اخبار ذات صلة

الأحد، 2 يونيو 2013

كيف تحولت الشابة التونسية مريم إلى "مذنبة" بعد أن اغتصبها عناصر الشرطة


حاورت مجلة "سيدتي" مريم الشابة التونسية التي أثارت التعاطف والجدل داخل تونس وخارجها، كما التقت المجلة خطيبها المقيم حالياً في فرنسا، وعرضت القصة على النحو التالي:

اقتربت سيارة فيها 3 اشخاص من سيارة مريم وخطيبها وأعلموهما أنهم رجال أمن، كان أسلوبهم فظاً وضعوا الأغلال في يدي خطيبها، وقاموا بتفتيش السيارة، وعثروا فقط على "علبة حفاضات للأطفال" كانت شقيقتها التوأم نسيتها، تتابع مريم: "اتجه لي أحدهم قائلا: "أنت متزوجة وهذا عشيقك"، أعلمته أن من يرافقني هو خطيبي، لكنه لم يعبأ بما أخبرته به. وظلّ خطيبي يتحدث بعيداً عني قليلاً إلى رجل الأمن الثالث قبل أن يختفيا عن أنظاري، وبقيت بمفردي مع الرجلين الآخرين، وكان أحدهما تعمد الجلوس إلي جانبي في السيارة، وخاطبني قائلا: "ماذا ستقدمين لنا؟"؛ فأجبته بلا تردد: "لا أملك سوى 40 ديناراً"، أجابني ضاحكاً: "هل المال فقط هو ما يمكنك تقديمه؟"، ففوجئت به ينقض عليّ ودخلت في شبه دوامة كأن أحداً رمى بي فجأة في بئر عميقة، تداول على اغتصابي رجلا الأمن بكل وحشية، وعندما أفقت من الصدمة توسلت إليهما لتركي، ولكنهما كررا اغتصابي ثلاث مرات متتالية.

عاد خطيبي وأعلمني أنه تعرض إلى عملية مساومة رخيصة؛ فقد طالبوه بالمال مقابل إخلاء سبيلنا، وقد أعطاهم كل ما كان بحوزته، ولكن المبلغ لم يرضهم، ورافقه أحدهم ليسحب لهم ببطاقته البنكية المبلغ الذي طالبوا به.

مساومات وضغوطات

وتواصل مريم سرد المأساة التي عاشتها: "قررنا التوجه إلى أقرب مركز أمن لتقديم شكوى، وتراءت أمامي الفضيحة التي ستلحق بي وبعائلتي، كنت مترددة في جدوى الشكوى؛ ولكن خطيبي كان أشد مني إصراراً، ولما وصلنا مركز الشرطة؛ كان استقبال الموجودين فيه فاتراً، وشككوا في صدق روايتي، إلى أن قدم المسؤول الأمني الأول عن المنطقة التي وقع بها الاعتداء، أبدى حرصاً على تطبيق القانون، تعرضت إلى ضغوطات للتخلي عن شكايتي، إلا أن امرأة شرطية آزرتني وأحالتني إلى الطبيب الشرعي، كما أخذت ملابسي الداخلية لإجراء التحاليل المخبرية الضرورية لإثبات التهمة على المعتدين، واللافت أني التقيت في أروقة مركز الشرطة رجال الأمن الثلاثة الجناة، وقد أصابهم الخوف لما أدركوا أني عازمة على تقديم الشكوى بحقهم، أدلوا بشهادة مفادها أنهم ضبطوني وخطيبي في وضع مخل بالآداب العامة، وأجبرني زملاؤهم على توقيع محضر بحث دونوا فيه ذلك.

التحول

وتتابع مريم: لما أيقنت أنهم يريدون تحويلي من ضحية إلى مذنبة؛ سارعت إلى الاستعانة بالمحامية راضية النصراوي وفي الليلة التالية اغتنمت مشاركتها في برنامج تلفزيوني مباشر؛ لتثير أمام الرأي العام قضيتي، وبعد يومين فقط تم استدعائي للمثول أمام قاضي التحقيق، ولكن الغريب هو ظهور الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية السابق على شاشة التلفزيون؛ ليعلن أنني ضبطت وخطيبي في وضع مخل بالآداب الحميدة، ونزل عليّ هذا التصريح نزول الصاعقة، وكان ذلك بمثابة اغتصاب ثان لي.
وتواصل مريم سرد الأحداث المتتالية التي حولت حياتها إلى كابوس:
يوم مثولي أمام قاضي التحقيق؛ وقعت مواجهة بيني وبين المتهمين، وأعلمني القاضي أني أيضاً متهمة بالتجاهر بالفحش، وقد تطوع للدفاع عني عدد كبير جداً من المحامين، وانتظمت أمام المحكمة مظاهرات مساندة لي، وتحولت القضية إلى قضية رأي عام، ومارست منظمات المجتمع المدني حقها في الضغط، أغلقت على نفسي الحمام، وقررت قطع شرايين يدي بشفرة حلاقة، وقد تنبهت شقيقتي لما أقدمت عليه، وأنقذتني، كما أن أمي ولهول ما أصابها؛ حاولت هي الأخرى الانتحار.

مجتمع لا يرحم

وتضيف مريم: تمت تبرئتي من التهمة التي سعوا إلى إلصاقها بي ظلماً، ولكني تهشمت نفسياً وجسدياً، وأصبحت أفضل الانزواء وصرت أكره الرجال وأخاف نظراتهم التي تدينني، وعندما أجلس بمفردي؛ لا أنقطع عن لوم نفسي وأتساءل: لماذا خرجت في تلك الساعة؟ ولماذا لم أحاول الدفاع عن نفسي؛ حتى لو كلفني ذلك حياتي؟ علماً أن الطبيبة النفسية التي عالجتني بعد أسبوع من الحادثة؛ أكدت لي أن ردة فعلي عادية، وأن المرأة عند اغتصابها؛ تصاب بصدمة نفسية، وقد تعجز عن القيام بأية ردة فعل.

سألنا مريم عن المساندة القوية التي وجدتها في تونس وخارجها، وعن الجهات التي أرادت تشويه سمعتها والمساس بها؛ فقالت:

ناصرني العديد من المنظمات والشخصيات الحقوقية الوطنية والعالمية، وتلقيت اتصالاً هاتفياً من وزيرة المرأة الفرنسية؛ عبرت لي فيه عن تعاطفها ومساندتها، واستقبلني رئيس الجمهورية، السيد المنصف المرزوقي، وقدم لي اعتذاراً رسمياً، وقد أسعدني ذلك كثيراً؛ لأنه رد لي اعتباري.

حديث مع الخطيب

اتصلنا بخطيب مريم، وهو مهندس كمبيوتر، ويقيم حالياً في فرنسا، وأشار إلى أنه كان يعيش استقراراً قبل أن تقلب هذه الحادثة حياته الشخصية والمهنية رأساً على عقب، وتدخله في دوامة لم يكن يتخيلها، وهو يلخص موقفه بأنه مواطن تعرض برفقة خطيبته إلى اعتداء شنيع، وذهب في ظنه إلى أن القانون سيحميه وينصفه، لكنه كاد أن يتحول إلى مذنب.

الحكم المتوقع للمتهمين الثلاثة

قالت مريم إن الحكم المتوقع للمتهمين الثلاثة وفق ما أفادها به محاميها؛ هو الإعدام للشرطيين اللذين اغتصباها، والحكم بالسجن عشرين عاماً على رجل الأمن الثالث المشارك في الجريمة من دون اغتصاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق