهة الإرهاب نعلم أن كافة التنظيمات الإرهابية خرجت من تحت عباءتهم، فكانوا يردون أنهم يريدون معرفة رأي الآخر تطبيقًا للديموقراطية.
وفي الفترة تلك كانت التوجه السياسي للدولة إتاحة مساحة أكبر للتطبيق الديمقراطي "بس الديموقراطي بتاعنا"، بما يتماشى مع ظروف وقانون وثقافات وديانات البلد، ولذا كنا نرى في المظاهرات ناس تشتم الرئيس ووزير الداخلية ولم يتم القبض على أي منهم.
في 2005 بدأت الساحة السياسية في الشارع المصري تشهد حراكًا، وبدأت المظاهرات والتنديد بسياسة الحكومة وممارسات الشرطة مع المواطنين، والبطالة وارتفاع الأسعار، وبعض المطالب ومنها تعيين نائب رئيس جمهورية وتصاعد الطلبات بتغيير الحكومة، وكانت هناك شريحة من الشباب في تلك الفترة كانوا خريجي جامعات لم يجدوا وظائف مناسبة، لكنهم متعلمين ويتعاملون مع التكنولوجيا الحديثة، وهم كانوا يشكلوا عامودًا أساسيًا جدًا في إطار حركة الشارع وتنظم الاتصالات وغيرها.
بدأ التصعيد للاحتجاجات والدعوة للاعتصامات والدعوة لوقف الإنتاج مثلما حدث في المحلة، وكثرت المظاهرات بدرجة عالية لتصل إلى مئات المظاهرات، وكل عبئها كان يقع على رجال الشرطة، ورغم ضعف الإمكانيات، مقابل 90 مليون مواطن، وكنا نتعامل مع المعلومات بعمل اجتماع للقيادات لمناقشة دواعيها ووضع خطة لمناقشة أي حدث، وكنا نخطر رئيس الجمهورية وكان علينا إخطار الرئاسة والحكومة بما سنفعل وكان هناك تنسيق على أعلى مستوى، وأحيانا ترتقي الجلسة إلى اجتماع ثلاثي بيني وبين المشير طنطاوي واللواء عمر سليمان، وكنا نقر الخطة ونخطر بها الرئيس.
وعن التعامل الأمني للمظاهرات، كان قاصر فقط على عملية التأمين، وكنا ننسق مع الجميع وحذرنا منظمي المظاهرات من اختراق الخطوط الحمراء، ونسقنا مع الإخوان المسلمين، لأنهم كانوا تنظيم قائم، ولم نكن نقلق منهم لأننا نعرف أعدادهم وكل تحركاتهم، وأي شيء كان يحدث كنا نحضر الشاطر وبديع وغيرهم ونسألهم، وكانوا بيلتزموا لما نقولهم "لو عملتوا كده هنكسر رقبتكم"، وفي 2002 و2003 بعد غزو أمريكا للعراق وكان رد فعل الشارع في استياء شديد، وعبرنا عن رفضنا للعراق والغزو، والإخوان تقدموا وقالوا إنهم يريدون تنظيم مسيرة كبيرة فرفضت وقتها، وكان نفس المطلب للحزب الوطني ورفضته أيضًا، وقال عناصر الإخوان إنهم أكثر من 200 ألف، فقلت لهم اذهبوا للاستاد والساعة 2 "ما فيش نفر يكون هناك"، وفعلًا حدث ذلك، والحزب الوطني عملنا له مكان خلف قاعة المؤتمرات للمؤتمر بتاعه، وأنا أقول ذلك كأمثلة للحريات والتعبير عن الرأي.
وأنا كنت أرفض مقابلتهم لأني وزير، ولو التقيتهم كان بمثابة اعتراف بهم، لكن أمن الدولة كانوا يجلسون معهم لأنهم كانوا يجلسون مع الشياطين والجن الازرق "ولو ما قعدوش معاهم هنعرف أخبار الشياطين منين؟"، وعندما أتت لنا أنباء عن مظاهرات في 25 يناير في مناسبة احتفالات الشرطة، تحت دعوى أن الشرطة لا تحترم المواطنين، وكان يسبق هذا الكلام حملات إعلامية مصطنعة بلا داعي، مثل أن يكون ضابط عمل واقعة فتصبح تلاقي الصبح الدنيا مقلوبة، وكانت تلك الحملات تسيئ لجهاز الشرطة وشحن المواطن، وكنا نحاول معالجة هذه الأمور من خلال العلاقات العامة، وفي ظل الأحداث وفي يوم 28 يناير، كنت أصدر بيانات وأحذر فيها الإخوان بعدم التجاوز بما يضر بأمن البلاد، "رغم أننا كنا أصلًا نازلين نأمّن".
و الشعب اتهمني اتهام نسيت النيابة توجيهه لي و هي أني مهندس التوريث و الشعب يريد معرفة ما جرى .
و عن الأحداث فأنا عرضت على الرئيس المعلومات و عمر سليمان التقى به في شرم الشيخ و أخبره بوجود متسللين و طلب مبارك منه الجلوس مع أحمد نظيف و تم عمل الاجتماع في القرية الذكية 25 يناير حضره المشير و أنا و الوزراء و قبل تلك الأحداث كان الاجتماعات و أذكر فيها الوضع الأمني و كنت تكلمت من قبل أكثر من مرة و وقت الاجتماع قلت إن الجيش هينزل و المشير قام بدوره لأنه شخصية وطنية وكان التنسيق بيني و بينه في الحكومة على أعلى مستوى و كل ما أطالب به كان يؤيده لأنه كان للشعب و للبلد .
اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق كان يجلس في الشارع و يتحدث مع منظمي المظاهرات الذين كانوا يسبون الرئيس و وزير الداخلية و رغم ذلك كان الشباب يخشوه و عمر سليمان قال في اجتماع القرية الذكية "لازم الجيش يستعد"، و"الولد عمر عفيفي اللي قاعد بره ده قالب الدنيا و علم الناس إزاي يعملوا المولوتوف والاتصالات كانت تتم عن طريق النت و قلت أني أرى ضرورة قطع التليفونات و وافق الجميع على قطعها و لم يحدث تصويت لكن المعترض في مثل تلك المواقف كان يقول"، والقرار الأمني يكون مسبقًا للحدث ولم يعترض أحد وقتها بل تشكلت لجنة تضم مساعد الوزير للمساعدات الفنية ومندوبين من وزارات الدفاع والاتصالات والإعلام، وقمنا بقطعها.
اللطيف جدًا، إن من اشتكى من قطع الاتصالات، كانت السفيرة الأمريكية، والتي اتصلت الجمعة 28 يناير بمكتبي، وقالت إنها لا تستطيع العمل بسبب انقطاع الإنترنت، "الدولة العظمى معتمدة على النت اللي العيال بتلعب عليه هنا.. وهما لو عاوزين يراقبوا حبيب العادلي لابس إيه هيعرفوا".
و في اجتماع 27 يناير كانت هناك أمور جديدة تطلبت وضع خطة جديدة بعد أن علمنا أن هناك متسللين و مخطط و قررنا زيادة أعداد القوات بالقاهرة قليلا لتأمين التحرير و قال أنه أحمد رمزي و إسماعيل الشاعر أخبراني أنهم سيفضون المظاهرات فقلت لهم فضوا بالغاز و الماء و ربع ساعة و الميدان فضي و قلت لإسماعيل اتصل بالمحافظة ينظفوا الميدان و الشارع لأن الناس هتنزل تاني يوم الصبح أي يوم 26 يناير إلا انه حدثت "شعللة" في السويس و كانت أول محافظة بدأ فيها التعدي على قوات الشرطة في مواقعها و أصيب 3 أو 4 بالرش و في 27 يناير أصبحت السويس جحيمًا في الميادين وقسم الأربعين و المعسكرات .
و أمن الدولة و المخابرات العامة و الحربية رصدوا أن هناك اتصالات بين الإخوان و حماس و البدو لتدبير خروج و دخول العناصر و يوم 27 يناير بدأ التسلل عبر الأنفاق و دخلوا القاهرة عبر طريق العريش ثم السويس و قاموا بالتعامل مع القوات في الطريق ليعبر المتسللون و وصلوا القاهرة يوم 28 يناير و كان الفضل في ذلك للأنفاق التي بدأت في الثمانينات بأحبال لتهريب البضائع ثم انتهت لأنفاق كبيرة تهرب السيارات الكبيرة و كانت صعبة و ليس سهلًا معرفتها .
لم يكن هناك قصورًا أمنيًا من أجهزة المعلومات الثلات و لا نستطيع أن جهاز لديه معلومة تتعلق بالوضع الداخلي لمصر و لا يعرفه الباقون و إلا فإنه سيكون يعمل ضد مصر .
المصدر /الانترنت 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق