اخبار ذات صلة

الثلاثاء، 25 يونيو 2013

احمد طقش يكتب :نصائح شبابية لأحلى صيفية

لا يحرّم الإسلام الاستمتاع بالحياة ، بل يقننه و ينظمه ، و بما أن القلوب إذا كلّت عميت ، و بما أننا في فصل الصيف ،
فلا بأس من الترويح عن النفس بشيء من اللهو البريء المفيد في الوقت نفسه ، لقد آن أوان صلة الرحم وعيادة
المرضى ، طالما أن فصل الشتاء كان مليئا بالعمل وطلب العلم ، و إذا أراد أحدنا أن يخطط لقضاء صيف جميل فما عليه
إلا أن يتذكر :
أولا : أن المال الذي سيسافر به هو هبة من عند الله ، فلا يجوز بعد أن طلبت من الله الرزق أن تعصيه في ماله الذي
أعاره لك .نصائح شبابية لأحلى صيفية
ثانيا : ( إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) الإسراء36 ، سوف تسأل عن كل كلمة تقولها وعن
كل كلمة تسمعها أو منظر تبصره أو خاطرة تخطر على قلبك ، فاحذر أن يراك الملك سبحانه في موضع لا يليق
بعبوديتك له .
ثالثا : فصل الصيف هو خير وقت لل( الرسوم المحسنة ) ردك الإيجابي على ( الرسوم المسيئة ) حيث بإمكانك التفكير
ثم تنفيذ صور و ملصقات و إعلانات تروج لحقيقة الدين العظيم حيث السماحة و الفضيلة و الطهارة و مكارم الأفعال ثم
الأخلاق .
رابعا : إن هذه الإجازة هي خير وقت لإعادة قراءة كتاب رياض الصالحين للإمام النووي ، وكتاب شرح أسماء الله
الحسنى للدكتور راتب النابلسي ، وكتاب لا تحزن للدكتور عائض القرني .
خامسا : عدم ترك المداومة على تعلم علوم القرآن : التجويد ، التفسير ، دراسة أسباب النزول ، و إخبار الأهل
و الأصدقاء في رحلات الصيف أن : جنات ألفافا هي البساتين ملتفة الأشجار ، و أن المطففين هم المنقصون في
الكيل و الوزن ، وأن الطارق هو النجم الثاقب ليلا ، وأن طور سينين هو جبل المناجاة لكليم الله موسى عليه السلام، و
أن العاديات هي الخيل التي تعدو في الغزو ، و أن مثقال ذرة هو وزن أصغر نملة أو هباءة ، و أن الكوثر هو نهر في
الجنة أو خير كثير ، و أن الصمد هو وحده المقصود في الحوائج .
و هكذا تجمع في صيفك الجميل بين السباحة و الرماية و ركوب الخيل ، و بين ذكر الله و الأنس به و الدعوة إلى دينه
العظيم ، لأن أوقات العبد الحقيقي كلها لله ، يسخرها في التقرب إليه عن طريق استثمارها بما يفيد أمته و مجتمعه و
نفسه ، وقد قال الحبيب الأعظم صلى الله عليه و سلم :
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة و الفراغ ) رواه البخاري ، و قال الحسن البصري : ( أدركت أقواما
كان أحدهم أشح على وقته منه على درهمه ) لذلك فقد حان حين تشمير السواعد للسعي إلى جنة عرضها السموات و
الأرض ، عن طريق قبول البيع الكامل لله ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة ) التوبة111
ثم إن هذا الصيف الجميل سيتلاقى مع الجمال الذي يفيض في نفسك ، في البحر مثلا ستسبح الله العظيم مع كل سمكة
سابحة مسبحة ، وسيكون هذا الأزرق الفوار ملهما لك كي تتأمل بديع صنع الخالق في خلقه ، و كيف صارت هذه
الكميات الكبيرة من الماء المتدفق خادمة لمشيئة الله الناصرة لعباده المؤمنين (و إذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم و أغرقنا
آل فرعون ) البقرة50، ثم إن هذا البحر نفسه خادم مذلل للمنافع التجارية حيث تنقل البحار آلاف السفن لأغراض تبادل
السلع المفيدة لأمثالك من المتعظين المعتبرين ( و الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ) البقرة164 ، ثم سبحان
الله الكريم الذي نوع اللذائذ ، سنتفكر سوية بمختلف أنواع الأطعمة و الأشربة التي متع الله بها كل البشر الطائعين منهم
و الضائعين ، ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم و للسيارة ) المائدة 96 ، و ماهذه الأخشاب المتراصة التي
تجمعت لخدمتك فوق الماء ؟ ، ألم تندهش معي من كرم الكريم سبحانه معنا كلنا ، كيف تستطيع هذه السمكة
الاصطناعية أن تنقلنا في جوفها فوق البحر للدراسة أو العمل في بلد بعيد ؟ ( ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام )
الشورى 32 ، بحق أنا أنصحك ألا يغيب عن ذهنك الشريف و أنت واقف أمام شاطئ البحر أن تناجي ربك شاكرا معترفا
بفضله العميم العظيم .
إن هذه الصيفية الممتعة ستزيد صلتك بالله ، فمثلا لوقضيت مخيمك الصيفي في إحدى الغابات ، سيذكرك هذا المكان
الأنيس بخالقه سبحانه و كيف متعنا بهذا الغطاء العشبي الفيروزي الذي يسحب شحنات ضغط العمل و التوتر من
النفسيات التي ستغدو منبسطة كانبساطه مخضرة كاخضراره، أما بالنسبة إلى الصحراء فيجب أن تدخل ذهبيتها إلى
أرواحنا حيث التأمل بهذه المنطقة المشتعلة بالحيوية نهارا و كيف ستصبح رطبة منعشة الهواء ليلا ، إن الخالق
سبحانه قد أبدع هذا كله لخدمة أبناء آدم ممتحنا إياهم بقدرتهم على التأمل و التفكر و الاعتبار ، أنصحك مجددا أن لا
تغب بالصورة عن المصور سبحانه و أن لا تغب بالنعمة عن المنعم سبحانه ، و أن تتذكر معي أن التمتع في الصيف
بهضامة بيروت نعمة من نعم الله ، و التمتع بصبا دمشق نعمة من نعم الله ، و التمتع بتفتح دبي نعمة من نعم الله ، و
التمتع بتقى القاهرة نعمة من نعم الله ،و التمتع برشاقة تونس نعمة من نعم الله ، و التمتع بذكاء عمان نعمة من نعم
الله، و أن تاج هذه النعم كلها هونعمة الصحة و العافية و قدرتك على السمع و الإبصار ...
و هكذا تغدو هذه الإجازة خطوة جديدة للتقرب من الملك سبحانه و تعالى الذي منحك إياها بل منحك عمرك كله
أحمد طقش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق